الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
(1)
ابن خلدون: Histoire des Berberes، طبعة ده سلان de Slane، جـ 1، ص 199 - 210؛ الترجمة، جـ 2، ص 9 - 29.
(2)
ابن عذارى: البيان المغرب، طبعة Dozy، جـ 1، ص 237 وما بعدها؛ ترجمة Fagnan، جـ 1، ص 332 وما بعدها.
(3)
ابن الأثير: الكامل، طبعة Tonrberg، جـ 8 ص 456 وما بعدها؛ ترجمة Fagnan: Annales du Maghreb et de I 'EsPagne، ص 370 وما بعدها.
(4)
البكرى: Description de l'Afrique septentrionale، طبعة وترجمة ده سلان de Slane.
(5)
Traites de Paix et de commerce concernant les relations des chretiens avec les Arabes de l'Afrique septentrionale: de Mas-Latrie باريس 1866، جـ 1.
(6)
Les Arabes en Berberie: G. Marcais، المقدمة، الفصلان الأول والثانى.
(7)
المؤلف نفسه: Coupoles et Plafonds de la Grands Mosquee de Kairouan تونس 1925
(8)
Islamische Schriftbander-Anhang: S. Flury، بال 1920.
صبحى [مارسيه G. Marcais]
2 -
الزيرية فى الأندلس: وهم فرع ثانوى من الأسرة البربرية بنى زيرى من أهل إفريقية، وقد أقاموا إمارة مستقلة قصبتها غرناطة عندما تفككت أوصال الخلافة الأموية فى قرطبة.
ولم تمكّن صنهاجة لنفسها فى الأندلس إلا قبل ذلك ببضع سنوات؛ وإنما يرجع ذلك إلى الفتنة التى قام بها فى إفريقية أعضاء أسرة الأميرين الزيريين بلقين والمنصور، فقد التف هؤلاء المتذمرون حول زاوى أحد أبناء زيرى، فحثهم على الرحيل عن إفريقية. وقد عرضوا خدماتهم على حاجب قرطبة العامرى عبد الملك المظفر فرحب بها أول الأمر، ورحلوا إلى الأندلس ومعهم أتباع كثيرون، وسرعان ما أصبح لهم شأن فى جيش البربر الذى جمعه بنو عامر، وكانوا من أركان هذا الجيش؛ وقام الخليفة سليمان المستعين فى مستهل القرن الخامس (الحادى
عشر الميلادى) بتوزيع الأراضى على خاصة أمرائه، فوهب لبنى زيرى ناحية ألبيرة، وقد حلت غرناطة شيئًا فشيئًا محل قصبة هذه الناحية القديمة، وكانت غرناطة آنئذ مدينة حديثة النشأة جل سكانها من اليهود؛ وشرع زاوى بن زيرى فى تصريف الأمور بوصفه واليًا مستقلا على غرناطة، ولم يعمد من فوره إلى اتخاذ لقب السلطان. وقد آزر زاوى المطالب بالخلافة على بن حمود وأوقع بأعوان مطالب آخر بالخلافة. هو عبد الرحمن المرتضى، هزيمة منكرة فى منطقة غرناطة عام 407 هـ (1016 - 1017 م)، وقد قوى سلطان زاوى بطبيعة الحال على إثر ما كتب له من نصر، ومن هنا يصعب علينا أن نفسر القرار الذى بادر باتخاذه ألا وهو انعقاد عزمه على هجر إمارته والعودة إلى إفريقية مسقط رأسه؛ ولا شك فى أنه كان مدفوعًا فى هذا بالحقد الدفين الذى كان لا يزال مستعرًا فى أسبانيا والذى أدى إلى تقسيم أفريقية إلى زناتة مناهضين للفاطميين، وصنهاجة يؤازرونهم؛ وكان الزناتية يستولون يومًا بعد يوم على أرض جديدة فى الأندلس حيث احتلوا المنطقة الجبلية فى وسط الأندلس وفى غربها، بيد أن زاوى استعاد القيروان عام 416 هـ (1025 م) بشرذمة من أتباعه.
ورحل زاوى بن زيرى عن الأندلس، فتزعم حبوس بن ماكسن ابن أخيه بنى زيرى فى غرناطة، وقد اتخذ حبوس اللقب الملكى "الحاجب" ولقب التشريف "سيف الدولة" وتولى الحكم عشر سنوات أو تزيد حتى عام 429 هـ (1038 م)؛ وعقد أحلافا مع الدويلات الصغيرة المجاورة، وعند موته كانت مملكته قد اتسعت رقعتها بضم ناحيتى جيان وقبرة؛ وقد عهد حبوس بتسيير دفة مملكته إلى وزير يهودى يدعى صمويل بن نغزالة، وهو أمر لم يسبقه إليه أحد فى أسبانيا على عهدها الإسلامى.
ومات حبوس بن ماكسن فانتقل السلطان إلى ابنه باديس بن حبوس، ويعد حكمه الطويل غاية ما بلغه سلطان بنى زيرى فى الأندلس من عز وسؤدد. وقد استهل حبوس عهده بوقعة دموية
هزم فيها أمير المرية وحليفه القديم زهير ولقى زهير حتفه فى المعركة التى جرت فى ممر ألفنت (429 هـ) وقد شجع هذا النصر باديس بن حبوس، كما شجعته انتصاراته الأخرى التى فاز فيها دون مشقة على جنود أميرى بلنسية وإشبيلية على أن ينفض عن كاهله سلطان الخليفة الحمودى القليل الشأن فى مالقة (وكان هذا السطان فى أحسن حالاته لا يتعدى الاسم دون الفعل) وضم أراضيه إلى ملكه (عام 450 هـ = 1059 م) وقد تميزت السنوات التالية بالسياسة المناهضة للبربر التى انتهجها ملك إشبيلية العربى المعتضد ابن عباد الذى أفلح فى ضم الدويلات البربرية رندة وشريش وأركش. وقد ترتب على ذلك أن قوى سلطان العرب فى الأندلس كثيرًا؛ ولم يبق للبربر كتلة قوية تناهض هؤلاء إلا بنو زيرى من قبيلة صنهاجة أصحاب غرناطة، ومن ثم لم يكن بد من أن ينزعج باديس لهذا المتقدم الذى أصابته مملكة عبّاد فى شرق الأندلس، ولما بدا فى نفس الوقت من علامات السخط التى أخذت تستبين شيئًا فشيئًا بين رعاياه هو من العرب، فشهر الحرب على أشبيلية فى هذه الظروف المشئومة ضاربًا عرض الحائط بنصح الوزير صمويل. وكان قد استبقاه عند اعتلائه العرش، ودارت الدائرة عليه فى هذه الحرب، على أنه استطاع لحسن حظه أن يوقف تقدم الجيش الذى كان يتقدم صوب مالقة بقيادة الأمير المعتمد.
وتوفى الوزير صمويل فخلفه ابنه يوسف، وغدا وزير باديس الأول، ولم يكن الوزير الجديد على شاكلة أبيه، فجلب على نفسه سخط العرب فى مملكة بنى زيرى، ونقمة البربر أنفسهم بسبب إسرافه ومظاهر الترف التى كانت يحيط بها نفسه والنعم التى كان يغدقها على إخوانه فى الدين. وفى بعض الروايات فإن أطماعه قد ازدادت حتى عمد إلى دس السم لبلقين بن باديس ووارثه الشرعى، ثم برأ نفسه أمام سيده، وفكر فى وقت من الأوقات فى إقامة دولة يهودية فى الأندلس مستهدفًا تحقيق أطماعه الخاصة. وكان يوسف متصلا فى السر بابن صمادح أمير المرية، وقد عرض عليه أن يسلمه غرناطة على شرط أن تصبح المريَّة
قصبة إمارة يهودية يكون هو حاكمها، وكان رد الفعل سريعًا لا دافع له، فقد استجاب الناس لنداء الشاعر العربى أبى اسحق الألبيرى فى قصيدة له ذاع صيتها، ودبرت مؤامرة على يهود غرناطة، وفى 9 صفر عام 459 هـ (30 ديسمبر عام 1066) ذبح يوسف بن نغزالة هو و 3000 من يهود غرناطة وسلبت منازلهم.
واستمر حكم باديس بن حبوس إلى عام 466 هـ (1073 م)، وأضحت غرناطه آنئذ مدينة ذات شأن وخطر تتجمع حول القلعة التى كانت على الشاطئ الغربى لنهر دويره. وكان حبوس بن ماكسن قد بناها ووسع باديس رقعتها. وكان يطلق على دار باديس، وفقًا لرواية أهل البلاد، اسم "دارديك الريح" وقد بقى هذا الاسم ماثلا فى العبارة الأسبانية (Casa del Callo) وشيد على بن محمد بن توبة قاضى غرناطة قنطرة على نهر دويره عام 447 هـ (1055 م)، ما زالت تعرف "بقنطرة القاضى، (Puente del Cadi) وقد خلد المؤمل، من موالى باديس بن حبوس، ذكراه فى غرناطة بإقامة بضع عمائر عامة شيدت أيضًا فى العهد الزيرى.
وتوفى باديس بن حبوس وخلّف حفيدين هما تميم، وكان آنئذ واليًا على مالقة، وعبد اللَّه، وقد تولى عبد اللَّه حكم غرناطة، فى حين نصب أخوه نفسه واليًا مستقلا على مالقة. وظل هذا التقسيم قائمًا حتى نهاية أسرة بنى زيرى، على أن تقدم الجيوش المسيحية سرعان ما عجل بالحوادث، ذلك أن استيلاء ألفونسو السادس عام 1085 م على طليطلة أعقبه فى العام التالى النصر المشهور الذى أحرزه يوسف بن تاشقين فى الزلاقة واشترك معه فى القتال تميم وعبد اللَّه بكتائبهما؛ وعاد يوسف إلى الأندلس عام 1090 م، وكان من أول ما وجه إليه عنايته بعد أن خاب حصار أليدو، الاستيلاء على غرناطة وخلع عبد اللَّه عن العرش، عملا بنصيحة أبى جعفر القليعى قاضى غرناطة. واضطر عبد اللَّه بعد أن تخلى عنه الناس جميعًا إلى الالتجاء إلى السلطان المرابطى، بيد أن السلطان أخذه أسيرًا، وبادر إلى خلع أخيه تميم عن عرشه فى مالقة. ونفى عبد اللَّه إلى