الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثت يومئذ أي يوم وقوع الهلاك أو يوم القيامة، والخزي: الذل العظيم البالغ حد الفضيحة، إن ربك هو القوي القادر الغالب على كل شيء، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وكلمة {يَوْمِئِذٍ} إما بفتح الميم فهو معرب، أو بكسرها فهو مبني مضاف لغير متمكن.
وأصبح أمرهم أنه أخذتهم صيحة العذاب وهي الصاعقة ذات الصوت الشديد المهلك، التي تزلزل القلوب، وتصعق عند سماعها النفوس، فصعقوا بها جميعا، وأصبحوا جثثا هامدة ملقاة على الأرض.
وكأنهم لسرعة هلاكهم لم يوجدوا في الدنيا، ولم يقيموا في ديارهم، بسبب كفرهم وجحودهم بآيات ربهم، ألا إنهم كفروا بربهم، فاستحقوا عقابه الشديد، ألا بعدا لهم عن رحمة الله، وسحقا لثمود، وهلاكا لهم ولأمثالهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت قصة صالح مع قومه ثمود على العبر والعظات التالية:
1 -
إن جحود ثمود وكفرهم بآيات الله وعدم إطاعتهم أوامر رسولهم كان هو شأن هؤلاء القوم إيثارا لتقليد الآباء والأسلاف، بالرغم من أن صالحا عليه السلام منهم نسبا وقبيلة، وأقام لهم الأدلة الكافية الشافية على وجوب عبادة الله وتوحيده، من الخلق والإيجاد في الأرض، وجعلهم عمارا لها.
2 -
إن الاستغفار من الذنوب والتوبة من المعاصي سبب سريع لإجابة الدعاء؛ لأن الله قريب من عباده، رحيم بهم، مجيب دعوة المحتاجين والمضطرين، قريب الإجابة لمن دعاه.
3 -
لا تلاقي بين جحود الجاحدين من ثمود وأمثالهم وبين النبي صالح وأمثاله من الأنبياء؛ لأن الجاحدين متمسكون بتقليد الآباء والأسلاف، والنبي ثابت على مبدئه ثبوت الجبال الراسيات، لأنه على يقين من صحة دعوته، وبصيرة من
صدق ما أوحى الله به إليه، ولأنه أشد الناس خوفا من عذاب الله إن عصاه وخالف أمره.
4 -
كانت الناقة معجزة عجيبة مدهشة؛ لخلقها من الصخرة وخلقها في جوف الجبل، وخلقها حاملا من غير ذكر، وخلقها على تلك الصورة دفعة واحدة من غير ولادة، ولما كان لها من شرب يوم، ولكل القوم شرب يوم آخر، ولإدرارها بلبن كثير يكفي الخلق العظيم، فهذه ستة وجوه، كل وجه منه معجز، مما جعل تلك الناقة آية ومعجزة.
5 -
اقتضى العدل الإلهي ورحمة الله إنجاء صالح عليه السلام ومن آمن معه، وكانوا أربعة آلاف، وإهلاك قبيلة ثمود بسبب الجحود برسالة نبيهم، وكفرهم بربهم، وإنكارهم وجوده.
6 -
لا شك بأن وعد الأنبياء صادق صحيح، ووعيدهم مؤكد الحصول، وقد أوعد صالح قومه بالعذاب بعد ثلاثة أيام، وتحقق ذلك في اليوم الرابع.
7 -
كان عذابهم بالصيحة أو بالصاعقة أو بالرجفة، صيح بهم فماتوا، وأصبحوا جثثا ملقاة هنا وهناك في أنحاء ديارهم. والصيحة: إما صيحة جبريل، أو صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة، وصوت كل شيء في الأرض، فتقطعت قلوبهم وماتوا، لما أحدثته من رهبة وهيبة عظيمة.
8 -
سحقا وهلاكا لثمود الذين كفروا ربهم، وبعدا وطردا لهم عن رحمة الله بسبب جحودهم وكفرهم.