الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6)
ابن الجوزى: تلبيس إبليس، طبعة 1340، ص 312 - 315 (الدارانى)، وص 374 - 388.
(7)
ابن عربى: الفتوحات المكية، جـ 3، ص 197.
(8)
ابن عباد الرندى: رسائل، مطبوعة على الحجر بفاس (حللها Asin Palacios فى Etudes Carmelitaioines، أبريل 1932 - ص 113 - 167 وفى "الأندلس"، مدريد، جـ 1، 1933، ص 7 - 79)؛ وانظر خاصة ص 122.
(9)
Recueil de textes inedits: L.Massignon، ص 146 - 148 وص 17 (عن المصرى).
صبحى [ماسينيون Loui Massignon]
الزهرى
محمد بن مسلم بن عبد اللَّه بن شهاب، ويكنى يأبى شهاب: محدث مشهور ولد فيما يرجح سنة 50 هـ (670 م) أو 51 هـ (وفى روايات أخرى سنة 56 و 57 و 58 هـ)، وترجع نسبته إلى كونه من عشيرة زهرة المكية. وقد شهد جده بدرًا وقاتل النبى صلى الله عليه وسلم فى صفوف قريش، وأصابه بجرح فى وقعة أحد. وكان أبوه مع عبد اللَّه بن الزبير، ولكن ابنه تصالح مع بنى أمية. وأدى الزهرى فروض الولاء لمروان المتوفى عام 65 هـ الموافق 684 م (ابن حجر: التهذيب، جـ 9، ص 445) وهو بعد فى ريّق الشباب، ثم شخص إلى بلاط عبد الملك؛ وربما كان ذلك قبل سنة 73 هـ (692 م)، لأن اليعقوبى (جـ 2، ص 313) يقول إن عبد الملك أجاب أهل الورع الذين احتجوا على منعه الحج إلى مكة: "هذا ابن شهاب الزهرى يحدثكم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد". والحق أن هذا الحديث المنسوب إلى النبى صلى الله عليه وسلم والذى جاء فيه أن الحج يكون إلى المسجد الحرام ومسجد النبى فى المدينة ومسجد بيت المقدس، (وقد جمع بين هذه المساجد الثلاثة) قد ورد فى كتب الحديث الصحاح بإسناد الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة (انظر البخارى: فضل الصلاة فى مسجد مكة، باب 1؛ أبى داود: المناسك باب 94؛ النسائى: المساجد، باب 10؛ أحمد بن
حنبل جـ 3، ص 324 وفى مواضع أخرى) ولكنه ورد في أحاديث أخرى بإسناد آخر لم يذكر فيه اسم الزهرى (مثل الترمذى: مواقيت باب 126؛ ابن ماجة: الإقامة، باب 196 أحمد بن حنبل، جـ 3، ص 7، 34، 45، 51، 64، وفى مواضع أخرى) وقد فسر شيخ الزهرى سعيد بن المسيب، وهو الذى روى عنه الزهرى هذا الحديث، حلما رآه عبد اللَّه بن الزبير فقال إنه ينبئ بفوز عبد اللَّه المبين. ويذكر ناقل الخبر فى ابن سعد (جـ 5، ص 91 س 10 وما بعدها) كيف خف إلى دمشق ليحوز رضاء عبد الملك بإبلاغه نبأ هذا الحلم، ويصح لنا أن نفترض أن الزهرى شخص إلى دمشق تحدوه آمال من هذا القبيل ليروى لعبد الملك ذلك الحديث المؤيد لدعوته باسم شيخه. وإذا كانت رواية اليعقوبى جديرة بالتصديق حقًا فإن الزهرى يكون قد حمل الحديث إلى دمشق فى سنة 73 هـ (692 م) على أكثر تقدير، وهى السنة التى سقط فيها الخليفة الذى كان يناهض عبد الملك، وتكون سنه آنئذ لا تتجاوز الثالثة والعشرين. وإقامة الزهرى هذه فى دمشق، إذا صح أن لها سندا من التأريخ على الإطلاق، لابد أنها كانت إقامة موقوتة. ذلك أن استقراره فى دمشق إنما حدث فى سنة متأخرة عن ذلك كثيرًا. فقد بلغها فى وقت كان ابن الأشعث قد شق فيه عصا الطاعة (البخارى: تاريخ، ص 93) أى فى سنة 81 هـ الموافقة 700 م) Wellhausen: Das Arab. Reich، ص 145، وما بعدها) وكان قد ترك المدينة فى أشد حالات الفقر -وقدمه إلى الخليفة قبيصة بن ذؤيب حامل خاتم عبد الملك. ويقال إن عبد الملك سأل ابن المسيب عن الزهرى- ويلاحظ هنا أن رواية اليعقوبى لو كانت صحيحة لكان عبد الملك يعرف الزهرى منذ وقت طويل -ثم سدد ديونه وأجرى عليه معاشًا دائمًا. وكان الزهرى يدين بالفضل خاصة لحفيد من أحفاد على يدعى على ابن الحسين، ذلك أن عليا هذا قد أراح ضميره من وزر تسببه فى قتل شخص بإهماله (ابن سعد، جـ 5، ص 158، الطبرى، جـ 3، ص 2478). ولعل إحساسه بالدين الذى فى عنقه لهذا العلوى هو الذى شد من أزره عندما
أراد الخليفة (الذى يقول بعضهم إنه الوليد الأول، ويقول آخرون إنه هشام) أن ينتزع منه القول بأن صاحب حديث الإفك المجهول فى قصة عائشة التى أشارت لها الآية 11 من سورة النور هو على. وأصر الزهرى على أن الرجل الذى تشير إليه هذه الآية هو عبد اللَّه بن أبى. والظاهر أن زيارة الزهرى للخليفة الوليد الأول فى شأن ابن عمه (البخارى تاريخ، ص 104) قد أثارت قصة غرامية نسبت هذا الحادث إلى أيام الخليفة هشام (الفهرست، ص 307، س 21). وولاه الخليفة يزيد الثانى (101 - 105 م) القضاء. وقد أثبت له الزهرى أيضا أنه ذو بصر بالشعر (كتاب الأغانى، جـ 4 ص 48). ووكل إليه خليفته هشام (105 - 125 م) تأديب أولاده. واتفق فى حديث له معه أن بدر منه كلام فى حق الأمير الوليد بن يزيد الذى ولى الخلافة من بعد، فلما بويع الوليد استقر رأى الزهرى على مغادرة البلاد، فقد اتصل بعلمه أن بعض الناس كان قد نقل كلامه إلى الأمير. على أن الزهرى أدركته المنية قبل هذا سنة 124 هـ فى ضيعته أدامى بالقرب من سَغْب، وكانت هذه الضيعة بعض ما أنعم به عليه الخلفاء الذين أظلوه برعايتهم. وقد جرى الزهرى، حتى بعد أن انتقل إلى دمشق، على أن يزور مسقط رأسه زيارات طويلة. فقد كان فى الحجاز فى تاريخ متأخر يرجع إلى سنة 119 هـ الموافقة 737 م (الطبرى، جـ 2، ص 1635).
وقد جمع الزهرى حشدًا عظيمًا من الأحاديث بفضل ما أبداه من همة لا تكل فى تقصيها لدى الشبان والشيب، والرجال والنساء، شريفهم وحقيرهم. ولم يكتف الزهرى ببذل الجهد فى توطيد دعائم السنة النبوية فحسب، بل وطد أيضًا سنة صحابة النبى صلى الله عليه وسلم. وقد وصف بعضهم الزهرى فقال إنه أول من دون الحديث ولكنه إنما فعل ذلك نزولا على إرادة الأمراء الذين كانوا يشملونه برعايتهم، وشاهد ذلك أنه قال فيما رواه تلميذه معمر عنه "كنا نكره كتابَ (*) العلم، حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء". وكان شيوخ الزهرى يلوذون
(*) أي كتابة.