الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وصول الهدية المصرية إلى نور الدين
وسيّر الهدية إلى نور الدين، وكتب إليه بالإنشاء الفاضل: «سبب هذه الخدمة إلى مولانا السلطان الملك العادل أعز الله سلطانه، ومدّ أبدا إحسانه، ومكّن بالنصر إمكانه، وشيّد بالتأييد أركانه، ونصر أنصاره وأعان أعوانه: علم المملوك بما يؤثره المولى بأن يقصد الكفار بما يقص (1) أجنحتهم، ويفّل (2) أسلحتهم، ويقطع موادهم، ويخرب بلادهم؛ وأكبر الأسباب المعينة على ما يرومه من هذه المصلحة أن لا يبقى في بلادهم أحد من العربان، وأن ينتقلوا من ذل الكفر إلى عز الإيمان، ومما اجتهد فيه عامة (3) الاجتهاد، وعدّه من أفضل (4) أسباب الجهاد، ترحيل كثير من أنفارهم، والحرص في تبديل دارهم، إلى أن صار (5) العدو اليوم إذا نهض لا يجد بين يديه دليلا، ولا يستطيع حيلة ولا يهتدى سبيلا (6).
(1) في الاصل: «يحض» ، وقد صححت بعد مراجعة س والروضتين.
(2)
في الاصل، وفى س (39 ا):«يقل» ، وفى (الروضتين، ج 1، ص 206): «يغلل» ، وما هنا قراءة ترجيحية يقتضيها المعنى.
(3)
كذا في الأصل، وفى س (39 ا):«من الاجتهاد» ، وفى (الروضتين، ج 1، ص 206): «غاية الاجتهاد» .
(4)
كذا في الأصل وفى س، وفى (الروضتين):«أعظم» .
(5)
في س: «إلى أن يصير العدو إذا نهض. . . الخ» .
(6)
هذه قطعة من رسالة بقلم القاضى الفاضل أرسلها صلاح الدين إلى نور الدين ليبين له فيها القصد من خروجه لمهاجمة الكرك والشوبك، وكانت هذه أول غزوة غزاها صلاح الدين من مصر في أوائل سنة 568 هـ وقد أوضح (بهاء الدين بن شداد: النوادر السلطانية، ص 36) الغرض من هذه الغزوة وأهميتها بقوله:«وإنما بدأ بها - أي الكرك والشوبك - لأنها كانت أقرب إليه، وكانت في الطريق تمنع من يقصد الديار المصرية، وكان لا يمكن أن تصل قافلة حتى يخرج هو بنفسه يعبرها بلاد العدو، فأراد توسيع الطريق وتسهيله لتتصل البلاد بعضها ببعض، وتسهل على السابلة، فخرج قاصدا لها فحاصرها، وجرى بينه وبين الأفرنج وقعات، وعاد عنها ولم يظفر منها بشىء» .
ولما وصلت الهدية والرسول إلى نور الدين استقلّ الهدية واستنزرها، ولم تقع منه بموقع، ولكنه أظهر شكر صلاح الدين، ووصف فضيلته، وقال: «ما كان بنا حاجة إلى هذا المال، وهو يعلم أنا ما أنفقنا الذهب في ملك مصر وبنا فقر إلى هذا الذهب، وما لهذا المحمول في مقابلة ما جدنا به مقدار، [وتمثل بقول أبى تمام (1)]:
لم ينفق الذهب المربى بكثرته
…
على الحصا وبه فقر إلى الذّهب
لكنه يعلم أن ثغور الشام مفتقرة إلى وفور العدد من الجند، وقد عمّ البلاء بالفرنج، فينبغى أن تقع المساعدة والمعاونة بالأمداد»، ثم أخذ يفكر فيما يفعله من هذا المهم.
[137]
وفى هذه السنة أغار العدو على الجولان (5) ونزلوا سمسكين (6)، وبلغ ذلك
(1) أضفنا ما بين الحاصرتين عن: (الروضتين، ج 1، ص 206) وذلك للايضاح.
(2)
أضفنا ما بين الحاصرتين عن: (الروضتين، نفس الجزء والصفحة).
(3)
في س (39 ب): «مع هدايا وتحف سنية» .
(4)
في س: «مع هدايا عظيمة» .
(5)
في س (39 ب): «الحولان» ؛ والجولان قرية. وقيل جبل، من نواحى دمشق، ثم من عمل حوران؛ (ياقوت، معجم البلدان).
(6)
كذا في الأصل، وفى س، وفى (الروضتين)، وفى:(ياقوت: معجم البلدان): «سمكين ناحية من أعمال دمشق من جهة حوران» .
نور الدين وهو نازل بالكسوة فرحل إليهم بعساكره، فرحلوا إلى الفوار (1)، ثم إلى الشلالة (2)، ونزل نور الدين عشترا، وبعث عسكرا إلى أعمال طبرية، فأغارت عليها، ولما عادت لحقتها الفرنج عند المخاضة، فوقفت المقاتلة في مقابلتهم إلى أن عبرت السريّة (3) ونجت، ثم رحل نور الدين من عشترا، ونزل بظاهر زرا، وامتدحه عماد الدين بقصيدة أولها:
رفعت (4) بنصرك راية الإيمان
…
وبدت لعصرك آية الإحسان
يا غالب (5) الغلب الملوك وصائد ال
…
ـصيد الليوث وفارس الفرسان
يا سالب التيجان من أربابها
…
حزت الفخار على ذوى التيجان
[ومنها يقول (6)]:
كم وقعة لك في الفرنج، حديثها
…
قد سار في الآفاق والبلدان
قمصت (7) قومصهم رداء من ردى
…
وضربت رأس برنسهم بسنان
وملكت رقّ ملوكهم وتركتهم
…
بالذلّ في الأقياد والأشجان (8)
وجعلت في أعناقهم أغلالهم
…
وسحبتهم هونا على الأذقان (9)
(1) في س: «الفرات» .
(2)
في س «اللاكه «وفى الأصل: «السلالة» ، وما هنا عن (الروضتين، ج 1، ص 207).
(3)
في س: «البرية» .
(4)
كذا في الأصل، وفى س؛ وفى:(الروضتين، ج 1، ص 207): «عقدت» .
(5)
كذا في الأصل، وفى (الروضتين)، وفى س (39 ب):«يا غالبا غلب الملوك» .
(6)
ما بين الحاصرتين عن س، والقصيدة كاملة موجودة في:(الروضتين، ج 1، ص 207 - 208).
(7)
في س (40 ا): «قومصت قومصهم ردى من ردى» .
(8)
في الأصل، وفى س:«الأسجان» ، والتصحيح عن:(الروضتين).
(9)
في س: «الأذقانى» و «السلطانى» .