الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلِلّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي علم ما غاب فيهما، لا يخفى عليه خافية مما فيهما.
{وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} أي يرجع إليه أمرك وأمرهم، لا محالة، فينتقم ممن عصى.
{فَاعْبُدْهُ} وحده {وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ثق به، فإنه كافيك. وتقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على ما هو الأنفع للعابد. {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} أنت وهم، فيجازي كلاّ ما يستحقه، وإنما يؤخرهم لوقتهم.
المناسبة:
بعد أن قص الله على نبيه أخبار الأنبياء مع أقوامهم، ذكر فائدة تلك القصص وحصرها في نوعين من الفائدة وهما: تثبيت الفؤاد على أداء الرسالة وعلى الصبر واحتمال الأذى، وبيان ما هو حق وعظة وعبرة وذكرى تذكر المؤمنين. ثم ختم السورة بما بدأها به وهو الأمر بالعبادة، والتوكل على الله، وعدم المبالاة بعداوة المشركين.
التفسير والبيان:
وكل خبر من الأخبار التي هي من أنباء الرسل المتقدمين من قبلك مع أممهم نقصها عليك لفائدتين:
الأولى- {ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ} أي ما به يقوى الفؤاد على أداء الرسالة وعلى الصبر واحتمال الأذى؛ لأن الأنبياء الذين من قبلك تحملوا في محاجة أقوامهم الأذى الكثير، فصبروا على ما كذبوا به، فنصرهم الله وخذل أعداءهم الكافرين، فلك بمن مضى من إخوانك المرسلين أسوة.
الثانية- {وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} أي وتبين لك في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء، أو في هذه الأنباء والآيات، ما هو الحق والصدق واليقين: وهو وحدانية الله وعبادته وحده، وإثبات البعث، وفضيلة التقوى والخلق الفاضل، وفي تلك الأنباء عظة وعبرة يرتدع بها
الكافرون، وذكرى يتذكر بها المؤمنون. وخصّ هذه السورة بالذكر؛ لأن فيها أخبار الأنبياء والجنة والنار.
والحق: البراهين الدالة على التوحيد والعدل والنبوة.
والموعظة: التنفير من الاعتماد الكلي على الدنيا وما فيها من شقاوة، وإيثارها على الآخرة وما فيها من سعادة.
والذكرى: الإرشاد إلى الأعمال الصالحة الباقية.
وبعد هذا الإنذار والترهيب والترغيب أمر الله رسوله بقوله: {وَقُلْ لِلَّذِينَ} أي وقل للكافرين الذين لا يؤمنون بما جئت به من ربك، على وجه التهديد: اعملوا على طريقتكم ومنهجكم وحالكم، وافعلوا كل ما تقدرون عليه في حقي من الشرّ، كما قال شعيب عليه السلام لقومه، فنحن أيضا عاملون على طريقتنا ومنهجنا وما نقدر عليه من الدعوة إلى الخير، وانتظروا بنا نهاية أمرنا، إما بموت أو غيره مما تتأملون، إنا منتظرون عاقبة أمركم، وما ينزل بكم من عقاب نزل بأمثالكم، إما من عند الله أو بأيدي المؤمنين. قال ابن عباس رضي الله عنهما: وانتظروا الهلاك، فإنا منتظرون لكم العذاب.
والتهديد بقوله: {اِعْمَلُوا.} . مثل قوله تعالى لإبليس: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ..} . [الإسراء 64/ 17] وقوله سبحانه: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف 29/ 18].
وتمني انتهاء أمر النبي حكاه الله عن المشركين بقوله: {أَمْ يَقُولُونَ: شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور 30/ 52].
وانتظار مصير الفريقين له شبيه في قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ} [الأنعام 135/ 6].