الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه - قليلا، فأخذ صلاح الدين بتلابيبه (1)، وأمر العسكر أن يقبضوا على أصحابه، ففروا، ونهبهم العسكر، وألقى شاور عن فرسه، ولم يمكنهم قتله بغير أمر أسد الدين، فذهبوا به إلى خيمة مفردة، فسجنوه بها، ووكل به من يحفظه بها؛ وعلم أسد الدين الحال فعاد من القرافة مسرعا، ولم يمكنه إلا إتمام ما عملوه، وجاء رسول العاضد لدين الله في الوقت، وهو أحد الخدم [101] الخواص (2)، ومعه (3) توقيع يتضمن:«[أنه (4)] لا بد من [أخذ (4)] رأسه» ، جريا على عادتهم في وزرائهم، في تقرير قاعدة من قوى منهم على صاحبه؛ فضرب عنقه وحمل رأسه إلى القصر، وذلك سابع ربيع الآخر.
ودخل أسد الدين القاهرة، ورأى من كثرة الخلق واجتماعهم ما خاف منه على نفسه، فقال لهم:«إن أمير المؤمنين قد أمركم بنهب دار شاور» ، فقصدوها الناس فنهبوها، وتفرقوا عنه.
ذكر استيلاء أسد الدين شيركوه على الديار المصرية
وتقلده وزارة العاضد
ثم خلع العاضد على أسد الدين خلع الوزارة، فلبسها، وسار، ودخل القصر، وفوضت إليه الوزارة والتقدم على الجيوش، ولقّب الملك المنصور أمير الجيوش؛
(1) كتب في هامش الأصل معنى هذه العبارة باللغة اللاتينية هكذا (Vestis quae circa Jugutu) .
(2)
إلى هنا تنتهى (ص 116 ب) من نسخة س، وبعدها يعود الاضطراب في ترتيب الصفحات.
(3)
بهذا اللفظ تبدأ (ص 29 ا) من نسخة س.
(4)
ما بين الحاصرتين زيادة عن س.
وقصد دار الوزارة (1) فنزلها، واستقر في الأمر، ولم يبق له منازع ولا مناوئ وكتب له منشور بالإنشاء الفاضلى أوله:
ثم مضمون بقية (4) المنشور تفويض أمور الخلافة إليه، والقيام بأعباء حفظها، والذبّ عنها، والتوصية بتقوى الله تعالى، والعمل بفرائضه، والانتهاء عن مناهيه، وإلى غير ذلك من الوصايا، أعرضنا عن ذكرها لطولها.
(1) ذكر المقريزى، الخطط، ج 2، ص 301 - 304) أن هذه الدار أنشأها الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالى، ولهذا كان يقال لها أيضا الدار الأفضلية، وكانت تقوم بجوار القصر الكبير الشرقى تجاه رحبة باب العيد، وما زال وزراء الفاطميين أرباب السيوف من عهد الأفضل يسكنون بدار الوزارة إلى أن زالت الدولة فاستقر بها الملك الناصر صلاح الدين ثم من تلاه من ملوك الأيوبيين وصاروا يسمونها الدار السلطانية، وأول من انتقل عنها وسكن بالقلعة الملك الكامل محمد، وجعلت منذ ذلك الحين منزلا لضيافة الرسل.
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة عن: (صبح الأعشى ج 10، ص 80).
(3)
في س (29 ا): «فانى أحمد» ، «نسأله» .
(4)
ورد نص هذا المنشور كاملا في: (صبح الأعشى، ج 10، ص 80 - 90) فراجعه هناك، وانظر أيضا نفس المرجع، ص 6؛ (ابن الحنبلى: شفاء القلوب، ص 18 - 10 ا).
وكتب العاضد في هذا (1) المنشور بخطه:
ولما انتظمت الأمور لأسد الدين بالديار المصرية أقطع البلاد للعساكر التي (7) قدمت معه؛ وصلاح الدين رحمه الله ابن أخيه، مباشر الأمور مقرر لها، وبيده زمام الأمر والنهى.
ومدح الشعراء أسد الدين، فممن مدحه عماد الدين أبو حامد محمد بن محمد (8) الأصفهانى الكاتب من قصيدة سيّرها إليه من الشام، وهو في خدمة نور الدين رحمه الله:
بالجدّ أدركت ما أدركت لا اللعب
…
كم راحة جنيت من دوحة التعب
(1) في س: «في طرة» وقد ورد نص هذا التوقيع في: (صبح الأعش ج 9، ص 406 - 407)
(2)
النص في: (القلقشندى: صبح الأعشى، ج 9، ص 406) هو: «وتقليد أمانة رآك الله تعالى وأمير المؤمنين أهلا لحمله» .
(3)
في الاصل: «وبما» والتصحيح عن: (س) و (صبح الأعشى).
(4)
في س: «سبيله» .
(5)
في: (صبح الأعشى، ج 9، ص 407)«واتخذ أمير المؤمنين» .
(6)
السورة 16 (النحل)، الآية 91 (ك).
(7)
في الأصل: «الذى» .
(8)
انظر ترجمته في: (ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 233 - 238) و (الصفدى: الوافى بالوفيات، ج 1، ص 132 - 140) و (النعيمى: الدراس في تاريخ المدارس، ج 1، ص 408 - 412) و (مقدمة خريدة القصر للعماد، الجزء الأول من القسم الأول - شعراء مصر - نشر أحمد أمين وشوقى ضيف وإحسان عباس).
يا شيركوه بن شاذى الملك دعوة من
…
نادى فعرّف خير ابن بخير أب
جرى الملوك، وما جازوا بركضهم
…
من المدى في العلى ما حزت بالخبب
تملّ من ملك مصر رتبة قصرت
…
عنها الملوك فطالت سائر الرّتب
فتحت مصر، وأرجو أن تصير بها
…
ميسّرا فتح بيت القدس عن كثب
قد أمكنت أسد الدين الفريسة من
…
فتح البلاد، فبادر نحوها وثب
أنت الذى هو فرد من بسالته،
…
والدين من عزمه في جحفل لجب
في حلق ذى الشرك من عدوى سطاك شجا،
…
والقلب في شجن، والنفس في شجب
زارت بنى الأصفر البيض التي لقيت
…
حمر المنايا بها مرفوعة الحجب
وإنها نقد (1) من خلفها أسد
…
أرى سلامتها من أعجب العجب (2)
لقد رفعنا إلى الرحمن أيدينا
…
في شكرنا ما به الإسلام عنك (3) حبى
يشكو (4) إليك بنو الإسلام يتمهم
…
فقمت فيهم مقام الوالد الحدب
في كل دار من الإفرنج نادبة
…
بما دهاهم، فقد باتوا على ندب
من شرّ شاور أنقذت العباد، فكم
…
وكم قضيت لحزب الله من أرب
هو الذى أطمع الأفرنج في بلد ال
…
إسلام حتى سعوا للقصد والطّلب
وإنّ ذلك عند الله محتسب
…
في الحشر من أفضل الطاعات والقرب
[103]
أذلّه الملك المنصور منتصرا،
…
لما دعا الشرك: هذا قد تعزّز بى
وما غضبت لدين الله منتقما
…
إلا لنيل رضا الرحمن بالغضب
وأنت من وقعت في الكفر هيبته
…
وفى ذويه وقوع النار في الحطب
وحين سرت إلى الكفار فانهزموا
…
نصرت نصر رسول الله بالرعب
(1) النقد جنس من الغنم تصار الأرجل قباح الوجوه تكون بالبحرين، وقيل هى غنم صفار حجازية، (اللسان).
(2)
بهذا اللفظ تنتهى (ص 29 ب) من نسخة ص، ثم يضطرب بعد ذلك ترتيب الصفحات في تلك النسخة وبالتالى تنقطع الصلة بين النص هناك وبين المتن هنا (نسخة ك).
(3)
في (الروضتين، ج 1، ص 159): «منك» .
(4)
نص الروضتين: «شكا» .