الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(32) باب ما يقول إذا قام من الليل
{الفصل الأول}
1218-
(1) عن ابن عباس قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد أنت
قيم السماوات والأرض
ــ
(باب ما يقول إذا قام من الليل) من الأدعية والأذكار.
1218-
قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد) أي يصلي صلاة الليل، وهو حال من فاعل "قام" وأصل التهجد ترك الهجود، وهو النوم. وقال ابن فارس: المتهجد المصلي ليلاً، ذكره القسطلاني. وقال الحافظ: تفسير التهجد بالسهر معروف في اللغة، وهو من الأضداد يقال: تهجد إذا سهر وتهجد إذا نام، حكاه الجوهري وغيره، ومنهم من فرق بينهما فقال: هجدت نمت وتهجدت سهرت، حكاه أبوعبيدة وصاحب العين، فعلى هذا أصل الهجود النوم، ومعنى تهجدت طرحت عني النوم. وقال الطبري: التهجد السهر بعد نومة ثم ساقه عن جماعة من السلف. وقال ابن فارس: المتهجد المصلي ليلاً، وقال فرا: التهجد صلاة الليل خاصة- انتهى. وقال الفخر الرازي في تفسيره: قال الأزهري المعروف في كلام العرب أن الهاجد هو النائم، ثم أن في الشرع يقال لمن قام من النوم إلى الصلاة أنه متهجد، فوجب أن يحمل على أنه سمى متهجداً لا لقاءه الهجود عن نفسه، كما قيل للعابد متحنث لا لقاءه الحنث عن نفسه وهو الإثم، ويقال: فلان رجل متحرج ومتأثم ومتحوب أي يلقي الحرج والإثم والحوب عن نفسه- انتهى. (قال) في موضع نصب خبر "كان" و"إذا" المجرد الظرفية، أي كان عليه السلام عند قيامه من الليل متهجداً يقول. وقال الطيبي: الظاهر أن "قال" جواب "إذا". والشرطية خبر كان- انتهى. وفي رواية مالك ومسلم وغيرهما من أصحاب السنن كان يقول: إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل. قال الحافظ: ظاهر السياق أنه كان يقوله أول ما يقوم إلى الصلاة، وترجم عليه ابن خزيمة الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا التحميد بعد أن يكبر، ثم ساقه من طريق قيس بن سعد عن طاووس عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد قال بعد ما يكبر اللهم لك الحمد- انتهى. قلت: ولأبي داود من هذا الطريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في التهجد يقول بعد ما يقول الله أكبر. (اللهم لك الحمد) تقديم الخبر للدلالة على التخصيص. (أنت قيم السماوات والأرض) أي القائم بأمره وتدبيره السماوات والأرض وغيرها. وفي رواية: قيام وفي أخرى قيوم، وهي من أبنية المبالغة، وهي من صفات الله تعالى، ومعناه واحد. وقيل: القيم معناه القائم بأمور الخلق ومدبر العالم في جميع أحواله والقيام القائم بنفسه بتدبير خلقه المقيم لغيره، والقيوم من أسماء الله
ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك
السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق،
ــ
تعالى المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره وهو مع ذلك يقوم به كل موجود، حتى لا يتصور وجود شيء ولا دوام وجوده إلا به، وأصل هذه الألفاظ من الواو قيوم وقيوام وقيووم بوزن فيعل فيعال فيعول، وكأنه قيل: لم خصصتني بالحمد؟ فقال لأنك أنت الذي تقوم بحفظ المخلوقات وتراعيها وتؤتي كل شيء ما به قوامه وما به ينتفع إلى غير ذلك. وتكرير الحمد المخصص للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرة معنى آخر. (ومن) غلب فيه العقلاء. (فيهن) أي في السماوات والأرض. (أنت نور السماوات والأرض) أي منورها وخالق نورهما، يعني أن كل شيء استنار منهما وأضاء فبقدرتك وجودك والأجرام النيرة بدائع فطرتك والعقول والحواس خلقك وعطيتك. قيل: وسمي بالنور لما اختص به من إشراق الجمال وسبحات العظمة والجلال التي تضمحل الأنوار دونها، ولما هيأ للعالم من النور ليهتدوا به عالم الخلق، فهذا الاسم على هذا المعنى لا استحقاق لغيره فيه، بل هو المستحق له المدعو به. وقيل: المعنى منزه في السماوات والأرض من كل عيب ومبرأ من كل ريبة، يقال: فلان منور أي مبرأ من العيب. وقيل: هو اسم مدح، يقال: فلان نور البلد أي مزينه. قال في الملمعات: وعند أهل التحقيق هو محمول على ظاهره، والنور عندهم الظاهر بنفسه المظهر لغيره. (أنت ملك السماوات والأرض) بكسر اللام أي المتصرف فيهما تصرفاً كلياً ملكياً وملكياً ظاهرياً وباطنياً، لا نزاع في ملكه ولا شريك له في ملكه. وفي رواية: أنت رب السماوات والأرض. (ومن فيهن) عبر بمن تغليباً للعقلاء لشرفهم وإلا فهو رب كل شيء وملكيه. (أنت الحق) أي المتحقق الوجود الثابت بلا شك فيه. قال القرطبي: هذا الوصف له سبحانه وتعالى بالحقيقة خاص به، لا ينبغي لغيره إذ وجوده بذاته لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، ومن عداه ممن عداه يقال فيه ذلك فهو بخلافه. وقيل: يحتمل أن يكون معناه أنت الحق بالنسبة إلى من يدعى فيه أنه إله أو بمعنى أن من سماك إلهاً فقد قال الحق. (ووعدك الحق) أي صادق لا يمكن التخلف فيه، والظاهر أن تعريف الخبر فيه، وفي قوله أنت الحق ليس للقصر، وإنما هو لإفادة أن الحكم به ظاهر مسلم لا منازع فيه، كما قال علماء المعاني في قوله: ووالدك العبد، وذلك لأن مرجع هذا الكلام إلى أنه تعالى موجود صادق الوعد، وهذا أمر يقوله المؤمن والكافر. قال تعالى:{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [31: 25] ولم يعرف في ذلك منازع يعتد به، وكأنه لهذا عدل إلى التنكير في البقية حيث وجد المنازع فيها بقي أن المناسب لذلك أن يقال وقولك الحق، كما في رواية مسلم:، فكان التنكير في رواية البخاري للمشاكلة، قاله السندي. وقال الطيبي: عرف الخبر فيهما ونكر في البواقي، لأنه لا منكر خلفاً وسلفاً أن الله هو الثابت الدائم الباقي، وما سواه في معرض الزوال. قال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، إما قصداً وإما عجزاً، تعالى الله عنهما، والتنكير في البواقي للتفخيم- انتهى.
ولقاءك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبي ون حق ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي
ــ
وقال القاري: فإن قلت لم عرف الحق في الأوليين ونكر في البواقي؟ قلت: المعرف بلام الجنس، والنكرة المسافة بينهما قريبة، بل صرحوا بأن مؤداهما واحد لا فرق بينهما، إلا بأن في المعرفة إشارة إلى أن الماهية التي دخل عليها اللام معلومة للسامع، وفي النكرة لا إشارة إليها وإن لم تكن إلا معلومة. وفي صحيح مسلم: قولك الحق بالتعريف أيضاً. وقال الخطابي: عرفهما للحصر، وذكر ما قاله الطيبي- انتهى. (ولقاءك حق) أي المصير إلى الآخرة. وقيل: رؤيتك في الدار الآخرة حيث لا مانع. وقيل: لقاء جزائك لأهل السعادة والشقاوة، وهو وما ذكر بعده داخل تحت الوعد. لكن الوعد مصدر، وما ذكر بعده هو الموعود به، ويحتمل أن يكون من الخاص بعد العام كما أن ذكر القول بعد الوعد من العام بعد الخاص، وقد يراد باللقاء الموت لكونه وسيلة إلى اللقاء، وأبطله النووي. (وقولك حق) أي مدلوله ثابت. وقد تقدم أن في رواية مسلم: وقولك الحق بالتعريف. (والجنة حق والنار حق) أي كل منهما موجود. (ومحمد حق) خص محمداً صلى الله عليه وسلم من بين النبي ين بالذكر تعظيماً له، وعطفه عليهم إيذاناً بالتغاير، وأنه فائق عليهم عليهم بأوصاف مختصة به، فإن تغاير الوصف ينزل منزلة تغاير الذات، ثم حكم عليه استقلالاً بأنه حق وجوده عن ذاته كأنه غيره وأوجب عليه الإيمان به وتصديقه مبالغة في إثبات نبوته كما في التشهد. وقال السندي: قوله: محمد حق التأخير للتواضع وهو أنسب بمقام الدعاء، وذكره على الإفراد لذلك وليتوسل بكونه نبياً حقاً إلى إجابة الدعاء. وقيل: هو من عطف الخاص على العام تعظيماً له ومقام الدعاء يأبى ذلك- انتهى. (والساعة حق) أي يوم القيامة. وأصل الساعة الجزء القليل من اليوم أو الليلة ثم استعير للوقت الذي تقام فيه القيامة، يريد أنها ساعة حقيقة يحدث فيها أمر عظيم. وإطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور معناه أنه لا بد من كونها، وأنها مما يجب أن يصدق بها. وتكرار لفظ حق للمبالغة في التأكيد. (لك أسلمت) أي انقدت وخضعت. (وبك آمنت) أي صدقت. (وعليك توكلت) أي فوضت الأمر إليك تاركاً للنظر في الأسباب العادية. (وإليك أنبت) أي رجعت إليك مقبلاً بقلبي إليك. قيل: التوبة والإنابة كلاهما بمعنى الرجوع، ومقام الإنابة أعلى وأرفع. (وبك خاصمت) أي بما أعطيتني من البراهين وبما لقنتني من الحجج خاصمت من خاصمني من أعدائك بتأئيدك ونصرتك قاتلت. (وإليك حاكمت) أي رفعت أمري إليك. والمحاكمة رفع الأمر إلى القاضي. قال الحافظ: أي كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيني وبينه لا غير مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم من كاهن ونحوه، فلا أرضى إلا يحكمك ولا أعتمد غيره. وقدم مجموع صلات هذه الأفعال عليها إشعاراً بالتخصيص وإفادة للحصر. وقال السندي: الظاهر أن تقديم الجار للقصر بالنظر إلى سائر ما عبد من دون الله تعالى. (فاغفر لي) قال
ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت
المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك)) . متفق عليه.
1219-
(2) عن عائشة، قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال: اللهم رب جبريل
ــ
ذلك مع كونه مغفوراً له إما على سبيل التواضع والهضم لنفسه إجلالاً وتعظيماً لربه، أو على سبيل التعليم لأمته لتقتدي به (ما قدمت) أي قبل هذا الوقت. (وما أخرت) أي وما سأفعل أو ما فعلت وما تركت. (وما أسررت وما أعلنت) أي أخفيت وأظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني. (وما أنت أعلم به مني) هذا من ذكر العام بعد الخاص. (أنت المقدم وأنت المؤخر) قال المهلب: أشار بذلك إلى نفسه، لأنه المقدم في البعث في الآخرة والمؤخر في البعث في الدنيا. وقال عياض: قيل: معناه المنزل للأشياء منازلها يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء، وجعل عباده بعضهم فوق بعض درجات. وقيل: هو بمعنى الأول والآخر، إذ كل متقدم على متقدم فهو قبله، وكل مؤخر على متأخره فهو بعده، ويكون المقدم والمؤخر بمعنى الهادي والمضل قدم من يشاء لطاعته لكرامته، وأخر من شاء بقضائه لشقاوته- انتهى. قال الكرماني: هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن لفظ القيم إشارة إلى أن وجود الجواهر وقوامها منه، وبالنور إلى أن الأعراض أيضاً منه، وبالملك إلى أن حاكم عليها إيجاداً وإعداماً، يفعل ما يشاء كل ذلك من نعم الله تعالى على عباده، فلهذا قرن كلاً منها بالحمد وخصص الحمد به، ثم قوله: أنت الحق إشارة إلى أنه المبدئ للفعل والقول ونحوه إلى المعاش والساعة، ونحوها إشارة إلى المعاد، وفيه الإشارة إلى النبوة وإلى الجزاء ثواباً وعقاباً، ووجوب الإسلام والإيمان والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله تعالى والخضوع له- انتهى. وفيه زيادة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة ربه وعظيم قدرته ومواظبته في الليل على الذكر والدعاء والاعتراف له بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده وغير ذلك. وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب إقتداء به صلى الله عليه وسلم. (لا إله إلا أنت ولا إله غيرك) قال القاري: وفي نسخة "أو" بدل الواو. قال ميرك: كذا في البخاري بلفظ: "أو" -انتهى. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب التهجد بالليل إلا قوله: "وما أنت أعلم به مني"، فإنه أخرج الحديث بهذه الزيادة في التوحيد، وزاد في الدعوات: أنت إلهي لا إله غيرك. والحديث أخرجه أيضاً مالك في الصلاة، والترمذي في الدعوات، وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي في الصلاة.
1219-
قوله: (افتتح صلاته) أي التهجد. (اللهم رب جبريل) منصوب على أنه منادى بتقدير حرف النداء، أو بدل من"اللهم" لا وصف له، لأن لحوق الميم المشددة مانع من التوصيف عند سيبويه، نعم جوز
وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين
عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء
إلى صراط مستقيم)) . رواه مسلم.
ــ
الزجاج التوصيف أيضاً. قال القاري: قيل لا يجوز نصب "رب" على الصفة، لأن الميم المشددة بمنزلة الأصوات، فلا يوصف بما اتصل به، فالتقدير: يا رب جبريل. قال الزجاج: هذا قول سيبوية. وعندي: أنه صفة فكما لا تمتنع الصفة مع ياء لا تمتنع مع الميم. قال أبوعلي: قول سيبوية عندي أصح، لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد اللهم، ولذلك خالف سائر الأسماء، ودخل في حيز ما لا يوصف، نحو حيهل فإنها صارا بمنزلة صوت مضموم إلى اسم، فلم يوصف، ذكر الطيبي (جبريل) بالهمزة، وكذا وقع في جامع الترمذي والنسائي وابن ماجه بالهمز. قال ابن ماجه: قال عبد الرحمن بن عمر. (يعني شيخه) أحفظوه جبريل مهموزة، فإنه كذا عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. وفي بعض نسخ المشكاة: جبريل أي بغير الهمزة، وكذا وقع في نسخ مسلم وأبي داود، وفي المصابيح والسنن البيهقي وجامع الأصول. (وميكائيل وإسرافيل) تخصيص هؤلاء الثلاثة بالإضافة مع أنه تعالى رب كل شيء لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم، والمقام مقام وصفه تعالى بالملك والبقاء والإيجاد. وهذه الصفات لا تعلق بعزرائيل فلم يتعرض له بالذكر مع كونه أحد الملائكة العظام. قال النووي: قال العلماء خصهم بالذكر وإن كان الله تعالى رب كل مخلوقات، كما تقرر في القرآن والسنة من نظائره من الإضافة إلى كل عظيم المرتبة وكبير الشأن دون ما يستحقر ويستصغر، فيقال له تعالى:{رب السماوات ورب الأرض، رب العرش الكريم، ورب الملائكة، والروح، رب المشرقين، ورب المغربين، رب الناس، ملك الناس، إله الناس، رب العالمين} . فكل ذلك وشبهة وصف له سبحانه بدلائل العظمة وعظيم القدرة والملك ولم يستعمل ذلك فيما يحتقر ويستصغر فلا يقال رب الحشرات وخالق القردة والخنازير. وشبه ذلك على الأفراد وإنما يقال خالق المخلوقات، وخالق كل شيء. وحينئذٍ تدخل هذه في العموم- انتهى. (فاطر السماوات والأرض) أي مبدعهما ومخترعهما. (عالم الغيب والشهادة) أي بما غاب وظهر عند غيره. . (أنت تحكم بين عبادك) يوم القيامة بالتمييز بين المحق والمبطل بالثواب والعقاب. (فيما كانوا فيه يختلفون) أي من أمر الدين. (اهدني) أي زدني هدى أو ثبتني، فليس المطلوب تحصيل الحاصل. (لما اختلف) على بناء المفعول. (فيه) أي للذي اختلف فيه عند مجيء الأنبياء، وهو الطريق المستقيم الذي دعوا إليه، فاختلفوا فيه. (من الحق) بيان لما". (بإذنك) أي بتوفيقك وتيسيرك. (إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) جملة استئنافية متضمنة للتعليل. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً الترمذي في الدعوات وأبوداود والنسائي وابن ماجه في الصلاة وابن حبان والبيهقي (ج3 ص5) .
1220-
(3) وعن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: رب اغفر لي، أو قال: ثم دعا، أستجيب له،
ــ
1220-
قوله: (من تعار) بفتح المثناة الفوقية والعين لمهملة وبعد الألف راء مشددة، أي انتبه واستيقظ من النوم. (من الليل) أي في الليل. قال التوربشتي: أن تعار يتعار يستعمل في انتباه معه صوت يقال: تعار الرجل إذا هب من نومه مع صوت، وأرى استعمال هذا اللفظ في هذا الموضع دون الهبوب والانتباه والاستيقاظ وما في معناه لزيادة معنى، وهو أنه أراد أن يخبر بأن من هب من نومه ذاكراً لله تعالى مع الهبوب فيسأل الله خيراً أعطاه، فأوجز في اللفظ وأعرض في المعنى وأتى من جوامع الكلم التي أوتيها تعار ليدل على المعنيين وأراه مثل قوله تعالى:{يخرون للأذقان سجداً} [17: 107] فإن معنى خر سقط سقوطاً يسمع منه خرير، ففي استعمال الخرور في هذا الموضع تنبيه على اجتماع الأمرين السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح، وكذلك في قوله تعار تنبيه على الجمع بين الانتباه والذكر، وإنما يوجد ذلك عند من تعود الذكر فاستأنس به وغلب عليه حتى صار حديث نفسه في نومه ويقظته- انتهى. وقال ابن التين: ظاهر الحديث أن معنى تعار استيقظ، لأنه قال من تعار فقال فعطف القول على التعار- انتهى. قال الحافظ: يحتمل أن يكون الفاء تفسيرية لما صوت به المستيقظ، لأنه قد يصوت بغير ذكر، فخص الفضل المذكور لمن صوت بما ذكر من ذكر الله تعالى وهذا هو السر في اختيار تعار دون استيقظ وانتبه. (له الملك وله الحمد) زاد أبونعيم في الحلية: يحيى ويميت. (وسبحان الله والحمد لله) كذا وقع بتقديم التسبيح على الحمد في جميع النسخ موافقاً لما في المصابيح، وكذا وقع عند الترمذي وأبي داود وابن ماجه، ووقع في البخاري بتقديم الحمد على التسبيح، وكذا نقله الجزري (ج5 ص 79) قال الحافظ: لم تختلف الروايات في البخاري على تقديم الحمد على التسبيح، لكن عند الإسماعيلي بالعكس، والظاهر أنه من تصرف الرواة، لأن الواو لا تستلزم الترتيب- انتهى. (ولا حول قوة إلا بالله) زاد النسائي وابن ماجه وابن السني: العلي العظيم. (ثم قال رب اغفر لي) قال القاري: وفي نسخة اللهم اغفر لي. قلت: وهكذا وقع في جامع الأصول. (أو قال ثم دعا) في البخاري ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا. قال الحافظ: "أو" للشك، ويحتمل أن تكون للتنويع، ويؤيد الأول ما عند الإسماعيلي بلفظ: ثم قال رب اغفر لي غفر له أو قال فدعا. استجيب له شك الوليد. (راوي الحديث) واقتصر النسائي على الشق الأول. (أستجيب له) قال ابن الملك