المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٢

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة هود عليه السلام

- ‌تسميتها:

- ‌نزولها وشأنها ومناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إحكام القرآن ودعوته إلى عبادة الله والتوبة إليهوالإيمان بالبعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعراض الكفار عن الحق

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فضل الله وعلمه وقدرته

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موقف الإنسان المؤمن والكافر عند النعمة والنقمة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مطالبة مشركي مكّة بإنزال كنز أو مجيء ملك مع النّبي صلى الله عليه وسلموتحدّيهم بالقرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌سبب النّزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من أراد الدنيا وحدها حرم نعيم الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من كان يريد الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الكافرون والمؤمنون وجزاء أعمال كلّ منهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة نوح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استعجال قوم نوح العذاب ويأسه منهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نهي نوح عن الاغتمام بهلاك قومه وأمره بصنع السفينة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌انتهاء الطوفان ونجاة السفينة وهلاك ابن نوحمع استشفاع أبيه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصة نوح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة هود عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة صالح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة إبراهيم عليه السلام-بشارته بإسحاق ويعقوب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة لوط عليه السلام مع قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة شعيب عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة موسى عليه السلام مع فرعون وملئه

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصص الأمم الظالمة في الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة في قصص القرآن بجزاء الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أهداف القصة في القرآن:

- ‌التذكير بعاقبة الاختلاف في التوراة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستقامة على أوامر الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بالصّلاة والصّبر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سبب إهلاك القرى والأمم السّالفة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفائدة العملية من قصص الأنبياءوالأمر بالعبادة والتوكل على الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌تسميتها وسبب نزولها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌أضواء من التاريخ على قصة يوسف عليه السلام

- ‌نسب يوسف:

- ‌إلقاء يوسف في البئر:

- ‌محنة يوسف:

- ‌مكيدة امرأة العزيز:

- ‌دخول يوسف إلى السجن ودعوته لدينه فيه:

- ‌رؤيا الملك:

- ‌خروج يوسف من السجن إلى القصر:

- ‌طلب إخوة يوسف الطعام منه:

- ‌حيلة يوسف في إبقاء أخيه عنده:

- ‌وسرقة يوسف المزعومة:

- ‌تعارف الإخوة ولقاء الأسرة:

- ‌العبر والعظات المستفادة من قصة يوسف:

- ‌عربية القرآن ومنزلة القصص القرآني

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الأول من قصة يوسف عليه السلامرؤيا يوسف وتعبير يعقوب الرؤيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌هل أبناء يعقوب أنبياء

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثاني من قصة يوسفيوسف وإخوته

- ‌1 -اتفاقهم على إلقائه في البئر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكم الالتقاط:

- ‌2 -تنفيذ إخوة يوسف مؤامرتهم وتدليسهم الأمر على أبيهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثالث من قصة يوسفنجاة يوسف وإكرامه في بيت العزيز

- ‌1 -تعلق يوسف بالدلو ومسيره مع السيارة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -يوسف عند ملك مصر وإيتاؤه النبوة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الرابع من قصة يوسفيوسف وامرأة العزيز

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الخامس من قصة يوسفانتشار الخبر بين نسوة المدينة ومؤامرة امرأة العزيز بهنوتقرير سجن يوسف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل السادس من قصة يوسفيوسف في السجن ودعوته إلى الدين الحق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل السابع من قصة يوسف

- ‌1 -تأويل يوسف رؤيا صاحبيه في السجن ووصيته للناجي منهما

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -تأويل يوسف رؤيا الملك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌لمفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثامن من قصة يوسف

- ‌1 -طلب الملك رؤية يوسف والأمر بإخراجه من السجنوامتناعه من الخروج حتى تثبت براءته

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

وإن كنا صادقين، لكنك لا تصدقنا؛ لأنك تتهمنا في يوسف، لشدة محبتك إياه، ولظنك أنا قد كذبنا.

وهذا إيماء بعدم قناعتهم بما يقولون، وإحساسهم بالكذب ضمنا.

وزاد في التلبيس والتدليس أنهم جاؤوا بقميصه ملطّخا بدم مكذوب مفترى، أخذوه من دم سخلة ذبحوها، ولطخوا ثوب يوسف بدمها، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب، لذا قال:{عَلى قَمِيصِهِ} ولكن إرادة الله أبت إلا أن يظهر آثار جريمتهم، فنسوا أن يخرقوا الثوب ويشقّوه؛ إذ لو كان من افتراس الذئب لتمزق القميص، فلم يصدقهم يعقوب وأعرض عنهم وعن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من لبسهم عليه، فقال:{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ} أي بل زينت أو سهلت وهونت لكم أنفسكم السيئة أمرا منكرا غير ما تصفون وتذكرون، فسأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه، وأستعين بالله حتى يفرج الكرب بعونه ولطفه، فالصبر الجميل أولى بي،

يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبر الجميل فقال: «هو الذي لا شكوى معه» . والله المستعان على ما تذكرون من الكذب، وهو المعين على شر ما تصفون من الحدث الأليم.

روي أن يعقوب قال استهزاء: ما أحلمك يا ذئب تأكل ابني ولا تشق قميصه؟!

‌فقه الحياة أو الأحكام:

أرشدت الآيات إلى ما يأتي:

1 -

نجح إخوة يوسف في حبك المؤامرة، وخداع أبيهم، والمؤمن غر كريم، وتلك حيلة يلجأ إليها الأولاد عادة؛ لأن لعب الصبيان المباح وتنشيطهم مرغوب فيه، لا سيما وقد أظهروا شفقتهم عليه وحبهم له، وتعهدوا بحفظه ورعايته من المخاوف.

ص: 223

2 -

كانت إجابة يعقوب لأولاده متضمنة بحكم العاطفة الأبوية المألوفة تحذيرا من التقصير، وتنبيها على شدة الصون والحفظ، وإشعارا بحب ابنه يوسف وعدم تحمله الصبر على فراقه، وهذا أمر طبيعي.

3 -

موّه إخوة يوسف على أبيهم الحقيقة، وأظهروا كاذبين أنهم حماة يصونون أخاهم، فهم عصبة أقوياء، وجماعة أشداء، يخشى الناس بأسهم، أفلا يقدرون على مطاردة ذئب يهاجم أخا لهم.

4 -

كان إخوة يوسف في أشد ما يكونون قسوة وشدة على أخ لهم من أبيهم، فرموه في البئر، ونزعوا عنه قميصه، ووجد عند كل واحد من الغيظ والحسد والظلم أشد مما عند الآخر.

5 -

إن رحمة الله ولطفه قريب من المحسنين، فلا يدع سبحانه مظلوما حتى ينصره، ولا مفجوعا حتى يسلي قلبه ويطمئنه، ويبشره بالسلامة، فألهم يوسف أنه سينجو مما هو فيه، وأنه سينصره عليهم، وأنه سيخبرهم بسوء ما يصنعون به ويوبخهم على ما صنعوا، وسيكونون تحت قهره وسلطانه، وهم لا يدرون أنه يوسف.

وهذا يدل على أن الوحي ليوسف بعد إلقائه في الجب كان تقوية لقلبه، وتبشيرا له بالسلامة.

6 -

إنما جاؤوا عشاء، أي ليلا ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظلمة، ولذا قيل: لا تطلب الحاجة بالليل، فإن الحياء في العينين، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار.

7 -

ودلت آية {يَبْكُونَ} على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله؛ لاحتمال أن يكون تصنّعا، فمن الخلق من يقدر على ذلك، ومنهم من لا يقدر، وقد قيل: إن الدم المصنوع لا يخفى.

ص: 224

8 -

الاستباق مباح في السهام أو الرمي، وعلى الفرس، وعلى الأقدام؛ والغرض من المسابقة على الأقدام تدريب النفس على العدو؛ لما له من فائدة في قتال الأعداء، ومطاردة الذئاب. قال ابن العربي: إن المسابقة شرعة في الشريعة، وخصلة بديعة، وعون على الحرب، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وبخيله؛

فروي أنه سابق عائشة فسبقها، فلما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقها فسبقته، فقال لها: هذه بتلك

(1)

. وتسابق النبي أيضا مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فسبقهما.

وسابق سلمة بن الأكوع-فيما رواه مسلم-رجلا لما رجعوا من «ذي قرد» إلى المدينة، فسبقه سلمة.

وروى مالك عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت

(2)

، وسابق بين الخيل التي لم تضمّر، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها.

وكذلك المسابقة بالنّصال والإبل،

أخرج النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا سبق

(3)

إلا في نصل أو خفّ أو حافر».

وروى البخاري عن أنس قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء، لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشقّ ذلك على المسلمين حتى عرفه؛ فقال:«حق على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه» .

وأجمع المسلمون على أن السّبق على وجه الرهان المباح الآتي بيانه لا يجوز إلا في الخف والحافر والنصل. قال الشافعي: ما عدا هذه الثلاثة فالسّبق فيها قمار.

وقد زاد أبو البختري القاضي في الحديث السابق: «أو جناح» لإرضاء الرشيد،

(1)

أحكام القرآن: 1063/ 3 وما بعدها.

(2)

تضمير الخيل: هو علف الخيل حتى تسمن، ثم لا تعلف إلا قوتا لتخف.

(3)

السبق: ما يجعل للسابق على سبقه من المال، أي لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة. والسّبق بالسكون: مصدر. والصحيح رواية الفتح.

ص: 225

فترك العلماء حديثه لذلك ولغيره من موضوعاته؛ فلا يكتب العلماء حديثه بحال.

ولا يجوز السّبق في الخيل والإبل إلا في غاية معلومة وأمد معلوم، وكذلك الرمي لا يجوز السّبق فيه إلا بغاية معلومة، ورشق معلوم، ونوع من الإصابة.

والسبق الجائز اثنان: ما يخصصه الوالي أو غيره من ماله تطوعا، وما يخرجه أحد المتسابقين دون صاحبه، فإن سبقه صاحبه أخذه، وإلا بقي له.

والسبق غير الجائر أو الحرام: هو ما يكون من الطرفين المتسابقين، بأن يخرج كل واحد منهما شيئا مثل ما يخرجه صاحبه، فأيهما سبق أحرز سبقه وسبق صاحبه.

ولا يجوز هذا الوجه إلا بمحلّل لا يأمنان أن يسبقهما، فإن سبق المحلّل أحرز السّبقين جميعا وأخذهما وحده، وإن سبق أحد المتسابقين، أحرز سبقه وأخذ سبق صاحبه، ولا شيء للمحلّل فيه، ولا شيء عليه. وإن سبق الثاني منهما الثالث كان كمن لم يسبق واحد منهما.

وسمي محلّلا لأنه يحلل السّبق للمتسابقين أو: له.

واتفق العلماء على أنه إن لم يكن بينهما محلّل، واشترط كل واحد من المتسابقين أنه إن سبق أخذ سبقه وسبق صاحبه، أنه قمار، ولا يجوز.

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدخل فرسا بين فرسين، وهو لا يأمن أن يسبق، فليس بقمار، ومن أدخله وهو يأمن أن يسبق فهو قمار» وفي الموطأ عن سعيد بن المسيب قال: ليس برهان الخيل بأس إذا دخل فيها محلّل، فإن سبق أخذ السّبق، وإن سبق لم يكن عليه شيء. وهذا قول الجمهور.

ولا يكون سباق الخيل والإبل إلا لمحتلم، أو لأربابها، وهو أولى.

9 -

استفاد أولاد يعقوب الحجة من قول أبيهم: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} لأنه كان أظهر المخاوف عليه.

ص: 226

10 -

لم يصدقهم يعقوب، لما ظهر له منهم من قوة التهمة وكثرة الأدلة على خلاف ما قالوه.

وأحسّوا هم بضعف حجتهم حينما قالوا: {وَلَوْ كُنّا صادِقِينَ} أي ولو كنا عندك من أهل الثقة والصدق ما صدقتنا، ولا تتهمنا في هذه القضية؛ لشدة محبتك ليوسف.

11 -

دلسوا على أبيهم بالدم المكذوب فيه، فهو دم ظبية، كما قال قتادة، ولما أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم، قرن الله بهذه العلامة علامة تعارضها، وهي سلامة القميص من التمزيق المعتاد عند اعتداء الذئب على إنسان. قال ابن عباس: لما نظر إليه، قال: كذبتم؛ لو كان الذئب أكله لخرق القميص.

حكى الماوردي أن في القميص-أي في جنسه-ثلاث آيات: حين جاؤوا عليه بدم كذب، وحين قدّ قميصه من دبر، وحين ألقي على وجه أبيه، فارتد بصيرا.

12 -

استدل الفقهاء بقصة القميص الملوث بالدم على جواز الاعتماد على الأمارات، في مسائل فقهية كالقسامة وغيرها، وأجمعوا على أن يعقوب عليه السلام استدل على كذبهم بصحة القميص وسلامته من التخرق. وهكذا على الناظر ملاحظة الأمارات والعلامات، ويقضي بالراجح منها.

13 -

الاعتصام بالصبر، والاستعانة بالله، على التزوير والظلم والكذب والمصيبة وفي المحنة والشدة، فذلك مؤذن بالفرج بعد الكرب، وباليسر بعد العسر، وهو دليل الإيمان بأن لهذا لكون ربا يفعل فيه ما يشاء.

14 -

الصبر الجميل: هو الذي لا شكوى معه، وهو أن يعرف أن منزل البلاء

ص: 227