المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ١

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمه المؤلف]

- ‌ذكر نسب بنى أيوب

- ‌ذكر ابتداء أمر نجم الدين أيوب وأخيه أسد الدين شيركوه

- ‌ذكر ابتداء الدولة الأتابكية

- ‌ذكر استيلاء الأمير قسيم الدولة آق سنقر الحاجب على مدينة حلب

- ‌منازلة قسيم الدولة حمص واستيلاؤه عليها

- ‌ذكر مقتل الأمير قسيم الدولة آق سنقر

- ‌ذكر أخبار عماد الدين زنكى ابن قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين على جزيرة ابن عمر

- ‌استيلاء عماد الدين زنكى على نصيبين

- ‌استيلاء عماد الدين زنكى على سنجار والخابور

- ‌استيلاؤه على حرّان

- ‌ذكر استيلاء الشهيد عماد الدين زنكىعلى مدينة حلب

- ‌ذكر استيلاء الأمير عماد الدينعلى مدينة حماة

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين الخليفة المسترشد باللهوبين عماد الدين زنكى

- ‌ذكر منازلة الخليفة المسترشد بالله مدينة الموصل

- ‌استيلاء شمس الملوك صاحب دمشق على حماة وأخذها من عماد الدين

- ‌ استيلاء عماد الدين على قلعة الصور

- ‌استيلاء عماد الدين على قلاع الهكّاريّة

- ‌منازلة عماد الدين دمشق

- ‌ذكر مقتل المسترشد وخلافة الراشد بالله

- ‌ذكر قدوم السلطان محمود بن مسعود بن محمد إلى بغدادوهروب الراشد بالله وعماد الدين زنكى إلى الموصل

- ‌ذكر البيعة بالخلافةللمقتفى لأمر الله بن المستظهر بالله

- ‌منازلة عماد الدين مدينة حمص

- ‌ذكر فتح المعرّة وكفر طاب

- ‌ذكر خروج ملك الروم إلى بلاد الإسلام

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين على حمص

- ‌ذكر منازلة الروم حلب ثم شيزر

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على حرّان ثانيا

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على شهرزور وأعمالها

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على بعلبك

- ‌ذكر منازلة عماد الدين زنكى دمشق

- ‌ذكر فتح الرّها

- ‌ ذكر مقتل نصير الدين جقر النائب بالموصل

- ‌ذكر رحيل عماد الدين عن البيرةوتملك المسلمين لها

- ‌ذكر استيلاء زين الدين على كوجك على إربل

- ‌ذكر منازلة عماد الدين قلعة جعبر

- ‌ذكر مقتل الشهيد عماد الدين أتابك زنكى ابن آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر أخبار الأيام النورية

- ‌ذكر استيلاء نور الدين محمود بن زنكى رحمه الله على حصن العزيمة

- ‌كسرة الفرنج بيغرى

- ‌ذكر وفاة سيف الدين غازى بن زنكى ابن آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر سيرة سيف الدين رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء نور الدين محمود بن زنكى على سنجار

- ‌ذكر الصلح بين قطب الدين وأخيه نور الدينورد سنجار إلى قطب الدين

- ‌ذكر قتل البرنس صاحب أنطاكية وكسرة الفرنج

- ‌ذكر فتح أفامية

- ‌ذكر انهزام نور الدين من الفرنج

- ‌ذكر وقوع جوسلين في أسر نور الدين رحمه الله

- ‌ذكر فتح تل باشر

- ‌ذكر استيلاء محمود بن زنكى على مدينة دمشقوخروج الملك عن بيت طغتكين

- ‌ذكر منازلة نور الدين رحمه الله حارم

- ‌ذكر استيلاء نور الدين على بعلبك

- ‌ ذكر استيلاء نور الدين على مدينتى بصرى وصرخد

- ‌ذكر بيعة المستنجد بالله

- ‌ذكر حصر نور الدين مدينة حارم

- ‌ذكر هزيمة نور الدين من الفرنج

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه الأوّل إلى مصر

- ‌ذكر وصول الفرنج إلى الديار المصريةومحاصرتهم أسد الدين ببلبيس

- ‌ذكر وقوع الصلح بين أسد الدين والمصريين والفرنج

- ‌ذكر فتح حارم وكسر الفرنج

- ‌ ذكر فتح بانياس

- ‌ ذكر فتح حصن المنيطرة

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه بن شاذى المسير الثانى إلى مصر

- ‌ذكر واقعة البابين

- ‌ذكر استيلاء أسد الدين شيركوه على الاسكندرية

- ‌ذكر محاصرة الفرنج لصلاح الدين يوسف بالاسكندرية

- ‌ذكر وقوع الصلح بين أسد الدين والفرنج والمصريين

- ‌ذكر فتح صافيثا والعزيمة

- ‌ذكر فراق الأمير زين الدين على كوجك قطب الدين مودودابن زنكى صاحب الموصل

- ‌ذكر استيلاء الملك العادل نور الدين على قلعة جعبر

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية[96]المسير الثالث

- ‌ذكر منازلة الفرنج بلبيس وملكهم لها

- ‌ذكر منازلة الفرنج القاهرة

- ‌ذكر إحراق مصر

- ‌ذكر وقوع الصلح بين شاور والفرنج

- ‌ذكر قدوم أسد الدين شيركوه مصرورحيل الفرنج عنها

- ‌ذكر مقتل شاور

- ‌ذكر استيلاء أسد الدين شيركوه على الديار المصريةوتقلده وزارة العاضد

- ‌ذكر وفاة أسد الدين شيركوه بن شاذى رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد

- ‌ذكر وقعة السودان بالقاهرة

- ‌ذكر منازلة الفرنج دمياط وعودتهم عنها خائبين

- ‌ذكر وصول الملك الأفضل نجم الدين أيوب بن شاذىوالد السلطان إلى مصر

- ‌ذكر وفاة قطب الدين مودود بن زنكىصاحب الموصل

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء سيف الدين غازى بن مودود بن زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء الملك العادل نور الدين رحمه الله على الموصل، وإقرار ابن أخيه سيف الدين عليها

- ‌ذكر البيعة بالخلافة للمستضىء بنور اللهابن المستنجد بالله

- ‌ذكر الأحداث الكائنة بمصر في هذه السنة- أعنى سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌خروج الملك الناصر صلاح الدين إلى الغزاة

- ‌ذكر فتح قلعة أيلة

- ‌ذكر إقامة الدعوة العباسية بمصر وانقراض الدولة العلوية بها

- ‌ذكر وفاة العاضد

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين- رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر منازلة السلطان الملك الناصر صلاح الدينرحمه الله الكرك والشوبك

- ‌ذكر وصول الهدية المصرية إلى نور الدين

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر المراسلة بين نور الدين وصلاح الدين- رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر قصد نور الدين رحمه اللهبلاد قليج أرسلان

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين مقدم الأرمن والروم

- ‌ذكر دخول قراقوش التقوى بلاد المغرب

- ‌ذكر دخول الملك المعظم شمس الدولة فخر الدين توران شاهابن أيوب اليمن وتملكه لها

- ‌ذكر عزم جماعة من المصريين على إقامة الدعوة المصريةوما آل اليه أمرهم

- ‌ذكر شىء من خبر عمارة وشعره

- ‌ذكر ورود الرسالة النورية إلى صلاح الدين

- ‌ذكر وفاة الملك العادل نور الدينابن زنكى بن آق سنقر - رحمه الله تعالى

- ‌صفته وسيرته رحمه الله

الفصل: ‌ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد

فقتله؛ وقيل بل توفى فجأة، وكانت وفاته يوم السبت [104] لنمان بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة - سنة أربع وستين وخمسمائة - فكانت وزارته شهرين وخمسة أيام.

‌ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد

ذكر القاضى بهاء الدين أن الوصية كانت إليه من عمه أسد الدين، وأنه لما فوض إليه الأمر تاب عن شرب الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو، وتقمّص لباس الجد والاجتهاد، وما عاد وما زاد إلا جدا إلى أن توفاه الله إلى رحمته.

قال: «ولقد سمعته رحمه الله يقول: لما يسّر الله تعالى الديار المصرية علمت أنه أراد فتح الساحل، لأنه أوقع ذلك في نفسى» .

وذكر عن بهاء الدين أنه لما توفى أسد الدين كان بمصر جماعة من أكابر الأمراء النورية، منهم: عين الدولة الياروقى (1)، وقطب الدين خسرو بن التليل، - وهو ابن أخى ابن أبى الهيجا الهذبانى صاحب إربل وقد ذكرناه - وسيف الدين على بن أحمد المشطوب، - وكان جده صاحب قلاع الهكاريّة - وشهاب الدين الحارمى - خال صلاح الدين -، وكل منهم تطاول إلى الأمر ورام التقدم، فأرسل العاضد من القصر يستدعى صلاح الدين ليخلع عليه ويوليه الوزارة، وكان الذى حمل العاضد على ذلك ضعف صلاح الدين، وعلم أنه إذا ولى وليس له عسكر ولا رجال كان تحت يده وحكمه، ولا يجسر على المخالفة؛ وأنه يضع على العسكر الشامى من يستميلهم إليه، فإذا صار معه البعض أخرج الباقين، وتعود البلاد

(1) لعل النسبة هنا إلى «الياروقية» وهى محلة بظاهر حلب. أنظر: (الروضتين، ج 1، ص 180).

ص: 168

إليه، وعنده من العساكر الشامية من يحميها من الفرنج ونور الدين، فامتنع صلاح الدين، وضعفت نفسه عن هذا المقام، فألزم به، وأحضر إلى القصر، وخلعت عليه خلع (1) الوزارة، ولقّب الملك الناصر، وعاد إلى دار الوزارة، وهى الدار التي كان بها عمه، فلم يلتفت إليه أحد من أولئك الأمراء ولا خدموه، فقام بأمره الفقيه ضياء الدين عيسى الهكارى، وما زال بسيف الدين على بن أحمد المشطوب حتى أماله إليه، وقال:«إن هذا الأمر لا يصل إليك مع (2) وجود عين الدولة وشهاب الدين الحارمى وابن تليل» ، ثم قصد به شهاب الدين وقال:«إن هذا صلاح الدين هو ابن أختك، وملكه لك، وقد استقام الأمر له، فلا تكن أول من يسعى [105] في إخراجه عنه، فلا يصل إليك» ؛ ولم يزل به حتى استحلفه له.

واجتمع بعد ذلك بقطب الدين وقال له: «إن صلاح الدين قد أطاعه الناس ولم يبق غيرك وغير الياروقى، وعلى كل حال فالجامع بينك وبين صلاح الدين أن أصله من الأكراد، فلا يخرج الأمر عنه إلى الأتراك» ؛ ووعده زيادة في إقطاعه، فأجاب وحلف.

ص: 169

ثم اجتمع بالياروقى - وكان أكبر الجماعة وأكثرهم جمعا -، فلم ينفع فيه رقاه ولا نفث فيه سحره، وقال:«أنا لا أخدم يوسف أبدا» . وعاد إلى نور الدين ومعه غيره، فأنكر عليهم فراقه له.

وذكر عماد الدين الكاتب في كتابه المعروف بالبرق الشامى: «أن أسد الدين لما توفى ومضت له التعزية اختلفت آراء الأمراء واختلطت آراؤهم، ثم اجتمعت كلمتهم على عقد الأمر لصلاح الدين؛ وألزموا العاضد - صاحب القصر - بتوليته، فولاّه وزارته، وكتب له منشور (1) بالإنشاء الفاضلى، من جملته:

«فأنت راضع درّه وناشئة حجره، وظهور الخيل مواطنك، وظلال الخيام مساكنك، وفى ظلمات قساطله (2) تجلى محاسنك. وفى أعقاب نوازلة تتلى مناقبك (3)، فشمّر له عن ساق من القنا، وخض فيه بحوافر (4) الظّبا، واحلل في عقد كلمة الله وثيقات الجبى (5)، وأسل الوهاد بدم العدا، وارفع برءوسهم الرّبا، حتى يأتى الله بالفتح الذى يرجو أمير المؤمنين أن يكون مذخورا لأيامك، ومشهودا لك يوم مقامك» .

وكتب العاضد لدين الله في طرته (6) بخطه:

«هذا عهد أمير المؤمنين إليك، وحجّته عند الله سبحانه عليك، فأوف بعهدك ويمينك، وخذ كتاب أمير المؤمنين بيمينك، وبمن مضى بجدنا رسول الله

(1) هذه فقرة قصيرة من المنشور، وقد أوردها بعينها (أبو شامة: الروضتين، ج 1 ص 161) أما نص المنشور كاملا فقد ورد في:(صبح الأعشى، ج 10، ص 91 - 98) فراجعه هناك فهو وثيقة هامة. وورد في: (الروضتين، ج 1، ص 173) أن منشور الوزارة هذا كان ملفوفا في ثوب من الأطلس الأبيض.

(2)

في صبح الأعشى: «مشاكله» .

(3)

في صبح الأعشى: «ميامنك» .

(4)

في المرجع السابق. «بحرا من» .

(5)

في نفس المرجع: «واحلل فيه عقدة كلمات الله سبحانه وثيقات الحبى» .

(6)

ورد نص ما كتبه العاضد في الطرة في: (الروضتين، ج 1، ص 161 - 162) و (صبح الأعشى، ج 9، ص 407).

ص: 170

- صلى الله عليه وسلم[أحسن](1) أسوة، [ولمن بقى بقربنا سلوة](1) و {تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (2).

وهذا آخر منشور كتب عنهم، وانقرض أمرهم، وانفصمت عرى دولتهم.

وفى هذا التاريخ ابتداء الدولة الأيوبية، وأخذت الدولة المصرية في الوهن والضعف والانحطاط إلى أن انقرضت بالكلية بعد سنتين على ما سنذكره - إن شاء الله تعالى -

ورثى عماد الدين الكاتب أسد الدين رحمه الله بقصيدة عزى بها أخاه نجم الدين [106] أيوب وولده الأمير ناصر الدين محمد بن شيركوه، وهنأهما بملك الملك الناصر صلاح الدين الديار المصرية:

ما بعد يومك للمعنى المدنف

غير العويل وحسرة المتأسّف

ما أجرأ الحدثان! كيف عدا (3) على الأ

سد المخوف سطا، ولم يتوقّف

من ثابت دون الكماة سواه؟ إن

زلّت بهم أقدامهم في الموقف

من ذا رأى الأسد الهصور فريسة

أم أبصر الصبح المنير وقد خفى؟

ما كان أسنى البدر لو لم يستتر!

ما كان أبهى الشمس لو لم تكسف!

أيام عمرك لم تزل مقسومة

لله: بين تعبّدّ وتعرّف

متهجدا لعبادة، أو تاليا

من آية، أو ناظرا في المصحف

فجع الندا والبأس منك بحاتم

وبحيدر، والعلم منك بأحنف

بالملك فزت، وحزته عن قدرة،

ومضيت عنه بسيرة المتعفّف

ووصفت يا أسدا لدين محمد

مدحا بما ملك به لم يوصف

(1) أضيف ما بين الحاصرتين بعد مراجعة المرجعين السابقين.

(2)

السورة 28 (القصص)، الآية 83 ك.

(3)

في: (الروضتين، ج 1، ص 162)«سطا» .

ص: 171

وقفوت آثار الشريعة كلّها،

وقد اهتدى من للشريعة يقتفى

أأنفت من دنياك حين عرفتها؟

فلويت وجه العارف المستنكف (1)

يا ناصر الدين استعذ بتصبّر

مدن إلى مرضاة ربّ مزلف

وتعزّ نجم الدين عنه مهنأ

أبد الزمان بملك مصر، ويوسف

لا نستطيع سوى الدعاء؛ فكلنا

- إلا بما في الوسع - غير مكلّف

ولما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمهما الله - مصر كتب إلى بعض أصدقائه وأودائه بالشام كتابا أوله:

«أيها الغائبون عنى وإن كن

تم لقلبى بذكركم جيرانا

إننى مذ فقدتكم لأراكم

بعيون الضمير عندى عيانا»

فأجابه، والشعر والترسل لعماد الدين الأصفهانى:

[107]

«أيها الظاعنون عنا (2) وقلبى

معهم (3) ما يفارق الأشجانا (4)

ملكوا مصر مثل قلبى، وفى هـ

ذا، وفى تلك (5) أصبحوا سكّانا

فاعدلوا فيهما، فإنكم اليو

م ملكتم عليهما سلطانا

لا تروعوا بالهجر قلب محب

أورئته أوصابه (6) الخفقانا

حبذا معهد قضينا به العي

ـش، وكنا بربعه جيرانا (7)

(1) في الروضتين: «المتنكف» .

(2)

في الروضتين: «عنى» .

(3)

في الروضتين: «لا» .

(4)

في الروضتين «الاظعانا» .

(5)

في الروضتين «وهاتيك» .

(6)

في الروضتين: «روعاته» .

(7)

هذه المقطوعة ينقصها بيتان يليان هذا البيت الأخير، أوردهما صاحب الروضتين (ج 1، ص 162)، وهما: إذ وجدنا من الحوادث أمنا وأخذنا من الخطوب أمانا ورتعنا من المنى في رياض وسكنا من المغانى جنانا

ص: 172

وبعد: فإن وفود الهناء، وأمداد الدعاء، متواصلة على الولاء، صادرة عن محض الولاء، إلى عالى جنابه المأنوس، ومنيع كنفه المحروس، فليهنه الظفران بالملك وبالعدو، وفرع هضاب المجد والعلو، وكيف لا يكون النصر مساوقا لدين هو صلاحه، والتأييد موافقا لعزم هو (1) تجاحه وفلاحه.

فالشام يغبط مصرا مذ حللت بها

كما الفرات عليكم يحسد النيلا

نلتم من الملك عفوا ما الملوك به

عنوا قديما وراموه فما نيلا»

وثبتت قدم الملك الناصر صلاح الدين في الملك ورسخ ملكه، والخطبة مع ذلك على المنابر بالديار المصرية للخليفة العاضد، وبعده للملك العادل نور الدين؛ فالملك في الظاهر له، ولا يتصرف صلاح الدين إلا عن أمره، والمكاتبة ترد عليه من نور الدين:«بالأمير الاسفهسلار (2)» ، ويكتب نور الدين اسمه قبل علامته (3) تعظيما لنفسه، ولا يفرده بالمكاتبة، بل يكتب إليه:«الأمير الاسفهسلار صلاح الدين، وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا» .

(1) الأصل: «موافقا به نجاحه» ، والتصحيح عن الروضتين.

(2)

انظر ما فات هنا ص 2، هامش 1.

(3)

العلامة مصطلح خاص يكتبه الخليفة أو السلطان بيده على الرسائل أو الأوامر أو السجلات الصادرة عنه، ولا تصدر هذه الوثائق على اختلافها إلا بعد كتابة هذه العلامة، وكان كل خليفة أو سلطان أو ملك يتخذ لنفسه مصطلحا خاصا ليكون علامته، وقد يكون توقيعا باسمه أو آية قرآنية أو قولا مأثورا إلخ. . . وهذه العلامة هى التي تطورت في أواخر العصر المملوكى وفى العصر العثمانى فأصبحت تعرف «بالطغراء». أنظر:(المقريزى، الخطط، ج 3، ص 367 - 368) حيث يشير إلى «الطغرا» و «العلامة» بقوله: «وكان في الدولة السلجوقية يسمى ديوان الانشاء بديوان الطغرا، وإليه ينسب مؤيد الدين الطغرائى. والطغرا هى طرة المكتوب، فيكتب أعلى من البسملة بقلم غليظ ألقاب الملك، وكانت تقوم عندهم مقام خط السلطان بيده على المناشير والكتب ويستغنى بها عن علامة السلطان، وهى لفظة فارسية» . أنظر أيضا: (C .Cahen : La Tughra Seljukide .Journal Asiatique،1945 ;La Correspondance de Diya ad - Din Ibn al - Athir .B .S .O .S .V .XIV .Part 1) و (المقريزى: السلوك، ج 1، ص 344، هامش 1).

ص: 173