المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌((الفصل الثالث)) 1160- (4) عن بسر بن محجن، عن أبيه، ((أنه - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌((الفصل الثالث)) 1160- (4) عن بسر بن محجن، عن أبيه، ((أنه

((الفصل الثالث))

1160-

(4) عن بسر بن محجن، عن أبيه، ((أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم

ــ

1160-

قوله. (عن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة، كذا قال مالك في روايته عن زيد بن أسلم. وأما الثوري فقال: عن زيد بن أسلم عن بشر بكسر الموحدة وبالمعجمة. قال أبونعيم: والصواب ما قال مالك. وقال ابن عبد البر: الأكثر على ما قال مالك. ونقل الدارقطني أن الثورى رجع عن ذلك. وقال ابن عبد البر: إن عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني رواه عن زيد بن أسلم، فقال بشر بن محجن بالمعجمة. وقال الطحاوي: سمعت إبراهيم البرلسي يقول: سمعت أحمد بن صالح بجامع مصر يقول: سمعت جماعه من ولده ومن رهطه فما اختلف اثنان أنه بشر، كما قال الثوري يعني بالمعجمة. وقال ابن حبان في الثقات: من قال بشر فقد وهم، روى عنه زيد بن أسلم حديثاً واحداً. قيل صحابي، والصواب أنه تابعي. ذكره الحافظ في الإصابة في القسم الرابع من حرف الباء، وهو فيمن ذكر في الصحابة على سبيل الوهم والغلط بشرط أن يكون الوهم فيه بيناً، فقال: بسر بالضم وإسكان المهملة تابعي مشهور، جزم بذلك البخاري والجمهور. ذكره البغوي وغيره في الصحابة لرواية سقط فيها لفظ عن أبيه، وسنذكرها وقال ابن الأثير في أسد الغابة: لا تصح صحبته، تصح صحبة أبيه محجن. وقال في التقريب: بسر بن محجن. وقيل: بكسر أوله والمعجمة، صدوق من الرابعة أي من الطبقة التي تلي الطبقة الوسطى من التابعين، جل روايتهم عن كبار التابعين. (بن محجن) بكسر الميم وسكون مهملة وفتح جيم آخره نون. (عن أبيه) أي محجن بن أبي محجن الديلى، صحابي قليل الحديث. قال ابن عبد البر: معدود في أهل المدينة. قال الذهبي في تلخيصه للمستدرك (ج1 ص244) : محجن تفرد عنه ابنه - انتهى. ووهم من قال فيه: محجن بن الأدرع، كما في المنتقى لابن تيمية، فإنه صحابي آخر. (أنه) أي أباه. (كان في المجلس) أي داخل المسجد. (فأذن) بصيغة المفعول. (بالصلاة) قيل أي بالصلاة الظهر، لما أخرج البغوي وغيره من طريق ابن إسحاق عن عمران بن أبي أنس عن حنظلة بن علي عن بسر بن محجن، قال صليت الظهر في منزلي، ثم خرجت بإبل لى لأضربها، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي الظهر في مسجده- الحديث. ذكره الحافظ في الإصابة. وقال قد سقط من الإسناد قوله: عن أبيه، وأخرجه الطحاوي من طريق سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم بلفظ: صليت في بيتي الظهر والعصر- الحديث. وذكر ابن الأثير الجزري في أسد الغابة حديث بسر هذا بلفظ: صلاة الظهر. وروى أحمد عن رجل من بني الديل، قال خرجت بأباعر لي، لأصدرها إلى الراعي، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي بالناس الظهر، فمضيت، فلم أصل

ص: 119

فصلى، ورجع، ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ فقال: بلى، يا رسول الله! ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جئت المسجد، وكنت قد صليت، فأقيمت الصلاة، فصل مع الناس وإن كنت قد صليت)) . رواه مالك، والنسائي.

ــ

معه- الحديث. (فصلى) أي بعد الإقاومة. (ورجع) وفي الموطأ، وكذا عند النسائي: ثم رجع أي بعد الفراغ من الصلاة (ومحجن في مجلسه) أي مكانه الأول لم يتحرك منه. (ما منعك أن تصلي مع الناس) أي جماعة المسلمين الذين صلوا معي. (ألست برجل مسلم) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ، وهو الأظهر. ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم، إذ هذا لا يقوله أحد- انتهى. (فقال بلى يا رسول الله) أنا مسلم حقاً. (ولكني كنت قد صليت) وفي الموطأ: ولكني قد صليت أي بدون لفظ: كنت (في أهلي) يعني ما تركت الصلاة، وإنما اكتفيت بصلاتي في أهلي. ولعله سمع قبل ذلك قوله: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. (إذا جئت المسجد وكنت قد صليت فأقيمت الصلاة فصل مع الناس) ولفظ الموطأ والنسائي: إذا جئت فصل مع الناس. ولفظ الكتاب لم أجده إلا في جامع الأصول. وقد نسبه إلى الموطأ والنسائي. وزاد أحمد في رواية له: واجعلها نافلة. (وأن) وصلية أي ولو. (كنت قد صليت) أي في أهلك. قال الطيبي: تكرير تقرير لقوله: وكنت قد صليت، وتحسين للكلام، كما في قوله تعالى. {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة، ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [16: 119] فقوله: لغفور رحيم، خبر لقوله: إن ربك للذين عملوا السوء، وقوله: إن ربك من بعدها تكرير للتقرير والتحسين –انتهى. والحديث بعمومه وإطلاقه يدل على مشروعية الصلاة مع الإمام إذا وجده يصلي أو سيصلي أي صلاة كانت من الصلوات الخمس لمن كان قد صلى جماعه أو فرادى، والأولى هي الفريضة. والأخرى نافلة، كما صرح به في رواية لأحمد، (رواه مالك) عن زيد بن أسلم عن بسر عن أبيه محجن، والنسائي من طريق مالك، وأخرجه أيضاً أحمد (ج4 ص34) من طريق الثوري، ومالك عن زيد بن أسلم. ونسبه الحافظ في الإصابة للبخاري في الأدب المفرد، وابن خزيمة، ونسبه أيضاً في التلخيص لابن حبان والحاكم. وأخرجه أيضاً الطحاوي والدارقطني والدارمي والبيهقي (ج2 ص300) ، وهو في المستدرك (ج1 ص244) . من طريق مالك ومن طريق الشافعي عن عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ومالك بن أنس الحكم في حديث المدنيين، وقد احتج به في الموطأ، وهو من النوع الذي قدمت ذكره أن الصحابي إذا لم يكن له راويان لم يخرجاه- انتهى.

ص: 120

1161-

(5) وعن رجل من أسد بن خزيمة، أنه سأل أبا أيوب الأنصاري قال:((يصلي أحدنا في منزله الصلاة، ثم يأتي المسجد، وتقام الصلاة، فأصلى معهم، فأجد في نفسي شيئاً من ذلك. فقال أبوأيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فذلك له سهم جمع)) . رواه مالك، وأبوداود.

ــ

1161-

قوله. (عن رجل من أسد) كذا في جميع النسخ. وكذلك نقله الجزري في جامع الأصول (ج6 ص420) . وهكذا وقع في رواية للبيهقي وفي الموطأ وأبي داود: من بني أسد. وهذا الرجل مجهول لم يسم ولم يدر. (أنه سأل أبا أيوب الأنصاري) النجاري الخزرجي البدري من كبار الصحابة. (قال) أي الرجل السائل، وهذا بيان للسؤال. (يصلي أحدنا في منزله الصلاة) أي المكتوبة. (وتقام) وفي بعض النسخ: فتقام. (فأصلي معهم) أي مرة أخرى بعد ما صليت في منزلي. قال الطيبي: فيه التفات من الغيبة إلى الحكاية على سبيل التجريد؛ لأن الأصل أن يقال أصلي في منزلي بدل قوله: يصلي أحدنا- انتهى. قال القاري: والأظهر كان الأصل أن يقال فيصلي معهم فالتفت، وكذا قوله. (فأجد في نفسي) ولفظ الموطأ: فقال إني أصلي في بيتي، ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي، أفأصلى معه؟. (شيئاً) أي شبهة. (من ذلك) أي من إعادة الصلاة. (سألنا عن ذلك) قال الطيبي: المشار إليه بذلك هو المشار إليه بذلك الأول والثالث أي الآتي، وهو ما كان يفعله الرجل من إعادة الصلاة بالجماعة بعد ما صلاها منفرداً- انتهى. (قال) وفي بعض النسخ: فقال موافقاً لما في أبي داود وجامع الأصول. (فذلك) الظاهر أن المشار إليه هنا هو الرجل خلاف ما ذكره الطيبي أي فذلك الرجل الذي أعاد الصلاة بالجماعة. (له سهم جمع) أي نصيب من ثواب الجماعة. وقال الخطابي في المعالم (ج1 ص165) : يريد أنه سهم من الخير، جمع له فيه حظان. وفيه وجه آخر. قال الأخفش: سهم جمع، يريد سهم الجيش. وسهم الجيش هو السهم من الغنيمة، قال: والجمع ههنا هو الجيش، واستدل بقوله تعالى. {يوم التقى الجمعان} [3: 155، 166] ، وبقوله:{سيهزم الجمع} [54: 45]، وبقوله:{فلما تراء الجمعان} [26: 61] . وقال ابن عبد البر: له أجر الغازي في سبيل لله. وقال الباجي: يحتمل عندي أن ثوابه مثل ثواب الجماعة، ويحتمل مثل سهم من بيّت بالمزدلفة في الحج؛ لأن جمع اسم المزدلفة، ويحتمل أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ والجماعة، فيكون فيه الإخبار بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين- انتهى. قال الطيبي: قوله: فأجد في نفسي، أي أجد في نفسي من فعل ذلك حزازة، هل ذلك لي أو علي؟ فقيل له سهم الجمع أي ذلك لك لا عليك، ويجوز أن يكون المعنى إني أجد من فعل ذلك روحاً أو راحة، فقيل ذلك الروح نصيبك من صلاة الجماعة، والأول أوجه- انتهى. (رواه مالك وأبوداود) الحديث عند مالك موقوف، وعند أبي داود مرفوع. وكلام المصنف هذا يدل على أنه مرفوع عندهما جميعاً، فكان ينبغي

ص: 121

1162-

(6) وعن يزيد بن عامر، قال: ((جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم رآني جالساً، فقال: ألم تسلم يا يزيد؟ قلت: بلى، يا رسول الله! قد أسلمت. قال: وما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ قال: إني كنت فقد صليت في منزلي، أحسب أن قد صليتم. فقال: إذا جئت الصلاة فوجدت الناس، فصل معهم وإن كنت قد صليت،

ــ

له أن يقول رواه مالك موقوفا، وأبوداود مرفوعاً أو يقول رواه أبوداود، ورواه مالك موقوفاً، ورواه البيهقي (ج2 ص300) مرفوعاً من طريق أبي داود، وموقوفاً من طريق مالك. والحديث في سنده رجل مجهول، كما تقدم.

1162-

قوله. (وعن يزيد بن عامر) بن الأسود العامري أبوحاجز السوائي. قال في التقريب: صحابي، له حديث، يعني هذا الحديث. وقال في الإصابة: قال أبوحاتم: له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة. أخرجه أبوداود من طريق نوح بن صعصعة عنه. ثم أخرجه الطبراني من هذا الوجه، وكان شهد حنيناً مع المشركين، ثم أسلم (جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة) وفي أبي داود جئت والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أي مع الجماعة. ولفظ المشكاة موافق لما في جامع الأصول (ج6 ص420) . (فجلست) أي في ناحية من المسجد منفرداً عن الصف. (ولم أدخل معهم) أي مع المصلين. (في الصلاة) يعني إذا كنت قد صليت. (فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي عن الصلاة وانحرف عن القبلة. (رآني جالساً) وفي أبي داود: قال فانصرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى يزيد جالساً، أي على غير هيئة الصلاة أو على حدة من الصف. ولفظ المشكاة يوافق لما في جامع الأصول. (ألم تسلم) الهمزة للاستفهام أي أما أسلمت؟ (قلت) وفي بعض النسخ: فقلت: وفي أبي داود: قال أي يزيد. (وما منعك) وفي أبي داود: فما منعك. (أن تدخل مع الناس في صلاتهم) فإنه من علامة الإسلام. (قال) أي يزيد. (إني كنت قد صليت في منزلي أحسب) حال من فاعل صليت. (إن قد صليتم) قال الطيبي: قوله أحسب الخ جملة حالية أي ظاناً فراغ صلاتكم- انتهى. قلت: وفي أبي داود وأنا أحسب أي والحال إني كنت قد أحسب أن قد فرغتم من الصلاة. وفيه اعتذار، أن الأول عن عدم الدخول في صلاة الجماعة، وهو بقوله: إني كنت قد صليت. والثاني عن الصلاة في المنزل، وهو بقوله: أحسب أن قد صليتم. (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جئت الصلاة) وفي أبي داود إلى الصلاة أي إلى المسجد. وفي جامع الأصول: إذا جئت الصلاة، كما في المشكاة. (فوجدت الناس) أي يصلون. (فصل معهم وإن) وصلية. (كنت قد صليت) في منزلك، أي ليحصل لك ثواب الجماعة وزيادة النافلة.

ص: 122

تكن لك نافلة وهذه مكتوبة)) .

ــ

(تكن) أي الصلاة الثانية التي صليتها مع الناس. (نافلة) بالنصب أي زائدة على الفرض. (وهذه) أي الصلاة الأولى التي صليتها في منزلك، ويحتمل العكس، لكن حديث يزيد بن الأسود المتقدم، وحديث محجن عند أحمد (ج4 ص338) وحديث أبي ذر السياق في باب تعجيل الصلاة يرجع الاحتمال الأول. (مكتوبة) بالرفع. وقيل: بالنصب. واعلم أنه اختلف في الصلاة التي تصلى مرتين: هل الفريضة الأولى أو الثانية، فقال الشافعي في القديم: إن الفريضة الثانية إذا كانت الأولى فرادى، واستدل له بحديث يزيد بن عامر هذا، لأن ظاهره أن الصلاة الأولى تكون نافلة. والثانية التي يصليها مع الناس مكتوبة، ويقوي ذلك رواية الدارقطني بلفظ: وليجعل التي صلى في بيته نافلة، وذكرها الحافظ في التلخيص (ص122) والزيلعي في نصب الراية (ج2 ص150) . والمشهور في مذهب المالكية هو أن يعيدها في الجماعة بنية الفرض مع التفويض لله تعالى في قبول ما شاء من الصلاتين لفرضه. وقال في الشرح الكبير: وندب لمن لم يحصل فضل الجماعة أن يعيد صلاته ولو بوقت ضرورة لا بعده مفوضا أمره لله تعالى في قبول أيهما شاء لفرضه. قال الدسوقي: ما ذكره المصنف من كون المعيد ينوي التفويض. قال الفاكهاني: هو المشهور في المذهب. وقيل: ينوي الفرض. وقيل ينوي النفل. وقيل: ينوي إكمال الفريضة. وقال ابن عبد البر: أجمع مالك وأصحابه: أن من صلى وحده لا يؤم في تلك الصلاة. وهذا يدل على أن الأولى هي فريضة، ومقتضى قواعد المالكية أنها على وجه الاعتداد بها، وبحسب النظر الفقهي الدنيوى هي الصلاة الأولى، وأما بالاعتبار الأخروي فالأمر مفوض إلى الله تعالى، واستدلوا للتفويض بأثر ابن عمر الذي بعد هذا. وقال الشافعي في الجديد: إن الأولى هي الفريضة، وهو مذهب الحنفية، وهو الحق لحديث يزيد بن الأسود السابق، ولحديث محجن عند أحمد، ولحديث أبي ذر المتقدم في باب تعجيل الصلاة، ولحديث ابن مسعود عند مسلم، وأبي داود في معنى حديث أبي ذر، وغير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص44) . وأما حديث يزيد بن عامر الذي استدل به لقول الشافعي في القديم فهو ضعيف، ضعفه النووي، لأن في سنده نوح بن صعصعة، وهو مستور، كما قال الحافظ في التقريب. وقال الدارقطني: حاله مجهولة كما في تهذيب التهذيب. وقال البيهقي: إن حديث يزيد بن الأسود أثبت منه وأولى، مع أن اللفظ المذكور في الكتاب ليس بصريح فيما ذهب إليه الشافعي. وأما الرواية بلفظ: وليجعل التي صلى في بيته نافلة، فهي ضعيفة شاذة، كما صرح به الدارقطني على ما نقله الحافظ عنه في التلخيص (ص122) . وقال الزيلعي في نصب الراية (ج2 ص150) : قال الدارقطني والبيهقي إنها رواية ضعيفة شاذة مردودة لمخالفتها الثقات. قال الشوكاني: وعلى فرض صلاحية حديث يزيد بن عامر للاحتجاج به، كما هو مقتضى سكوت أبي داود والمنذري، فالجمع بينه وبين حديث الباب ممكن بحمل حديث يزيد بن الأسود على من صلى الصلاة الأولى في جماعة، وحمل حديث يزيد بن عامر على من صلى منفرداً، كما هو الظاهر

ص: 123

رواه أبوداود.

1163-

(7) وعن ابن عمر، رضي الله عنهما، ((أن رجلاً سأله فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة في المسجد مع الإمام، أفأصلى معه؟ قال له: نعم. قال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ قال ابن عمر: وذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله عزوجل، يجعل أيتهما شاء)) .

ــ

من سياق الحديثين. وأما أثر ابن عمر الآتي فسيأتي الجواب عنه. (رواه أبوداود) ومن طريقه البيهقي (ج2 ص302) . وسكت عنه أبوداود والمنذري. وقد عرفت أن في سنده نوح بن صعصعة، وهو مستور. وقال الدارقطني: حاله مجهولة.

1163-

قوله. (إني أصلي في بيتي) أي بالإنفراد أو بالجماعة. (في المسجد) ليس هذا اللفظ في نسخ الموطأ الموجودة وإن كان مراداً ههنا. وزاد الجزري لفظ: في المسجد. والمصنف تبعه في ذكر سياق الحديث. (أفأصلي معه) أي أزيد في صلاتي فأصلي معه، قال الطيبي. أو الفاء للتعقيب وتقديم الهمزة للصدارة. (قال له نعم) وفي الموطأ: فقال عبد الله بن عمر نعم. (أيتهما) قال القاري: بالنصب في أكثر النسخ. وفي نسخة السيد: بالرفع. والأول أظهر أي أية الصلاتين. (أجعل صلاتي) أي أعدهما عن فرضي. (قال) وفي الموطأ فقال له. (وذلك إليك) قال الطيبي: إخبار في معنى الاستفهام بدليل قوله. (إنما ذلك إلى الله) قلت: وقع في الموطأ أو ذلك إليك أي بهمزة الاستفهام، وكذا نقله الجزري عن الموطأ، ووقع عند البيهقي، وذلك كما في المشكاة. (يجعل) الفرض. (أيتهما شاء) يعني الله يعلم التي يتقبلها عن الفريضة إذا صليتهما بنية الفرض، وهذا هو المشهور في مذهب مالك أعني الإعادة بنية الفرض مع التفويض إلى الله في قبول شاء من الصلاتين لفرضه، كما تقدم. وقال ابن حبيب: معناه أن الله يعلم التي يتقبلها، فأما على وجه الاعتداد بها فهي الأولى، ومقتضى هذا أن يصلي الصلاتين بنية الفرض. وقال ابن الماجشون وغيره: أراد به القبول فإن الله تعالى قد يقبل الفريضة دون النافلة وبالعكس. وقال القاري: لأن المدار على القبول، وهو مخفي على العباد، وإن كان جمهور الفقهاء يجعلون الأولى فريضة، وأيضاً يمكن أن يقع في الأولى فساد فيحسب الله تعالى نافلته بدلاً عن فريضته، فالاعتبار الأخروي غير النظر الفقهي الدنيوي- انتهى. وعلى هذا فلا منافاة بينه وبين قول من قال الفريضة هي الأولى، كما روي عن ابن عمر نفسه أنه سئل عن الرجل يصلي الظهر في بيته ثم يأتي المسجد والناس يصلون فيصلي معهم، فأيتهما صلاته؟ قال: الأولى منهما صلاته. ذكره القاري في شرح مسند أبي حنيفة، وكذا حكاه عنه ابن عبد البر وقال: في وجه الجمع بين قوليهما أنه يحتمل أن يكون شك في رواية مالك، ثم إن له أن صلاته هي

ص: 124

1146-

(8) وعن سليمان مولى ميمونة، قال: أتينا ابن عمر على البلاط، وهم يصلون فقلت: ألا

نصلي معهم؟ قال: قد صليت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تصلوا صلاة في يوم

مرتين)) .

ــ

الأولى فرجع من شكه إلى يقين علمه، ومحال أن يرجع إلى الشك- انتهى. قلت: الأحاديث المرفوعة الصحيحة صريحة في أن صلاته هي الأولى، وأنه يجعل الثانية نافلة والأولى فريضة، فهي مقدمة على أثر ابن عمر هذا. (رواه مالك) عن نافع أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر فقال الخ. ورواه البيهقي من طريق مالك.

1164-

قوله. (عن سليمان) يسار الهلالي المدني. (أتينا ابن عمر) وفي أبي داود: أتيت ابن عمر، والسياق المذكور هنا موافق لما ذكره الجزري (ج6 ص423، 424) . (على البلاط) بفتح الباء ضرب من الحجارة يفرش به الأرض. وفي المصباح البلاط كل شيء فرشت به الدار من حجر وغيره. وفي القاموس: البلاط كسحاب الأرض المستوية الملساء والحجارة التي تفرش في الدار وكل أرض فرشت بها أو بالآجر، وهو موضع المدينة. وقال في النيل: هو موضع مفروش بالبلاط بين المسجد والسوق بالمدينة. وقال الحافظ في مقدمة الفتح: هو موضع قريب من مسجد المدينة، اتخذه عمر لمن يتحدث. (وهم) أي أهله. (يصلون) أي على البلاط لا في المسجد، وابن عمر قد صلى قبلهم في المسجد بالجماعة، وهو الذي فهمه النسائي يدل عليه ترجمته على هذا الحديث بلفظ: سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة. (قال: قد صليت) لم يدخل في صلاتهم لأنه صلى جماعة، كما فهمه النسائي. وقال النووي: إنما لم يعدها ابن عمر لأنه كان صلاها في جماعة- انتهى. وقيل: كان الوقت صبحاً أو مغرباً، فقد روي عنه أنه كان يقول من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما. وقد ذكره المصنف بعد هذا الحديث، ورواه عبد الرزاق بلفظ: إن كنت قد صليت في أهلك ثم أدركت الصلاة في المسجد مع الإمام فصل معه، غير الصبح والمغرب فإنهما لا تصليان مرتين. (وإني سمعت) وفي أبي داود والنسائي: إني سمعت أي بدون الواو. (لا تصلوا صلاة) أي واحدة. (في يوم) أي في وقت واحد. (مرتين) . هذا لفظ أحمد وأبي داود. ولفظ النسائي: لا تعاد الصلاة في يوم مرتين. قال الشوكاني: قد تمسك بهذا الحديث القائلون أن من صلى في جماعة ثم أدرك جماعة لا يصلي معهم، كيف كانت، لأن الإعادة لتحصيل فضيلة الجماعة وقد حصلت له، وهو مروى عن الصيدلاني والغزالى وصاحب المرشد، والحديث يخالف الأحاديث السابقة والذي مر من الأثر من ابن عمر نفسه من افتاء به رجلاً سأله، واختلف في وجه الجمع فقيل: يحمل هذا الحديث على من صلى بالجماعة، والأحاديث الأخر على من صلى منفرداً. قال البيهقي (ج2 ص303) :

ص: 125

رواه أحمد، وأبوداود، والنسائي.

1165-

(9) وعن نافع، قال: إن عبد الله بن عمر كان يقول: ((من صلى المغرب أو الصبح، ثم

أدركهما مع الإمام، فلا يعد لهما)) . رواه مالك.

ــ

إن صح هذا الحديث يحمل على ما إذا صلاها مع الإمام أي في جماعة، وإلى هذا التوجيه أشار النسائي في ترجمته المتقدمة، وبوب عليه أبوداود بلفظ: إذا صلى جماعة ثم أدرك جماعة هل يعيد الصلاة؟ وقيل: المراد بحديث ابن عمر هذا النهي عن أن يصليهما على وجه الفرض. قال في الاستذكار: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضاً. وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذٍ- انتهى. وقيل: هو محمول على ما إذا لم تكن عن سبب. قال الخطابي في المعالم (ج1 ص166) : هذه صلاة الإيثار والاختيار دون ما كان لها سبب، كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقاً بين الإخبار ورفعاً للاختلاف بينها- انتهى. (رواه أحمد وأبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً الطحاوي وابن حزم في المحلى، وصححه والدارقطني والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. قال النووي: إسناده صحيح. وفي سنده عمرو بن شعيب روى عن سليمان بن يسار مولى ميمونة قال في تهذيب التهذيب (ج8 ص49) : قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أو سليمان بن بسار أو عروة فهو ثقة عن هؤلاء. وقال ابن حبان: عمرو بن شعيب في نفسه ثقة يحتج يخبره إذا روى عن غير أبيه.

1165-

قوله: (وعن نافع) أي مولى ابن عمر. (قال) أي نافع. (فلا يعد) بفتح الياء وضم العين من العود. (لهما) أي للصبح والمغرب، لأن الصلاة الثانية تكون نافلة والتنفل بعد صلاة الصبح منهي عنه، ولأن النافلة لا تكون وتراً، وبه قال النخعي والأوزاعي ولم يذكر ابن عمر النهي عن الصلاة بعد العصر، لأنه كان يحمله على أنه بعد الإصفرار، ومن جوز الإعادة مع كون الوقت وقت كراهة. قال: أحاديث الإعادة مخصصة لعموم أحاديث النهي كما تقدم. (رواه مالك) وأخرجه أيضاً عبد الرزاق ولفظه: إن كنت قد صليت في أهلك ثم أدركت الصلاة في المسجد مع الإمام فصل معه غير الصبح والمغرب، فإنهما لا يصليان مرتين. وأما ما ذكره القاري في المرقاة من أن الدارقطني أخرج عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليت في أهلك ثم أدركت فصلها إلا الفجر والمغرب، ففيه إني لم أجد هذا الحديث في سنن الدارقطني لا مرفوعاً ولا موقوفاً. والظاهر أنه وهم من القاري.

ص: 126