الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ} أي يتقدمهم يوم القيامة إلى النار، كما كان يتقدمهم في الدنيا إلى الضلال ويتبعونه في الحالين، يقال: قدم بمعنى تقدم. {فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ} أدخلهم فيها، ذكره بلفظ الماضي مبالغة في تحقيقه، ونزل النار لهم منزلة الماء، فسمي إتيانها موردا. {وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} هي، أي بئس المورد الذي وردوه، فإن المورد يراد عادة لتبريد الأكباد وتسكين العطش، والنار بالضد من ذلك. والآية كالدليل على قوله:{وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} فإن من هذه عاقبته لم يكن في أمره رشيدا.
{وَأُتْبِعُوا} ألحقوا {فِي هذِهِ} الدنيا {لَعْنَةً} طردا من رحمة الله {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ} أي يلعنون في الدنيا والآخرة {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} أي بئس العون المعان، أو العطاء المعطى.
والمخصوص بالذم محذوف، أي رفدهم وهو اللعنة في الدارين.
المناسبة:
هذه هي القصة السابعة من القصص التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة، وهي آخر قصة في هذه السورة، وقد ذكرت قصة موسى عليه السلام مع فرعون وملئه في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فذكرت في سورة الأعراف [104 - 105] وفي سورة الشعراء [17 - 28] وفي سورة طه [48 - 55] وفي سورة القصص [38] وفي سورة غافر [36 - 37].
والعبرة منها واضحة وهي نجاة موسى ومن آمن معه، وهلاك فرعون وأشراف قومه، واللعنة عليهم في الدنيا والآخرة، مثل كفار أولئك الأقوام الظالمين الذين أعرضوا عن دعوة أنبيائهم، كما تقدم، ولكن عذاب فرعون وملئه وهو الغرق في البحر لم يعمّ جميع قومه.
التفسير والبيان:
تالله لقد أرسلنا موسى بآياتنا التسع ودلالاتنا الباهرة الدالة على توحيد الله إلى فرعون ملك القبط وملئه، وفيها السلطان الواضح الجلي أي الدلالة القاطعة المؤيدة بالحس المشاهد، على صدق نبوته.
وقيل: المراد من الآيات: التوراة مع ما فيها من الشرائع والأحكام.
وقيل: المراد بها الآيات التسع البينات وهي المعجزات، وهي العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ونقص من الثمرات والأنفس. ومنهم من أبدل بنقص الثمرات والأنفس إضلال الجبل، وفلق البحر.
وفي هذه الآيات سلطان مبين لموسى على صدق نبوته.
{فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} أي تبع الملأ منهج فرعون ومسلكه وطريقته في الغيّ والضلال، من الكفر بموسى، وظلم بني إسرائيل بتقتيل أبنائهم واستحياء نسائهم. وإنما خصّ الملأ بالذكر؛ لأنهم القادة والرؤساء المستشارون والمنفذون وغيرهم تبع لهم.
{وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي وما شأنه وتصرفه ومنهجه بصالح معقول، فليس فيه رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال، وكفر وعناد، وظلم وفساد وجزاؤهم في الآخرة:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ} أي يتقدم فرعون كبير قومه وقائدهم إلى نار جهنم يوم القيامة، فيدخلهم فيها؛ لأنه كما اتبعوه في الدنيا وكان مقدمهم ورئيسهم، كذلك هو يقدم يوم القيامة إلى النار، فأوردهم إياها، وله فيها الحظ الأوفر من العذاب الأكبر، كما قال تعالى:
{فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ، فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً} [المزمل 16/ 73] وكذلك شأن المتبوعين يكونون موفرين في العذاب يوم القيامة، كما قال تعالى:{لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف 38/ 7] وأخبر تعالى عن الكفرة أنهم يقولون في النار: {رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب 68/ 33]
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امرؤ القيس حامل لواء شعراء الجاهلية إلى النار» .
وورد في القرآن أن آل فرعون يعرضون على النار منذ ماتوا صباحا ومساء