المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(40) باب صلاة التسبيح - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌(40) باب صلاة التسبيح

(40) باب صلاة التسبيح

1337-

(1) عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: ((يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك؟ عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك، غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه

ــ

(باب صلاة التسبيح) أي هذا بيانها وسميت بذلك لكثرة ما يقرأ فيها من التسبيحات.

1337-

قوله: (يا عماه) بسكون الهاء إشارة إلى مزيد استحقاقه بالعطية الآتية، وهو منادى مضاف إلى ياء المتكلم قلبت ياءه الفاء، وألحقت بها هاء السكت كيا غلاماه. (ألا) الهمزة للاستفهام. (أعطيك) بضم همزة وكسر طاء من الإطاء أي عطية رفيعة. (ألا أمنحك) بفتح همزة ونون أي أعطيك منحة سنية، وأصل المنح أن يعطي الرجل الرجل شأة أو ناقة ليشرب لبنها ثم يردها إذا ذهب درها، هذا أصله ثم كثر استعماله حتى قيل في كل عطاء. (ألا أحبوك) بفتح همزة وسكون حاء مهملة وضم موحدة، من حباه كذا وبكذا إذا أعطاه والحباء العطية فهما تأكيد بعد تأكيد، وكذا أفعل بك فإنه بمعنى أعطيك أو أعلمك. (ألا أفعل بك) بالباء موافقاً لما في أبي داود ووقع عند ابن ماجه باللام. (عشر خصال) منصوب تنازعت فيه الأفعال قبله. وقيل: بالرفع على تقدير هي. والمراد بعشر خصال الأنواع العشرة للذنوب المعدودة بقوله: أوله وآخره إلى قوله: سره وعلانيته، أي فهو على حذف المضاف أي ألا أعطيك مكفر عشرة أنواع ذنوبك، أو المراد التسبيحات، فإنهما فيما سوى القيام عشر عشر، وعلى هذا يراد الصلاة المشتملة على التسبيحات العشر بالنظر إلى غالب الأركان. وأما جملة:(إذا أنت فعلت ذلك) الخ فهي في محل النصب على أنها نعت للمضاف المقدر على الأول، أو لنفس عشر خصال على الثاني، وعلى الثاني لا يكون إلا نعتاً مخصصاً باعتبار أن المكفر يحتمل أن يكون علمه مكفراً، فبين بالنعت أن يكون عمله مكفراً لا علمه. (غفر الله لك ذنبك) أي ذنوبك بقرينة قوله أوله الخ على وجه الأبدال أو على وجه التفسير. (أوله وآخره) بالنصب قال التوربشتي: أي مبدأه ومنتهاه. وذلك أن من الذنب ما لا يواقعه الإنسان دفعة واحدة، وإنما يتأتى منه شيئاً فشيئاً، ويحتمل أن يكون معناه ما تقدم من ذنبه وما تأخر. (وحديثه) أي جديده. (وخطأه) بفتحتين وهمزة. قيل: يشكل بأن الخطأ لا إثم فيه لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه، فكيف يجعل من الذنب؟ وأجيب بأن المراد بالذنب ما فيه نقص وإن لم يكن فيه إثم. ويؤيده قوله تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [2: 286] ويحتمل أن يراد مغفرة ما يترتب على الخطأ من نحو الإتلاف من ثبوت بدلها في

ص: 371

وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم. قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة،

ــ

الذمة ومعنى المغفرة حينئذٍ إرضاء الخصوم وفك النفس عن مقامها الكريم، المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام: نفس المؤمن مرهونة حتى يقضي عنه دينه، كذا في المرقاة (وعمده) بفتح أوله وسكون ثانيه ضد الخطأ (صغيره وكبيره) قيل: المراد بالكبير ما هو من أفراد الصغائر، فإن الصغائر متفاوتة بعضها أكبر من بعض، والكبائر لا تغفر إلا بالتوبة. (سره وعلانيته) بفتح الياء المخففة والضمير في هذه كلها عائد إلى قوله:"ذنبك" فإن قلت أوله وآخره يندرج تحته ما يليه، وكذا باقيه فما الحاجة إلى تعدد أنواع الذنوب؟ قلت ذكره قطعاً لوهم أن ذلك الأول والآخر ربما يكون عمداً أو خطأ. وعلى هذا في أقرانه وأيضاً في التنصيص على الأقسام حث للمخاطب على المحثوث عليه بأبلغ الوجوه، ذكره القاري نقلاً عن الأزهار. وسقط من المشكاة كالمصابيح هنا لفظ "عشر خصال وهو موجود في الأصول. (أن تصلي) خبر مبتدأ محذوف، والمقدر عائد إلى ذلك أي هو يعني المأمور به أن تصلي. وقيل: التقدير هي، وهي راجعة إلى الخصال العشر. وأما على ما في الأصول من وجود لفظ عشر خصال قبل قوله: أن تصلي" فيقال إن قوله: "عشر خصال" على الأول. (أي على حذف المضاف، وهو المكفر من قوله عشر خصال في الموضع الأول) بالرفع بتقدير مبتدأ أي هي أي أنواع الذنوب عشر خصال أو بالنصب على أنه بدل من مجموع أوله وآخره الخ، وعلى الثاني. (أي على كون المراد من الخصال العشر الصلاة المشتملة على التسبيحات العشر) مبتدأ وما بعده خبره، أو خبر مقدم وما بعده مبتدأ لئلا يلزم تنكير المبتدأ مع تعريف الخبر. (أربع ركعات) قيل: أي بتسليمة واحدة على ما هو الظاهر من الإطلاق ليلاً كان أو نهاراً. وقيل: يصلي في النهار بتسليمة، وفي الليل بتسليمتين. وقيل: يصلي مرة بتسليمة وأخرى بتسليمتين. واعلم أن الأولى أن يصلي صلاة التسبيح بعد زوال الشمس قبل صلاة الظهر لما روى أبوداود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: إذ زال النهار فقم فصل أربع ركعات- الحديث. وقد سكت عنه أبوداود والمنذري. (وسورة) قيل يقرأ فيها تارة بـ {الزلزلة} و {العاديات} و {الفتح} و (الإخلاص)، وتارة بـ {ألهاكم التكاثر} و {العصر} و {الكافرون} و (الإخلاص) وقيل: الأفضل أن يقرأ أربعاً من المسبحات. {الحديد} و {الحشر} و {الصف} و {التغابن} لمناسبة بينها وبين كل الصلاة، لكن لم أقف على ما يدل على شيء من ذلك من سنة ولا أثر. (في أول ركعة) أي قبل الركوع. (خمس عشرة مرة) فيه أن التسبيح بعد القراءة، وبه أخذ أكثر الأئمة. وأما ما كان يفعله عبد الله بن المبارك من جعله الخمس عشرة قبل

ص: 372

ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً، فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل، ففي كل جمة مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة)) رواه أبوداود، وابن ماجه، والبيهقي في الدعوات الكبير.

ــ

القراءة وبعد القراءة عشراً، ولا يسبح في الاعتدال فهو مخالف لهذا الحديث. قال المنذري: إن جمهور الرواة على الصفة المذكورة في حديث ابن عباس وأبي رافع والعمل بها أولى، إذ لا يصح رفع غيرها-انتهى. قال الشيخ: الأمر كما قال المنذري. (ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً) أي بعد تسبيح الركوع كذا في شرح السنة، وقد روى الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: يبدأ في الركوع بسبحان ربي العظيم، وفي السجود بسبحان ربي الأعلى ثلاثاً، ثم يسبح التسبيحات. وقيل: له إن سها فيها أيسبح في سجدتي السهو عشراً عشراً؟ قال لا، إنما هي ثلاثمائة تسبيحة. (ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً) أي بعد التسميع والتحميد. (ثم تهوي) أي تنخفض وتنحط حال كونك. (ساجداً) أي مريداً للسجود من هوى بالفتح يهوي بالكسر الشيء إذا سقط من علو إلى سفل. (فتقولها وأنت ساجد عشراً) أي بعد تسبيح السجود. (ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً) أي بعد رب اغفرلي ونحوه. (ثم تسجد) ثانيا. (ثم ترفع رأسك) أي من السجدة الثانية. (فتقولها عشراً) أي قبل أن تقوم على ما في حديث أبي رافع عند الترمذي وابن ماجه. ففيه ثبوت جلسة الاستراحة في صلاة التسبيح، وهو المختار عند الشافعية وأهل الحديث خلافاً للحنفية. (فذلك) أي مجموع ما ذكر من التسبيحات. (خمس وسبعون) أي مرة، كما في رواية البيهقي. (في كل ركعة) أي ثابتة فيها. (تفعل ذلك) أي ما ذكر في هذه الركعة. (في أربع ركعات) أي في مجموعها بلا مخالفة بين الأولى والثلاث فتصير ثلاثمائة تسبيحة. (إن استطعت) استئناف أي إن قدرت. (أن تصليها) أي هذه الصلاة. (فإن لم تفعل) أي في كل يوم لعدم القدرة أو مع وجودها لعائق. (ففي كل جمعة) أي في كل أسبوع. (مرة) وفي التعبير بها إشارة إلى أنها أفضل أيام الأسبوع. (ففي عمرك) بضم الميم وتسكن. (رواه أبوداود وابن ماجه والبيهقي في الدعوات الكبير) أي عن ابن عباس، وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في المستدرك (ج1:ص318-320) والبيهقي في السنن الكبرى (ج3:ص51-52) ، والبخاري في جزء القراءة كلهم من طريق عكرمة عن ابن عباس، وإسناده حسن. وفي الباب عن جماعة من الصحابة: الفضل بن عباس، وأبيه العباس، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعلي بن أبي طالب، وأخيه جعفر، وابنه عبد الله بن

ص: 373

جعفر، وأبي رافع، وأم سلمة، والأنصاري غير مسمى. وقد قيل: إنه جابر بن عبد الله. وقد ساق الحافظ في أمالي الأذكار تخريج أحاديث هؤلاء الصحابة جميعاً. ونقلها السيوطي في تعقباته على ابن الجوزي (ص16، 17) واللآتي المصنوعة (ج2:ص20-24) من أحب الوقوف عليها رجع إلى هذين الكتابين. واعلم أنه اختلف كلام العلماء في حديث صلاة التسبيح، فضعفه جماعة، منهم العقيلي وابن العربي والنووي في شرح المهذب، وابن تيمية وابن عبد الهادي والمزي والحافظ في التلخيص، وبالغ ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، وقال: فيه موسى بن عبد العزيز مجهول. وصححه أو حسنه جماعة منهم أبوبكر الآجري وأبومحمد عبد الرحيم المصري والحافظ أبوالحسن المقدسي وأبوداود صاحب السنن ومسلم صاحب الصحيح والحافظ صلاح الدين العلائي والخطيب وابن الصلاح والسبكي وسراج الدين البلقيني وابن مندة والحاكم والمنذري وأبوموسى المديني والزركشي والنووي في تهذيب الأسماء واللغات، وأبوسعد السمعاني والحافظ في الخصال المكفرة، وفي أمالي الأذكار، وأبومنصور الديلمي والبيهقي والدارقطني وآخرون. والحق عندي أن حديث ابن عباس ليس بضعيف فضلاً عن أن يكون موضوعاً أو كذباً، بل هو حسن لا شك في ذلك عندي، فسنده لا ينحط عن درجة الحسن، بل لا يبعد أن يقال إنه صحيح لغيره لما ورد من شواهده، وبعضها لا بأس بإسناده، كما ستعرف. وقد أكثر الحفاظ من الرد على ابن الجوزي بذكره حديث ابن عباس في الموضوع. وأما ما قال الحافظ في التلخيص: "والحق أن طرقه كلها ضعيفة وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات. وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقاً صالحاً، فلا يحتمل منه هذا التفرد، فجوابه ظاهر من كلامه في الخصال المكفرة حيث قال: رجال إسناد حديث ابن عباس لا بأس بهم، عكرمة احتج به البخاري والحكم بن أبان صدوق، وموسى بن عبد العزيز قال ابن معين: لا أرى فيه بأساً. وقال النسائي نحو ذلك. وقال ابن المديني: فهذا الإسناد من شرط الحسن، فإن له شواهد تقويه، وقد أساء ابن الجوزي بذكره في الموضوعات. وقوله: إن موسى مجهول، لم يصب فيه؛ لأن من يوثقه ابن معين والنسائي فلا يضره أن يجهل حاله من جاء بعدهما. وشاهده ما رواه الدارقطني من حديث العباس والترمذي وابن ماجه من حديث أبي رافع. ورواه أبوداود من حديث ابن عمرو بإسناد لا بأس به. ورواه الحاكم من طريق ابن عمرو له طرق أخرى-انتهى. وقال في أمالي الأذكار بعد ذكر من روى حديث صلاة التسبيح من الصحابة: أما حديث ابن عباس فأخرجه أبوداود وابن ماجه والحسن بن علي المعمري في كتاب اليوم والليلة عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عن موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وهذا إسناد حسن، وقال بعد بسط الكلام في سند حديث الأنصاري الذي لم يسم عند أبي داود: فسند الحديث

ص: 374

1338-

(2) وروى الترمذي عن أبي رافع نحوه.

1339-

(3) وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم

القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح،

ــ

لا ينحط عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو التي أخرجها أبوداود، وقد حسنها المنذري. ثم ذكر جماعة ممن صحح حديث ابن عباس أو حسنه، ومن شاء الإطلاع على تمام كلامه فليرجع إلى اللآلي المصنوعة. وأما مخالفة هيئة صلاة التسبيح لهيئة باقي الصلوات فلا يدل على ضعف الحديث وشذوذه بعد ما صح وثبت بطرق قوية، كذا أفاد شيخنا في شرح الترمذي.

1338-

قوله: (وروى الترمذي) وكذا ابن ماجه والدارقطني. (عن أبي رافع نحوه) قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أبي رافع. قال السيوطي في قوت المغتذي: بالغ ابن الجوزي، فأورد هذا الحديث في الموضوعات، وأعله بموسى بن عبيدة الربذي، وليس كما قال، فإن الحديث وإن كان ضعيفاً، لم ينته إلى درجة الوضع. وموسى ضعفوه، وقال فيه ابن سعد: ثقة وليس بحجة. وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ضعيف الحديث جداً. وشيخه سعيد بن أبي سعيد له عند المصنف أي الترمذي إلا هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي في الميزان: ما روى عنه إلا موسى بن عبيدة-انتهى ما في قوت المغتذي. ونقل السيوطي في التعقبات عن الحافظ أنه قال: وقول ابن الجوزي: إن موسى بن عبيدة علة الحديث، مردود، فإنه ليس بكذاب مع ماله من الشواهد فذكرها.

1339-

قوله: (إن أول ما يحاسب به العبد) بالرفع على نيابة الفاعل. (يوم القيامة من عمله صلاته) أي المفروضة. قال العراقي في شرح الترمذي: لا تعارض بينه وبين الحديث الصحيح إن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، فحديث الباب محمول على حق الله تعالى، وحديث الصحيح محمول على حقوق الآدميين فيما بينهم. فإن قيل: فأينما يقدم محاسبة العباد على حق الله تعالى، أو محاسبتهم على حقوقهم؟ فالجواب أن هذا أمر توقيفي، وظواهر الأحاديث دالة على أن الذي يقع أولاً المحاسبة على حقوق الله تعالى قبل حقوق العباد-انتهى. وقيل: حديث الباب من ترك العبادات، وحديث الصحيح من فعل السيئات. وقيل: المحاسبة غير القضاء، فيكون المحاسبة أولاً في الصلاة ويكون القضاء أولاً في الدماء. وقيل: حديث الباب مضطرب الإسناد، كما يظهر من كلام الحافظ في ترجمة أنس بن حكيم الضبي من التهذيب، فلا يقاوم حديث الصحيح. (فإن صلحت) بضم اللام وفتحها. قال ابن الملك: صلاحها بأدائها صحيحة-انتهى. أو بوقوعها مقبولة. (فقد أفلح وأنجح) الفلاح الفوز

ص: 375

وإن فسدت وقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيء، قال الرب تبارك وتعالى: أنظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك)) . وفي رواية:

ــ

والظفر والإنجاح بتقديم الجيم على الحاء، يقال: أنجح فلان إذا أصاب مطلوبه. قال القاري: "فقد أفلح" أي فاز بمقصوده، "وأنجح" أي ظفر بمطلوبه، فيكون فيه تأكيداً وفاز بمعنى خلص من العقاب، وأنجح أي حصل له الثواب. (وإن فسدت) بأن لم تود أو أديت غير صحيحة أو غير مقبولة. (فقد خاب) بحرمان المثوبة. (وخسر) بوقوع العقوبة. وقيل: معنى "خاب" ندم وخسر أي صار محروماً من الفوز والخلاص قبل العذاب. (فإن انتقص) بمعنى نقص اللازم. (من فريضته شيء) أي من الفرائض وفي بعض نسخ الترمذي: شيئاً وفعلاً نقص وانتقص بمعنى، ويستعملان لازمين ومتعديين. (انظروا) يا ملائكتي. (هل لعبدي من تطوع) أي في صحيفته سنة أو نافلة من صلاة على ما هو ظاهر من السياق قبل الفرض أو بعده أو مطلقاً. (فيكمل) بالتشديد ويخفف على بناء الفاعل أو المفعول وهو الأظهر، وبالنصب، ويرفع على الاستئناف. (بها) قال ابن الملك: أي بالتطوع، وتأنيث الضمير باعتبار النافلة. قال الطيبي: الظاهر نصب "فيكمل" على أنه من كلام الله تعالى جواباً للاستفهام. ويؤيده رواية أحمد: فكملوا بها فريضته، وإنما أنث ضمير التطوع في "بها" نظراً إلى الصلاة. (ما انتقص من الفريضة) ضمير "انتقص" راجع إلى الموصول على أنه لازم، أو إلى العبد، فيكون متعدياً أي ما نقصه العبد من الفريضة. وظاهر الحديث أن من فاتته الصلاة المفروضة، وصلى تطوعاً يحسب عنه التطوع موضع الفريضة. وقيل: بل ما نقص من خشوع الفريضة ورواتها يجبر بالتطوع. ورد بأن قوله: "ثم يكون سائر عمله على ذلك" لا يناسبه، إذ ليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما تكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك في الصلاة، وفضل الله أوسع. قال العراقي في شرح الترمذي: يحتمل أن يراد به ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعية فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وإنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله فيها، وإنما فعله في التطوع. ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضاً من فروضها وشروطها. ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأساً فلم يصله، فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضاً عن الصلوات المفروضة-انتهى. وقال ابن العربي: الأظهر عندي أنه يكمل بفضل التطوع ما نقص من فرض الصلاة وإعدادها؛ لقوله ثم الزكاة كذلك وسائر الأعمال، وليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة، وفضل الله أوسع، وكرمه أعم وأتم. (ثم يكون سائر عمله) من الصوم والزكاة وغيرهما. (على ذلك) أي إن انتقص فريضة من سائر الأعمال المفروضة تكمل بالتطوع. (وفي رواية) ظاهره أن الألفاظ الآتية في طريق من طرق حديث أبي هريرة، وليس كذلك، فإن هذه

ص: 376

ثم الزكاة مثل ذلك، ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك)) رواه أبوداود.

1340-

(4) ورواه أحمد عن رجل.

ــ

الألفاظ إنما هي في حديث تميم الداري عند أبي داود (ثم الزكاة مثل ذلك) أي مثل ما في الصلاة. (ثم تؤخذ الأعمال) أي المفروضة، ففي حديث أبي هريرة عند ابن ماجه: ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك. (على حسب ذلك) أي على حسب ذلك المثال المذكور في الصلاة من تكميل الفريضة بالتطوع. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد (ج2 ص290، 425) والترمذي وابن ماجه والحاكم (ج1 ص262) كلهم من حديث أبي هريرة. واللفظ المذكور للترمذي لا لأبي داود إلا قوله: "ثم الزكاة" الخ فإنه من حديث تميم الداري عند أبي داود. ففي قول المصنف: رواه أبوداود، تسامح ظاهر، إلا أن يقال إنه أراد أصل الحديث لا السياق المذكور بعينه. والحديث سكت عنه أبوداود والمنذري، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وما ذكر من الاضطراب في سنده فيمكن أن يدفع بما قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: لعل الحسن البصري سمعه من ناس متعددين: حريث بن قتيبة (عند الترمذي) وأنس بن حكيم (عند أحمد وأبي داود والحاكم) ورجل من بني سليط (عند أحمد (ج4 ص103) وأبي داود وابن ماجه والحاكم) أو يكون هذا الرجل المبهم أحدهما، وليس هذا اضطراباً فيه يوجب ضعفه، بل هي طرق يؤيد بعضها بعضاً. ورواه أحمد. (وابن ماجه أيضاً) بإسناد آخر (ج2 ص290) عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين الواسطي عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس بن حكيم الضبي قال: قال لي أبوهريرة، فذكر الحديث بتمامه، وقال: وهذا إسناد صحيح، وعلى زيد بن جدعان ثقة- انتهى. قلت: علي بن زيد هذا ضعفه الأكثرون، ولعله لسوء حفظه واختلاطه، قيل: وكان يتشيع. ووثقه يعقوب بن شيبة. وقال العجلي: كان يتشيع لا بأس به. وقال الساجي: كان من أهل الصدق. ويحتمل لرواية الجلة عنه، وليس يجري مجرى من أجمع على ثبته. وقال الترمذي: صدوق إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره، كذا في التهذيب، وحديث تميم الداري أخرجه أحمد (ج4 ص103) وأبوداود وابن ماجه والحاكم (ج1 ص262، 263) .

1340-

قوله: (ورواه أحمد عن رجل)(ج4 ص103) قال: حدثنا الحسن بن موسى قال: حدثنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب به العبد الخ. وأخرجه أيضاً الحاكم (ج1 ص263) من طريق الربيع بن يحيى عن حماد بن سلمة، وذكر الاختلاف فيه على حماد بن سلمة، وأشار إلى تقوية رواية حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفي عن تميم الداري.

ص: 377

1341-

(5) وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من الركعتين يصليهما، وإن البر ليذر على رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه، يعني القرآن)) . رواه أحمد والترمذي.

ــ

1341-

قوله: (ما أذن الله) أي ما استمع، في القاموس: أذن له وإليه كفرح استمع معجباً أو عام. والمراد هنا الإقبال من الله بالرأفة والرحمة على العبد. وذلك أن العبد إذا كان في الصلاة، وقد فرغ من الشواغل متوجهاً إلى مولاه، مناجياً بقلبه ولسانه، فالله سبحانه أيضاً يقبل عليه بلطفه وإحسانه إقبالاً لا يقبل في غيره من العبادات. ولعله ذكر الاستماع، وإن كانت الصلاة من جملة الأفعال لكونها مشتملة على الكلام من القرآن والتسبيحات والتكبيرات. (لعبد في شيء) أي في شيء من العبادات. (أفضل من الركعتين) في مسند الإمام أحمد والجامع للترمذي والجامع الصغير للسيوطي والترغيب للمنذري من ركعتين. (يصليهما) يعني أفضل العبادات الصلاة، كما ورد في الصحيح: الصلاة خير موضوع، أي خير من كل ما وضعه الله لعباده ليتقربوا إليه، قاله القاري. (وإن البر) بكسر الباء بمعنى الخير والإحسان. (ليذر) بالذال المعجمة والراء المشددة على بناء المجهول، أي ينثر ويفرق من قولهم: ذررت الحب والملح أي فرقته. (على رأس العبد) أي ينزل الرحمة والثواب هو أثر البر على المصلي. (ما دام في صلاته) أي مدة دوام كونه مصلياً. (وما تقرب العباد الله بمثل ما خرج منه) أي بأفضل من كلامه. قال في مجمع البحار: أي ما ظهر من الله ونزل على نبيه. (فضمير "منه" راجع إلى الله، و"خرج" بمعنى ظهر) . وقيل: ما خرج من العبد بوجود على لسانه محفوظاً في صدره، مكتوباً بيده. وقيل: ما ظهر من شرائعه وكلامه، أو خرج من كتابة المبين. (وهو اللوح المحفوظ) . و"ما" استفهامية للإنكار. ويجوز كونه نافية، وهو أقرب أي ما تقرب بشيء مثل- انتهى ما في المجمع. (يعني القرآن) هذا تفسير من بعض الرواة لقوله:"ما خرج منه" وهو أبوالنضر هاشم بن القاسم الليثي شيخ أحمد وشيخ شيخ الترمذي. قال شيخنا: وهذا تفسير أولى عندي، يعني ضمير "منه" يرجع إلى الله. والمراد بما خرج منه ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم وهو القرآن. قال الطيبي: أطلق المصنف هذا التفسير، ولم يقيده بما يفهم منه أن المفسر من هو. والحديث نقله المؤلف من كتاب الترمذي. وفي روايته قال أبوالنضر يعني القرآن. ومثل لا يتسامح فيه أهل الحديث، فإنه يوهم أن التفسير من فعل الصحابي، فيجعل متن الحديث- انتهى. قلت: أطلق صاحب المشكاة هذا التفسير تبعاً للبغوي في المصابيح. والحديث رواه أحمد، ولم يذكر في روايته ما يفهم منه أن المفسر من هو، ولعل المؤلف نقله من مسند الإمام أحمد، فهو معذور في الإطلاق وعدم بيان من فسره بذلك. (رواه أحمد)(ج5 ص268) عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن بكر بن خنيس عن ليث بن أبي سليم عن زيد بن أرطاة عن أبي أمامة. (والترمذي) في فضائل القرآن عن أحمد بن منيع عن

ص: 378