الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقرر عليهم خمسين ألف دينار [43] يحملونها (1) إليه، ووقعت الإجابة إلى ذلك، فلما فارقوا الحصن وتحققوا خروج ملك الروم لنصرتهم ندموا حيث لم ينفعهم الندم (2)
ذكر فتح المعرّة وكفر طاب
وفى مدة حصار بارين تسلم عماد الدين رحمه الله المعرّة وكفر طاب من الفرنج (3)، وكان الضرر يلحق المسلمين بالفرنج الذين فيهما لتوسطهما البلاد الإسلامية (3)، ولقد سلك الأمير عماد الدين من العدل في أهل المعرة لما استنقذها من الفرنج طريقة لم يسلكها أحد قبله، سمعت (4) والدى رحمه الله يقول - ونحن بالبيت المقدس سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان الملك المعظم شرف الدين عيسى بن أبى بكر بن أيوب قد قدم إليها فاجتمع به والدى بالحرم الشريف - قال:«سألنى اليوم السلطان الملك المعظم: هل كان للمعرّة سور؟ قلت: «نعم» ، قال:«فمن هدمه؟» قلت: «أتابك زنكى لما ملك المعرّة واستنقذها من الفرنج» ، ثم ذكرت له عدل أتابك زنكى، وقلت له: إنه كان حنفى المذهب، ومن مذهب أبى حنيفة رحمه الله أن الكفار إذا استولوا على بلد وفيه أملاك للمسلمين خرجت تلك الأملاك عن ملك أصحابها (5) لصيرورة البلد دار حرب (5)، فإذا عاد البلد
(1) في الأصل: «يحملوها» وما هنا عن: (س) و (ابن الأثير) وهو الصحيح.
(2)
هذه الحوادث رواها ابن الأثير أكثر تفصيلا، والنصان متفقان في اللفظ في أكثر من موضع.
(3)
نص (س) يختلف عما هنا بعض الشىء وهو: «وكان الضرر بالأفرنج الذين فيهما على المسلمين عظيما لتوسطهما البلاد الاسلامية» .
(4)
هذه فقرة من الفقرات الكثيرة الهامة التي يشير فيها ابن واصل إلى أبيه وإلى نفسه، ومن هذه الفقرات استطعنا أن نعرف الشىء الكثير عن حياة ابن واصل وحياة أبيه مما لم تتضمنه كتب التراجم.
(5)
هذه الجملة ساقطة من (س).
بعد ذلك إلى المسلمين كانت تلك الأملاك لبيت المال، فلما فتح أتابك المعرة جاءه (1) المعريون يطلبون تسليم أملاكهم إليهم، فاستفتى أتابك الفقهاء [على](2) ذلك، فأفتوه بما يقتضيه مذهبهم، وهو أن الأملاك لبيت المال، ولا حظّ لأصحابها فيها، فقال رحمه الله: إذا كان الفرنج يأخذون أملاكهم (3)، ونحن نأخذ أملاكهم، فأى فرق بيننا وبين الفرنج؟ كل من أتى (4) بكتاب يدل على أنه مالك لأرض فليأخذها، فرد إلى الناس جميع أملاكهم، ولم يعترض لشىء منها. وقال:«فاستحسن [السلطان] (5) الملك المعظم هذه الفعلة» . قلت (6): وأما ابن الأثير (7) فإنه في تاريخه روى ذلك على غير هذه الصورة، وقال:«إن الفرنج لما ملكوا المرة أخذوا أملاك أهلها، فلما فتحها [عماد الدين] (8) زنكى، حضر من بقى من أهلها ومعهم أعقاب من هلك، فطلبوا [44] أملاكهم، فطلب منهم كتبها، فقالوا: إن الافرنج أخذوا كل ما لنا، وذهبت الكتب التي للأملاك (9)؛ فقال لأصحابه: «اطلبوا دفاتر ديوان حلب، فكل من عليه خراج على ملك يسلم إليه» ، ففعلوا ذلك، وعاد الناس إلى أملاكهم (10)؛ وهذا من أحسن الأفعال وأعدلها» رحمه الله وقدس روحه -.
(1) في الأصل: «جاءوا» وما هنا عن س.
(2)
ما بين الحاصرتين عن (س).
(3)
في (س): أملاكهم ولا نردها نحن، فأى فرق. . . الخ».
(4)
في الأصل: «أتا» بالألف.
(5)
ما بين الحاصرتين عن (س).
(6)
مكان هذا اللفظ في س: «قال صاحب الكتاب القاضى جمال الدين بن واصل قاضى القضاة بحماة» .
(7)
هذا مثل من أمثلة كثيرة ستأتى فيما بعد تدل على أن ابن واصل لم يكن يقنع بالرواية الواحدة حتى ولو كان راويها أبوه نفسه، بل كان يقارن بين روايات المؤرخين المختلفين كلما وجد خلافا بين هذه الروايات.
(8)
ما بين الحاصرتين عن (س) و (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 20).
(9)
نص ابن الأثير: «كل ما لنا والكتب التي للأملاك فيها» .
(10)
نص ابن الأثير: «وأعاد على الناس أملاكهم» .