الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلّم فيما يرويه البخاري ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن النعمان بن بشير: «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم»
وما يرويه الطبراني عن النعمان بن بشير أيضا: «اعدلوا بين أولادكم في النّخل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف» .
ثم ذكر الله تعالى مؤامرتهم بقوله: {اُقْتُلُوا.} . أي ومما قالوا، أي قال بعض إخوة يوسف لبعض:{اُقْتُلُوا يُوسُفَ} حسما للمشكلة، أو انبذوه في أرض مجهولة عن العمران، فلا يستطيع الرجوع إلى أبيه، فإن فعلتم ذلك تستريحوا منه، ويصف لكم وجه أبيكم، وتخلوا أنتم مع أبيكم، والمراد سلامة محبته لهم ممن يشاركهم فيها وينازعهم إياها، وتكونوا من بعد يوسف أو بعد قتله أو طرحه أرضا قوما تائبين إلى الله مما جنيتم عليه، أو يصلح ما بينكم وبين أبيكم بعذر تمهدونه، أو تصلح دنياكم وتنتظم أموركم بعده، بخلوّ وجه أبيكم، فيرضى عنكم ربكم وأبوكم.
{قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ..} . أي قال أكبرهم وهو يهوذا، وقيل: روبيل:
لا تقدموا على قتله، فإن القتل جريمة عظيمة، وهو أخوكم، ولكن ألقوه في أسفل البئر، يلتقطه بعض المسافرين الذين يسيرون في الأرض للتجارة، فتستريحوا منه بهذا، ويتحقق غرضكم وهو إبعاده عن أبيه، ولا حاجة إلى قتله، إن كنتم فاعلين، أي عازمين على ما تقولون، وفاعلين ما هو الصواب، فهذا هو الرأي.
وقوله: {اُقْتُلُوا يُوسُفَ} فيه حذف، أي قال قائل منهم: اقتلوا.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
في قصة يوسف وإخوته دلالة على صدق الرسل، وعبرة تمخضت عنها
وهي التنبيه على عاقبة البغي والحسد، وفضيلة ضبط النفس، والتصديق بتعبير الرؤيا وصحة تأويلها إن كانت من نبي أو عالم ناصح.
2 -
لقد دفع التباغض والتحاسد والغيرة إخوة يوسف على تدبير مؤامرة لقتله أو إلقائه في بادية بعيدة عن الناس حتى يهلك، أو يأخذه بعض التجار المسافرين ويتملكونه؛ لأن خبر المنام بلغهم، فتآمروا على كيده، أو لمجرد الغيرة الشديدة من عاطفة أبيهم نحو يوسف وأخيه.
3 -
إن تفضيل بعض الأولاد على بعض يورث الحقد والحسد، ويورث الآفات، لكن يعقوب عليه السلام العالم بذلك لم يفضل ولديه يوسف وأخيه إلا في المحبة، والمحبة ليست في وسع البشر، فكان معذورا فيه، ولا لوم عليه.
4 -
دل قوله: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ} أي تائبين، بأن تحدثوا توبة بعدئذ، فيقبلها الله منكم، وهو دليل على أن توبة القاتل مقبولة؛ لأن الله تعالى لم ينكر هذا القول منهم، كما ذكر القرطبي
(1)
.
5 -
علق محمد بن إسحاق على مؤامرة أولاد يعقوب على أخيهم يوسف فقال فيما رواه ابن أبي حاتم: لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرحم، وعقوق الوالد، وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له، وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل، وخطره عند الله، مع حق الوالد على ولده، ليفرقوا بينه وبين أبيه وحبيبه، على كبر سنه، ورقة عظمه، مع مكانه من الله، ممن أحبه طفلا صغيرا، وبين الأب وابنه على ضعف قوته، وصغر سنه، وحاجته إلى لطف والده، وسكونه إليه، يغفر الله لهم، وهو أرحم الراحمين، فقد احتملوا أمرا عظيما
(2)
.
(1)
تفسير القرطبي: 131/ 9
(2)
تفسير ابن كثير: 470/ 2