الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[91]
ذكر فتح حصن المنيطرة
وفى سنة إحدى وستين وخمسمائة فتح الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى - رحمهما الله - حصن المنيطرة، وكان بيد الفرنج، سار إليه جريدة، وانتهز (1) الفرصة فيه، وجدّ في قتاله عنوة وقهرا، وقتل من به، وسبى (2) وغنم غنيمة كثيرة، وذكر القاضى بهاء الدين بن شداد رحمه الله أن الواقعة كانت سنة اثنتين وستين وخمسمائة.
ذكر مسير أسد الدين شيركوه بن شاذى المسير الثانى إلى مصر
وفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة سيّر الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى - رحمة الله عليهما - أسد الدين شيركوه إلى مصر ليملكها، وذلك لما ثبت في نفسه من غدر شاور به ورجوعه عما كان وقع من العهد والاتفاق عليه، وسيّر معه جمعا من الأمراء، فبلغت عدتهم ألفى فارس، وذلك في شهر ربيع الأول من السنة، وسار معه نور الدين إلى أطراف البلاد خوفا من معرة «كذا (3)» الافرنج.
(1) أمام هذا اللفظ بالهامش معناه باللغة اللاتينية (captavit occasionem) ويبدو أن كاتبها واحد من المستشرقين الذين قرأوا هذه النسخة بمكتبة جامعة كامبردج.
(2)
في الأصل: «سبا» .
(3)
كذا في الأصل، ولا يستقيم بها المعنى، وصيغة (ابن الأثير):«خوفا من حادث يتجدد عليهم فيضعف الاسلام» .
وكان صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذى مع عمه أسد الدين في هذه السفرة؛ وفى ذلك يقول عرقلة (1) الدمشقى يمدح صلاح الدين، وجرى بملكه الفال، والفال موكل بالمنطق:
أقول والأتراك قد أزمعت
…
مصر إلى حرب الأعاريب
ربّ كما ملّكتها يوسف ال
…
صدّيق من أولاد يعقوب
يملّكها في عصرنا يوسف ال
…
صادق من أولاد أيوب
من لم يزل ضرّاب هام العدى
…
حقا، وضرّاب العراقيب
ثم سار أسد الدين رحمه الله إلى الديار المصرية (وترك بلاد الافرنج عن يمينه فوصل الديار المصرية)(2)، وعبر النيل عند أطفيح (3) بالجانب الغربى، ونزل بالبلاد الجيزية، وتصرف في البلاد، وأقام بها نيفا وخمسين يوما.
وأرسل شاور - وزير العاضد - يستنجد بالفرنج، فأتوه على الصعب والذلول، وحملهم على ذلك أمران: أحدهما الطمع في تملك الديار المصرية، والثانى الخوف من تملك العساكر النورية لها؛ وعلموا أنه إن ملكها نور الدين رحمه الله واستضافها إلى [92] البلاد الشامية لم يبق لهم بالبيت المقدس والشام مقام، وأنه يستأصلهم وتصير بلادهم في وسط بلاده؛ ولما وصلوا مصر اجتمعوا بالعساكر المصرية وعبروا إلى الجانب الغربى.
(1) هو حسان بن نمير الكلبى أبو الندى الشاعر المعروف بعرقلة الدمشقى، كان شيخا خليعا أعور مطبوعا لطيفا ظريفا، اختص بالسلطان صلاح الدين وله فيه مدائحه، توفى سنة 567 هـ. انظر:(ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج 6، ص 64) و (سبط بن الجوزى: مرآة الزمان، ج 8، ق 1، ص 286 - 287).
(2)
هذه الجملة كتبت في هامش الأصل وأشير إلى مكانها بالمتن بعلامة.
(3)
اطفيح حاليا قرية من قرى مركز الصف بمديرية الجيزة، وهى مدينة قديمة كانت تسمى في العصر اليونانى «افروديتوبوليس». انظر:(مصلحة المساحة: فهرس مواقع الأمكنة) و (على مبارك: الخطط، ج 8، ص 77 - 78).