الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دينار
من الكلمة اليونانية اللاتينية ديناريوس (Aureus) Denarius اسم وحدة من وحدات العملة الذهبية التي كانت متداولة في الإِسلام. ولا نستطيع أن نتبين بجلاء من الكتابات اليونانية أو اللاتينية والمصادر الأدبية السبب الذي حدا بالعرب إلى إطلاق كلمة دينار على العملة الذهبية، فقد أطلق بليناس (التاريخ الطبيعى، الكتاب الثالث والعشرون، فصل 13) مرة لفظ أوريوس على ديناريوس، كما أننا نجد العبارة ديناريوس أوريوس أو مستعملة بكثرة في المشرق هي والمعادلة على أن الاسم العربي السريانى دينار يشير فيما يظهر إلى أن العملة الذهبية قد غلب عليها في الشام الاسم فحسب (أي بعد إصلاح العملة على يد قسطنطين الأول من سنة 309 إلى 319).
وعرف العرب هذه العملة الذهبية الرومانية واستعملوها قبل الإِسلام (القرآن، سورة آل عمران، الآية 68)(1).
وقد أجمع المحدثون على أن الإصلاح الذي أدخله الخليفة عبد الملك على العملة سنة 77 هـ (696 م) لم يمس معيار العملة الذهبية. ويمكن أن نتثبت على الفور من الوزن المضبوط لهذه العملة من الدقة المتناهية التي روعيت في ضرب أقدم الدنانير التي تناولها الإصلاح. ومن ثم نجد أن الدينار يزن 4.25 من الجرامات (66 حبة). وينطبق هذا انطباقا تاما على الوزن الفعلى للصولديوس البوزنطى الذي كان معاصرا له في الزمن والذي سكه البوزنطيون على أساس الدراخمة الأتيكية المتأخرة التي كانت تزن 4.24 من الجرامات. ويمكننا التحقق من ذلك بالاستعانة بالموازين المصرية الزجاجية. وكان المعول عليه في الشرق دائمًا فيما يختص بالعملة الذهبية هو وزنها لا قيمتها الاسمية، ومن ثم اختلف وزن الدينار اختلافا كبيرا عن وزنه الرسمى وهو 4.25 من الجرامات (أما ما جاء في المقدسى، طبعة دى غوى، ص 420، من توكيد يخالف ذلك فصحيح على غير قياس).
(1) رقم الآية في المصحف العثماني هو 75.
د. مهدي علام
وأقدم دينار مؤرخ فيما نعلم يرجع إلى سنة 67 هـ (695 م)، وكان هذا الدينار لا يزال يحمل الطابع البوزنطى (صورة الخليفة) وثمة دينار آخر مشابه له يرجع تاريخه إلى عام 77 هـ. وفي السنة نفسها ظهرت الدنانير التي تناولها إصلاح عبد الملك. وكانت هذه الدنانير على خلاف الدراهم لا تحمل اسم المكان الذي ضربت فيه. ويكاد يكون من المحقق أن الأمويين لم يضربوا العملة الذهبية إلَّا في دمشق والقاهرة، ثم في قرطبة بعد عام 100 هـ (718 م). وبعد سقوط الأمويين ظلت دمشق مدة من الزمن أهم مكان لضرب العملة الذهبية فيما يظهر. ثم انتقل هذا المكان عام 146 هـ (763 م) إلى بغداد التي كانت قد أنشئت حديثًا. وفي عهد المأمون تفرقت أماكن ضرب العملة الذهبية، وتقرر ضرب طراز جديد منها على غرار الدرهم. وأصبحت العملة الذهبية بعد عام 212 هـ (827 م) تضرب في أهم حواضر الولايات الإِسلامية. ولم تدخل الدويلات الصغيرة أي تعديل على الدينار، اللهم إلَّا في جنوب بلاد العرب، فقد كان له هناك معيار آخر قدره 2.97 من الجرامات (46 حبة).
وقد ضرب آخر دينار في بغداد بعيد سقوط الدولة العباسية، واختفت كلمة دينار حوالي عام 661 هـ (1262 م) وعادت لا تطلق على هذه العملة الذهبية. أما في مصر فإن آخر دنانيرها ضرب في عهد سيف الدين حاجى سنة 747 هـ (1346 م). وضربت سكة ذهبية جديدة في عهد متقدم لعله يرجع إلى أيام الأشرف شعبان (764 - 778 هـ = 1366 - 1367 م) والأرجح أن ذلك لم يحدث قبل أيام الأشرف برسباى (825 - 842 هـ = 1421 - 1438 م)، وهذه السكة هي "الأشرفي"(3.47 من الجرامات = 53.8 حبة) الذي حل محل الدينار في جميع أنحاء آسية الشرقية. والحق أن الدينار لم يكن له قط مقام ثابت في هذه الأنحاء، فقد اختفى من الهند في عهد ناصر الدين محمود (644 - 664 هـ = 1246 - 1266 م) الذي أدخل في تلك البلاد العملة الذهبية الوطنية المعروفة باسم "تنكه" وجعلها العملة الرسمية.
وظلت الدنانير تضرب في المغرب حتَّى نهاية القرن الخامس الهجري، ولكن الحساب بالدينار استمر معمولا به إلى عهد متأخر عن ذلك كثيرا.
وكانت مضاعفات الدينار وكسوره مستعملة في جميع العهود. وشاهد ذلك أن عبد الملك أدخل فيما يظهر الثلث ووزنه 1،40 من الجرامات (22 حبة) كما يتضح من القطعة الذهبية التي تحمل سنة 92 هـ. وكان ربع الدينار (1 جرام تقريبًا = 15،5 من الحبات) عملة شائعة، وقد اقتصر على ضرب هذه العملة دون سواها تقريبًا في صقلية واستمرت إلى العهد الحديث باسم " Tari d'oro".
وكان معيار الدينار مرتفعًا جدًا دائمًا، وكان يراعى أن يكون الذهب خالصًا من الشوائب ما استطاعت العمليات الفنية إلى ذلك سبيلا.
وكان للدينار شأن هام في تاريخ التجارة في البحر المتوسط، وقد قلده كثير من الحكام النصارى وسموه Bezant Sarrasinato.
وما زال الشرع ينص على أن الدينار الرسمى يكون وزنه 4،25 من الجرامات (66 حبة) ونحن إذ نلتمس تقويم قيمة الدينار الذي ذكره كتاب العرب لتقتضينا الحال دائمًا أن نعده قطعة من الذهب الخالص وزنها 4،25 من الجرامات (66 حبة) إلَّا إذا نص صراحة على أن قيمته تخالف ذلك.
المصادر:
(1)
المقريزى: كتاب شدود العقود، الطبعة الأولى التي قام عليها O.G. Tychen.
(2)
: C.D. Castiglioni Monete Cufiche dell' J.R. Musseodi Milano، جـ 60 وما بعدها.
(3)
: Henrihavoix Catalogue des Monnaies Musulmanes de la Bibliotheque National، جـ 1، المقدمة.
(4)
: E.v. Bergmann Die Nominale der Munzreform des Chalifen Abdel-Melik في Sitz. Ber. phil. hist. Cl. d. Kais Ak d Wien، فينا 1870، ص 239 - 266.
(5)
: H. Sauvaire Materiaux pour servir a l'historie de la Numismatique et de