الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1295-
(34) وعن أبي أمامة: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الوتر وهو جالس، يقرأ فيهما،. {إذا زلزلت} و {قل يآيها الكافرون} )) . رواه أحمد.
(36) باب القنوت
ــ
1295-
قوله: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان) أي أحياناً. (يصليهما) أي الركعتين. (يقرأ فيهما) أي في الركعتين. {إذا زلزلت} في الأولى و {قل يآيها الكافرون} في الثانية. (رواه أحمد)(ج5 ص260) قال الهيثمي: رجاله ثقات، وأخرجه أيضاً الطحاوي والبيهقي (ج3 ص33) والطبراني في الكبير ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر، وروى الدارقطني والبيهقي نحوه من حديث أنس.
(باب القنوت) القنوت ورد في معان كثيرة، ذكر ابن العربي في شرح الترمذي: أن له عشرة معان، وقد نظمها في البيتين:
دعاء خشوع والعبادة طاعة
…
... إقامتها إقراره بالعبودية
سكوت صلاة والقيام وطوله
…
... كذاك دوام الطاعة الرابح النية
والمراد هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام واعلم أن ههنا عدة مسائل خلافية: إحداها أنه يقنت في الوتر أم لا. والثانية أنه إذا قنت في الوتر يقنت قبل الركوع أو بعده. والثالثة أن القنوت في الوتر في جميع السنة أو في النصف الأخير من رمضان. والرابعة ألفاظ قنوت الوتر، وقد سبق الكلام في هذه المسائل، وتعيين ما هو الراجح في ذلك، وسيأتي شيء من الكلام في الثانية والثالثة. وأما مسألة التكبير عند إرادة القنوت في الوتر ورفع اليدين عند تكبير القنوت فيه كرفعهما عند التحريمة، كما يفعله الحنفية فلم يصح فيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، نعم ورد فيهما آثار عن بعض الصحابة، فقد ذكر محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر عن عمر وعلي وابن مسعود والبراء أنهم كبروا عند القنوت في الوتر قبل الركوع. قال شيخنا في شرح الترمذي: لم أقف على حديث مرفوع في التكبير للقنوت، ولم أقف على أسانيد هذه الآثار. وأما رفع اليدين في قنوت الوتر أي كرفعهما عند التحريمة، فلم أقف على حديث مرفوع فيه أيضاً، نعم جاء فيه عن ابن مسعود من فعله، فذكره نقلاً عن جزء رفع اليدين للبخاري، وعن كتاب الوتر للمروزي، وذكر أيضاً في ذلك آثاراً عن عمر وأبي هريرة وأبي قلابة ومكحول عن كتابة المروزي، ثم قال: وفي الاستدلال بها على رفع اليدين في قنوت الوتر كرفعهما عند التحريمة نظر، إذ ليس فيها ما يدل على هذا، بل الظاهر منها ثبوت رفع اليدين كرفعهما في الدعاء، فإن القنوت دعاء- انتهى. قلت: الأمر كما قال الشيخ فليس في هذه الآثار دلالة على مطلوبهم، بل هي ظاهرة في رفع اليدين في القنوت حال الدعاء، كما يرفع الدعي فيجوز أن ترفع اليدان حال الدعاء في قنوت الوتر عملاً بتلك الآثار كما
ترفعان في قنوت النازلة في غير الوتر لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي. قال شيخ مشائخنا الشيخ حسين بن محسن الأنصاري في مجموعة فتاواه (ص160) : قد ثبت الرفع من فعله صلى الله عليه وسلم في قنوت غير الوتر، فالوتر مثله لعدم الفارق بين القنوتين إذ هما دعاءان، ولهذا قال أبويوسف أنه يرفعهما في قنوت الوتر إلى صدره ويجعل بطونهما إلى السماء، واختاره الطحاوي والكرخي. قال الشامي: والظاهر أنه يبقيهما كذلك إلى تمام الدعاء على هذه الرواية- انتهى. قال: والحاصل أن رفع اليدين في قنوت الوتر. (كرفع الداعي) ثبت من فعل ابن مسعود وعمر وأنس وأبي هريرة، كما ذكره الحافظ في التلخيص، وكفى بهم أسوة وثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غير الوتر- انتهى. والمسألة الخامسة: هل يشرع القنوت في غير الوتر من غير سبب أو لا يشرع؟ فذهب جماعة، ومنهم أبوحنيفة وأحمد إلى عدم مشروعيته قالوا: لا يسن القنوت من غير سبب في صلاة الصبح، ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر، وذهب جماعة ومنهم مالك والشافعي إلى أنه يسن القنوت في صلاة الصبح في جميع الزمان، وهذا يدل على أنهم اتفقوا على ترك القنوت في أربع صلوات من غير سبب، وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، واختلفوا في صلاة الصبح فقال مالك والشافعي باستمرار شرعيته في الصبح، وذهب أحمد وأبوحنيفة إلى عدم شرعيته وأنه مختص بالنوازل، واحتج المثبتون بما روى الدارقطني (ص118) وعبد الرزاق وأحمد (ج3 ص162) وأبونعيم والطحاوي (ج1 ص143) والبيهقي في المعرفة وفي السنن (ج2 ص201) والحاكم وصححه من حديث أنس قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا. وأجاب النافون بأنه لو صح لكان قاطعاً للنزاع، ولكنه من طريق أبي جعفر الرازي، وثقه غير واحد، ولينه جماعة. قال: فيه عبد الله بن أحمد، عن أبيه والنسائي والعجلي: ليس بالقوي. وقال ابن المديني: أنه يخلط. وقال أبوزرعة: يهم كثيراً. وقال ابن خراش والفلاس: صدوق سيء الحفظ. وقال ابن معين: ثقة لكنه يخطيء. وقال الدوري: ثقة ولكنه يغلط. وقال الساجي: صدوق ليس بمتقن. وقال ابن القيم: هو صاحب مناكير، لا يحتج بما انفرد به أحد من أهل الحديث البتة. وقال ابن حبان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير. وقال ابن الجوزي في التحقيق، وفي العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح، ثم ذكر الكلام في أبي جعفر الرازي. وقال صاحب التنقيح: وإن صح فهو محمول على أنه ما زال يقنت في النوازل أو على أنه ما زال يطول في الصلاة، فإن القنوت لفظ مشترك بين الطاعة والقيام والخشوع والسكوت وغير ذلك. وقال ابن القيم: ولو صح لم يكن فيه دليل على هذا القنوت المعين البتة، فإنه ليس فيه أن القنوت هذا الدعاء، فإن القنوت يطلق على القيام والسكوت ودوام العبادة والدعاء والتسبيح والخضوع، وحمل قول أنس على إطالة القيام بعد الركوع، وأجاب عن تخصيصه بالفجر بأنه وقع بحسب سؤال السائل، فإنه إنما سأل عن قنوت الفجر فأجابه
عما سأله عنه، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاة الفجر دون سائر الصلوات، قال: ومعلوم أنه كان يدعو ربه ويثني عليه ويمجده في هذه الاعتدال، وهذا قنوت منه بلا ريب، فنحن لا نشك ولا نرتاب أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، إلى آخر ما بسط الكلام فيه. قال الشوكاني: وهو على فرض صلاحية حديث أنس للاحتجاج وعدم اختلافه واضطرابه محمل حسن- انتهى. وأجابوا أيضاً بمعارضته بما روى الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قلنا؛ لأنس أن قوما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الفجر فقال كذبوا إنما قنت شهراً واحداً يدعو على حي من أحياء المشركين، وقيس وإن كان ضعيفاً، لكنه لم يتهم بكذب، وروى ابن خزيمة في صحيحة، والخطيب في كتاب القنوت من طريق سعيد عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم. قال الحافظ في الدارية: سنده صحيح، وكذا قال صاحب التنقيح، فاختلفت الروايات عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة، واحتج هؤلاء على عدم مشروعية القنوت في غير الوتر من غير سبب بحديث أبي مالك الأشجعي في الفصل الثاني، وسيأتي الكلام فيه هناك. واحتجوا أيضاً بأحاديث مرفوعة صحيحة غير صريحة، أو صريحة غير صحيحة، وبآثار الصحابة، ذكرها النيموي في آثار السنن وغيره في غيره. والراجح عندي ما ذهب إليه أبوحنيفة وأحمد أنه لا يسن القنوت في غير الوتر من غير سبب لا في صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات، وأنه مختص بالنوازل؛ لأنه لم يرد في ثبوته في غير الوتر من غير سبب حديث مرفوع صحيح خال عن الكلام، صريح في الدلالة على ما ذهب إليه مالك والشافعي، بل قد صح عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على خلاف ما قالا به كما ستقف عليه. والمسألة السادسة: أنه إذا حدث سبب أي نزل بالمسلمين نازلة أي شدة وبليه مثل الوباء والقحط والعدو ونحو ذلك، فهل يشرع القنوت في غير الوتر أم لا؟ وإذا شرع فهل يختص بصلاة الفجر أو الجهرية أو يعم الصلوات الخمس؟ فذهب جمهور أهل الحديث والشافعي إلى أن ذلك مشروع ومطلوب في الصلوات الخمس، وذهب الحنابلة إلى تخصيصه بصلاة الفجر فقط، وهو مذهب الحنفية على القول المفتى به، وإلا فلهم في المسألة قولان، أحدهما أنه يختص بالصلوات الجهرية. قال في البناية شرح الهداية: وبه قال الأكثرون، والآخر أنه يختص بصلاة الفجر فقط. والراجح عندي هو ما ذهب إليه الشافعي وجمهور أهل الحديث؛ لأن الأحاديث الصحيحة صريحة في طلب القنوت في الصلوات الخمس، ولم يجئ حديث مرفوع صحيح أو ضعيف في تخصيصه بالجهرية أو الصبح فقط. قال الشوكاني: الحق ما ذهب إليه من قال: أن القنوت مختص بالنوازل، وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به بصلاة دون صلاة. وقد ورد ما يدل على اختصاصه بالنازلة من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحة، وقد تقدم، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ: كان لا يقنت إلا أن يدعو لقوم أو على