الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه........
((الفصل الثاني))
1159_
(3) عن يزيد بن الأسود، قال: ((شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه،
ــ
ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها، أن صلوها في بيوتكم في الوقت، ثم اجعلوها معهم نافلة. (رواه) بيّض له المصنف ليبين روايه ومخرجه، وكان ينبغي تأخيره للفصل الثاني، لأنه ليس في الصحيحين، ولا في أحدهما، ولا في واحد من الكتب الستة، وإنما رواه البيهقي. (ج3 ص86) وغيره. وقد تقدم في كلام الحافظ أنه رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم. وكأن المصنف ذكره في الفصل الأول تبعاً لما في المصابيح، وكان على البغوي أن يؤخره للحسان. قال الطيبي: لم يبين المؤلف روايه من أصحاب السنن، يشير إلى أنه ما وجده في الصحيحين. قال التوربشتي: هذا الحديث أثبت في المصابيح من طريقين: أما الأول فقد رواه الشيخان. وأما الثاني فبالزيادة التي فيه، وهي قوله: نافلة له فلم نجده في أحد الكتابين، فإما أن يكون المؤلف أورده بياناً للحديث الأول، فخفي قصده لإهمال التمييز بينهما أو هو سهو منه، وإما أن يكون مزيداً من خائض افتحم الفضول إلى مهامه لم يعرف طرقها- انتهى. والحديث مع هذه الزيادة صححه البيهقي وغيره. وقال الشافعي في مسنده: هذه زيادة صحيحة. وتقدم قول الحافظ أنه حديث صحيح.
1159-
قوله. (عن يزيد بن الأسود) هو أبو جابر يزيد بن الأسود ويقال: ابن أبي الأسود السوائي بضم المهملة وتخفيف الواو والمد، العامري، ويقال الخزاعي، حليف قريش، صحابي، نزل الطائف، ووهم من ذكره في الكوفيين. له هذا الحديث فقط، وروى عنه ابنه جابر بن يزيد الأسود. (شهدت) أي حضرت. (مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته) أي حجة الوداع. (صلاة الصبح) فيه رد على من زعم من الحنفية بأن هذه القصة كانت في صلاة الظهر. وأما ما وقع في مسند أبي حنيفة بلفظ: أن رجلين صليا الظهر في بيوتهما- الحديث. فلا يعتد به، أو هي قصة أخرى. (في مسجد الخيف) بفتح الخاء المعجمة وإسكان الياء، وهو مسجد مشهور بمنى. قال الطيبي: الخيف ما انحدر من غليظ الجبل. وارتفع عن المسيل، يعني هذا وجه تسميته به. (فلما قضى صلاته) أي أداها وسلم منها. (وانحرف) وفي بعض نسخ الترمذي:"انحرف" بدون الواو، وهكذا نقله الجزرى في جامع الأصول. (ج6ص419) ووقع عند البيهقي. (ج2 ص301) : وانحرف بزيادة الواو أي انصرف عنها، والظاهر أن المعنى انحرف عن القبلة. (فإذا هو) أي النبي صلى الله عليه وسلم. (برجلين في آخر القوم) كذا في جميع النسخ، أي بالمد في أوله
قال: عليّ بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله! إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة)) .
ــ
وكسر الخاء. والذي في الترمذي: أخرى القوم، أي بضم الهمزة تأنيث آخر بكسر الخاء، ونقله الجزري كذلك. وأخرى القوم من كان في آخرهم، كما في القاموس. (عليّ) بتشديد الياء، اسم فعل. (بهما) أي ائتوني بهما واحضروهما عندي. (ترعد) بالبناء للمجهول أي تحرك وترجف وتضطرب من الخوف من أُرعد الرجل إذا أخذته الرعدة، وهي الفزع والاضطراب. (فرائصهما) بالصاد المهملة جمع فريصة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف، تهتز وترجف عند الفزع، أي تتحرك وتضطرب. ووجه ارتعاد فرائصهما ما أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العظمة والمهابة مع كثرة تواضعه. (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما منعكما أن تصليا) هذه الصلاة. (معنا) معشر المسلمين. (في رحالنا) أي منازلنا، جمع رحل بفتح الراء وسكون المهملة. (فلا تفعلا) أي ما فعلتما من ترك الصلاة مع الإمام بل (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة) لفظ أبي داود: إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه. ولفظ ابن حبان: إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الصلاة فصليا. قال الشوكاني: ظاهر التقييد بقوله: ثم أتيتما مسجد جماعة، إن هذا الحكم مختص بالجماعات التي تقام في المساجد لا التي تقام في غيرها، فيحمل المطلق من ألفاظ حديث الباب كلفظ أبي داود وابن حبان المتقدمين على المقيد بمسجد الجماعة. (فصليا معهم) أي مع أهل المسجد. (فإنها) أي الصلاة الثانية، وهي التي صلياها مع أهل المسجد بعد صلاتهما الفريضة. (لكما نافلة) والفريضة هي الأولى، سواء صليت جماعة أو فرادى لإطلاق الخبر. قال الشوكاني: فيه تصريح بأن الثانية في الصلاة المعادة نافلة. وظاهره عدم الفرق بين أن تكون الأولى جماعة أو فرادى، لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. قال الخطابي في المعالم. (ج1 ص164) : في الحديث من الفقه أن من صلى في رحله، ثم صادف جماعة يصلون كان عليه أن يصلي معهم أي صلاة كانت من الصلوات الخمس، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق. وكان مالك يكره أن يعيد صلاة المغرب وكان أبوحنيفة لا يرى أن يعيد صلاة العصر والمغرب والفجر- انتهى. قال ابن رشد: من استثنى من ذلك صلاة المغرب فقط فإنه خصص العموم بالقياس الشبه وهو مالك، وذلك أنه زعم أن صلاة المغرب وتر، فلو أعيدت لأشبهت صلاة الشفع، لأنها بمجموع ذلك تكون ست ركعات، فكأنها تنتقل من جنسها إلى جنس صلاة أخرى. وهذا القياس فيه ضعف، لأن السلام قد فصل بين الأوتار- انتهى. وعلل الحنفية استثناء
رواه الترمذي، وأبوداود، والنسائي.
ــ
العصر والفجر والمغرب بأن الصلاة الأولى فرض، والثانية نفل، قالوا: فيراعى فيه ما يراعى في التنفل، كالمنع من التطوع بعد فرض العصر والصبح، وعدم مشروعية التطوع وتراً. قال الخطابي: وظاهر الحديث حجة على الجماعة من منع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه يقول: إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه، ولم يستثن صلاة دون صلاة، فأما نهيه عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب فقد تأولوه على وجهين: أحدهما أن ذلك على معنى إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب. فأما إذا كان لها سبب مثل أن يصادف قوماً يصلون جماعة فإنه يعيدها معهم ليحرز الفضيلة. والوجه الآخر أنه منسوخ، وذلك أن حديث يزيد بن الأسود متأخر، لأن في قصته أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، ثم ذكر الحديث. وفي قوله: فإنها نافلة دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب- انتهى. وقال السندي في حاشية النسائي: قوله: فصليا معهم، هذا تصريح في عموم الحكم أوقات الكراهة أيضاً، ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة، لاتفاقهم على أنه لا يصح استثناء المورد من العموم، والمورد صلاة الفجر. قال: ولا يمكن أن يتوهم نسخ هذا الحكم لكون ذلك في حجة الوداع. قلت: الحديث نص في رد ما قاله أبوحنيفة للتصريح بأن ذلك كان في صلاة الصبح، فيكون هذا مخصصاً لعموم الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة الصبح. ومن جوز التخصيص بالقياس ألحق ما ساواه من أوقات الكراهة. وأما التنفل بالثلاث غير صلاة الوتر فالظاهر أنه يشرع في مثل هذه الصورة لإطلاق حديث يزيد هذا وما وافقه من أحاديث الباب. ولا يعارض هذا حديث ابن عمر الآتي بلفظ: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين، لما سنذكره. (رواه الترمذي وأبوداود والنسائي) واللفظ المذكور للترمذي، وأخرجه أيضاً أحمد (ج4 ص160) والطيالسي وابن سعد في الطبقات وابن حبان والدارقطني والحاكم (ج1 ص245) والبيهقي (ج2 ص300- 301) ، وصححه ابن السكن والترمذي، وسكت عنه أبوداود ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره، وقد أخرجوه كلهم من طريق يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه، قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول. قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، ولا لابنه جابر راو غير يعلى. قال الحافظ في التلخيص (ص122) : يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقة النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راوياً غير يعلى، أخرجه ابن مندة في المعرفة من طريق شيبة عن إبراهيم بن أبي أمامة عن عبد الملك بن عمير عن جابر.