الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن لم يكن جنباً توضأ للصلاة، ثم صلى ركعتين)) . متفق عليه.
((الفصل الثاني))
1234-
(9) عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين
قبلكم، وهو قربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم)) .
ــ
قام فأفاض عليه الماء، ولا والله ما قالت اغتسل وأنا أعلم ما تريد، ولفظ البخاري: فإذا أذن المؤذن وثب، فإن كانت به حاجة. (أي أثر حاجة أو المراد بالحاجة هي الجنابة لكونها أثراً لها، أو المراد حاجة الاغتسال بقرينة الجزاء) اغتسل، وإلا توضأ وخرج. وهذا يدل على أن بعض الرواة ذكره بالمعنى، وحافظ بعضهم على اللفظ. ولفظ النسائي: فإذا سمع الأذان وثب، فإن كان جنباً أفاض عليه من الماء وإلا توضأ، ثم خرج إلى الصلاة أي بعد أن صلى ركعتي الفجر. (وإن لم يكن جنباً توضأ للصلاة) وفي مسلم: توضأ وضوء الرجل للصلاة أي إما للتجديد؛ لأن نومه صلى الله عليه وسلم لا ينقض الوضوء، أو لحصول ناقض آخر غير النوم. (ثم صلى ركعتين) وفي مسلم: ثم صلى الركعتين، أي سنة الصبح في بيته، ثم خرج إلى المسجد لصلاة الصبح. ويؤخذ من الحديث أنه ينبغي الاهتمام بالعبادة، وعدم التكاسل بالنوم والإقبال عليها بالنشاط. (متفق عليه) ولفظه لمسلم. وأخرجه أيضاً النسائي والترمذي في الشمائل، وأخرجه أيضاً النسائي وابن ماجه مختصراً بلفظ: كان ينام أول الليل ويحيي آخره.
1234-
قوله: (عليكم بقيام الليل) أي التهجد فيه. (فإنه دأب الصالحين قبلكم) بسكون الهمزة ويحرك أي عادتهم. قال الطيبي: الدأب العادة والشأن، وقد يحرك، وأصله من دأب في العمل إذا جد وتعب، أي هي عادة قديمة واظب عليها الأنبياء والأولياء السابقون. (وهو) أي مع كونه إقتداء بسيرة الصالحين. (قربة لكم إلى ربكم) أي مما تتقربون به إلى الله تعالى. (ومكفرة) بفتح الميم وسكون القاف مصدر ميمي بمعنى اسم فاعل من الكفر وهو الستر. (للسيئات) أي خصلة ساترة ماحية لذنوبكم، والحسنات كلها تكفير للسيئات، كما قال تعالى:. {إن الحسنات يذهبن السيئات} [11: 114] ، وقيام الليل يزيد عليها لكونه (منهاة) بفتح الميم وسكون النون مصدر ميمي أيضاً بمعنى اسم فاعل من النهي. (عن الإثم) كذا في جميع النسخ، وكذا في المصابيح، وهكذا عند البيهقي، وكذا نقله الجزري (ج10 ص266) . ولفظ الترمذي في حديث أبي أمامة: للإثم أي بلام الجر بدل عن، نعم وقع في رواية بلال عند الترمذي: عن الإثم. والمعنى ناهية عن ارتكاب ما يوجب الإثم. قال تعالى:. {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [29: 45] وقال الجزري في النهاية: منهاة عن الإثم أي حالة من شأنها أن تنهى الإثم أو هي مكان مختص بذلك، وهي مفعلة من النهي،
رواه الترمذي.
1235-
(10) وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة يضحك الله إليهم:
ــ
والميم زائدة. زاد في رواية بلال عند الترمذي والبيهقي، وفي رواية سلمان الفارسي عند الطبراني في الكبير: ومطردة للداء عن الجسد أي طارد ومبعد للداء عن البدن، أو حالة من شأنها إبعاد الداء، أو مكان مختص به، ومعنى الحديث أن قيام الليل قربة تقربكم إلى ربكم، وخصلة تكفر سيئاتكم، وتنهاكم عن المحرمات، وتطرد الداء عن أجسادكم. (رواه الترمذي) في الدعوات، وأخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وابن عدي في الكامل، والطبراني في الكبير الأوسط والبيهقي في السنن (ج2 ص502) كلهم من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. قال الشوكاني: عبد الله بن صالح كاتب الليث مختلف فيه- انتهى. وقال الهيثمي في مجمع الزائد (ج2 ص251) : قال عبد الملك بن شعيب بن الليث: ثقة مأمون، وضعفه جماعة من الأئمة. وقال في التقريب في ترجمته: صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة- انتهى. وفي الباب عن بلال عند الترمذي وغيره بإسناد ضعيف، وعن سلمان الفارسي عند الطبراني وغيره. وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، وثقة دحيم وابن حبان وابن عدي، وضعفه أبوداود وأبوحاتم.
1235-
قوله: (ثلاثة) أي ثلاث رجال، قاله الطيبي: والأولى أشخاص، ويراد بها الأنواع ليلائم القوم، ولذا قال ابن حجر: أصناف. وقيل: ثلاثة نفر. (يضحك الله) قيل الضحك من الله الرضا والإرادة الخير. وقيل: بسط الرحمة بالإقبال وبالإحسان، أو بمعنى يأمر الملائكة بالضحك ويأذن لهم فيه، كما يقال السلطان قتله، إذا أمر بقتله. قال ابن حبان في صحيحه: هو من نسبة الفعل إلى الآمر. وهو في كلام العرب كثير. وقيل: إن الضحك وأمثاله مما هو من قبيل الانفعال إذا نسب إلى الله يراد به غايته. وقيل: بل المراد إيجاد الانفعال في الغير، فالمراد ههنا الإضحاك. ومذهب أهل التحقيق أنه صفة سميعة يلزم إثباتها مع نفي التشبيه وكمال التنزيه، كما أشار إلى ذلك مالك، وقد سئل عن الاستواء فقال: الاستواء معلوم، والكيف غير معلوم، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. (إليهم) قبل عدي الضحك بإلى لتضمينه معنى الإقبال. وقال الطيبي: الضحك مستعار للرضى، وفي إلى معنى الدنو كأنه قيل إن الله يرضى عنهم ويدنو إليهم برحمته ورأفته، ويجوز أن يضمن الضحك معنى النظر، ويعدي بإلى. فالمعنى أنه تعالى ينظر إليهم ضاحكاً أي راضياً عنهم مستعطفاً عليهم؛ لأن الملك إذا نظر إلى رعيته بعين الرضى لا يدع شيئاً من الأنعام إلا فعله، وفي عكسه قوله تعالى:{ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة} [3: 77]- انتهى. قلت: قد تقدم أن مذهب أهل التحقيق إثبات الضحك لله
الرجل إذا قام بالليل يصلي، والقوم إذا صفوا في الصلاة، والقوم إذا صفوا في قتال العدو)) .
رواه في شرح السنة.
1236-
وعن عمرو بن عبسة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل
ــ
تعالى من غير تأويل ولا تكييف ولا تشبيه، وهو الحق عندنا، فالتفويض والتسليم أسلم وأصوب (الرجل) خص ذكره نظر الغالب الأحوال. (إذا قام بالليل يصلي) نفلاً وهو التهجد، ولعله لم يقل القوم إذا قاموا مع أنه المطابق لما بعده من المتعاطفين لئلا يوهم قيد الجماعة والاجتماع. قال الطيبي: إذا المجرد الظرفية، وهو بدل عن الرجل كقوله تعالى:{واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت} [19: 16] أي ثلاثة رجال يضحك الله منهم وقت قيام الرجل بالليل. وفي إبدال الظرف مبالغة، كما في قوله: أخطب ما يكون الأمير قائماً- انتهى. (والقوم إذا صفوا) يحتمل البناء للفاعل وللمفعول. (للصلاة) وسووا صفوفهم على سمت واحد، وتراصوا كما أمروا به. (والقوم) المسلمون (إذا صفوا في قتال العدو) أي لقتال الكفار بقصد إعلاء كلمة الله تعالى. (رواه) أي البغوي. (في شرح السنة) ونسبه السيوطي في الجامع الصغير إلى أحمد وأبي يعلى، وأخرجه ابن ماجه في باب ما أنكرت الجهمية من كتاب السنة بلفظ: إن الله ليضحك على الثلاثة: للصف في الصلاة. وللرجل يصلي في جوف الليل. وللرجل يقاتل أراه خلف الكتيبة. وفي سنده عبد الله بن إسماعيل عن مجالد بن سعيد، وعبد الله بن إسماعيل هذا قال فيه أبوحاتم والذهبي في الكاشف: مجهول، ومجالد قال في التقريب في ترجمته: ليس بالقوى، وقد تغير في آخر عمره- انتهى. وأخرج له مسلم في صحيحه، لكن مقروناً بغيره، وأخرجه البزار بغير هذين السياقين، وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه كلام كثير لسوء حفظه لا لكذبه.
1236-
قوله: (عن عمرو بن عبسة) بفتح العين المهملة والباء الموحدة. (أقرب ما يكون الرب من العبد) أي الإنسان حراً كان أو رقيقاً. (في جوف الليل) خبر أقرب أي أقربيته تعالى من عباده كائنة في الليل. قال الطيبي: إما حال من الرب أي قائلاً في جوف الليل من يدعوني فاستجيب له؟ - الحديث، سدت مسد الخبر، أو من العبد أي قائماً في جوف الليل داعياً مستغفراً، ويحتمل أن يكون خبر الأقرب، ومعناه سبق في باب السجود مستقصى. فإن قلت المذكور ههنا أقرب ما يكون الرب من العبد، وهناك أقرب ما يكون العبد من ربه، فما الفرق؟ أجيب بأنه قد علم مما سبق في حديث أبي هريرة من قوله. ينزل ربنا الخ أي رحمته سابقة، فقرب رحمة الله من المحسنين سابق على إحسانهم، فإذا سجدوا قربوا من ربهم بإحسانهم، كما قال تعالى:{واسجد واقترب} [96: 19]
الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة، فكن)) . رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب إسناداً.
ــ
وفيه أن لطف الله وتوفيقه سابق على عمل العبد وسبب له، ولولاه لم يصدر من العبد خير قط- انتهى. وقال ميرك: فإن قلت ما الفرق بين هذا القول، وقوله: فيما تقدم في باب السجود: أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد؟ قلت: المراد ههنا بيان وقت كون الرب أقرب من العبد، وهو جوف الليل، والمراد هناك بيان أقربية أحوال العبد من الرب، وهو حال السجود، تأمل- انتهى. يعني فإنه دقيق بالتأمل حقيق وتوضيحه أن هذا وقت تجل خاص بوقت، لا يتوقف على فعل من العبد لوجوده لا عن سبب، ثم كل من أدركه أدرك ثمرته، ومن لا فلا، غايته أنه مع العبادة أتم منفعة ونتيجة. وأما القرب الناشئ من السجود فمتوقف على فعل العبد وخاص به، فناسب كل محل ما ذكر فيه، كذا في المرقاة. (الآخر) صفة لجوف الليل على أنه ينصف الليل، ويجعل لكل نصف جوفاً، والقرب يحصل في جوف النصف الثاني، فابتداؤه يكون من الثلث الأخير، وهو وقت القيام للتهجد، قاله الطيبي. وقال القاري: ولا يبعد أن يكون ابتداءه من أول النصف الأخير. (فإن استطعت) أي قدرت ووفقت. (أن تكون ممن يذكر الله) في ضمن صلاة أو غيرها. (في تلك الساعة) إشارة إلى لطفها. (فكن) أي اجتهد أن تكون من جملتهم. وهذا أبلغ مما لو قيل: إن استطعت أن تكون ذاكراً فكن؛ لأن الأولى فيها صفة عموم شامل للأنبياء والأولياء، فيكون داخلاً في جملتهم ولأحقابهم، بخلاف الثانية. قال الطيبي: في قوله: فإن استطعت إشارة إلى تعظيم شأن الأمر وتفخيمه، وفوز من يستعد به، ومن ثمة قال أن تكون ممن يذكر الله، أي تنخرط في زمرة الذاكرين الله، ويكون لك مساهمة فيهم، وهو أبلغ من أن يقال: إن استطعت أن تكون ذاكراً- انتهى. (رواه الترمذي) في الدعوات. (وقال هذا حديث صحيح حسن غريب إسناداً) تمييز عن غريب سنداً لا متناً. واعلم أن المراد بالحديث الغريب من حيث الإسناد فقط حديث يعرف متنه عن جماعة من الصحابة، وانفرد واحد برايته عن الصحابي آخر. قال السيوطي في التدريب (ص192) : وينقسم الغريب أيضاً إلى غريب متناً وإسناداً، كما لو انفرد بمتنه راوٍ واحد وإلى غريب إسناداً لا متناً كحديث معروف روى متنه جماعة من الصحابة انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر، وفيه يقول الترمذي غريب من هذا الوجه- انتهى. وقال الزرقاني في شرح البيقونية (ص92) : ثم الحديث قد يغرب متناً وإسناداً كحديث انفرد بروايته واحد، وقد يغرب إسناداً فقط كأن يكون معروفاً برواية جماعة من الصحابة فينفرد به راوٍ من حديث صحابي آخر، فهو من جهته غريب مع أن متنه غير غريب. قال ابن الصلاح: ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة، قال: وهذا الذي يقول الترمذي في غريب من هذا الوجه، قال ولا أرى
1237-
(12) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها
ــ
هذا النوع، يعني غريب الإسناد فقط، ينعكس، فلا يوجد أبدأ ما هو غريب متناً وليس غريباً إسناداً إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن انفرد به، فرواه عنه عدد كثير، فإنه يصير غريباً مشهوراً وغريباً متناً لا إسناداً، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد، فإن إسناده غريب في طرفه الأول، مشهور في طرفه الآخر، كحديث: إنما الأعمال بالنيات، فإن الشهرة إنما طرأت له من عند يحيى بن سعيد، وما ذكره من أن غريب الإسناد لا ينعكس هو بالنظر إلى الوجود كما قال، وإلا فالقسمة العقلية تقتضي العكس، ومن ثم قال ابن سيد الناس، فيما شرحه من الترمذي الغريب أقسام: غريب سنداً ومتناً، أو متناً لا سنداً، أو سنداً لا متناً، وغريب بعض السند، وغريب بعض المتن، فالأول واضح، والثاني هو الذي أطلقه، ولم يذكر له مثالاً لعدم وجوده، ثم ذكر الزرقاني أمثلة الأقسام الثلاثة الباقية، ولا تنافي بين الغرابة والصحة، كما بين في علم الأصول. قال الزرقاني: الغرابة تجامع الصحة والضعف، فالغريب الصحيح كأفراد الصحيح وهي كثيرة، والغريب الذي ليس بصحيح هو الغالب على الغريب- انتهى مختصراً. وحديث عمرو بن عبسة هذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحة والحاكم والبيهقي، وله حديث آخر مطول أخرجه أحمد (ج4 ص114) وفيه: فقلت هل من ساعة أقرب إلى الله تعالى؟ قال جوف الليل الآخر- الحديث.
1237-
قوله: (رحم الله رجلاً) خبر عن استحقاقه الرحمة واستجابة لها، أو دعاء له ومدح له بحسن ما فعل. وقال العلقمي: هو ماض بمعنى الطلب. (قام من الليل) أي بعضه. (فصلى) أي التهجد. (وأيقظ امرأته) وفي حديث أبي سعيد وأبي هريرة الآتي: إذا أيقظ الرجل أهله، وهو أعم لشموله الولد والأقارب. (فصلت) ما كتب الله لها ولو ركعتين. (فإن أبت) أن تستيقظ. وقيل: أي امتنعت عن القيام لغلبة النوم، وكثرة الكسل. (نضح) وفي رواية ابن ماجه: رش. (في وجهها الماء) ليزول عنها النوم. والمراد التلطف معها، والسعي في قيامها لطاعة ربها مهما أمكن. قال تعالى:{وتعانوا على البر والتقوى} [5:2] . وفيه أن أصاب خيراً ينبغي له أن يتحرى إصابة الغير، وأن يحب له ما يحب لنفسه، فيأخذ بالأقرب فالأقرب. وقوله:"رحم الله" تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نال بالتهجد ما نال من الكرامة والمقام المحمود أراد أن يحصل لأمته نصيب وافر، فحثهم على ذلك بألطف وجه. قيل: خص الوجه بالنصح؛ لأنه أفضل الأعضاء وأشرفها، وبه يذهب النوم والنعاس أكثر من بقية الأعضاء، وهو أول الأعضاء المفروضة غسلاً، وفيه العينان وهما آلة النوم. (رحم الله امرأة قامت من الليل) أي وقفت بالسبق. (فصلت) صلاة التهجد. (وأيقظت زوجها)
فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)) . رواه أبوداود، والنسائي.
1238-
(13) وعن أبي أمامة، قال: ((قيل: يا رسول الله! أيّ الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل
الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات)) . رواه الترمذي.
1239-
(14) وعن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غرفاً
ــ
الواو لمطلق الجمع. وفي الترتيب الذكري إشارة لا تخفى، قاله القاري. (فصلى) أي بسببها. (فإن أبى) أن يقوم لغلبة النوم. (نضحت) أي رشت. (في وجهه الماء) ليزول عنه النوم وينتبه. وفي الحديث الدعاء بالرحمة للحي كما يدعى بها للميت، وفيه فضيلة صلاة الليل وفضيلة مشروعية إيقاظ النائم للتنفل كما يشرع للفرض، وهو من المعاونة على البر والتقوى. وفيه بيان حسن المعاشرة وكمال الملاطفة والموافقة. وفيه إشارة إلى أن الرجل أحق بأن يكون مسابقاً بالقيام وإيقاظ امرأته، وإلى أن فضل الله لا يختص بأحد، فقد يكون المرأة سابقة على الرجل. (رواه أبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والبيهقي (ج2 ص501) والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وسكت عنه أبوداود، وكذا المنذري في الترغيب، وصحح النووي سنده في رياض الصالحين (ص442) . وقال المنذري في مختصر السنن: في سنده محمد بن عجلان، وقد ثقة أحمد وابن معين وأبوحاتم الرازي، واستشهد به البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعة، وتكلم فيه بعضهم- انتهى. وفي الباب عن أبي مالك الأشعري، رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف، قاله الهيثمي.
1238-
قوله: (أيّ الدعاء أسمع) أي أقرب إلى أن يسمعه الله أي يقبله. قال الطيبي: أي أرجى للإجابة؛ لأن المسموع على الحقيقة ما يقترن بالقبول ولا بد من مقدر، إما في السؤال أي، أي أوقات الدعاء أقرب إلى الإجابة؟ وإما في الجواب أي دعاءه في جوف الليل. (قال جوف الليل) بالرفع على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي دعاء جوف الليل. وروي بالنصب على الظرفية أي الدعاء في جوف الليل. (الآخر) صفة للجوف، فيتبعه في الإعراب. قال الخطابي: المراد ثلث الليل الآخر، وهو الخامس من أسداس الليل. (ودبر الصلوات المكتوبات) برفع دبر ونصبه. (رواه الترمذي) في الدعوات. وقد تقدم الحديث مع شرحه في الفصل الثاني من باب الذكر بعد الصلاة، أعاده هنا؛ لأنه من أدلة استحباب الدعاء في ضمن الصلاة وغيرها في ثلث الليل الآخر، ومن أدلة أنه وقت الإجابة.
1239-
قوله: (إن في الجنة غرفاً) بضم الغين المعجمة وفتح الراء المهملة، جمع غرفة بالضم، وهي العلية،
يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام،
وتابع الصيام، وصلي بالليل والناس نيام)) . رواه البيهقي في شعب الإيمان.
1240-
(15) وروى الترمذي عن علي نحوه، وفي روايته: ((لمن أطاب الكلام.
ــ
أي البيت فوق البيت أي علالي في غاية من اللطافة ونهاية من الصفاء والنظافة. (يرى) بالبناء للمفعول. (ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) لكونها شفافة لا تحجب ما وراءها. (أعدها الله) أي هيأها. (لمن ألان) أي أطاب كما في رواية. (الكلام) أي بمداراة الناس، واستعطافهم. قال الطيبي: جعل جزاء من تلطف في الكلام الغرفة، كما في قوله تعالى:{أولئك يجزون الغرفة} [25: 75] بعد قوله: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} [25: 63] . وفيه تلويح على أن لين الكلام من صفات عباد الله الصالحين الذين خضعوا لبارئهم، وعاملوا الخلق بالرفق في القول والفعل، وكذا جعلت جزاء من أطعم، كما في قوله:{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} [25: 67] ، وكذا جعلت جزاء من صلى بالليل، كما في قوله:{والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} [25: 64] . ولم يذكر في التنزيل الصيام استغناء بقوله بما صبروا؛ لأن الصيام صبر كله. (وأطعم الطعام) للعيال والفقراء والأضياف ونحو ذلك، قاله المناوي. وقيل: يكفي في إطعام الطعام أهله ومن يمونه، وهذا إذا قصد الاحتساب. وقيل: المراد بالطعام الزائد على ما يحتاجه لنفسه وعياله. (وتابع الصيام) أي أكثر منه بعد الفريضة بحيث تابع بعضها بعضاً، ولا يقطعها رأساً، قاله ابن الملك. وقيل: يكفي في متابعة الصوم مثل حال أبي هريرة وابن عمر وغيرهما من صوم ثلاثة أيام من كل شهر أوله، ومثلها من أوسطه وآخره، والاثنين، والخميس، ويوم عرفة وعاشوراء وعشر ذي الحجة. وفي رواية: أدام الصيام. والمراد به الكثرة، لا المواصلة، ولا صوم الدهر. (وصلى بالليل) أي تهجد لله تعالى. (والناس) أي غالبهم. (نيام) بكسر النون. جمع نائم أي لا يتهجدون. وإن لم يكونوا نائمين. والأوصاف الثلاثة أي لين الكلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل إشارة إلى استجماع صفة الجود والتواضع والعبادة المتعدية واللازمة. (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً أحمد وابن حبان في صحيحة، والطبراني في الكبير. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص254) بعد عزوه إلى الطبراني: رجاله ثقات.
1240-
(وروى الترمذي عن علي) أي ابن أبي طالب. (نحوه) في باب قول المعروف من أبواب البر والصلة، وفي باب صفة غرف الجنة من أبواب صفة الجنة. ولفظه: إن في الجنة غرفاً، ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام،