المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الرجم رمى الحجارة. ومادة ر- ج- م أصلها سامى، وتوجد مشتقاتها - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌دجلة

- ‌دحلان

- ‌دحية

- ‌الدردنيل

- ‌الدرعية

- ‌درقاوى

- ‌درويش

- ‌درويش باشا

- ‌درويش محمَّد باشا

- ‌درهم

- ‌دريد

- ‌الدسوقى

- ‌‌‌الدسوقي

- ‌الدسوقي

- ‌الدعاء

- ‌دعبل

- ‌دف

- ‌دلدل

- ‌دمشق

- ‌فتح المسلمين لدمشق

- ‌دمشق في عهد الأمويين

- ‌دمشق من سنة 750 م - 1150 م

- ‌دمشق في عهدى نور الدين وصلاح الدين

- ‌عهد المماليك

- ‌العهد التركي

- ‌صورة المدينة الحديثة

- ‌الدمشقي

- ‌الدميرى

- ‌دنيا

- ‌تعليق

- ‌دواسر

- ‌الدواني

- ‌الدوسة

- ‌الدهر

- ‌دهلك

- ‌الدهلوى

- ‌الدهناء

- ‌ديار بكر

- ‌الديار بكري

- ‌ديار ربيعة

- ‌ديار مضر

- ‌الديباج

- ‌ديك الجن

- ‌دينار

- ‌دينار ملك

- ‌الدينوري

- ‌ديو (دويبه)

- ‌ديوان

- ‌الدية

- ‌ذ

- ‌ذاتى

- ‌ذاتى سليمان

- ‌ذبيان

- ‌ذراع

- ‌الذرة

- ‌الذكر

- ‌المصادر:

- ‌ذمار

- ‌المصادر:

- ‌ذو الرمة

- ‌ المصادر

- ‌ذو الفقار

- ‌المصادر:

- ‌ذو قار

- ‌المصادر:

- ‌ذو القرنين

- ‌المصادر:

- ‌ذو الكفل

- ‌المصادر:

- ‌ذو النون

- ‌تعليق ذو النون المصري سيرته وحياته الروحية ومذهبه الصوفي

- ‌سيرة ذى النون

- ‌حياة ذى النون الروحية

- ‌مذهب ذى النون التصوفى

- ‌الذهبي

- ‌المصادر:

- ‌ر

- ‌رابعة العدوية

- ‌المصادر:

- ‌راحيل

- ‌المصادر:

- ‌الرازى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الرازي "مؤرخ

- ‌ المصادر)

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌راسم أحمد

- ‌المصادر:

- ‌الراشد بالله

- ‌المصادر:

- ‌راشد الدين سنان

- ‌المصادر:

- ‌راشد محمد

- ‌المصادر:

- ‌الراضى بالله

- ‌المصادر:

- ‌الراغب الإصفهانى

- ‌المصادر:

- ‌الرامى

- ‌المصادر:

- ‌راهب

- ‌الرباط

- ‌المصادر:

- ‌رباعى

- ‌المصادر:

- ‌ربيب الدولة

- ‌المصادر:

- ‌الربيع بن يونس

- ‌المصادر:

- ‌ربيعة ومضر

- ‌المصادر:

- ‌الرجز

- ‌المصادر:

- ‌الرجم

- ‌المصادر:

- ‌رجوع

- ‌المصادر:

- ‌الرحمانية

- ‌حياة صاحب الطريقة:

- ‌تاريخ الطريقة وانتشارها:

- ‌شعائر الطريقة:

- ‌كتب الطريقة:

- ‌المصادر:

- ‌رزيك بن طلائع

- ‌المصادر:

- ‌رس، بنو

- ‌المصادر:

- ‌رستم باشا

- ‌المصادر:

- ‌رستم، بنو

- ‌المصادر:

- ‌رسول

- ‌المصادر:

- ‌رسول، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الرشيد

- ‌المصادر:

- ‌رشيد الدين الطبيب

- ‌المصادر:

- ‌الرضاع

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌رضية

- ‌المصادر:

- ‌رطل

- ‌المصادر:

- ‌الرفاعى

- ‌المصادر:

- ‌رفاعة بك

- ‌المصادر:

- ‌رفيع الدين

- ‌المصادر:

الفصل: ‌ ‌الرجم رمى الحجارة. ومادة ر- ج- م أصلها سامى، وتوجد مشتقاتها

‌الرجم

رمى الحجارة. ومادة ر- ج- م أصلها سامى، وتوجد مشتقاتها فى "العهد القديم"، بمعنى "قتل مخلوق بغيض أو طرده برميه بالحجارة"، والـ "رجم""الحجارة المجتمعة، أو جماعة الناس أو الصياح أو الصخب" ومعنى مادة ر- ج- م فى لغة العرب هو القتل بالرمى بالحجارة أو السب واللعن، والرَجْم الحجارة مجتمعة، وهو يدل أيضاً على الحجارة التى تنصب على القبور إما على هيئة علامات وشواهد منفردة، وإما على هيئة حجارة مجتمعة. وقد نهى الحديث عن نصب الرجَم فوق القبور، ويوصى بأنُ يْجَعل القبر فى مستوى سطح الأرض. وقد اخُتلف فى قول عبد الله بنُ مَغفل المزني:"لا تُرجِّموا قبرى"، فقيل معناه: لا تجعلوا عليَه الرَجم، وهو الحجارة، أراد بذلك تسوية قبره بالأرض وألا يكون مرتفعاً مُسنَّما؛ وقيل معناه: لا تنوحوا عند قبرى، أى لا تقولوا عنده كلامًا قبيحاً، من الرجم، بمعنى السب والشتم.

ورمى الحجارة أو موضع رميها عند منى يسمى الجمرة. وقولهم "جمرات العرب"، مأخوذة من الجمرة، وهى القبيلة المجتمعة يداً واحدة، تقاتل من ناوأها ولا تنضم إلى أحد. وهنا نجد المعنيين القديمين لمادة ر ج م التى يمكن ردّها إلى مادة جـ -م، وهى فى العربية "جم" و"جْمع". وفقهاء اللغة العربية يرون أن "الجمرة" بمعنى مجمع الحصى مأخوذة من قولهم "جمرات العرب" وعلى هذا فيجب ألا يغرب عن بالنا خاصة المعنى المزدوج لكلمة "رجم" وكذلك تبدّل مكان الحروف من قولهم "جَمر" ألى قولهم:"رجم".

وإلى جانب ماتدل عليه كلمة "الرجم" من حد الزنا برمى الزانى بالحجارة فهى تدل أيضًا على رمى الجمرات فى منى، وهو من الشعائر التى كانت موجودة قبل الإسلام، وأبقاها النبى عليه الصلاة والسلام وجعلها من مناسك الحج (1).

(1) الحقيقة أن الحج ومناسكه ترجع، بحسب المأثور العربي الذى لاشك فيه، إلى دين إبراهيم عليه السلام.

وكان هذا لايزال موجودا فى مكة، وإن كانت قد طغت عليه مظاهر وثنية. والإسلام يبنى على دين إبراهيم من حيث العقيدة ومن حيث بعض الشعائر. والمأثور العربي القديم والعربى الإسلامى أصدق فيما يتعلق بإبراهيم من غيره، وخصوصا أن الشطر الخاص بإبراهيم وإسماعيل كان لهما شأن فى جزيرة العرب غير موجود فى التوراة، وأسباب ذلك معروفة.

ص: 5116

والقرآن لا يذكر هذا المنسك من مناسك الحج، وإنما ورد فيه فعل" "رجم" بمعناه فى العهد القديم، وهو رمى الكافرين للأنبياء بالحجارة، كما وردت فى القرآن كلمة "الرجيم" (= المرجوم) فى صفة الشيطان، بمعنى طرد الملائكة له ورجمهم إياه برجوم

من نار، كما جاء فيه فعل "رجم" بمعنى مجرد يدل على تطور طويل فى دلالة هذا الفعل (1)(سورة "الكهف" آية 20، 22).

ورمى الجمرات بالحصى فى منى قد نصت عليه الأحاديث فى كتب الصحاح، وهناك الحج الكامل، وهو حج النبى عليه الصلاة والسلام، وهو الذى نجده فى الكتب المختصرة فى "مناسك الحج" مثل "رسالة ابن تيمية"(قارن إبراهيم رفعت جـ 1، ص 89 ومابعدها). وبعض الأحاديث الأولى (مثل البخارى، كتاب النكاح ب 2 (2) وكتاب السَّلم ب 1، 2، والعمدة (3) جـ 8، ص 489) تدل على أن النبى عليه الصلاة والسلام كان لابد له أن يضع قواعد لمسألة "الوقوف"، وهو الركن الذى يكون به تمام الحج. فكان الُحْمس (4)، وهم قريش ومْن دان بينها يقفون فى جمع (المزدلفة)، فى الحرم.

وكان سائر العرب يقفون بعرفات خارج الحرم (5). ولما كان لابد للنبى عليه الصلاة والسلام من أن يختار بين أصحابه الذين يرجعون إلى أصلين مختلفين، أعنى المهاجرين والأنصار، فإنه اختار مع الآخرين الوقوف بعرفة، ولكنه احتفظ بوقوف ثانوى فى

المزدلفة، كما احتفظ بالإفاضتين، وهذا الجمع الجديد بين المناسك يتم برمى الحصى فى جمرة العقبة.

(1) يقصد الكاتب فى الغالب الرجم بمعنى اللعن أو الطرد أو الهجر أو الرجم بالغيب ونحوها.

(2)

ليس فى البخارى في هذا الباب شئ فى الموضوع الذى يشير إليه الكاتب

(3)

المقصود عمدة القارئ فى شرح صحيح البخارى للعينى.

(4)

يسمون الحمس لأنهم تحمسوا فى دينهم وتصلبوا فيه وتشددوا.

(5)

هذا ما كان قبل الإسلام، فلما جاه الإسلام أمر الله نبيه عليه السلام أن يأتى عرفات ثم يقف بها يفيض منها. وعلى هذا يكون قد وقف حيث لا يقف أهل البلدة، وهم قريش، بل مع الحجاج الآتين من خارج مكة. راجع عمدة القارئ جـ 8، ص 489 أما ما يقوله الكاتب عن اختيار النبى بين أصحابه فهو من عند نفسه.

ص: 5117

ولما كانت العقبة تقع فى بطن وادى منى، على الممر المنحدر إلى مكة، فإنَها ليست "من منى، بل هى حد منى من جهة مكة"(العمدة جـ 4، ص 770).

وفى صباح يوم النحر يهبط الحاج فى الوادى، ويمضى دون أن يقف بالجمرة الأولى، وبعد 40 ، 156 متراً يصل إلى الجمرة الوسطى، وبعد ذلك بـ 77، 116 متراً يصل إلى جمرة العقبة (راجع إبراهيم رفعت، جـ 1، ص 328). وهنا يرمى سبع حصيات، وهذا هو أحد المناسك الأربعة التى يقصد منها فى يوم النحر التحلل من الإحرام. ويجب عليه أيضًا أن يحلق شعره، وأن ينحر،

وأن يفيض إلى مكة. والإفاضة هى التى يكون بعدها للحاج أن يقرب أهله. أما المناسك الثلاثة التى قبلها فهى التى بأدائها تزول التكاليف عن الحاج. ولكن الفقهاء مختلفون فى ترتيب أدائها. وفى الأحاديث الشريفة أن النبى [صلى الله عليه وسلم] أجاب فى أمر الحجاج الذين تحرجوا لأنهم لم يقضوها على الترتيب الذى قضاها هو به بأن قال: "لَا حَرَج" البخارى (، كتاب

الحج، البابان 125، 130

إلخ)، ويقال فى تفسير ذلك إن النبى عليه الصلاة والسلام لم يشأ فى ذلك اليوم الذى هو يوم سرور أن يؤلم نفوس الجاهلين من العرب، ونستطيع أن نتصور أن أولئك العرب لم يتبعوا عادات قريش، وأن النبى عليه الصلاة والسلام لم يكن عنده الوقت لفرض ما اختاره من بين العادات المختلفة ولا كان هو يميل إلى فرضه.

فقد كان النبى يبدأ برمى الجمار فى العقبة. وكان بعد أن يحلق وينحر وُيفيض يعود للمبيت بمنى وفى اليوم الأول والثانى والثالث من أيام التشريق كان يرمى سبع جمرات منتهياً بجمرة.

العقبة. فعلى الحجاج الذين يريدون أن يسَتنوا بسنة النبى عليه الصلاة والسلام أن يرموا 7 + (7 × 3) 3 = 70 جمرة. ولكنهم فى العادة يأخذون بالرخصة التى جاءت فى الحديث، فيخرجون من منى فى اليوم الثانى من أيام التشريق من غير أن يرجعوا إليها، وعلى هذا فهم لا يرمون إلا 7 + (7 × 2) 3 = 49 جمرة. ومن الراجح أنه لم تكن هناك عادة قديمة. ووجود جثث

الأضاحى التى كانت تنحر كان يجعل

ص: 5118

من منى مكاناً بشعاً. ومن العسير أن يدرك الإنسان معنى ما يقوله ويفل (Pilgrim: Wavell، ص 202) من أنه رمى 63 جمرة، أى:(7 × 3) 3 = 63.

على أن هذا هو عدد الأضاحى التى نحرها النبى عليه الصلاة والسلام بيده، أضحية عن كل سنة من سنوات حياته.

ورمى الحصى فى جمرة العقبة يكون فى يوم النحر، والحجاج محرمون، أما رمى الجمرات فى الأيام الثلاثة التالية لذلك فالحجاج يؤدونه بعد زوال الإحرام. وليس شئ من ذلك ركنا من أركان الحج.

وترمى حصيات صغيرة أكبر من الحمص لكن دون البندق، وهو ماسماه قدماء العرب "حصى الَخذْف"، التى كانت ترمى إما بأطراف الأصابع، وإما بقطعة من الخشب على هيئة المقلاع، وهى المخذفة (الترمذى، جـ 4 ص 123)(1). وهناك حديث ينهى عن هذه اللعبة الخطرة، فقد نهى النبى عليه الصلاة والسلام عن الخذف بالحصى وقال إنّه يفقأ العين ولا ينكى العدو

ولا يحرز صيدا. ومن ثم لاشك أنه كان له طابع سحرى أو وثنى ما (2) وكان يتعين أن تجمع الجمرات من الحجم المناسب، ولا يصح أن تقطع من جبل، ولا يصح أن تكون من الذهب أو الفضة أو نحوها. على أن بعض النصوص تجوز رمى نوى التمر أو بعر الجمل أو العصفور الميت، وهذه أشياء كان نساء الجاهلية يستعملنها فى آخر فترة الترمل والوحدة لإزالة دنس الترمل

والتمهيد لحياة جديدة. ويندب التقاط الحصيات التى ترمى عند العقبة من المشعر الحرام، عند المزدلفة، خارج منى. أما الحصيات الثلاث والستون الباقية فهى تؤخذ فى العادة من وادى منى، لكن من خارج المسجد، بعيداً من الجمرات، لكيلا يرمى الحاج بحصى قد رمى به غيره من قبل (ابن تيمية ص 383) على أنه يقال إن الملائكة تأخذ الجمرات إلى يقبلها الله من راميها- أما الحصى الذى يجمع ولا يستعمل فيجب

(1) يذكر الترمذى هنا حصى الخذف، ولا يذكر المحذفة

(2)

ولكن لا يوجد فى ذلك النهي ما يدعو إلى التماس أصل له.

ص: 5119

أنُ يْدَفن، لأنه تصير له صبغة مقدسة تجعله خطراً (1).

والحج النموذجى الكامل المروى عن النبى عليه الصلاة والسلام يجعل رمى الحصى فى جمرة العقبة فى يوم النحر. ويدل هذا الحج على أن النبى عليه الصلاة والسلام كان يبدأ بالإفاضة فى المزدلفة بعد صلاة الفجر ويرمى الحصى بعد شروق الشمس.

ولكن الشريعة سمحت بأوقات أخرى، وكان ذلك بحكم بقاء العادات القديمة أكثر مما كان بدوافع التسهيل والتيسير، فالشافعى، خلافا للأئمة الثلاثة، يجيز رمى حصى العقبة قبل الشروق (إبراهيم رفعت، جـ 1، ص 113) وبالجملة فإن وقت رمى الجمار يجوز أن يمتد إلى الضحى، وإلى الزوال، وإلى الغروب، وإلى الليل، وإلى صباح اليوم التالي: وهذه المخالفات

للسنة المعروفهُّ يكفر عنها بنحر شاة أو بصدقة، على حسب اختلاف المذاهب.

ورمى الحصى فى أيام التشريق الثلاثة يكون عند الزوال، وفى هذا أيضاً آراء مختلفة (البخارى، كتاب الحج، باب 134). وقد تجنب الشرع دائما فى تحديده وقت رمى الجمار أن يكون ذلك فى وقت إحدى العبادات المفروضة، كالصلوات التى تكون فى الأوضاع الثلاثة للشمس (2) وهى الشروق والظهيرة والغروب. وقد بين فنسنك. A (J.Wensink: الترجمة العربية للدائرة، ) جواز كون الحج الوثنى قبل الإسلام حجا ذا صبغة ترجع إلى الشمس.

وقد رمى النبى عليه الصلاة والسلام جمرة العقبة، وهو فى بطن الوادى، راكبا ناقته، متجها إلى الجمرة، بعد أن جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، وبينه وبين الجمرة خمس أذرع (ثمانى أقدام) ولكن يجوز رمى الجمرة من مواضع أخرى. ويصف إبراهيم رفعت جـ 1، ص 328) جمرة العقبة بأنها حائط من الحجر ارتفاعه نحو ثلاثة امتار فى عرض نحو مترين أقيم

(1) يصعب على الإنسان أن يعرف مصدر هذا التعليل، الكاتب لا يذكر مصدره.

(2)

يقصد أنه نكره الصلاة عند شروق الشمس، وعندما تكون الشمس فى كبد السماء، وعند غروبها، تجنباً لشبهة الصلاة للشمس وهى فى هذه الأوضاع.

(م. ع)

ص: 5120

على قطعة من صخرة مرتفعة على الأرض نحو متر ونصف، ومن أسفل هذا الحائط حوض من البناء تسقط إليه حجارة الرجم. ويقال إن جهال الناس أزالوا جمرة العقبة عن مكانها برميهم الحصى فى غير موضعها ثم ردت إلى مكانها فى سنة 240 هـ =

854/ 855 م (الأرزقى، ص 212).

وقد رمى النبى عليه الصلاة والسلام الجمرتين الأخريين راجلا، مستقبلا القبلة. وبالجملة فإن رمى الحصى يكون من أى موضع وقف فيه الإنسان.

ووقوف الرامى متجها إلى الجمرة التى يرجمها يمكن تعليله بأنه يرجع إلى طبيعة الموضع، لكنه يتفق أيضا مع القصد إلى لعن الشيطان فى وجهه. أما وقوف الرامى متجها بوجهه إلى الكعبة فهو يرجع إلى ما يؤثر فى الإسلام من قصة الفتنة من جانب الشيطان، وإلى فرض التكبير الذى سنبينه فيما يلى.

وبحسب السَّنة يجب وضع الحصى على الإبهام والسبابةَ مَحْنيَّة عليها، ثم ترمى واحدة كما ترمى الكرات البلورية الصغيرة فى اللعب بها. على أن الشارع لم يهمل ما قد يكون من رمى الحصيات السبع معا، أعنى باليد مملوءة فرئى أن تعتبر الرمية بمثابة حصاة واحدة، كما رُئى التدارك للخطأ أو السهو بالفدية.

ولا يجوز رمى الحصى بشدة، كما لا يصح أن يقول الرامى عند الرمى:"إليك! إليك! "(الترمذى جـ 4، ص 136) ، وذلك عادة وثنية كان البدو فى العصر الحديث لا يزالون عليها حتى عهد قريب جدا (إبراهيم رفعت جـ 1، ص 89) ويظهر أن النبى عليه الصلاة والسلام كان يرمى بشئ من الشدة لأنه رفع يده "إلى حذاء حاجبه الأيمن"(الترمذى جـ 4، ص 135)(1) وحتى ظهر إبطه (البخارى، كتاب الحج، ب 141)(2)

وعند المسلمين يكون رمى كل حصاة مصحوباً بدعاء. ومن المتفق عليه أن التلبية تنتهى فى عرفة أو على الأقل قبل الرمي فى جمرة العقبة. البخارى، كتاب الحج، ب 101) وبعض العلماء يجوزونها بعد العقبة، ويجوز التهليل

(1) فى الحديث: "على حاجبه الأيمن" والمقصود من جهة حاجبه الأيمن

(2)

لا يوجد هذا فى باب 141 بحسب طبعة ليدن عمدة القارئ فلعل الكاتب اعتمد على مصدر آخر.

ص: 5121

والتسبيح، لكن التكبير هو المستحب (ابن تيمية ص 383: البخارى؛ كتاب الحج، البابان 138، 143) وقد رأى العلماء مع التطور فى فهم الشعائر فهمًا روحياً أن الدعاء هو العنصر الجوهرى فى الشعائر. أما رمى الحصى، وأما هيئة الإبهام والسبابة

التى تجعل منهما عند الرمى "عقْداً" يمثل رقم 70 فليس إلا شيئاً رمزياً من شأنه أن يذكر الرامى بالدعاء، "وإنما جعُل رمى الجمار والسعى بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله"(الترمذى، جـ 4، ص 135)(1) أما عند الغزالى (الإحياء، جـ 1، ص 192) فالمقصود من رمى الجمار هو الانتهاض لمجرد الامتثال لله "من غير حظ للعقل والنفس فيه" تشبها بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس فى ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة أو يفتنه بمعصية، فأمره الله أن يرميه بالحجارة، طرداً له

وقطعاً لأمله، فالإنسان فى الظاهر يرمى الحصى فى العقبة وفى الحقيقة يرمى به وجه الشيطان (قارن - Gold Richtungen: ziher ص 252) والرامى الصالح يدعو وهو يرمى، والدعاء بمثابة الرمى من حيث قضاء المناسك. والدعاء المشهور هو:"اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً"

وطبيعى أن يكون ثم وقوف بعد الرمى فى العقبة وقبل الرمى فى الجمرتين الواقعتين أعلى منها.

والوقوف بعد الرمى فى الجمرة الثانية خاصة أطول من غيره، ويقاس طوله بما يكفى لقراءة سورة البقرة أو سورة يوسف أو آل عمران، هذا بتحريف مدلول فى الحديث (البخارى، كتاب الحج، ب 135، 136، 137)(2) ويجوز

(1) إن هذا النص من، كلام النبى [صلى الله عليه وسلم] نفسه، والمقصود من كل عبادة فى الإسلام هو الله وذكر الله، وهذا ما يدل عليه القرآن الكريم- مثلا سورة البقرة" .... فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام

" "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً

" فالمقصود من الشعائر هو الناحية الروحية وإن كان العلماء قد

أبرزوا هذه الناحية لمن ظن الشعائر مجرد طقوس.

(2)

فى المواضع التى يشير إليها الكاتب من البخارى نجد أن الصحابة الذين أدوا مناسك الحج كما أداها النبى [صلى الله عليه وسلم]، مثل رميه جمرة العقبة من بطن الوادى أو رميه لها جاعلا البيت عن يساره ومنى عن يمينه، يقولون: "هذا موقف من أنزلت عليه سورة البقرة يعنون النبى [صلى الله عليه وسلم] الذى أنزلت عليه السورة التى فيها معظم مناسك الحج، فعلى أى وجه يمكن تحريف مدلول هذا النص، لكى يمكن تقدير الوقوف بين الجمرات؟

ص: 5122

أن هذا الوقوف قد حل محل منسك قديم كان يقصد منه اللعن.

ومخالفة الأصول التى تجب مراعاتها فى قضاء هذه المناسكُ وخصوصاً فيما يتعلق بعدد الحصى ووقت رميه (العمدة جـ 4، ص 767 وما بعدها؛ إبراهيم رفعت جـ 1، ص 113) تجب فيها فدية رأى الفقهاء أن يحدوها فيما بين نحرَ هْدى أو التصدق بُمدَ من طعام.

وقد حاول فقهاء المسلمين أن يفسروا رمى الجمار فى منى. فبعض المفسرين (كالطبرى، التفسير جـ 25، ص 167) قد تبينوا فى وضوح تام أن رمى الجمار يمثل شعائر قديمة، وهم شبهوه برمى قبر أبى رجال. وثم شعائر أخرى معروفة كالتى عند بئر ذى الحليفة Betyles: Lammens ص 94) وتدل المراجع المذكورة على انتشار هذه الشعيرة، كما تبين الأحوال التى تجعلنا واثقين أن المسألة هى مسألة طرد الشر. ويمكن أن تضاف إلى ذلك عادات أخرى، فمثلا كان يرمى الحصى وراء شخص إذا ذهب إظهاراً للرغبة فى ألا يعود (مقامات الهمذانى طبعة بيروت ص 23) ويذكر أنه كان من عجائب الإسكندرية عمودان يسميان عمودى الإعياء وكانا ملقيين ووراء كل منهما جبل حصباؤه كصبر الجمار بمنى، فيقبل العيُّى بسبع حصيات حتى يستلقى على أحدهما، ثم يرمى وراءه بالحصيات السبع ويقوم ولا يلتفت، ويمضى لطلبته فلا يحس بشئ من تعبه (صبح الأعشى للقلقشندى جـ 3، ص 322) ولكن المضى فى المقارنات سيبعد بنا عن جزيرة العرب Pro-: Lods

phetes d' Israel ص 354)

والمأثورات الشعبية ترد رمى الجمار كما ترد كثيرا غيره من المناسك إلى إبراهيم عليه السلام فيروى أن الشيطان تعرض لإبراهيم أو هاجر أو إسماعيل، بل تعرض لمحمد [صلى الله عليه وسلم] نفسه لكى يفتنه عن قضاء مناسك الحج فرماه بالحجارة وطرده، فإذا أخذنا من ذلك أنه سمى الرجيم فإنما نكون بسبيل تفسير آية 5 من سورة الملكُ (انظر ما تقدم).

ص: 5123