الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
راهب
والجمع رهبان ورهابنة: لقد عرفت شخصية الراهب في الشعر الجاهلى وفى القرآن والحديث. وأشار الشعراء الجاهليون إلى الراهب في صومعته، وذكروا أن المسافر يرى نور هذه الصومعة من بعيد فتثير في ذهنه فكرة المأوى يلوذ به.
ويذكر القرآن الراهب والقسيس، والأحبار في بعض الأحيان، ويقول إنهم أئمة النصارى. وجاء في بعض آياته أن الأحبار والرهبان يعيشون على حساب غيرهم (1)(سورة التوبة، الآية 34) وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيح ابن مريم أربابًا من دون اللهَ (سورة التوبة، الآية 87). وجاء في آية أخرى أن أقرب الناس مودة للذين آمنوا النصارى لأن منهم قسيسين ورهبانًا
(سورة المائدة، الآية 87). (2) أما في الحديث فإنا كثيرًا ما نصادف الراهب في القصص التي من قبيل قصص الأنبياء (البخاري: الأنبياء، باب 54؛ مسلم: الزهد، حديث 73، التوبة، حديث 46، 47؛ الترمذى: التفسير، سورة البروج، حديث 2؛ المناقب، حديث 3؛ النسائي: المساجد، حديث 11؛ ابن ماجة: الفتن، حديث 20، 23؛ الدارمى: فضائل القرآن، حديث 16؛ أحمد بن حنبل، ج 1، ص 461؛ ج 2، ص 434، ج 3، ص 227، 337، 347.ج 5، ص 4؛ ج 6، ص 17).
وقد أطلقت كتب المسلمين في القرون الأولى للهجرة لقب الراهب على أناس شتى من أهل الورع، ونستدل من ذلك على أن لفظ الراهب ليس فيه ما يشين.
خورشيد [فنسنك A. J. Wensinck]
الرباط
زاوية إسلامية محصنة. وقد وردت تفاسير مختلفة لهذه الكلمة واشتقاقها من الأصل "ربط"، على أن أقرب هذه التفاسير إلى العقل هو ما جاء في
(1) الَّذي جاء في الآية 34 من سورة التوبة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ .. }
(2)
رقم الآية في المصحف العثمانى 82
(م. ع.)
القرآن: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (سورة الأنفال، الآية 62)(1) والرباط في الأصل هو المكان يجتمع فيه الفرسان ويتكأكئون متأهبين للقيام بحملة من الحملات.
ويتصل الرباط أيضًا اتصالًا وثيقًا بمعنى تجهيز نقلة البريد والقوافل بالخيل. على أن هذه الكلمة أطلقت منذ عهد متقدم على منشأة دينية وحربية في آن اختص المسلمون بها دون غيرهم. ويتصل نظام الرباط بالجهاد أي الذب عن بلاد الإسلام والعمل على توسيع رقعتها. (2).
وكانت دولة الروم (البوزنطيون) تعرف هذه الأديرة المحصنة، مثال ذلك دير ماندراكيون Mandrakion الَّذي شيد بقرطاجنة قريبًا من البحر، وقد ذكره بروكوييوس Procopius. على أننا نشك في أنَّه كان للرهبان الذين عاشوا فيه أي شأن حربى. والمستقرون في الرباط أو الذين يلمون به معظمهم من المجاهدين في سبيل الله. والرباطات أولا وقبل كل شيء قلاع وأماكن يتجمع فيها الجنود عند الثغور الاسلامية المعرضة للخطر. فهي تشبه القلاع عند أهل الغرب في أنها ملاذ يحتمى به سكان البلاد المجاورة له وقت الخطر.
وتتخذ هذه الرباطات أبراج مراقبة لتحذير أهل البلاد المهددين وجنود الحاميات التي في داخل البلاد وعلى حدودها الذين يستطيعون شد أزر المدافعين. ومن ثم كانت خطة الرباط من سور حصين يحيط به، وتقوم فيه حجر للسكنى ومخازن للأسلحة والمؤن وبرج للأشارة. وهذا الطراز من العمارة الَّذي سنتناول تطوره بالحديث بعد، كان يقام على نطاق صغير في كثير من
الأحيان. فكان يقتصر في هذه الحالات على برج للمراقبة وحصن صغير أشبه بالحصون البوزنطية التي كانت تشيد على الحدود، وهذا هو العلة في كثرة عدد الرباطات التي ذكرها الجغرافيون.
وشاهد ذلك ما روى من أنه كان في ما وراء النهر وحدها ما لا يقل عن عشرة
(1) رقم الآية فى المصحف العثمانى هو 6 (م. ع.)
(2)
المعروف أن الرباط هو الإقامة بالثغر المعرض للعدو للذود عنه: "الرباط والمرابطة ملازمة ثغر العدو، وأصله أن يربط كل واحد من الفريقين خيله، ثم صار لزوم الثغر رباطًا .. والرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو." لسان العرب مادة "ربط" وانظر ما سيجئ في هذه المقالة نفسها.
(مهدى علام)
آلاف رباط (ابن خلكان، ترجمة ده سلان، ج 1، ص 159، رقم 3).
وكانت الشواطئ تعج أيضًا بهذه الرباطات. من ذلك أنَّه كان ثمة رباطات على طول شاطئ فلسطين وإفريقية.
وقد ذكر أن المنارات التي كانت تلحق بالرباطات أو تنشأ قائمة برأسها قد أتاحت للقوم بعث الرسائل من الاسكندرية إلى سبته Ceuta في ليلة واحدة.
ومن الواضح أن في هذا شيئًا من المبالغة. ومع ذلك فإنا نلاحظ أنَّه كان هناك نظام لإرسال الإشارات سريع سرعة لا بأس بها، كما نلاحظ أن الإسكندرية قد ذكرت في هذا المقام، والظاهر أن منارها كان يتخذ رباطًا.
وكانت الرباطات موجودة أيضًا على شواطئ الأندلس. وكذلك قامت ثغور إسلامية على تخوم الممالك المسيحية وخاصة بعد مجئ المرابطين الذين استكثروا من الجهاد. وذكر ابن حوقل في كلامه عن صقلية أخبارًا عجيبة عن الرباطات القريبة من بَلرم (بالرمو) ونحن نعلم أيضًا البلدة الصغيرة المعروفة باسم "رباطو" في جزيرة كوزو بالأرخبيل المالطى.
وقد استكثر الناس من إقامة المنشآت مدفوعين بغيرتهم على الدين، وخاصة بإفريقية في أرباض مدن من قبيل طرابلس وصفاقس. ذلك أنَّه إذا أقام شخص رباطًا على نفقته أو عزز حصون رباط قائم كان ذلك عملًا من أعمال البر والتقوى. وكذلك كان من الثواب أن يحض المرء الناس على الانخراط في سلك الرباطات للجهاد في سبيل الإسلام وتعزيز حامياتها، ثم إن الثواب كل الثواب أن يبدأ المرء بنفسه.
وذكر المقدسي أن الرباطات التي قامت على شواطئ فلسطين كانت تستعمل لأغراض أخرى من الأغراض التي يقصد بها وجه الله. فقد كانت مناراتها تستخدم لتنبيه القوم عند اقتراب السفن النصرانية التي تحمل أسرى المسلمين الذين اتفق على تبادلهم. وكان كل امرئ يسعى حتَّى يكون له نصيب في هذا العمل ما وسعته طاقته.
وكان عبء تشييد الرباطات الكبيرة وكثير من الرباطات الصغيرة يقع
بطبيعة الحال على كاهل حكام البلاد.
وكان رباط المنستير هو أول رباط أنشئ في إفريقية، شيده الوالى العباسى هرثمة بن أعين عام 179 هـ (795 م). وكان القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) هو العصر الذهبي للرباطات، فقد ضاعف الأغالبة عدد الرباطات الحقيقية والمحارس على طول الشواطئ الشرقية. والمحرس منطقة محصنة تضم حامية صغيرة أو برج مراقبة. وقد احتفظت المنستير بتفوقها في هذا المضمار، ويقال أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قد تنبأ لها بذلك. وكان الشهداء في القرن الثانى عشر تحمل رفاتهم من
المهدية إلى هناك لتثوى عظامهم في هذه البقعة المباركة. واكتسب رباط سوسة الَّذي أنشأه زيادة الله الأغلبى 206 هـ (821 م) شأنًا عظيمًا.
والمعروف أن سوسة كانت الثغر الَّذي يبحر منه الجند لغزو صقلية. وكانت بقية الشواطئ المغربية أقل ازدحامًا بهذه الرباطات إذا قورنت بالشاطئ الشرقى لإفريقية الَّذي كان عرضة لهجمات الروم المباشرة، أو كان قاعدة تخرج منها الحملات البحرية. على أنَّه كان ثمة رباطات على شاطئ المغرب الأقصى بعضها في نكور وأرزلة، وقد قصد به رد غارات قراصنة الشمال، وبعضها في سلا لتيسير أسباب الغارة على هراطقة برغواطة.
وكان معظم هذه الرباطات منشآت حكومية، إلا أن خدمة المحاربين فيها لم تكن بأى حال من الأحوال إجبارية.
فرجال الرباط (المرابطون) متطوعون من أهل التقى والورع نذروا أنفسهم للذب عن الإسلام. وقد يلتحق بعضهم بالرباط بوصفه تكية يقضون فيها بقية أيامهم، على أن الغالبية الكبرى كانت تقضى فيه أيامًا من السنة محدودات طالت أو قصرت. وكانت الحاميات في الرباطات تستبدل استبدالًا تامًا عدة مرات في السنة.
وكان استبدال الحامية برباط أرزلة يتم في عاشوراء (اليوم العاشر من المحرم) وفى بداية رمضان، وفى عيد الأضحى. وكان يقام - لهذه المناسبة سوق هام. وكانت حاميات هذه الرباطات تدعم في حالة الخطر برجال ذوى بأس من البلاد المحيطة. وقد جرت
الحال على استدعائهم بقرع الطبول (في فلسطين، كما جاء فى المقدسي).
وكان أهل الرباطات ينفقون حياتهم في التدريب العسكرى وفى الحراسة كما كانوا ينفقونها أيضًا في التعبد. وكان المرابطون يعدون أنفسهم للاستشهاد بالصلوات الطويلة يقيمونها تحت إرشاد شيخ من الشيوخ المبجلين. ولكن كشف لنا الرحالة ابن حوقل عن جانب مظلم لهذه الصورة الحافلة بأسباب الهداية والتهذيب. في حديثه عن رباطات بلرم (بالرمو) في القرن الرابع
الهجرى (العاشر الميلادى).
وقد تجلت الصفتان الحربية والدينية لحياة المرابطين في عمارة الرباطات القديمة التي ما زالت قائمة إذ احتفظت بلاد تونس برباط المنستير وسوسة. ولايزال أولهما يبعث المهابة في النفس، غير أن التجديدات الكثيرة التي طرأت عليه قد عقدت من خطة البناء الأصلى. ويمكن أن نعد الرباط الثانى ذا الخطبة البسيطة مثالا لهذه الرباطات. فهو بسوره المربع المرتفع الَّذي تكتنفه الأبراج نصف المستديرة من أركانه ووسطه يذكرنا بحصون الروم (البوزنطيين) في هذه البلاد.
وينفتح مدخله الوحيد في منفذ من المنافذ القائمة في منتصف السور. وثمة سلم يهبط درجة إلى الداخل حيث تقوم الباحة الوسطى تحيط بها أروقة مسقوفة وصوامع غاية في البساطة.
والصعود إلى الطابق الأول أيضًا من صوامع تقوم على الجوانب الثلاثة للباحة. وتمتد على طول الجانب الرابع قاعة بها محراب. وهذه القاعة هي مصلى الرباط. وبحائط القبلة كوى للمدافع. ويقوم على مستوى الشرفات التي تعلو هذا الطابق الأول باب برج
الإشارة، وهو برج أسطوانى الشكل يرتفع من القاعدة المربعة لإحدى الزوايا الخارجية القائمة في ركن من أركان الرباط ويشرف على الحصن من ارتفاع يبلغ ستين قدمًا تقريبًا. وهناك قبة صغيرة تقوم أيضًا فوق الشرفات تتوج الساحة المربعة التي أمام المحراب في المصلى كما هو الشأن فى مساجد هذا العهد.
ويردنا رباط سوسة إلى عهود البطولة عندما كانت هذه المؤسسة تصطبغ بطابع حربى واضح، وقد كان لهذه الثغور شأن حربى هام على تخوم البلاد الإسلامية، كما أنها احتفظت بهذه الصبغة طوال القرنين الحادى عشر والثانى عشر بالمغرب الأقصى حيث ابقى القتال الَّذي كان مشبوبًا مع النصارى في الأندلس على سنة الجهاد.
ونحن نعلم أن الرباط الَّذي شيد على جزيرة من جزائر السنغال الأدنى كان هو المعقل الَّذي خرج منه بربر لمتونة للجهاد، ومن ثم عرفوا بالمرابطين، وهو الاسم الَّذي اشتهروا به في التاريخ وكان للموحدين الذين جاءوا من بعدهم رباطاتهم الخاصة. وهناك رباطان من رباطاتهم على الأقل تستأهل الذكر، وهما: رباط تازا الَّذي حصنه عبد المؤمن عام 528 هـ (1138 م) في الوقت الَّذي خرج فيه على رأس حملة لقتال المرابطين، وهي الحملة التي اصطبغت بصبغة الجهاد. ورباط الفتح، الَّذي بقى اسمه علمًا على مدينة رباط، كان على أيسر تقدير المعسكر الكبير الَّذي تتجمع فيه الجيوش التي تستعد عبور البحر إلى الأندلس، ولعله كان الثغر الَّذي تبحر منه هذه الجيوش. وقد بقيت مكانة هذه المؤسسة الموحدية إلى ما بعد زوال الأسرة التي قامت بتشييده.
وكانت رباط، أو بالأحرى مدينة شالة الصغيرة المجاورة لها - وتعتبر أيضًا رباطًا - هي المقبرة التي يدفن فيها أمراء المرينيين، وكانوا يبتغون من ذلك أن يكون لهم أجر المقاتلين في سبيل الله.
وكان القوم لا يزالون يشيدون المحارس وأبراج الإشارات في القرن الرابع عشر ويتخذونها رباطات تنبههم إلى نزول النصارى على الشاطئ.
ويذكر ابن مرزوق مورخ أبى الحسن المرينى وجغرافيه الخاص في حديثه عنها أنه كان يرابط في هذه المعاقل جنود من المرتزقة. ولم تكن هذه المحارس والأبراج رباطات بالمعنى الصحيح للكلمة، وكانت حامياتها من المتطوعين. على أننا إذا صادفنا بالمغرب الأقصى في القرن السادس عشر رباطات من قبيل رباط آسفى كان له شأن حربى في النضال مع البرتغال،
فإننا نجد أن صفة هذه الرباطات قد تغيرت في الشرق، أى في البلاد التي أصبحت بنجوة من تهديد الكفار، وعزف أهله عزوفًا تامًا عن التدريب العسكرى واستبدلوا به حياة قوامها الزهد والتقشف وترديد الصلوات التي كانت سنة الرباطات القديمة. وقد كان تطور التصوف وتشعب المتصوفة فرقًا وطرائق منذ القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) أو القرن الَّذي سبقه هو العلة التي بررت استمرار هذه الثكنات باتخاذها زوايا وتكايا. وهذا التطور الَّذي أصاب الرباطات، وكان منشؤه في بلاد فارس أخذ ينتشر منها إلى العالم الإسلامى كافة. وفى المشرق اندمج الرباط في الخانقاه المأثورة عن الفرس. ويشير ابن جبير (طبعة رايت Wright ودى غوى de Goeji ص 234) إلى خانقاه أنشاها الصوفية في رأس العين إلى الشمال من صحراء
الشام، وكانت تعرف أيضًا باسم الرباط. على أننا إذا وجدنا كاتبًا من الكتاب مثل ابن الشحنة يصف حلب ويفرق فيما يبدو بين الخانقاه والرباط فإن هذا التفريق يغيب عن أذهاننا.
ويحق لنا أن نذب إلى أن الخانقاه كانت مستقرًا دائمًا لأناس يقضون فيها كل حياتهم، في حين أن الرباطات كان ينزلها رجال من الصالحين مددًا محدودة كما ذكرنا من قبل. على أننا لا نستطيع أن نجزم بأن ذلك هو الفارق بينهما. ومهما يكن من شيء فإن
الرباطات الأربعة القائمة في مدينة حلب أكان أحدها ملحقًا بمدرسة من مدارسها وبضريح منشئه وكان بالضريح قراء وصوفية) قد فقدت كل صفاتها الحربية، وكان هذا هو حال الرباطين القائمين بمكة، وهما اللذان ذكرهما ابن بطوطة. أما في القاهرة فإن
الكتابة الوحيدة التي وجد فيها فان برشم Van Berchem ذكر الرباط، فهي الكتابة المنقوشة في زاوية الملك أشرف
إينال (860 هـ = 1455 م)
وقد بلغت موجة التصوف الشرقى إلى بلاد البربر في القرنين الحادى عشر والثانى عشر. واحتفظت هذه البلاد أيضًا بكلمة رباط، ولكنها كانت تطلق فيها على الزاوية وهي المكان
يجتمع فيه الزهاد حول شيخ من الشيوخ أو حول ضريع واحد منهم.
ومن الحقائق التي لا تقبل الجدل أن ابن مرزوق يفرق في هذا المقام بين الزاوية والرباط، على أن هذه التفرقة مازالت مع هذا غامضة. ذلك أنه يذكر لنا في حديثه عن الزوايا التي أنشأها شيخه أبو الحسن أن كلمة الخانقاه، وهي كلمة فارسية، لها معنى كلمة رباط، ثم يضيف قائلًا إن الرباط في مصطلح الفقراء هو الانقطاع للجهاد وحماية الثغور، أما عند الصوفية فهي تدل على
المكان ينقطع فيه المرء لعبادة الله.
والظاهر أن هذا الاستعمال الأخير هو الَّذي كان شائعا في عهده. ورباط العُباد هو مجموع المنشآت الخيرية التي قامت بالقرب من تلمسان حول ضريح الصوفى الشهير سيدى بومدين، وقد أقيم رباط تسكدلت إلى الجنوب الغربى من وهران إحياء لذكر ولى من أولياء بنى إزناسن. ويضم رباط تافر طاست القائم على حدود وادى سبوقبرى أميرين من أمراء المرينيين وأروقة للطلباء (المقرئين).
ويمكننا أن نربط هذا الاستعمال الخاطئ للكلمة العربية القديمة بالتغير المماثل الَّذي طرأ على كلمة مرابط، فهي تطلق على ولى من الأولياء اكتسب احترام من يلوذون به وتبجيلهم بفضل خلاله الخاصة أو بفضل أخذه الولاية الصوفية عن غيره، أو بفضل علاقته بولى آخر من الأولياء.
أما في الأندلس آخر بلاد الجهاد، فيحق لنا أن نذهب إلى أن الرباطات كانت ترصع تخومها التي كانت تتغير على تعاقب الأزمان وفقًا لما كانت تلقيه إعادة فتح الأندلس من أعباء على البلاد الإسلامية. والتحقق من ذلك يقتضينا أن ننتظر حتَّى تمدنا دراسة النصوص والبحوث التي يشرف عليها كل من هرناندز F. Hernandez وتراس - H. Ter rasse للمنشآت الحربية بالأندلس من تفصيلات دقيقة عن تاريخ معاقلها والأغراض التي أقيمت من أجلها. وقد يؤدى بنا تطور معنى كلمة رباط إلى القول بأنها أصبحت لا تدل بعد على الحصن. وكثيرًا ما يستعمل كتاب العرب الأندلسيون وكذلك المقرى والفقراء الذين ذكرهم ابن مرزوق كلمة رباط