الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخاطب فيها بما تقشعر منه الجلود؛ وكان (1) يدعى النسب إلى أهل القصر، وأنه خرج منه طفلا صغيرا، ونشأ على الضلالة كبيرا (1)؛ وبالجملة فقد كفى الإسلام أمره، وحاق به مكره، وصرعه كفره».
ذكر شىء من خبر عمارة وشعره
كان عمارة بن على اليمنى من الشعراء الفحول المجيدين، ولم يكن شيعيا، وإنما كان فقيها على مذهب الإمام الشافعى رحمه الله وقتله وفاؤه وحسن عهده لمن أحسن إليه، وقد ذكر مباينته لمذهب القوم من قصيدة [يقول (2)]:
أفاعيلهم في الجود أفعال سنّة
…
وإن خالفونى في اعتقاد التشيّع
وذكر هو عن نفسه في كتاب صنفه (3): أنه أقام بزبيد ثلاث سنين، يقرأ عليه (4) مذهب الشافعى، قال:«ولى في الفرايض مصنف يقرأ باليمن» ؛ وذكر أنه قدم مكة بعد ذلك في سنة تسع وأربعين وخمسمائة، قال: «وفى موسم هذه السنة توفى أمير الحرمين الشريف هاشم بن قليتة (5)، وولى ولده القاسم بن هاشم، وألزمنى السفارة عنه والرسالة منه إلى الديار المصرية، فقدمتها في شهر ربيع الأول
(1) هذه الجملة انفرد بها النص هنا، ولا توجد في (الروضتين).
(2)
ما بين الحاصرتين عن س. ومن المفيد أن نشير هنا إلى أن المستشرق (Derenbourg) قد ذيل كتاب (النكت العصرية) لعمارة بمقتبسات عن عمارة وحياته وشعره نقلها عن المراجع التاريخية المختلفة، ومن بين هذه المقتبسات صفحات من (مفرج الكروب) وينتهى في نقله عن ابن واصل بهذا البيت من الشعر. انظر:(عمارة النكت العصرية، ص 607 - 629)
(3)
الاشارة هنا إلى كتابه «النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية» .
(4)
النص في (النكت، ص 23): «وأقمت في زبيد ثلاث سنين وجماعة من الطلبة يقرؤون عندى مذهب الشافعى والفرائض في المواريث» .
(5)
حكم بين سنتى 1132 و 1154 م، وحكم ابنه القاسم بين سنتى 1154 و 1611 م.
انظر: (Gerald de Gaury : Rulers of Mecca PP .62،66) .
سنة خمسين وخمسمائة، والخليفة بها يومئذ الفائز بن الظافر، والوزير له الملك الصالح طلائع بن رزّيك، فلما حضرت للسلام عليهما في قاعة الذهب (1) من قصر الخليفة أنشدتهما [قصيدة أولها (2)]:
الحمد للعيس بعد العزم والهمم
…
حمدا يقوم بما أولت من النّعم
لا أجحد الحقّ، عندى للركاب يد
…
تمنت الّلجم فيها رتبة الخطم
قرّبن بعد مزار العزّ من نظرى
…
حتى رأيت إمام العصر من أمم
ورحن من كعبة البطحاء والحرم (3)
…
وفدا إلى كعبة المعروف والكرم (4)
فهل درى (5) البيت أنى بعد فرقته (6)
…
ما سرت عن (7) حرم إلا إلى حرم
حيث الخلافة مضروب (8) سرادقها
…
بين النقيضين من عفو (9) ومن نقم
وللإمامة أنوار مقدسة
…
تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
(1) قاعة الذهب، ويقال لها أيضا «قصر الذهب» ، ذكر (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج 4، ص 113) أن الذى بناها هو الخليفة العزيز بالله، وهى إحدى قاعات القصر الشرقى الكبير، وكان يدخل إليه من باب الذهب ومن باب البحر. وموضع هذه القاعة الآن - تبعا لتحقيقات المرحوم محمد رمزى، هامش 2 من نفس الصفحة بالمرجع السابق - مجموعة المبانى الواقعة خلف مدرسة النحاسين الأميرية التي بشارع بين القصرين بين شارع بيت القاضى وحارة بيت القاضى في الجزء الواقع خلف المدرسة المذكورة.
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة عن: (النكت العصرية، ص 32)
(3)
س: «الحرمى» .
(4)
س: «المعروف بالكرم» .
(5)
في الاصل: «وهل درا» ، وفى س:«فهكذا البيت» ، والتصحيح عن:(النكت، ص 32) و (الروضتين، ج 1، ص 225)
(6)
كذا في الاصل وفى (النكت)؛ ونص (الروضتين): «زورته» .
(7)
كذا في الاصل، وهى في (النكت) و (الروضتين):«من» .
(8)
في س (46 ب): «مضر في» .
(9)
في الأصل: «غمر» وفى س: «عم» ، والتصحيح عن (النكت، ص 33)(الروضتين، ج 1، ص 225).
[150]
وللنبوة آيات تنصّ (1) لنا
…
على الخفيّين (2) من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلام تعلّمنا
…
مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلى ألسن تثنى محامدها
…
على الحميدين من فعل ومن شيم
وراية الشرف البذّاخ ترفعها
…
يد الرفيعين من مجد ومن همم
أقسمت بالفائز المعصوم معتقدا
…
فوز النجاة، وأجر البرّ في القسم
لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما
…
وزيره الصالح الفرّاج للغمم
اللابس الفخر لم تنسج غلائله
…
إلا يد الصّنعين (3) السيف والقلم
وجوده أوجد الأيام ما اقترحت
…
وجوده أعدم الشاكين للعدم
قد ملّكته العوالى رقّ مملكة
…
تعير أنف الثّريّا عزّة (4) الشّمم
أرى مقاما (5) عظيم الشأن أو همنى
…
في يقظتى أنّها من جملة الحلم
يوم من العمر لم يخطر على أملى
…
ولا ترقّت إليه رغبة الهمم
ليت الكواكب تدنو لى فأنظمها
…
عقود مدح، فما أرضى لكم كلمى
ترى الوزارة فيه وهى باذلة
…
عند الخلافة نصحا غير متّهم
عواطف علّمتنا (6) أن بينهما
…
قرابة من جميل الرأى لا الرحم
(1) كذا في الأصل وفى س وفى (النكت)؛ وفى الروضتين: «تضىء» .
(2)
كذا في الأصل، وفى الروضتين والنكت، وفى س:«الحنيفين» .
(3)
في الاصل وفى الروضتين: «الصنعتين» ، وما هنا عن:(النكت، ص 33)
(4)
في الاصل، وفى الروضتين، (ج 1، ص 226): «غرة» ، وما هنا عن:(النكت، ص 33).
(5)
في الاصل: «مقام» والتصحيح عن س (47 ا) و (الروضتين، ج 1، ص 226)
(6)
كذا في الاصل وفى (النكت)؛ وهى في (س) و (الروضتين): «أعلمتنا» .
خليفة ووزير مدّ عدلهما
…
ظلاّ على مفرق الإسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما
…
فما عسى تتعاطى منّة الدّيم
قال: «وعهدى بالملك الصالح وهو يستعيدها في حال النشيد مرارا، والأستاذون والأمراء (1) يذهبون (2) في الاستحسان كل مذهب، ثم أفيضت علىّ الخلع من ثياب الخلافة مذهّبة، ودفع إلىّ الصالح خمسمائة دينار، وإذا بعض الأستاذين (3) قد خرج من عند السيدة بنت الإمام الحافظ بخمسمائة دينار أخرى، وحمل المال معى إلى منزلى، وأطلقت لى من دار الضيافة (4) رسوم لم تطلق لأحد قبلى، وتهادتنى أمراء الدولة [151] إلى منازلهم للولائم، واستحضرنى الصالح للمجالسة، ونظمنى في سلك [أهل (5)] المؤانسة، وانثالت علىّ صلاته، وغمرنى برّه، ووجدت بحضرته من أعيان أهل الأدب: الشيخ الجليل أبا المعالى بن الحباب (6)، والموفّق
(1) النص في (النكت، ص 34): «وأعيان الأمراء والكبراء» .
(2)
هذا اللفظ ساقط من س.
(3)
كان كبار القواد من خواص الخليفة في العصر الفاطمى يسمون «بالأستاذين» ، يقول صاحب (صبح الأعشى، ج 3، ص 477): «وأجلهم المحنكون وهم الذين يدورون عمائمهم على أحناكهم كما تفعل العرب والمغاربة، وهم أقربهم إليه، وأخصهم به، وكانت عدتهم تزيد على ألف» .
(4)
ذكر (المقريزى: الخطط، ج 2، ص 338) أن هذه الدار كانت بحارة برجوان وتعرف بدار الأستاذ برجوان، وفيها كان يسكن، ولما قدم بدر الجمالى إلى مصر بنى هناك دارا عظيمة سكنها، ثم سكنها من بعده ابنه المظفر أبو محمد جعفر، فعرفت بدار المظفر، وبعد موته اتخذت دار ضيافة برسم الرسل الواردين من الملوك، واستمرت كذلك إلى أن انقرضت الدولة، فأنزل بها السلطان صلاح الدين أولاد العاضد. انظر أيضا (نفس المرجع، ص 343 - 344)
(5)
ما بين الحاصرتين عن س و (النكت، ص 34)
(6)
هو القاضى الجليس أبو المعالى عبد العزيز بن الحسين بن الحباب الأغلبى السعدى التميمى، سمى بالجليس لأنه كان جليس الخلفاء الفاطميين مقربا إليهم، وهو من ذرية بنى الأغلب التميميين أصحاب إفريقية، تولى ديوان الانشاء بالاشتراك مع الموفق بن الخلال في عهد الخليفة الفائر ووزارة الصالح طلائع بن رزيك، وذكر عمارة في (النكت، ص 595) أنه دخل =
أبا الحجاج يوسف بن الخلال [صاحب ديوان الإنشاء (1)]، والمهذب أبا محمد الحسن (2) بن الزبير، وما من هذه الحلبة [أحد (3)] إلا ويضرب في الفضائل النفسانية والرئاسة الإنسانية (4) بأوفر نصيب، وما زلت أحذو على طرائقهم حتى نظمونى (5) في سلك فرائدهم.
= اليمن. وتوفى سنة 561 هـ. انظر ترجمته في: (العماد: الخريدة، ج 1 ص 189 - 200) و (أبو شامة: الروضتين، ج 1، ص 141) و (ابن قلاقس: الديوان ص 100 و 115) و (ابن شاكر الكتيى: فوات الوفيات، ج 1، ص 577 - 579) و (ابن كثير: البداية والنهاية، ج 12، ص 251) و (ابن تغرى بردى: النجوم، ج 5، ص 292 و 371) و (المسيوطى: حسن المحاضرة، ج 1، ص 324) و (الدكتور محمد كامل حسين: في أدب مصر الفاطمية، ص 215 - 218).
(1)
ما بين الحاصرتين (عن عمارة: النكت، ص 35). والموفق أبو الحجاج يوسف ابن محمد بن الخلال كان آخر رؤساء ديوان الانشاء في العصر الفاطمى، وعليه تخرج القاضى الفاضل ثم خلفه على رئاسة هذا الديوان. وقد لبث ابن الخلال متوليا لديوان الانشاء إلى أن طعن في السن فلزم بيته، وكان ذلك في عهد وزارة أسد الدين شيركوه للخليفة العاضد. وتوفى ابن الخلال سنة 566 هـ. انظر ترجمته وأخباره في:(العماد: الخريدة، ج 1، ص 235 - 275) و (ابن خلكان: الوفيات، ج 6، ص 219 - 224) و (ابن العماد: شذرات الذهب، ج 4، ص 219) و (السيوطى: حسن المحاضرة، ج 1، ص 324) و (الدكتور محمد كامل حسين: في أدب مصر الفاطمية، ص 344 - 347).
(2)
في الأصل: «الحسين» والتصحيح عن: س (47 ب) و (العماد: الخريدة، ج 1، ص 204). وهو المهذب أبو محمد الحسن بن على بن الزبير، وقد كان هو وأخوه القاضى الرشيد أحمد بن على بن الزبير من أشهر شعراء مصر في العصر القاطمى. وموطنهما الأصلى أسوان، وسافر كل منهما إلى اليمن. توفى سنة 561 هـ. انظر ترجمته في:(العماد: الخريدة، ج 1، ص 204 - 225) و (ياقوت: معجم الأدباء، ج 9، ص 47) و (ابن شاكر الكتبى: فوات الوفيات، ج 1، ص 243 - 248) و (الادفوى: الطالع السعيد، ص 100) و (الدكتور محمد كامل حسين: في أدب مصر الفاطمية، ص 203 - 210).
(3)
ما بين الحاصرتين عن س و (النكت، ص 34).
(4)
هذا اللفظ ساقط من س.
(5)
قال [عمارة]: وأنشدت الصالح وهو بالقبو (1) من دار الوزارة قصيدة منها [أقول (2)].
دعوا كلّ برق شمتم غير بارق
…
يلوح على الفسطاط صادق بشره
وزوروا المقام (3) الصالحىّ فكلّ من
…
على الأرض ينسى (4) ذكره عند ذكره
ولا تجعلوا مقصودكم طلب الغنى
…
فتجنوا (5) على مجد الزمان وفخره
ولكن سلوا منه العلى (4) تظفروا بها
…
فكل امرء يرجى (6) على قدر قدره
قال: ولما جلس شاور في دار الذهب قام الشعراء والخطباء ولفيف الناس إلا الأقل شاكون (7) من بنى رزيك، وضرغام نائب الباب، ويحيى بن الخياط (8) اسفهسلار (9)، فأنشدته:
زالت ليالى بنى رزّيك وانصرمت
…
والحمد والذمّ فيها غير منصرم
كأنّ صالحهم يوما وعادلهم
…
في صدر ذا الدّست لم يقعد ولم يقم
كنا نظنّ - وبعض الظنّ مأثمة -
…
بأن ذلك جمع غير منهزم
فمذ وقعت وقوع النّسر (10) خانهم
…
من كان مجتمعا في ذلك الرّخم
(1) س: «بالقرب» وما هنا يتفق مع (الروضتين، ج 1، ص 226) و (النكت، ص 35)
(2)
ما بين الحاصرتين عن س و (النكت، ص 34).
(3)
س (47 ب): «مقام» ، وما هنا يتفق ونص الروضتين و (النكت، ص 36)
(4)
في الأصل: «ينسا» و «العلا» .
(5)
في س: «يقصر» ، وفى الروضتين:«فتخبوا» ، وما هنا يتفق ونص النكت
(6)
س: «يجرى» وما هنا يتفق ونص (الروضتين) و (النكت ص 36).
(7)
كذا في الاصل، وفى (النكت، ص 69): «ينالون» .
(8)
انظر ما فات ص 156، هامش 2
(9)
انظر ما فات ص 2، هامش 1
(10)
س (47 ب): «الشر» . وما هنا يتفق ونص (الروضتين) و (النكت، ص 69)