الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي تلك الأخبار عن نوح وقومه من أخبار الغيوب السابقة، نوحيها إليك على وجهها، كأنك تشاهدها، ونعلمك بها وحيا منا إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا أحد من قومك، حتى يقول من يكذبك: إنك تعلمتها من إنسان، بل أخبرك الله بها.
فاصبر على تكذيب المكذبين من قومك، وأذاهم لك، وعلى تبليغ رسالتك كما صبر نوح على أذى الكفار، فإن النصر والفوز والنجاة للمتقين الذين يطيعون الله ويتجنبون المعاصي، وإنا سننصرك ونرعاك ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا بالمرسلين، حيث نصرناهم على أعدائهم:{إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [غافر 51/ 40] الآية، وقال تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} [الصافات 171/ 37 - 172].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيتان إلى ما يأتي:
1 -
السلامة والأمن، والتحية والتسليم والتكريم، والبركات والنعم من الله تعالى، على كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، وذلك بدءا من نوح عليه السلام ومن آمن معه.
2 -
المتاع والانتفاع بنعم الدنيا، والتعذيب في الآخرة، لكل كافر وكافرة إلى يوم القيامة، بدءا من ذرية المؤمنين في عصر نوح عليه السلام وذرية أمم من بعدهم.
3 -
كان خبر نوح وقصته مع قومه من أنباء ما غاب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أوحى الله بها إليه وأطلعه عليها، دون أن يكون عالما هو وقومه بها قبل ذلك،
فلم يعرف أحد أمر الطوفان، وكانت القصة على النحو الصحيح الدقيق مجهولة عند النبي صلى الله عليه وسلم وعند قومه.
4 -
كان الغرض من ذكر قصة نوح في سورة يونس هو معرفة وجه الشبه بين قوم نوح وقوم محمد عليهما السلام، وهو ان قوم نوح كذبوه؛ لأنه هددهم بنزول العذاب، فاستعجلوه، ثم ظهر في نهاية الأمر، وكذلك قوم محمد صلى الله عليه وسلم استعجلوا نزول العذاب مثل قوم نوح. فوجه الشبه في سورة يونس هو استعجال العذاب.
وفي هذه السورة (هود) أعاد الله تعالى ذكر هذه القصة لهدف آخر، وهو بيان أن إقدام الكفار على الإيذاء كان حاصلا في زمن نوح، فلما صبر عليه السلام، نال الفتح والظفر، فلتكن يا محمد كذلك، لتنال المقصود، فقد عرفت مآل الصبر عند نوح والمؤمنين، وعاقبة الكفر، فوجه الشبه هو الإيذاء، وأن الصبر عليه مؤد إلى النصر.
5 -
إن الصبر على مشاق تبليغ الرسالة الإلهية، وإذاية القوم، مفتاح الفرج، وسبيل الظفر والنصر، كما صبر نوح ومحمد وأولو العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام، فقد صبر نوح على أذى قومه، ثم نصره الله عليهم، وكذلك صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى العرب الكفار، فأيده الله، وأعزّه، ونصره عليهم نصرا مؤزرا.
6 -
إن العاقبة في الدنيا بالظفر، وفي الآخرة بالفوز للمتقين عن الشرك والمعاصي، القائمين بأوامر الله، الملتزمين حدوده، المطيعين شرعه.
7 -
يدل إيراد قصة نوح عليه السلام على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فما كان يعلم هو ولا أحد من قومه ذلك القصص المحكم التام الشامل لأخبار نوح وقومه.