المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وفاة العاضد - مفرج الكروب في أخبار بني أيوب - جـ ١

[ابن واصل]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمه المؤلف]

- ‌ذكر نسب بنى أيوب

- ‌ذكر ابتداء أمر نجم الدين أيوب وأخيه أسد الدين شيركوه

- ‌ذكر ابتداء الدولة الأتابكية

- ‌ذكر استيلاء الأمير قسيم الدولة آق سنقر الحاجب على مدينة حلب

- ‌منازلة قسيم الدولة حمص واستيلاؤه عليها

- ‌ذكر مقتل الأمير قسيم الدولة آق سنقر

- ‌ذكر أخبار عماد الدين زنكى ابن قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين على جزيرة ابن عمر

- ‌استيلاء عماد الدين زنكى على نصيبين

- ‌استيلاء عماد الدين زنكى على سنجار والخابور

- ‌استيلاؤه على حرّان

- ‌ذكر استيلاء الشهيد عماد الدين زنكىعلى مدينة حلب

- ‌ذكر استيلاء الأمير عماد الدينعلى مدينة حماة

- ‌ذكر الوقعة الكائنة بين الخليفة المسترشد باللهوبين عماد الدين زنكى

- ‌ذكر منازلة الخليفة المسترشد بالله مدينة الموصل

- ‌استيلاء شمس الملوك صاحب دمشق على حماة وأخذها من عماد الدين

- ‌ استيلاء عماد الدين على قلعة الصور

- ‌استيلاء عماد الدين على قلاع الهكّاريّة

- ‌منازلة عماد الدين دمشق

- ‌ذكر مقتل المسترشد وخلافة الراشد بالله

- ‌ذكر قدوم السلطان محمود بن مسعود بن محمد إلى بغدادوهروب الراشد بالله وعماد الدين زنكى إلى الموصل

- ‌ذكر البيعة بالخلافةللمقتفى لأمر الله بن المستظهر بالله

- ‌منازلة عماد الدين مدينة حمص

- ‌ذكر فتح المعرّة وكفر طاب

- ‌ذكر خروج ملك الروم إلى بلاد الإسلام

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين على حمص

- ‌ذكر منازلة الروم حلب ثم شيزر

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على حرّان ثانيا

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على شهرزور وأعمالها

- ‌ذكر استيلاء عماد الدين زنكى على بعلبك

- ‌ذكر منازلة عماد الدين زنكى دمشق

- ‌ذكر فتح الرّها

- ‌ ذكر مقتل نصير الدين جقر النائب بالموصل

- ‌ذكر رحيل عماد الدين عن البيرةوتملك المسلمين لها

- ‌ذكر استيلاء زين الدين على كوجك على إربل

- ‌ذكر منازلة عماد الدين قلعة جعبر

- ‌ذكر مقتل الشهيد عماد الدين أتابك زنكى ابن آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر أخبار الأيام النورية

- ‌ذكر استيلاء نور الدين محمود بن زنكى رحمه الله على حصن العزيمة

- ‌كسرة الفرنج بيغرى

- ‌ذكر وفاة سيف الدين غازى بن زنكى ابن آق سنقر رحمه الله

- ‌ذكر سيرة سيف الدين رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء نور الدين محمود بن زنكى على سنجار

- ‌ذكر الصلح بين قطب الدين وأخيه نور الدينورد سنجار إلى قطب الدين

- ‌ذكر قتل البرنس صاحب أنطاكية وكسرة الفرنج

- ‌ذكر فتح أفامية

- ‌ذكر انهزام نور الدين من الفرنج

- ‌ذكر وقوع جوسلين في أسر نور الدين رحمه الله

- ‌ذكر فتح تل باشر

- ‌ذكر استيلاء محمود بن زنكى على مدينة دمشقوخروج الملك عن بيت طغتكين

- ‌ذكر منازلة نور الدين رحمه الله حارم

- ‌ذكر استيلاء نور الدين على بعلبك

- ‌ ذكر استيلاء نور الدين على مدينتى بصرى وصرخد

- ‌ذكر بيعة المستنجد بالله

- ‌ذكر حصر نور الدين مدينة حارم

- ‌ذكر هزيمة نور الدين من الفرنج

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه الأوّل إلى مصر

- ‌ذكر وصول الفرنج إلى الديار المصريةومحاصرتهم أسد الدين ببلبيس

- ‌ذكر وقوع الصلح بين أسد الدين والمصريين والفرنج

- ‌ذكر فتح حارم وكسر الفرنج

- ‌ ذكر فتح بانياس

- ‌ ذكر فتح حصن المنيطرة

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه بن شاذى المسير الثانى إلى مصر

- ‌ذكر واقعة البابين

- ‌ذكر استيلاء أسد الدين شيركوه على الاسكندرية

- ‌ذكر محاصرة الفرنج لصلاح الدين يوسف بالاسكندرية

- ‌ذكر وقوع الصلح بين أسد الدين والفرنج والمصريين

- ‌ذكر فتح صافيثا والعزيمة

- ‌ذكر فراق الأمير زين الدين على كوجك قطب الدين مودودابن زنكى صاحب الموصل

- ‌ذكر استيلاء الملك العادل نور الدين على قلعة جعبر

- ‌ذكر مسير أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية[96]المسير الثالث

- ‌ذكر منازلة الفرنج بلبيس وملكهم لها

- ‌ذكر منازلة الفرنج القاهرة

- ‌ذكر إحراق مصر

- ‌ذكر وقوع الصلح بين شاور والفرنج

- ‌ذكر قدوم أسد الدين شيركوه مصرورحيل الفرنج عنها

- ‌ذكر مقتل شاور

- ‌ذكر استيلاء أسد الدين شيركوه على الديار المصريةوتقلده وزارة العاضد

- ‌ذكر وفاة أسد الدين شيركوه بن شاذى رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد

- ‌ذكر وقعة السودان بالقاهرة

- ‌ذكر منازلة الفرنج دمياط وعودتهم عنها خائبين

- ‌ذكر وصول الملك الأفضل نجم الدين أيوب بن شاذىوالد السلطان إلى مصر

- ‌ذكر وفاة قطب الدين مودود بن زنكىصاحب الموصل

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر استيلاء سيف الدين غازى بن مودود بن زنكى على الموصل

- ‌ذكر استيلاء الملك العادل نور الدين رحمه الله على الموصل، وإقرار ابن أخيه سيف الدين عليها

- ‌ذكر البيعة بالخلافة للمستضىء بنور اللهابن المستنجد بالله

- ‌ذكر الأحداث الكائنة بمصر في هذه السنة- أعنى سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌خروج الملك الناصر صلاح الدين إلى الغزاة

- ‌ذكر فتح قلعة أيلة

- ‌ذكر إقامة الدعوة العباسية بمصر وانقراض الدولة العلوية بها

- ‌ذكر وفاة العاضد

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين- رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر منازلة السلطان الملك الناصر صلاح الدينرحمه الله الكرك والشوبك

- ‌ذكر وصول الهدية المصرية إلى نور الدين

- ‌ذكر غزوة النوبة

- ‌ذكر سيرته رحمه الله

- ‌ذكر المراسلة بين نور الدين وصلاح الدين- رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر قصد نور الدين رحمه اللهبلاد قليج أرسلان

- ‌ذكر الواقعة الكائنة بين مقدم الأرمن والروم

- ‌ذكر دخول قراقوش التقوى بلاد المغرب

- ‌ذكر دخول الملك المعظم شمس الدولة فخر الدين توران شاهابن أيوب اليمن وتملكه لها

- ‌ذكر عزم جماعة من المصريين على إقامة الدعوة المصريةوما آل اليه أمرهم

- ‌ذكر شىء من خبر عمارة وشعره

- ‌ذكر ورود الرسالة النورية إلى صلاح الدين

- ‌ذكر وفاة الملك العادل نور الدينابن زنكى بن آق سنقر - رحمه الله تعالى

- ‌صفته وسيرته رحمه الله

الفصل: ‌ذكر وفاة العاضد

فلما كان يوم الجمعة (1) من المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة صعد المنبر قبل الخطيب، ودعا للخليفة الإمام المستضىء بنور الله، فلم ينكر [ذلك (2)] أحد عليه، فلما كانت الجمعة الآتية أمر صلاح الدين بمصر والقاهرة بقطع خطبة العاضد، وإقامة الخطبة للمستضىء بنور الله، ففعلوا ذلك، فلم يتحرك مخالف لذلك ولا منكر له، وانتظم الأمر، وكوتب الخطباء في ذلك في سائر الإقليم فخطبوا؛ وكان العاضد قد اشتد مرضه، فلم يعلمه أهله وأصحابه بذلك، وقالوا:«إن سلم فهو يعلم، فلا ينبغى أن ننغص عليه هذه الأيام التي قد بقيت من أجله (3)» .

‌ذكر وفاة العاضد

ثم توفى العاضد [123] في يوم عاشوراء من السنة، وهو آخر خلفاء مصر، وانقضت مدتهم، ولكل شىء آخر، فسبحان المتفرد بالأزلية والأبدية.

وذكر ابن الأثير أنه لما شتد مرض العاضد أرسل إلى صلاح الدين يستدعيه ليوصيه، فظن أن ذلك خديعة، فلم يمض إليه، فلما توفى علم صدقه، فندم على تخلفه عنه.

ص: 201

وأما مؤلف كتاب الروضتين (1) فإنه حكى في كتابه أنه اجتمع بالأمير أبى الفتوح ابن العاضد وهو محبوس مقيّد سنة ثمان وعشرين وستمائة، فأخبره أبو الفتوح أن أباه في مرضه استدعى صلاح الدين فحضر، قال:«وأحضرنا - يعنى أولاده - ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا» ؛ ولما توفى العاضد جلس الملك الناصر للعزاء وأظهر البكاء والحزن عليه. ومشى في جنازته إلى قبره؛ ثم تسلم القصر بما فيه من الخزائن [والذخائر (2)]، والدفاتر والدواوين.

وكان لمّا جرى لمؤتمن الخلافة ما جرى وقتل، وكّل صلاح الدين بالقصر الأمير بهاء الدين قراقوش (3) الأسدى، وجعله زمام القصر مقام مؤتمن الخلافة فترتب في القصر فما كان يدخل إلى القصر شىء ولا يخرج منه شىء إلا بمرأى منه ومسمع، فضاق خناق (4) أهل القصر بسببه؛ فلما مات العاضد احتيط على أهله وأولاده في موضع خارج القصر في مكان أفرد لهم (5)، وقرّر لهم شيئا برسم الكسوة والنفقة

(1) انظر (الروضتين، ج 1، ص 194).

(2)

ما بين الحاصرتين عن س (32 ا).

(3)

قراقوش كلمة تركية معناها الطائر الأسود، وإن كان ابن خلكان قد ذكر أن معناها «العقاب» ، أنظر ترجمته في:(ابن خلكان: الوفيات، ج 3، ص 254 - 255) و (ابن أبى الوفاء: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، ج 2، س 443 - 444)، (النجوم الزاهرة، ج 6، ص 176 - 178). و (الدكتور عبد اللطيف حمزة: كتاب حكم قراقوش) و (المقريزى: الخطط، ج 3، ص 2 - 4).

(4)

كتب كاتب أمام هذا اللفظ بالهامش من الأصل معناه باللاتينية هكذا «خناق funis» .

(5)

روى صاحب الروضتين (ج 1، ص 194) عن الأمير أبى الفتوح بن العاضد أن قراقوش «جعلهم في دار برجوان في الحارة المنسوبة إليه بالقاهرة، وهى دار كبيرة واسعة، كان عيشهم فيها طيبا، ثم نقلوا بعد الدولة الصلاحية منها، وأبعدوا عنها» .

ص: 202

وما يحتاجون إليه، وجمع الباقين من عمومتهم وعترتهم (1) في القصر في إيوان، واحترز عليهم في ذلك المكان، وأبعد عنهم النساء لئلا يتناسلوا، ثم عرض من بالقصر من الجوارى والعبيد والعدد والآلات والذخائر النفيسة، فأطلق من ثبتت حريته، ووهب الباقى من الرقيق، وأخلى الدور، وأغلق القصور، وأخذ ما صلح له ولأهله ولأمرائه وخواص مماليكه وأصحابه من نفائس الذخائر والملابس؛ ومن جملة ذلك: الدّرّة اليتيمة، والياقوتة الغالية القيمة، والمصنوعات العنبرية، والأوانى الفضية، والصوانى الصينية، والمنسوجات المغربية (2)، [124] والممزوجات (3) الذهبية، وغير ذلك مما لا يقع عليه الاحصاء؛ وأسرف في العطاء والبذل، وأطلق البيع بعد ذلك فيما دون ذلك، واستمر البيع مدة عشر سنين.

وكانت خزانة الكتب (4) لهم تزيد على مائة ألف وعشرين ألف مجلدة، وفيها النفائس من الكتب التي لا يكاد يوجد مثلها، ومنها ما هو مكتوب بالخطوط المنسوبة التي لا توجد في خزانة أحد من الملوك، فحمل من الكتب إلى الشام ثمانية أحمال، وترك الباقى فبيع بعضه، وأطلق البعض لمن يختص به.

وتملّك صلاح الدين الأملاك التي لهم، وضربت الألواح على رباعهم ودورهم،

(1) كتب أمام هذا اللفظ بهامش الأصل معناه باللاتينية هكذا: «عترة proganies familia»

(2)

في س (32 ب): «الغربية» .

(3)

في الأصل: «المهروجات» وما هنا عن: «الروضتين، ج 1، ص 194). والممزّج نوع من القماش الثمين المنسوج بالذهب.

هكذا عرفه (Dozy : Supp،Dict .Arab)

بأنه (nom d'une etoffe precieuse،brocarat d'or) .

(4)

لاستيفاء الكلام عن هذه المكتبة وقيمتها انظر: (المقريزى: الخطط، ج 2، ص 253 - 255) و (ابو شامة: الروضتين، ج 1، ص 200) و (الدكتور حسن ابراهيم حسن: الفاطميون في مصر، ص 140 - 141).

ص: 203

ثم ملك بعضها خاصته وأمراؤه، وبعضها أذن ببيعه، وتعفّت آثارهم بالكلية، إن في ذلك لموعظة وذكرى لأولى الألباب، [كما قال بعضهم (1)]:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت

له عن عدوّ في ثياب صديق

وكان جميع من ولى الخلافة منهم بمصر أحد عشر خليفة (2)، وولى منهم بالمغرب ثلاثة، فكانت عدتهم أربعة عشر خليفة (2)، عدة خلفاء بنى أمية بالمشرق.

وقد تكلم الناس في أنسابهم فأكثروا وأطالوا، فمن مصحح ومبطل، والله أعلم بغيبه؛ وقد ذكرت ما قيل في ذلك في التاريخ الكبير (3)، إلا أن الذى اعتقدته وحققته من تواريخ كثيرة أن القوم أدعياء لاحظ لهم في النسب الهاشمى، فمن المؤرخين من قال إن جدهم يهودى (4)، ومنهم من قال إنه من الفرس؛ والنسابون

(1) ما بين الحاصرتين عن س (32 ب).

(2)

في الأصل: «رجلا» ، وما هنا عن س.

(3)

المعروف أن ابن واصل ألف في التاريخ كتابين اثنين: أحدهما مفرج الكروب هذا، والثانى ألفه للملك الصالح نجم الدين أيوب، وسماه «التاريخ الصالحى» لأنه كان ينوى تقديمه اليه، والمرجع أن هذه الاشارة إلى التاريخ الكبير يقصد بها التاريخ الصالحى. وهو تاريخ عام مختصر أرخ فيه ابن واصل للعالم الاسلامى منذ عهد الرسول إلى سنة 637 هـ. وهى السنة التي تولى فيها الصالح عرش مصر. انظر:(الدكتور جمال الدين الشيال: جمال الدين بن واصل وكتابه مفرج الكروب). وهو بحث لم ينشر بعد. و (C .Cahen : La Syrie du nord a l'Epoque de Croisades . P. 70 - 71) .

(4)

تردد القول بانتساب الفاطميين إلى أصل يهودى في كثير من المصادر التاريخية القديمة وناقش هذا القول كثيرون من المؤرخين المحدثين، أنظر مثلا:(ابن مالك الحمادى اليمنى: كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة، ص 17 - 20) و (الجندى أخبار القرامطة - ضمن تاريخ اليمن لعمارة - ص 140) و (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج 4، ص 75) و (السيوطى: تاريخ الخلفاء، ص 3) و (المقريزى: اتعاظ الحنفاء، نشر جمال الدين الشيال، ص 55 - 56) و (O'Leary : The Fatimid Caliphate .P ،33 - 34)

و (B .Lewis : The Origins of Ismailism . P. 68) .

ص: 204

من الفاطميين قد أطنبوا في ذلك وذكروه في كتبهم، وكتب الشريف المرتضى (1) الموسوى نقيب العلويين وأخوه الرضى (2) خطهما بالقدح في نسبهم، وأنهم ليسوا من ولد على بن أبى طالب - رضوان الله عليهم -، وشهد بذلك أيضا جماعة من أكابر العلويين (3)، ومما يشهد بذلك أن القوم كانوا لا يوصلون نسبهم، بل ينسبون أنفسهم إلى عبيد الله المهدى، ثم يقولون:«ابن الأئمة المستورين» ؛ ولو كان نسبهم صحيحا لصرّحوا كما صرّح بنو العباس بنسبهم، وأى حاجة بهم إلى الغمغمة؛ وغاية ما يقولون إن الثلاثة المستورين كانوا يسترون أنفسهم خوفا من بنى العباس، فهم لما ملكوا وقهروا وزال عنهم الخوف كان ينبغى [125] أن يصرحوا بأسماء أولئك ولا يكتموهم، إذ قد زالت العلة المقتضية للكتم، ولقد حكى أن رجلا رمى ورقة إلى بعض خلائفهم (4) وهرب فلم يعرف، وكان في الورقة:

(1) أبو القاسم على الشريف المرتضى، ولد سنة 355 وتوفى سنة 436، تولى نقابة الطالبيين نيابة عن أبيه - مدة حياته - ثم وليها وحده سنة 406 بعد وفاة أخيه الشريف الرضى، كان شاعرا مجيدا كأخيه، وله ديوان ومؤلفات في المذهب الشيعى، انظر:(ابن خلكان؛ الوفيات، ج 3، ص 3 - 6) و (ابن كثير: البداية والنهاية، ج 12، ص 53) وانظر بيان مؤلفاته المطبوعة في: (معجم سركيس).

(2)

أبو الحسن محمد الشريف الرضى، ولد سنة 359 وتوفى سنة 406 ببغداد. كان شاعرا ممتازا، وطبع ديوانه مرتين. انظر ترجمته بالتفصيل في:(ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 44 - 48) و (ابن كثير: البداية والنهاية، ج 12، ص 3 - 4) و (المقريزى: اتعاظ الحنفا، ص 38، هامش 1).

(3)

انظر اسماء الذين وقعوا على هذا المحضر العباسى بالقدح في نسب الفاطميين في: (المقريزى: اتعاظ الحنفا، نشر الشيال، ص 45 - 46).

(4)

حدث هذا في عهد الخليفة العزيز بالله، أول ولايته على مصر. انظر:(النجوم الزاهرة، ج 4، ص 116).

ص: 205

[إنا سمعنا نسبا منكرا

يتلى على المنبر في الجامع] (1)

إن كنت فيما تدّعى صادقا

فاكشف لنا عن جدك السابع (2)

[وإن ترد تحقيق ما قلته

فانسب لنا نفسك كالطائع] (1)

أو فذر (3) الأنساب مستورة

وادخل بنا في النسب الواسع

فإنّ أنساب بنى هاشم

يقل (4) فيها طمع الطامع

ولقد صدق كاتب هذه الورقة، فإنا نجد الأشراف من بنى هاشم والعباس (5) يصلون أنسابهم ويصرحون بها، وهؤلاء يكتمونها، فللكتمان علة لا محالة، وما أظن إلا أن غرضهم أنهم متى صرّحوا بالنسب بان زيفهم عند النقاد، فهذا ما يتعلق بنسبهم.

و [أما (6)] مذاهبهم، فدعوتهم باطنية إسماعيلية، وعنهم انتشر دعاة الملاحدة الباطنية في الآفاق، وهذه المقالة معروفة في كتب المقالات والأصول، فلا معنى لإبداعها كتب التاريخ.

ورأى القوم في الإمامة بعد النبى صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب - رضوان الله عليه - ثم للحسن بن على، ثم للحسين، ثم لعلى - بن الحسين -

(1) أضفنا هذين البيتين عن: (ابن خلكان: وفيات الأعيان) و (النجوم، نفس الجزء والصفحة) وإضافتهما ضرورية إذ بهما يتضح المعنى المقصود من الأبيات مكتملة.

(2)

كذا في الأصل، والمقصود «بالسابع» هنا: الأئمة الثلاثة المستورين والأئمة الأربعة الذين حكموا في المغرب. وصيغة المرجعين السالفين: «فاذكر أبا بعد الأب الرابع» وهذه الصيغة فيما أرى أصح لأن آباء العزيز إلى الأب الرابع وهو المهدى معروفون، وقصد الشاعر أن يسأله عن الأئمة المستورين المجهولة أسماؤهم.

(3)

في النجوم: «فدع» .

(4)

في النجوم: «يقصر عنها» .

(5)

هذا اللفظ غير موجود في س.

(6)

ما بين الحاصرتين عن س (33 ا)، وهو ضرورى لايضاح المعنى.

ص: 206

زين العابدين، ثم لابنه محمد الباقر، - وفارقوا في ذلك الزيدية، الذاهبين إلى إمامة زيد -، ثم لابن محمد جعفر الصادق بن محمد، ثم لابنه إسماعيل بن جعفر -، وفارقوا بذلك الإمامية الاثنى عشرية القائلين بإمامة موسى بن جعفر، وغيرهم من أصناف الإمامية -، ثم لابن إسماعيل محمد بن إسماعيل، ثم أنهم اعتقدوا أن الإمامة صارت بعد محمد بن إسماعيل في ثلاثة يسمونهم أئمة ستر، ولا يبوحون بأسمائهم، ولا ينطقون بذكرهم، والثلاثة من ولد محمد بن إسماعيل؛ وقد اختلف في أسمائهم اختلافا كثيرا ثم إنهم قالوا: صارت بعد ذلك للمهدى عبيد الله (1) الظاهر بسجلماسة (2) من بلاد إفريقية، وقالوا إن بينه وبين محمد بن إسماعيل ثلاثة أباءهم أئمة الستر، لم يظهروا أمرهم خوفا من أعدائهم بنى العباس، ثم قالوا: إن الامامة صارت بعد ذلك لابنه القائم بأمر الله [126] أبى القسم محمد، ثم لابن القائم المنصور بالله إسماعيل؛ وتوفى المهدى وهذان بالمغرب، ثم صارت لابن المنصور المعز لدين الله أبى تميم معدّ (3)، وهو أول من ملك الديار المصرية منهم، دخلها غلامه جوهر في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وشرع في بناء القاهرة وقصور الخلافة بها.

ثم قدم المعز من الغرب واستقر بقصره في القاهرة في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، ثم صارت بعده لابنه العزيز بالله أبى المنصور نزار بن معدّ، ثم لابنه الحاكم بأمر الله أبى على المنصور، ثم لابنه الظاهر لإعزاز دين الله أبى الحسن على، ثم لابنه المستنصر بالله أبى تميم معدّ بن الظاهر بن الحاكم؛ وطالت مدة خلافته حتى بلغت ستين سنة، ولم يل الخلافة أحد هذه المدة؛ وهؤلاء كلهم على عمود النسب

(1) في س (33 ب): «ابن عبد الله» ، وما هنا هو الصحيح.

(2)

ذكر (ياقوت: معجم البلدان) ان سجلماسة مدينة في جنوب المغرب في طرف بلاد السودان، بينها وبين فاس عشرة أيام.

(3)

في س: «بمصر» وما هنا هو الصحيح.

ص: 207

ثم اختلفت الباطنية من هنا وافترقوا، (1) وسبب افتراقهم (1) أن أحد الدعاة المسمى الحسن الصباح (2) قدم على المستنصر بالله بمصر، وطلب أن يكون داعيا له ببلاد العجم، فأجابه إلى ذلك، فسأله عن الإمام بعده، فذكر أنه قال: إنه ولده نزار؛ ولم يكن للمستعلى (3) إذ ذاك ولد، فمضى الحسن الصباح (2) إلى بلاد العجم فدعا للمستنصر وبعده لولده نزار، وبث دعوة الباطنية هناك، فلما توفى المستنصر كانت الدعوة ببلاد العجم لنزار بن المستنصر وتسمى هذه الفرقة من الباطنية «النزارية» ، ودعوتهم ببلاد الآلموت (4) بالعجم، وببلاد الشام بمصياف (5)

(1) ما بين الرقمين غير موجود في س.

(2)

في الأصل: «الحسن بن الصباح» . أنظر: (الدكتور طه شرف: دولة النزارية أجداد أغا خان كما أسسها الحسن الصباح، القاهرة، 1950) و (محمد عبد الله عنان: تراجم إسلامية، شرقية وأندلسية، ص 42 - 60) و (Von Hammer: Geschiclte der Assassinen) ففيها جميعا صورة واضحة للحسن الصباح ودعوته وملكه وجهاده في سبيل نشر الدعوة وإقامة الملك.

(3)

كذا في الأصل، وهو غير واضح المعنى. إذ أن الحسن الصباح وصل إلى مصر سنة 469 هـ وغادرها في أوائل سنة 472 هـ. وكان عمر المستعلى وقتذاك سنتين أو ثلاث (فقد ولد سنة 467 هـ) فكيف يكون له ولد أو لا يكون له في ذلك الحين. وإذا قرىء النص على أنه «ولم يكن المستعلى إذ ذاك ولد» فان المعنى يظل غامضا كذلك.

(4)

آلموت قلعة جبلية في الشمال الشرقى من بحر قزوين، ومعنى آلموت عش النسر. وكانت هذه القلعة مقر الاسماعيلية النزارية إلى أن قضى عليهم المغول هناك سنة 654 هـ. انظر (دائرة المعارف الاسلامية، مادة «ألموت»).

(5)

هى عند (ياقوت: معجم البلدان): «مصياب» ثم يقول: «وبعضهم يقول: مصياف» ويعرفها بأنها حصن حصين مشهور للاسماعيلية بالساحل الشامى قرب طرابلس. ولكن (R .Dussaud : Topographie Historique de la Syrie

etc . P. 148 et suiv) يذكر أن الرسم «مصياب» الوارد في (ياقوت) وحده خطأ. إذ لم يشاركه فيه غيره؛ ولكنه اعتمادا على المراجع الجغرافية الأخرى وعلى النصوص والوثائق التاريخية يذكر أنها تنطق غالبا «مصياد masyad» ولكنها تكتب في أشكال مختلفة: «مصياث masyath» و «مصيات masyat» .

ص: 208

وقلاعها لنزار بن المستنصر (1) وولده، وإمامهم الذى يعتقدون إمامته يقولون إنه من ولد نزار بن المستنصر (1)، والله أعلم بذلك

ولم يزل هؤلاء الذين ينتسبون إلى نزار ببلاد العجم إلى أن انتهى الأمر إلى آخرهم، وهو ركن الدين خورشاه (2) بن علاء الدين محمد بن الحسن، فحاصره هلاووا (3) ملك التتار (1) - خذلهم الله تعالى - سنة خمس وخمسين وستمائة، ثم ظفر به هلاووا (1) فقتله، وقتل من معه من الباطنية الملاحدة، وبقيت لهم حصون بالشام، ففتحها السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس ملك الإسلام والمسلمين، وطهر البلاد منهم كما طهرها من سائر الشرك، وكان نزار [127] الذى تنسب إليه النزارية ظهر بعد أبيه بالاسكندرية، فقبض عليه وقتل.

وأما الباطنية المصريون فخالفوا هؤلاء في الإمام بعد المستنصر، فقالوا: صارت الإمامة بعده للمستعلى بالله أبى القاسم محمد، ثم لابن المستعلى الآمر بأحكام الله أبى على المنصور، ثم لابن عمه الحافظ لدين الله أبى الميمون عبد المجيد بن أبى القاسم أحمد بن المستنصر، ثم لابن الحافظ الظافر بالله إسماعيل، ثم لابن الظافر الفائز بنصر الله عيسى، ثم لابن عمه العاضد لدين الله أبى محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ.

(1) ما بين الرقمين غير موجود في س.

(2)

في الأصل: «خسرو» وقد صحح بعد مراجعة: (دائرة المعارف الاسلامية: مادة «الاسماعيلية»)، وركن الدين خورشاه هو ابن علاء الدين محمد الثالث بن جلال الدين حسن الثالث. وقد ولى الحكم في آلموت من ذى القعدة سنة 651 هـ إلى سنة 654 هـ (1256 م) حيث استولى المغول - أثناء تقدمهم نحو الخلافة العباسية - على ملكه، وقبضوا عليه وقتلوه في نفس السنة: انظر أيضا: (الدكتور مصطفى طه بدر: محنة الاسلام الكبرى أو زوال الخلافة العباسية على أيدى المغول، ص 108، 116)، (ابن الفوطى: الحوادث الجامعة، ص 312 - 314).

(3)

كذا في الأصل، والمقصود به «هولاكو» ويرسم هذا الاسم في بعض الكتب العربية الأخرى هكذا:«هلاون» .

ص: 209

ثم لما توفى العاضد وزالت دولتهم قالت دعاتهم: إن الإمامة بعده لابنه داوود ابن العاضد، ولقبوه «الحامد لله (1)» ؛ ثم توفى داوود هذا في أيام الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب في الحبس، ثم قالوا إنها صارت بعده لابنه سليمان (1) ابن داوود بن العاضد، وكان هذا سليمان قد أدخلت أمه إلى داوود في الحبس سرا فوطئها داوود فحبلت بسليمان، ثم حملت الجارية إلى الصعيد فولدت سليمان، وترعرع (2) وخفى أمره من الدولة الأيوبية عند بعض الدعاة، فأعلم السلطان به، وأظنه (3) الملك الكامل بن الملك العادل، فظفر به وحبسه بقلعة الجبل (4)، وسافرت إلى مصر سنة إحدى وأربعين وستمائة، وكان سليمان هذا حيا، وسمعت أن دعوة الإسماعيلية المصريين له، ولهم فيه اعتقاد عظيم، ورأيت من اجتمع به (5) وتحدث معه، فسألته عنه، فأخبر (5) أنه في غاية الجهل والغباوة؛ ثم توفى هذا سليمان بن داوود ابن العاضد بقلعة الجبل في شهر شوال سنة خمس وأربعين وستمائة في أيام السلطان الملك الصالح بن الكامل رحمه الله ولم يخلف ولدا ذكرا فيما نعلمه، وسمعت

(1) لم تنته الأسرة الفاطمية بموت العاضد، بل بقى منها أفراد لبثوا زمنا في أسر الأيوبيين وهم يعتقدون بأحقيتهم في الخلافة، وللتعرف على هؤلاء الأفراد وعلى الجهود الفاشلة التي بذلت في سبيل إعادتهم للحكم في بعض الأحيان انظر:

(Casanova : Les Derniers Fatimides .Memoires de La Mission Archeologique Francaise du Caire .Tome VI،1893. P. P .145 - 415) ; (S .M .Stern : The Succession of the Fatimid Imam Al - Amir،The Claims of the Later Fatimids to the Imamate،And the Rise of T ayyibi Ismailism .Oriens،Vol .4،no .2،P P. 193)

(2)

في الأصل: «ونزع» ، وما هنا عن س (34 ا)

(3)

في س (34 ب): «وتطلبه» .

(4)

في س (34 ب) قبل هذا اللفظ الجملة الآتية: «قال صاحب الكتاب جمال الدين ابن واصل قاضى القضاة بحماة المحروسة» .

(5)

ما بين الرقمين يقابله في س: «وتحدثت معه فسألت عنه فأخبرت. . إلخ» وما هنا هو الصحيح إذ به يستقيم المعنى ولاحظ ما لهذه الجملة من أهمية، فهى تنص على وجود المؤلف في القاهرة في سنة 641 هـ، وزيارته للقلعة أثناء مقامه بها.

ص: 210

بعض من ينتمى إلى مذهبهم يدعى أن له ولدا ذكرا قد أخفى أمره حسب ما كان يخفى سليمان والده، والله أعلم بحقيقة ذلك.

وبقى منهم رجلان محبوسان بقلعة الجبل بالقاهرة المحروسة، شيخان، جدهما (1) العاضد، [128] وكان أحدهما واسمه القاسم قد بلغه أنى صنفت تاريخا (2) للسلطان الملك الصالح، وذكرت فيه أخبار هؤلاء القوم وما قاله النسّابون فيهم، وأن بعضهم قال إن أصلهم من اليهود، فطلعت يوما إلى القلعة المحروسة، ودخلت على باب الحبس والقاسم بن ابن العاضد هذا قاعد على بابه، فسأل عنى، فعرّف بى، فاستدعانى، فأتيته، فقال:«أنت ذكرت أن نسبنا يرجع إلى اليهود؟» فخجلت منه، وما أمكننى له إلا الاعتراف بذلك، وأحلت الأمر على أقوال المؤرخين [فسكت (3)].

وبالجملة فمذاهب القوم رديئة مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، واعتقادهم في الإلهيات ينزع إلى رأى المتفلسفة، وإنما سموا باطنية، لأنهم ينزلون القرآن على معان موافقة لرأيهم، ويصرفونه عن ظاهره، ولهم في هذا الباب حديث كثير وخبط طويل، وقد انتدب جماعة من أعيان العلماء للرد عليهم، منهم: الشيخ أبو حامد الغزالى رحمه الله

(1) في الأصل وفى س (34 ب): «أحدهما» ، وقد صححت كما بالمتن ليستقيم المعنى. وهذا نص نادر هام انفرد ابن واصل فيه بذكر بعض الحقائق عن بقايا الأسرة الفاطمية بعد زوال الدولة، وفى (الروضتين) و (الخطط للمقريزى) نصوص أخرى تتصل بالموضوع، وقد أفاد من هذه النصوص جميعا (Casanova) في بحثه السالف الذكر،

(2)

يشير إلى (التاريخ الصالحى) وهو الكتاب التاريخى الثانى للمؤلف.

(3)

ما بين الحاصرتين عن س (34 ب).

ص: 211

فإنه رد عليهم في كتاب له سمّاه: «المستظهرى (1)» ، حكى فيه صورة مذهبهم، وبالغ في الرد عليهم والنقض لأقاويلهم.

وكان عمارة بن على اليمنى شديد التعصب لهم، لأنه قدم عليهم من اليمن فأحسنوا إليه وخوّلوه، فرعى ذلك ووفى لهم، والإنسان - كما قيل - صنيعة الإحسان، ولم يكن على مذهبهم، وإنما كان شافعيا سنيا، فلما زال أمرهم رثاهم بأحسن (2) الشعر، وذبّ عنهم باللسان إذ لم يمكنه الذبّ عنهم باليد؛ ثم لما تحرك جماعة في عود الأمر إليهم، كان من جملة المساعدين على ذلك، شكرا لهم على إحسانهم إليه، فأدّى به ذلك إلى أن شنق - على ما سنذكره إن شاء الله تعالى -، فمن جمله قوله فيهم يرثيهم بقصيدة (3)، ذكرتها بجملتها لفرط حسنها وهى:

رميت يا دهر كفّ المجد بالشّلل

وجيده بعد حسن الحلى بالعطل

سعيت في منهج الرّأى العثور فإن

قدرت من عثرات الدّهر (4) فاستقل

(1) أبو حامد محمد بن محمد الغزالى، أصله من غزالة، قرية من أعمال طوس، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه. توفى سنة 505 هـ. وله مؤلفات كثيرة، منها هذا الكتاب المشار إليه هنا واسمه:(فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية) أو (المستظهرى)، أهداه إلى الخليفة المستظهر العباسى، وقد نشر الاستاذ كولدزيهر قطعة كبيرة منه ومعها مقدمة طويلة في المذهب الباطنى باللغة الألمانية (Goldziher : Streitschrift des Gazali Gegen die Batinija - Sekte .Leiden .1916) .

وانظر أيضا ترجمة الغزالى في: (ابن خلكان: الوفيات) و (السبكى: طبقات الشافعية، ج 4، ص 101 وما بعدها) و (الدكتور زكى مبارك: الأخلاق عند الغزالى و (سركيس: معجم المطبوعات العربية).

(2)

في س: «بالشعر» .

(3)

لتصحيح هذه القصيدة رجعنا إلى الكتب التاريخية المختلفة التي أوردتها، وخاصة:(ديوان عمارة) و (الروضتين لأبى شامة) و (صبح الأعشى للقلقشندى، ج 3، ص 526 وما بعدها).

(4)

في (الروضتين): «البغى» .

ص: 212

جدعت مارنك الأقنى، فأنفك لا

ينفكّ ما بين أمر (1) الشين والخجل

[129]

هدمت قاعدة المعروف عن عجل

سقيت مهلا (2)، أما تمشى على مهل؟

لهفى ولهف بنى الآمال قاطبة

على فجيعتها (3) في أكرم الدّول

قدمت مصر فأولتنى خلائفها

من المكارم ما أربى على أملى (4)

قوم عرفت بهم كسب الألوف، ومن

كمالها أنها جاءت ولم أسل

وكنت من وزراء الدّست حيث سما (5)

رأس الحصان بهاديه على الكفل

ونلت من عظماء الجيش تكرمة

وخلّة حرست من عارض الخلل

يا عاذلى في هوى أبناء فاطمة

لك الملامة إن قصّرت في عذلى

بالله زر ساحة القصرين وابك معى

عليهما (6)، لا على صفّين والجمل

وقل لأهليهما: والله ما التحمت

فيكم جروحى، ولا قرحى بمندمل

ماذا ترى كانت الإفرنج فاعلة

في نسل [آل](7) أمير المؤمنين على؟

[هل كان في الأمر شىء غير قسمة ما

ملكتمو بين حكم السّبى والنّفل (8)

(1) في (الروضتين): «نقص» .

(2)

المهل ما ذاب من صفر او حديد، وهكذا فسر في التنزيل. (اللسان)؛ وفى (صبح الأعشى):«شقيت» مهلا. . . الخ» وهو اجتهاد غير موفق في قراءة النص.

(3)

في (الروضتين): «فجيعتنا» .

(4)

في (الروضتين): «على الأمل» .

(5)

في س (35 ا): «أشا» .

(6)

في الأصل: «ونح عليها» ولا يستقيم بها الوزن؛ وما هنا عن: (الروضتين) و (صبح الأعشى).

(7)

ما بين الحاصرتين عن س (35 ب)، و (الروضتين، ج 1، ص 224) و (صبح الأعشى).

(8)

هذا البيت غير وارد في الأصل، وإنما ورد في (الديوان) وفى (الروضتين) و (صبح الأعشى).

ص: 213

وقد حصلتم عليها واسم جدّكم

محمد، وأبوكم خير منتعل (1)

مررت بالقصر، والأركان خالية

من الوفود، وكانت قبلة القبل

فملت عنها بوجه (2)، خوف منتقد

من الأعادى، ووجه الودّ لم يمل

أسبلت من أسفى دمعى غداة خلت

رحابكم، وغدت مهجورة السّبل

أبكى على مأثرات (3) من مكارمكم،

حال الزمان عليها، وهى لم تحل

دار الضّيافة كانت أنس وافدكم

واليوم أوحش من رسم ومن طلل

وفطرة الصّوم إن أصغت (4) مكارمكم

تشكو من الدّهر حيفا غير محتمل

وكسوة الناس في الفصلين قد درست (5)،

ورثّ منها جديد عنهم (6) وبلى

وموسم كان في يوم (7) الخليج لكم

يأتى تجمّلكم فيه على الجمل

وأوّل العام والعيدين (8) كم لكم

فيهنّ من وبل جود ليس بالوشل

والأرض تهتزّ في يوم الغدير كما (9)

بهتزّ ما بين قصريكم من الأسل

[130]

والخيل تعرض في وشى وفى شية (10)

مثل العرائس في حلى وفى حلل

(1) كذا في الأصل وفى (صبح الأعشى): وفى (الديوان) و (الروضتين): «غير منتقل» .

(2)

في «الروضتين» : «بوجهى» .

(3)

في الأصل وفى «الروضتين» و «الديوان» : «ما تراءت» ، وما هنا عن:«صبح الأعشى» .

(4)

في «الصبح» : «إذا اضحت» .

(5)

في س: «دنست» .

(6)

في «الصبح» : «عندهم» .

(7)

في «الروضتين» : «كسر» .

(8)

في «الروضتين» : «والعيدان كان لكم» .

(9)

في «الروضتين» : «عيد الغدير بما» .

(10)

في «الروضتين» : «من وشى ومن شية» .

ص: 214

وما حملتم (1) قرى الأضياف من سعة ال

أطباق إلا على الأكتاف والعجل

وما خصصتم ببرّ أهل ملّتكم (2)

حتى عممتم به الأقصى من الملل

كانت رواتبكم للوافدين، (3) وللضي

ـف المقيم، وللطارى من الرسل

ثم الطّراز بتنّيس الذى عظمت (4)

منه الصلات لأهل الأرض والدّول

وللجوامع من أحباسكم (5) نعم

لمن تصدّر في علم وفى عمل

وربّما عادت الدنيا، فمعقلها (6)

منكم، وأضحت بكم محلولة العقل

والله لا فاز يوم الحشر مبغضكم،

ولا نجا من عذاب النّار غير ولى

ولا سقى الماء من حرّ ومن ظما

من كفّ خير البرايا خاتم الرّسل

[ولا رأى جنّة الله التي خلقت

من خان عهد الإمام العاضد بن على (7)]

أئمّتى، وهداتى، والذخيرة لى،

إذا ارتهنت بما قدّمت من عمل

تالله لم أوفهم (8) في المدح حقّهم

لأنّ فضلهم كالوابل الهطل

ولو تضاعفت الأقوال واستبقت

ما كنت فيهم بحمد الله بالخجل (9)

باب النّجاة فهم، دنيا وآخرة

وحبّهم فهو أصل الدّين والعمل

(1) في (الروضتين): «ولا حملتم» .

(2)

في (صبح الأعشى): «أهل مملكة» .

(3)

في (الروضتين): «للذمتين» .

(4)

في الأصل: «التي عظمت من» ، وفى س (35 ب):«ببلبيس الذى» ، وما هنا عن (الديوان) و (صبح الأعشى).

(5)

في (الديوان): «إحسانكم» ، وفى (الصبح):«اخماسكم» .

(6)

كذا في الأصل وفى (الصبح)، وفى (الديوان):«لمعقلها» .

(7)

أضيف هذا البيت عن (الديوان).

(8)

في (الصبح): «والله لم نوفهم» .

(9)

في س (36 ا): «كالخجل» .

ص: 215

نور الهدى، ومصابيح الدّجى ومح

لّ الغيث إن ونت الأنواء في المحل

أئمّة خلقوا نورا، فنورهم

من نور خالص نور الله لم يغل

والله لا زلت عن حبّى لهم أبدا

ما أخّر الله لى في مدّة الأجل

[عمارة قالها المسكين وهو على

خوف من القتل، لا خوف من الزلل (1)]

ولما وردت البشائر على الملك العادل نور الدين رحمه الله بالخطبة بمصر للإمام المستضىء بنور الله أمير المؤمنين سرّ بذلك، وكتب إلى سائر الأطراف بالبشارة، وندب القاضى شهاب الدين أبا المعالى المطهّر بن الشيخ شرف الدين ابن أبى عصرون بهذه البشارة إلى الديوان العزيز؛ وأمر كاتبه عماد الدين الأصفهانى بإنشاء بشارة تقرأ في سائر البلاد الإسلامية، وبشارة أخرى خاصة [131] تقرأ بحضرة الإمام في مدينة السلام.

ونظم عماد الدين قصيدة مشتملة على ذكر الخطبة للدولة العباسية، ويمدح فيها الإمام المستضىء بنور الله:

قد خطبنا للمستضىء بمصر

نائب المصطفى إمام العصر

وخذلنا لنصرة العضد الع

اضد (2) والقاصر الذى بالقصر

واتبعنا بها شعار بنى العبّ

اس، فاستبشرت وجوه النّصر

وتركنا الدعىّ يدعو (3) ثبورا

وهو بالذلّ تحت حجر وحصر (4)

وتباهت منابر الدين بالخطـ

ـبة للهاشمىّ في أرض مصر

(1) أضيف هذا البيت عن (الديوان).

(2)

في س (36 ا): «العاضل والقاصر بالقصر» .

(3)

في الأصل وفى س (36 ا): «يدعى» والتصحيح عن: (الروضتين، ج 1، ص 198).

(4)

في الأصل «وخسر» ، وما هنا عن:(الروضتين).

ص: 216

ولدينا تضاعفت نعم الل

ـه، وجلّت عن كلّ عدّ وحصر

واغتدى الدين ثابت الرّكن في مص

ـر محوط الحمى، مصون الثّغر

واستنارت عزائم الملك العا

دل نور الدين الكريم الأغرّ

فبنو الأصفر القوامص (1) منه

في وجوه - من المخافة - صفر

عرف الحقّ أهل مصر، وكانوا

قبله بين منكر ومقرّ

هو فتح بكر، ودون البرايا

خصّنا الله بافتتاح البكر

وحصلنا بالحمد والأجر والنّصـ

ـر وطيب الثّنا وحسن الذّكر

ونشرنا أعلامنا السّود، قهرا

للعدى الزّرق، بالمنايا الحمر

واستعدنا من أدعياء حقوقا

تدّعى بينهم لزيد وعمرو

والذى يدّعى الإمامة بالقا

هرة انحطّ في حضيض القهر

خانه الدّهر في مناه، ولا يطـ

ـمع ذو اللّب في وفاء الدهر

ما يقام الإمام إلا بحقّ

ما تحاز (2) الحسناء إلا بمهر

خلفاء الهدى، سراة بنى العبّ

اس، والطّيّبون أهل الطّهر

بهم الدين ظافر مستقيم

ظاهر قوّة، قوىّ الظّهر

[132]

كشموس الضحى، كمثل بدور ال

ـتّمّ، كالسّحب، كالنّجوم الزّهر

قد بلغنا بالصّبر كلّ مراد،

وبلوغ المراد عقبى الصّبر

ليس مثرى الرجال من يملك الما

ل، ولكنّما أخو اللّبّ مثرى

(1) كذا في الأصل وفى الروضتين؛ وهى في س (36 ب): «الفواجر» .

(2)

في الأصل وفى س: «فخار» ، وما هنا عن:(الروضتين، ج 1، ص 198).

ص: 217

ولهذا لم ينتفع صاحب القص

ر وقد شارف الدثور بدثر

دام نصر الهدى بملك بنى العبّ

اس حتى يقوم يوم الحشر

ولما وصلت البشارة إلى الديوان العزيز النبوى قوبلت بالإكرام والإعظام والإنعام التام؛ وكان وصول البشارة بذلك يوم السبت لثمان بقين من المحرم من هذه السنة - أعنى سنة سبع وستين وخمسمائة -، فجلس الوزير عضد الدولة ابن رئيس الرؤساء في الديوان، واستحضر أرباب المناصب والدولة والخواص والأمراء وأشار إلى كاتب الإنشاء أبى الفرج ابن الأنبارى (1)، بقراءة مكتوب الملك العادل نور الدين، ثم ثنّى بمكتوب برز بخط الخليفة المستضىء بنور الله، يتضمن الشكر لله على ما أباحه من عودة الحق إلى مستقره.

وكان مبدأ انقطاع الخطبة العباسية بها سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وعادت الخطبة العباسية بها سنة سبع وستين وخمسمائة، فكان مدة انقطاع الخطبة العباسية بمصر نحو من مائتى سنة وتسع (2) سنين.

ووصل إلى الشام جواب البشارة مع عماد الدين صندل (3) المقتفوى، وهو إذ ذاك أستاذ الدار العزيزة، ولم يرد من بغداد رسول مثله في جلالته وعظمة قدره؛ وورد صحبته التشريف الشريف لنور الدين مكملا بالأهبة (4) السود والحلل الموشية، والطوق الذهب الثقيل، واللواء (5) الجليل؛ وحضر الرسول عند نور الدين، وحضر أكابر الدولة والخواص، وكان يوما مشهودا؛ وقرأ موفق الدين خالد

(1) انظر ما فات هنا، ص 58، هامش 3

(2)

في س: «سبع» ، وهو خطأ.

(3)

في (الروضتين، ج 1، ص 199): «عماد الدين بن صندل» .

(4)

أهبة الحرب عدتها، والجمع أهب. (اللسان).

(5)

في س (37 ا): «اللؤلؤ» وما هنا هو الصحيح، انظر: الروضتين، ج 1، ص 199.

ص: 218

ابن محمد بن صغير القيسرانى (1) كتاب الديوان، ثم لبس نور الدين الفرجيّة (2)، وتقلد بالسيفين (3)، ووضع في عنقه الطوق (4)، وخرج راكبا من داخل القلعة واللواء الأسود منشور على رأسه، وقدّم له مركوبان، أحدهما ركبه، والآخر كان جنيبا [133] بين يديه، محلى بحليته، وجمع له بين تقليدى السيفين الإشعار بتقليده الاقليمين: الشام والديار المصرية، وخرج إلى ظاهر دمشق، ونثر عليه الذهب، وانتهى في تسييره إلى الميدان الأخضر، ثم عاد إلى القلعة.

وكان صحبة الرسول تشريف للملك الناصر صلاح الدين جليل كثير، لكنه دون تشريف نور الدين؛ فسيّره نور الدين رحمه الله إليه، وسيّر أيضا خلعا من عنده برسم الأمراء من أصحابه.

(1) القيسرانى نسبة إلى قيسارية بليدة بالشام على ساحل البحر، وقد ذكر صاحب الروضتين - نقلا عن البرق الشامى للعماد - أن خالدا هذا كان بمثابة الوزير لنور الدين، ولم أعثر له على ترجمة وإنما ترجم (ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 82 - 85) لأبيه محمد ابن نصر بن صغير القيسرانى، وكان شاعرا مشهورا، وتوفى سنة 548 هـ.

(2)

عرفها: (Dozy : Dictionnaire Detaille des Noms des Vetements. P. P .327 - 334; Supp .Dict .Arab)

بأنها "نوع من القباء المسترسل، ويصنع غالبا اليوم من الجوخ وله أكمام واسعة طويلة تتعدى أطراف الأصابع، وهى غير مفتوحة او مشقوقة"(est une robe flottante،faite ordinairement aujourd'hui de drap a manches amples et longues qui depassent un peu l'extremite des doigts، et qui ne sont point fendues) .

(3)

ذكر صاحب الروضتين (ج 1، ص 199) - نقلا عن البرق الشامى للعماد الكاتب - أن معنى إرسال الخليفة سيفين لنور الدين إنما هو رمز لتقليده ولاية مصر والشام معا فقد كان العماد حاضرا الحفل الذى قدمت فيه هذه الخلع والتشاريف إلى نور الدين، قال - فيما رواه عنه صاحب الروضتين -:«وسألت عن معنى تقليده السيفين، فقيل لى: هما للشام ومصر، وللجمع بين البلادين» وهو ما يؤكده المتن هنا بعد سطور قليلة.

(4)

ذكر صاحب الروضتين (ج 1، ص 199) - نقلا عن البرق الشامى للعماد - ان وزن هذا الطوق مع أكرته كان ألف دينار من الذهب الأحمر، هذا وتشابه النص هنا وفى الروضتين يدل دلالة واضحة على أن مصدرهما الذى ينقلان عنه واحد، وهو البرق الشامى العماد الأصفهانى، وقد اعترف أبو شامة صراحة بالنقل عنه، أما ابن واصل فقد نقل دون النص على مرجعه

ص: 219

ولما وصل التشريف الخليفتى إلى مصر لبسه الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله وركب به، وذلك في الحادى والعشرين من رجب من السنة المذكورة، وهى أول خلعة عباسية دخلت مصر بعد انقراض دولة العلوية؛ ووصل أيضا إلى مصر أعلام ورايات سود، وأهب عباسية للخطباء بسائر الأعمال المصرية، ففرّقها صلاح الدين على الجوامع والمساجد والقضاة والعلماء، واستقر قدم بنى أيوب بمصر، واستثبت الملك لهم، ففى ذلك يقول عرقلة الدمشقى:

أصبح الملك بعد آل علىّ

مشرقا بالملوك من آل شاذى

وغدا الشّرق يحسد الغرب للقو

م، ومصر تزهو على بغداذ

ما حووها إلا بعزم وحزم

وصليل الفولاذ في الفولاذ

لا كفرعون والعزيز، ومن كا

ن بها كالخطيب والأستاذ

وفى هذه السنة - أعنى سنة سبع وستين وخمسمائة - خرجت من مصر مراكب، إلى الشام فأخذ الفرنج في اللاذقيّة منها مركبين مملوءتين من الأمتعة (1) والتجار، وغدروا بالمسلمين، وكانوا قد هادنوا نور الدين رحمه الله ونكثوا، ولما بلغ ذلك نور الدين راسلهم في إعادة المركبين فغالطوه، واحتجوا بأن المركبين كان قد دخلهما ماء البحر (2) لكسر فيهما (2)، وكانت العادة جارية بأخذ كل مركب يدخله الماء، وكذبوا في ذلك، فلم يقبل مغالطتهم، وجمع العسكر من الشام والموصل والجزيرة؛ ووصل ابن أخيه سيف الدين غازى بن مودود إلى خدمته، ثم بثّ السرايا نحو أنطاكية وطرابلس، وحصر هو [134] حصن عرقا، وأخرب ربضه، وأرسل طائفة من العسكر إلى حصن صافيتا وعزيمة، فأخذوهما

(1) في الأصل: «امتعة التجارة» ، وفى س (37 ب):«الأمتعة والتجار» وما هنا عن: (ابن الأثير، ج 11، ص 140).

(2)

هذان اللفظان غير موجودين في س.

ص: 220