الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجابته الملائكة: يا إبراهيم أعرض عن الجدال في أمر قوم لوط، إنه قد جاء أمر ربك بتنفيذ القضاء والعذاب فيهم، وإنهم آتيهم عذاب غير مصروف ولا مدفوع عنهم أبدا، لا بجدال ولا بدعاء ولا بشفاعة ونحوها.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت القصة إلى ما يلي:
1 -
تبادل السلام بين الملائكة وبين الأنبياء، فقد سلم الملائكة على إبراهيم عليه السلام بقولهم: سلاما، كما تقول: قالوا خيرا، فرد عليهم بتحية أحسن، فقال: سلام عليكم.
2 -
دلت الآية أن من أدب الضيف أن يعجّل قراه، فيقدم الموجود الميسر في الحال، ثم يتبعه بغيره إن كان لديه شيء وسعة، ولا يتكلف المفقود غير المستطاع الذي يتضايق به.
والضيافة من مكارم الأخلاق، ومن آداب الإسلام، ومن خلق النبيين والصالحين. وهي سنة وليست بواجبة،
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي شريح، وأحمد وأبو داود عن أبي هريرة:«الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، فما كان وراء ذلك، فهو صدقة» .
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان والنسائي وابن ماجه عن أبي شريح وأبي هريرة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» .
والمخاطب بالضيافة أهل المدن أو الحضر والبادية في رأي الشافعي، وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة،
لحديث القضاعي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل المدر» لكنه حديث لا يصح، كما قال القرطبي.
والسنة إذا قدّم للضيف الطعام أن يبادر المقدّم إليه بالأكل؛ فإن تكريم الضيف من مضيفه تعجيل التقديم، وتكريم صاحب المنزل من ضيفه المبادرة بالقبول. فلما قبض الملائكة أيديهم، تخوف إبراهيم، أن يكون وراءهم مكروه يقصدونه.
ومن أدب الطعام: أن ينظر المضيف في ضيفه، هل يأكل أولا؟ وذلك بلمح نظر سريع، لا بتأكيد النظر. روي أن أعرابيا أكل مع سليمان بن عبد الملك، فرأى سليمان في لقمة الأعرابي شعرة، فقال له: أزل الشعرة عن لقمتك؛ فقال له: أتنظر إلي نظر من يرى الشعرة في لقمتي؟! والله لا أكلت معك.
3 -
مشاركة الزوجة لعواطف زوجها أمر مستحسن، فإن سارّة ضحكت استبشارا بتعذيب قوم لوط، لكراهتها خبائثهم، قال الجمهور: هو الضحك المعروف. وأنكر بعض اللغويين أن يكون في لغة العرب: ضحكت بمعنى حاضت.
4 -
من السنة قيام المرأة بخدمة الرجال الضيوف بنفسها، وترجم البخاري لحديث في ذلك:«باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس» قال القرطبي: ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول الحجاب.
5 -
امتنع الملائكة من الطعام؛ لأنهم ملائكة، والملائكة لا يأكلون ولا يشربون، وإنما أتوا إبراهيم في صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها، وهو كان مشغوفا بالضيافة.
6 -
ذكر الطبري أن إبراهيم عليه السلام لما قدّم العجل قالوا: لا نأكل طعاما إلا بثمن؛ فقال لهم: «ثمنه أن تذكروا الله في أوله، وتحمدوه في آخره» فقال جبريل لأصحابه: بحق اتخذ الله هذا خليلا.
ودل هذا على أن التسمية في أول الطعام، والحمد في آخره مشروع في الأمم قبلنا.