الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طغى وبغى (1) عدوا على غلوائه
…
فأورثه البغى العداوة والكفر
وأمست عزاز كاسمها بك عزة
…
تشق على النّسرين لو أنها وكر
كأنى بهذا العزم لا فلّ حدّه
…
فأقصاه بالأقصى وقد قضى الأمر
[75]
فسروا ملك (2) الدنيا ضياء وبهجة
…
فبالأفق الداجى [إلى (3)] اذا السنا فقر
وقد أصبح البيت المقدس طاهرا
…
وليس سوى جارى الدماء له طهر
ذكر كسرة الفرنج بدلوك (4) وفتحها
وفى سنة سبع وأربعين وخمسمائة تجمعت الفرنج وحشدت فارسهم وراجلهم وساروا نحو نور الدين محمود بن زنكى رحمه الله وهو ببلاد جوسلين ليمنعوه من تملكها وأخذها، فوصلوا إليه وهو بدلوك، فوقع المصاف بها، واقتتلوا قتالا شديدا، وصبر الفريقان عليه، فانكسر الفرنج، وقتل منهم وأسر عدد كثير، وملك دلوك واستولى عليها.
ذكر استيلاء محمود بن زنكى على مدينة دمشق
وخروج الملك عن بيت طغتكين
آخر من ملك دمشق من بيت الأمير ظهير الدين أتابك طغتكين الأمير مجير الدين آبق بن جمال الدين محمد بن تاج الملوك (5) بورى بن طغتكين، وكان القيّم
(1) الأصل: «طغا وبغا» .
(2)
كذا في الأصل، ولعلها:«واملأ» .
(3)
أضيف ما بين الحاصرتين بعد مراجعة: (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 58).
(4)
هكذا ضبطها ياقوت وقال إنها بليدة من نواحى حلب بالعواصم،
(5)
في الأصل لفظ «بن» زائدة بين «تاج الملوك» و «بورى» .
بتدبير أمره معين الدين أنر مملوك جده، وكان الحكم له، وليس لمجير الدين إلا مجرد الاسم، ثم توفى معين الدين سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
ولما كانت هذه السنة - وهى سنة سبع وأربعين وخمسمائة - نازل الفرنج عسقلان - وهى للمصريين - فأخذوها وكان نور الدين لما نازل العدو عسقلان يتأسف إذ لا يمكنه الوصول إليهم، ودفعهم عنها بسبب توسط دمشق بينه وبينهم، فلما ملكها العدو وقووا وطمعوا في ملك دمشق، واستضعفوا مجير الدين، وتابعوا الغارة على أعماله، وأكثروا القتل بها والنهب والسبى، وأفضى الأمر بالمسلمين إلى أن جعل الفرنج على دمشق قطيعة في كل سنة، وكان رسولهم يجئ ويجبيها من البلاد؛ ثم اشتد البلاء حتى أرسل الفرنج واستعرضوا عبيدهم وإماءهم الذين نهبوا من سائر بلاد النصرانية، وخيّروهم بين المقام عند مواليهم والعود إلى أوطانهم، فمن أحب المقام تركوه، ومن أحب وطنه سار إليه، وقلّت حرمة مجير الدين عند أهل دمشق إلى أن حصروه في القلعة مع إنسان من أكابر أهل البلد يقال له مؤيد الدين ابن الصوفى.
ولما اتصل ذلك بنور الدين لحقته الحميّة، وخاف من [76] استيلاء العدو على بلاد المسلمين، وأهمّه أهل دمشق، وعمل الحيلة في ملكها حيث علم أنه إن قصدها ورام أخذها بالغلبة استمال صاحبها الفرنج واستعان بهم على حربه، فاستمال نور الدين حينئذ مجير الدين صاحبها ولاطفه وأظهر مودته وواصله بالهدايا والتحف حتى وثق به، ثم كان في بعض الأحيان يقول له:«إن فلانا من الأمراء قد كاتبنى في تسليم البلد إلىّ» ، فيبعد مجير الدين ذلك الأمير ويأخذ إقطاعه، وفعل ذلك مرارا حتى أبعد مجير الدين عنه أكثر الأمراء، وبقى عنده أمير يقال له عطاء بن حفاظ السلمى، وكان شهما شجاعا، ففوّض إليه مجير الدين أمر دولته؛ وكان نور الدين