الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي ذلك من حديث أبي أمامة ومعاذ بن جبل وابن عباس وبريدة وغيرهم. ومنه يفهم أن ذنب الرجل لا حدّ فيه، وإنما هو ذنب يكفره العمل الصالح، من إقامة الصلاة وإحسان القول والعمل.
ورواية الترمذي عن ابن مسعود هي: قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسّها، وأنا هذا، فاقض فيّ ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله! لو سترت على نفسك؛ فلم يردّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلق الرجل، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه، فتلا عليه:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ، وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ} إلى آخر الآية، فقال رجل من القوم: هذا له خاصة؟ قال: «لا، بل للناس كافة» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
المناسبة:
بعد أن أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بالاستقامة، وعدم تجاوز حدود الدين، وعدم الركون إلى ذوي الظلم، أردفه بالأمر بالصلاة والصبر، وهو يدل على أن أعظم العبادات بعد الإيمان بالله هو الصلاة، ويليها الصبر، فإنه نصف الإيمان، فهما عدة الامتثال، والصلاة أساس العبادات، وعمود الدين.
التفسير والبيان:
موضوع هاتين الآيتين: الاستعانة بالصلاة والصبر، كما قال تعالى في آية أخرى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ} [البقرة 153/ 2].
أما بالنسبة للصلاة فالآية في تحديد أوقاتها، ومعناها: أدّ الصلاة تامة كاملة الأركان والشروط والأوصاف، باعتبارها صلة بين العبد والرب، مطهرة
للنفس، مرضاة للرب، مانعة عن الفحشاء والمنكر، وأداؤها في جميع أجزاء اليوم، فقوله:{طَرَفَيِ النَّهارِ} يشمل ثلاث صلوات هي الصبح والظهر والعصر، وقوله:{وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} يشمل صلاتي المغرب والعشاء.
فتكون الآية شاملة جميع أوقات الصلاة، كما جاء في آيات أخر هي:
1 -
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ، وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً} [الإسراء 78/ 17].
2 -
{فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا، وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم 17/ 30 - 18] فصلاة الصبح عند الإصباح، وبقية الصلوات تدخل تحت تعبير المساء؛ لأنه يشمل ما بين الظهر والغروب فما بعده.
3 -
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ، فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ، لَعَلَّكَ تَرْضى} [طه 130/ 20] والتسبيح يكون بالصلاة وغيرها.
ثم ذكر الله تعالى فائدة الصّلاة بقوله: {إِنَّ الْحَسَناتِ.} . أي إنّ فعل الخيرات أو الأعمال الحسنة، ومنها الصّلوات الخمس، تكفّر الذّنوب السّالفة، والسّيئات الصّغائر، كما جاء
في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السّنن عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدّثني عنه أحد، استحلفته، فإذا حلف صدّقته، وحدّثني أبو بكر-وصدق أبو بكر-أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ما من مسلم يذنب ذنبا، فيتوضأ، ويصلّي ركعتين، إلا غفر له» .
وفي الصّحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفّان: أنه توضأ لهم كوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، وقال: «من