الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ} [البقرة 2/ 136] بأنهم إخوة يوسف وأنهم أنبياء. والصحيح كما ذكر ابن كثير أن الأسباط ليسوا أولاد يعقوب، وإنما هم القبائل من ذرية يعقوب؛ لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم: الأسباط، كما يقال للعرب قبائل، وللعجم شعوب
(1)
.
التفسير والبيان:
اذكر يا محمد لقومك قصة يوسف حين قال لأبيه يعقوب: إني رأيت في منامي أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر تسجد لي، سجود احترام وانحناء وخضوع وتواضع، لا سجود عبادة، وقد وصف فعل غير العاقل بوصف العاقل وهو السجود، للدلالة على أنها رؤيا إلهام، لا مجرد أضغاث أحلام. قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي. والرؤيا الصالحة جزء من النبوة، ونوع من الإخبار بالغيب إذ رآها صالح وتأولها عالم صالح. وتكون بارتسام الوقائع على الروح الصافية، وتظهر غالبا موافقة لحديث النفس.
والأحد عشر كوكبا هم إخوته الأحد عشر نفرا، والكواكب هم الإخوة، والشمس والقمر أبوه وأمه. وهذا رأي جماعة من المفسرين؛ لأن الكواكب لا تسجد في الحقيقة، فيحمل الكلام على الرؤيا، ولقول يعقوب عليه السلام:
{لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ} .
وذكر ابن جرير الطبري عن جابر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من يهود، يقال له: بستانة اليهودي، فقال له: يا محمد، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له، ما أسماؤها؟ قال؛ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فلم يجبه بشيء، ونزل عليه جبريل عليه السلام، فأخبره بأسمائها، قال: فبعث
(1)
تفسير ابن كثير: 469/ 2 - 470
رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقال «هل أنت مؤمن إذا أخبرتك بأسمائها؟» فقال:
نعم، قال:«جريان، والطارق والذيال، وذو الكنفات، وقابس، ووثاب، وعمودان، والفليق، والمصبح، والضروح، ودو الفرغ، والضياء والنور» فقال اليهودي: إي والله إنها لأسماؤها
(1)
.
{قالَ: يا بُنَيَّ.} . قال يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا المتضمنة خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه إجلالا واحتراما وإكراما:
لا تخبر إخوتك بما رأيت، حتى لا يحسدوك، ويحتالوا لك حيلة توقعك في مكروه، فإن الشيطان عدو لآدم وبنيه، ومن دأبه إيقاع الفتنة بين الناس، كما قال يوسف نفسه:{مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف 100/ 12].
وثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى أحدكم ما يحب، فليحدّث به، وإذا رأى ما يكره، فليتحول إلى جنبه الآخر، وليتفل عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من شرها، ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره»
(2)
.
وروى الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر، فإذا عبرت وقعت» .
{وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ.} . أي كما اختارك ربك، وأراك هذه الكواكب مع الشمس والقمر ساجدة لك، يختارك لنفسه ويصطفيك لنبوته على آلك وغيرهم، ويعلمك تعبير الرؤيا.
وتعبير الرؤيا: الإخبار بما تؤول إليه في الوجود. وتعليم الله يوسف التأويل:
(1)
ورواه البيهقي في الدلائل عن الحكم بن ظهير، والحافظان أبو يعلى الموصلي وأبو بكر البزار في مسنديهما، وابن أبي حاتم في تفسيره (تفسير ابن كثير: 468/ 2) لكن الحكم بن ظهير ضعيف.
(2)
رواه البخاري عن أبي سلمة.