المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثالث} 1241- (16) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثالث} 1241- (16) عن عبد الله بن عمرو بن العاص،

{الفصل الثالث}

1241-

(16) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله! لا تكن

مثل فلان، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) . متفق عليه.

ــ

وأدام الصيام، وصلى بالليل، والناس نيام. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق- انتهى. وعبد الرحمن بن إسحاق هذا. قال الحافظ في التقريب في ترجمته: ضعيف، ولكن له شاهد قوي من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد والطبراني في الكبير والحاكم. قال المنذري. والهيثمي: إسناده حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرطهما.

1241-

قوله: (لا تكن مثل فلان) أي في هذه الخصلة التي أذكرها لك وهي أنه (كان يقوم من الليل) أي فيه كإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي في يوم الجمعة. وقال الحافظ: أي بعض الليل وسقط لفظ "من" من رواية الأكثر، وهي مرادة- انتهى. وقال العيني: ليس في رواية الأكثرين لفظ من موجوداً، بل اللفظ كان يقوم الليل أي في الليل، والمراد في جزء من أجزائه. وقال القسطلاني: يقوم الليل أي بعضه- انتهى. ونقله الجزري في جامع الأصول (ج7 ص46) بذكر لفظ "من". ووقع عند البيهقي بحذفه. (فترك قيام الليل) أي لا عن عذر، بل دعة ورفاهية، فلم يكن من الموفين بعهدهم إذا عاهدوا. قال ابن العربي: في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو واجباً لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ الذم. وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من الخير من غير تفريط. وفيه الإشارة إلى كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة. وقيل: معنى قوله "كان يقوم الليل" أي غالبه أو كله "فترك قيام الليل" أصلاً حين ثقل عليه، أي فلا تزد أنت في القيام أيضاً فإنه يؤدي إلى ترك رأساً. قال السندي: يريد أن الإكثار في قيام الليل قد يؤدي إلى تركه رأساً، كما فعل فعلان، فلا تفعل أنت ذاك، بل خذ فيه التوسط والقصد أي؛ لأن التشديد في العبادة قد يؤدي إلى تركها وهو مذموم. وقال في اللمعات: فيه تنبيه على منعه من كثرة قيام الليل والإفراط فيه، بحيث يورث الملالة والسآمة- انتهى. وقوله: مثل فلان قال الحافظ: لم أقف على تسميته في شيء من الطرق، وكان إبهام هذا لقصد الستر عليه كالذي تقدم قريباً في الذي نام حتى أصبح. قال ابن حبان: فيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيعة. (متفق عليه) أخرجه البخاري في قيام الليل، ومسلم في الصوم. وأخرجه أيضاً النسائي وابن ماجه كلاهما في الصلاة والبيهقي (ج3 ص14) .

ص: 232

1242-

(17) وعن عثمان بن أبي العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كان لداود عليه

السلام من الليل ساعة يوقظ فيها أهله يقول: يا آل داود: قوموا فصلوا، فإن هذه ساعة

يستجيب الله عز وجل فيها الدعاء إلا لساحر أو عشار)) .

ــ

1242-

قوله (كان لداود) نبي الله. عليه السلام من الليل ساعة) بالرفع اسم كان و"من" بيانية متقدمة، قاله القاري، ويفسر هذه الساعة المبهمة ما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: كان أي داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه- الحديث. فوقت إيقاظه لأهله هو وقت قيامه وهو وقت الإجابة، كما سبق. (يوقظ فيها أهله) لقوله تعالى:{اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور} [34: 13] أي القائم بالليل. ويناسبه قوله تعالى: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون} [51: 17] . (يقول) وفي المسند فيقول بزيادة الفاء. (فصلوا) أي من الليل ولو قليلاً. (فإن هذه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء) أي يقبله، والصلاة نفسها دعاء؛ لأن الثناء والقيام في خدمة المولى تعرض للعطاء، أو لاشتمالها على الدعاء المحفوف بالذكر والثناء. (إلا لساحر) أي لمخالفته الخالق. (أو عشار) بفتح العين المهملة وتشديد الشين المعجمة أي آخذ العشور من أموال الناس على عادة أهل الجاهلية، وذلك لكونه ترك فرض الله، وهو ربع العشر ولمضرته الخلق، يقال: عشرت المال عشراً وعشوراً فإن عاشر من باب قتل وعشرته، فإن معشر وعشار إذا أخذت عشرة، وعشرت القوم عشراً عشوراً، من باب قتل وعشرتهم إذا أخذت عشر أموالهم، وأما من يعشر الناس على ما فرض الله فحسن جميل محتسب ما لم يتعد فيأثم بالتعدي والظلم، وقد عشر جماعة من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وللخلفاء بعده، وسمي هذا عاشرا للإضافة ما يأخذه إلى العشر كربع العشر ونصفه، وهو يأخذ العشر جميعه فيما سقته الماء والعيون وعشر أموال أهل الذمة في التجارات. وقيل: المراد بالعشار في الحديث المكاس والماكس، وهو الذي يأخذ من التجار إذا مروا به مكساً باسم العشر، والمكس الضربية أي دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في أسواق الجاهلية. وقيل: هو ما يأخذه أعوان الدولة عن أشياء معينة عند بيعها أو عند إدخالها في البلاد والمدن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس على المسلمين عشورا، أي ليس عليهم غير الزكاة من الضرائب والمكس ونحوهما. وقال القاري: قوله: أو عشار أي آخذ العشر، وهو المكاس وإن أقل من العشر؛ لأن ذلك باعتبار غالب أحوال المكاسين، وذلك لمضرته الخلق، وأو للتنويع لا للشك- انتهى. وبالجملة ليس المراد بالعشار المذكور في الحديث العاشر أي الساعي الذي يأخذ الصدقة من المسلمين على ما فرض الله من ربع العشر أو نصفه أو العشر جميعه، ولا من يأخذ العشر أو نصفه أو نحوه من أهل الذمة إذا مروا بأموال التجارة. وقيل: المكس النقصان والماكس من العمال من ينقص من حقوق المساكين

ص: 233

رواه أحمد.

1243-

(18) وعن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة في جوف الليل)) .

ــ

ولا يعطيها بتمامها، قاله البيهقي. قال الطيبي: استثنى من جميع خلق الله تعالى الساحر والعشار تشديداً عليهم وتغليظاً وأنهم كالآئسين من رحمة الله تعالى العامة للخلائق كلها، وتنبيهاً على استجابة دعاء الخلق كائناً من كان سواهما-انتهى. يعني فإنهم وإن قاموا ودعوا لم يستجب لهم لغلظ معصيتهم وصعوبة توبتهم، أو المعنى أنهم ما يوفقون لهذا الخير لما ابتلوا به من الشر الكثير، فالاستثناء على الأول متصل، وعلى الثاني منفصل. قاله القاري. (رواه أحمد) (ج4:ص22) من طريق علي بن زيد وهو ابن جدعان عن الحسن. (البصري) قال مر عثمان بن أبي العاص على كلاب بن أمية، وهو جالس على مجلس العاشر بالبصرة، فقال: ما يجلسك ههنا؟ قال: استعملني هذا على هذا، يعني زياداً، فقال عثمان: ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان لداود نبي الله-الحديث. وفي آخره: فركب كلاب بن أمية سفينته فأتى زياداً فاستضعفاه فأعفاه-انتهى. والحسن البصري كان يرسل كثيراً ويدلس، ولم يصرح ههنا بسماعه عن عثمان بن أبي العاص، بل المفهوم من كلام الحافظ أنه لم يسمع منه شيئاً حيث قال في تهذيب التهذيب (ج2:ص223، 224) : روى الحسن عن أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم، وعن ثوبان وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص ومعقل بن سنان ولم يسمع منهم-انتهى.

1243-

قوله: (أفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة في جوف الليل) أي سدسه الرابع والخامس. وهذه الأفضلية باعتبار الزمان، فالصلاة في البيت أفضل باعتبار المكان. وفي الحديث دليل لما اتفق عليه العلماء أن النفل المطلق في الليل أفضل منه في النهار، وذلك؛ لأن الخشوع فيه أوفر، وفيه حجة لأبي إسحاق المروزي ومن وافقه من الشافعية: أن صلاة الليل أفضل من السنن الرواتب. وقال أكثر العلماء: الرواتب أفضل؛ لأنها تشبه الفرائض. قال النووي: والأول أقوى وأوفق لنص هذا الحديث. قال الطيبي: ولعمري أن صلاة التهجد لو لم يكن فيها فضل سوى قوله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [17: 79] وقوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} إلى قوله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [32: 16- 17] وغيرهما من الآيات لكفاه مزية-انتهى. قال ميرك: وقد يجاب عن هذا الحديث بأن معناه من أفضل الصلاة وهو خلاف سياق الحديث-انتهى. وقيل: يحمل الحديث على أن المراد بقوله "بعد المفروضة" أي بعد الفرائض وما يتبعها من السنن، وقد يقال التهجد أفضل من حيث زيادة مشقته على النفس، وبُعده عن الرياء

ص: 234

رواه أحمد.

1244-

(19) وعنه، قال:((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن فلاناً يصلي بالليل، فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول)) . رواه أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان.

1245، 1246- (20، 21) وعن أبي سعيد، وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أيقظ الرجل أهله من الليل،

ــ

والرواتب أفضل من حيث الآكدية في المتابعة للمفروضة فلا منافاة. (رواه أحمد) أصل هذا الحديث عند مسلم. والترمذي وأبي داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه بألفاظ متقاربة، وسيأتي في الفصل الأول من باب صيام التطوع.

1244-

قوله: (جاء رجل) لم أقف على تسميته. (فقال: إن فلاناً) أي رجلاً معينا، ولم يدر من هو. (فإذا أصبح) أي قارب الصبح. (سرق) أو المراد سرق بالنهار. ولو بالتطفيف ونحوه، وهو بفتح الراء من باب ضرب. (فقال إنه) أي الشأن. (سينهاه) من النهي. (ما تقول) قال الطيبي: هو فافعل سينهاه يعني أن قولك يدل على أنه محافظ على الصلوات، فإن من لا يدع الصلاة بالليل لا يدعها بالنهار، فمثل تلك الصلاة سينهي عن الفحشاء والمنكر فيتوب عن السرقة. ومعنى السين التأكيد في الإثبات أي بالنسبة إلى عدمها، كما أن لن للتأكيد في النفي أي بالنسبة إلى لا. وقال ابن حجر: فمثل هذه الصلاة لا محالة تنهاه فيتوب عن السرقة قريباً، فالسين على أصلها من التنفيس، إذ لا بد مزاولة الصلاة زمناً حتى يجد منها حالة في قلبه تمنعه من الإثم- انتهى. وفي بعض النسخ: ستنهاه أي بالمثناة الفوقية، فالفاعل إما ضمير فيه عائد إلى الصلاة أي هي تنهاه عما تقول، أو ما في قوله ما تقول؛ لأنها عبارة عن الصلاة. ووقع في بعض النسخ "ما يقول" أي بالغيبة أي الرجل الأول، والصحيح ما تقول بالخطاب، قاله القاري: وفي الحديث إيماء إلى قوله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [29: 45] أي أن مواظبتها تحمل على ترك ذلك. (رواه أحمد الخ) وأخرجه أيضاً البزار. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص258) بعد عزوه لأحمد والبزار: ورجاله رجال الصحيح. وأخرج البزار أيضاً مثله عن جابر. قال الهيثمي: ورجاله ثقات- انتهى. قلت: قد وقع الاختلاف في سند هذا الحديث فرواه غير واحد، ومنهم وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، ورواه قيس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر. وقال جرير بن عبد الحميد، وزياد بن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر، نقله ابن كثير في تفسيره (ج7 ص296) عن البزار.

1245، 1246- قوله:(إذا أيقظ الرجل أهله) أي امرأته. وقيل: نساءه وأولاده وأقاربه. (من الليل)

ص: 235

فصليا أو صلى ركعتين جميعاً، كتبا في الذاكرين والذاكرات)) . رواه أبوداود، وابن ماجه.

1247-

(22) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشراف أمتي حملة القرآن، وأصحاب

الليل)) .

ــ

أي في بعض أجزاء الليل. (فصليا) أي الرجل والمرأة، أو الرجل وأهله. (أو صلى) أي كل واحد منهما. وأو للشك من الراوي بين الإفراد والتثنية. (ركعتين جميعاً) تأكيد لضمير صليا "أو صلى" لما تقرر أن المراد كل واحد منهما. وفي رواية لأبي داود: من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعاً. (من غير شك) . ولفظ ابن ماجه: إذا استيقظ الرجل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين. قال السندي: قوله إذا استيقظ الرجل أي مثلاً، وكذا العكس فلا مفهوم لاسم الرجل، كما يدل عليه حديث أبي هريرة (السابق في الفصل الثاني) والمقصود إذا استيقظ أحدهما وأيقظ الآخر، والله أعلم، بل الظاهر أنه لا مفهوم للشرط أيضاً. والمقصود أنهما إذا صليا من الليل ولو ركعتين كتبا الخ. وإنما خرج هذا الشرط مخرج العادة. وفيه تنبيه على أن شأن الرجل أن يستيقظ أولاً ويأمر امرأته بالخير. وفيه أنه يجوز الإيقاظ للنوافل، كما يجوز للفرائض، ولا يخفى تقييده بما إذا علم من حال النائم أنه يفرح بذلك أو لم يثقل عليه ذلك. (كتبا) أي الصنفان من الرجال والنساء. (في الذاكرين والذاكرات) أي كتب الرجل في الذاكرين الله كثيراً والمرأة في الذاكرات كذلك، أي ومن كتب كذلك فله أجر عظيم، كما في قوله تعالى:{والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماً} [33: 35] ففي الحديث إشارة إلى تفسير القرآن. (رواه أبوداود وابن ماجه) وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وألفاظهم متقاربة. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، كذا في الترغيب. وأخرجه أيضاً البيهقي (ج2 ص501) وقال النووي في رياض الصالحين رواه أبوداود بإسناد صحيح. والحديث ذكر أبوداود والبيهقي. الاختلاف في رفعه ووقفه. وقال المنذري في مختصر السنن: رواه النسائي، وابن ماجه مسنداً أي مرفوعاً، وهذا يشير إلى أنه لم ير هذا الاختلاف شيئاً، وهذا؛ لأن الرفع زيادة الثقة فتقبل.

1247-

قوله: (أشراف أمتي) جمع شريف. (حملة القرآن) جمع حامل أي حفظته، المداومون على تلاوته، العاملون بأحكامه فإنهم الحملة الحقيقة. (وأصحاب الليل) أي الملازمون لإحياء الليل بصلاة أو ذكر أو نحو ذلك. وإنما قلنا الملازمون؛ لأن صاحب الشيء، وابن الشيء الملازم له، كقولهم ابن السبيل أي الملازم له. قال الطيبي: المراد بقوله حملة القرآن من حفظه وعمل بمقتضاه وإلا كان في زمرة من قيل في حقهم: {كمثل الحمار يحمل أسفاراً} ، وإضافة الأصحاب إلى الليل تنبيه على كثرة الصلاة فيه، كما يقال: ابن السبيل لمن يواظب على السلوك فيه- انتهى أي وكما يقال: ابن الوقت لمن يحافظ أوقاته ويراعي ساعاته ليرتب طاعاته. والحديث من أدلة فضل أهل صلاة

ص: 236

رواه البيهقي في شعب الإيمان.

1248-

(23) وعن ابن عمر، أن أباه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ((كان يصلي من الليل ما

شاء الله، حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة، ثم يتلو هذه

الآية: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك

ــ

الليل وفضل أهل القرآن. (رواه البيهقي) وأخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا. والطبراني في الكبير. والحديث سنده ضعيف؛ لأن المنذري صدره في الترغيب بلفظة: روي وأهمل الكلام في آخره. وهذه علامة الإسناد الضعيف، كما صرح بذلك في بدء الكتاب.

1248-

قوله: (وعن ابن عمر أن أباه عمر بن الخطاب) كذا في جميع النسخ للمشكاة، وكذا وقع في جامع الأصول (ج7 ص45) . والظاهر أنه وهم من الجزري، وتبعه المصنف في ذلك، فإن الحديث في جميع نسخ الموطأ من رواية زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب، وكذا حكاه السيوطي في الدر المنثور عن موطأ مالك. وهكذا أخرجه محمد في موطئه عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه، وكذا ذكر السيوطي في الدر المنثور عن البيهقي، وكذا روى ابن أبي حاتم بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب. (كان يصلي من الليل) وفي موطأ محمد: كان يصلي كل ليلة. (ما شاء الله) أي من عدد الركعات، أو من استيفاء الأوقات. وفي الموطأ محمد: ما شاء الله أن يصلي. (حتى إذا كان من آخر الليل) عند السحر. (أيقظ أهله للصلاة) أي لإدراك شيء من صلاة التهجد. وقيل: يحتمل أن يكون إيقاظه لصلاة الفجر، والأول أظهر بل هو المتعين يعني أنه لم يكلف أهله منه ما كان هو يفعله بل يوقظهم في آخر الوقت ليصلوا تخفيفاً لهم. (يقول لهم) أي عند الاستيقاظ. (الصلاة) كذا وقعت في جميع النسخ مرة. وفي الموطأ وقعت مكررة، وهي منصوبة بتقدير أقيموا أو صلوا. ويجوز الرفع بمعنى حضرت الصلاة، قاله القاري. (ثم يتلو هذه الآية) التي في آخر سورة طه. (وأمر أهلك بالصلاة) وهي بعمومها تشمل صلاة الليل، والمعنى استنقذهم من عذاب الله بأمر إقامة الصلاة. (واصطبر عليها) أي اصبر أنت على محافظتها، كما قال تعالى:{قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} [66: 6] وقيل: المعنى اصبر عليها فعلاً فإن الوعظ بلسان الفعل أبلغ منه بلسان القول. وقال القاري: أي بالغ في الصبر على تحمل مشقاتها ومشاق أمر أهلك بها، فاقبل أنت معهم على عبادة الله تعالى ولا تهتم بأمر الرزق، وفرغ قلبك لأمر الآخرة؛ لأنا لعظمتنا وقدرتنا على رزق العباد. (لا نسألك) أي لا نكلفك. (رزقا) أي تحصيل رزق لنفسك ولا لغيرك بل نسألك العبادة. (نحن نرزقك) كما نرزق غيرك. قال ابن كثير: يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما

ص: 237