المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قبل سنى الكبس فى التاريخ الميلادى بسنة، وهذا مما يسهل - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌رقية

- ‌ المصادر

- ‌ركن الدولة

- ‌المصادر:

- ‌الرمادى

- ‌المصادر:

- ‌رمضان

- ‌المصادر:

- ‌الرمل

- ‌المصادر:

- ‌الرملة

- ‌المصادر:

- ‌رؤبة بن العجاج

- ‌المصادر:

- ‌روح بن حاتم

- ‌المصادر:

- ‌رودس

- ‌المصادر:

- ‌الآثار التركية والإسلامية

- ‌المصادر:

- ‌رهبانية

- ‌المصادر:

- ‌رهن

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌رياح

- ‌المصادر:

- ‌الرياض

- ‌المصادر:

- ‌ز

- ‌الزار

- ‌المصادر:

- ‌الزاوية

- ‌المصادر:

- ‌زبور

- ‌المصادر:

- ‌زبيد

- ‌المصادر:

- ‌زبيدة

- ‌المصادر:

- ‌الزبير بن العوام

- ‌المصادر:

- ‌الزرنوجى

- ‌المصادر:

- ‌زرياب

- ‌المصادر:

- ‌زكاة

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌زكريا

- ‌المصادر

- ‌زلزل

- ‌المصادر:

- ‌زمان

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌الزمخشرى

- ‌المصادر:

- ‌زمزم

- ‌المصادر:

- ‌زناتة

- ‌المصادر:

- ‌الزنج

- ‌المصادر:

- ‌الزنجانى

- ‌المصادر

- ‌الزنجبار

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌زنكى

- ‌المصادر:

- ‌الزهاوى

- ‌المصادر:

- ‌زهد

- ‌المصادر:

- ‌الزهرى

- ‌ المصادر

- ‌تعليق على مادة الزهرى

- ‌زهير بن أبى سلمى

- ‌المصادر:

- ‌زياد بن أبيه

- ‌المصادر:

- ‌زيادى

- ‌المصادر:

- ‌زيار، بنو

- ‌المصادر:

- ‌زيان، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الزيانى

- ‌المصادر:

- ‌الزيانية

- ‌المصادر:

- ‌زيدان

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن ثابت

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن حارثة

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن على

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن عمرو

- ‌المصادر:

- ‌الزيدية

- ‌المصادر:

- ‌زيرى، بنو

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌زينب بنت جحش

- ‌المصادر:

- ‌تعليق على مادة زينب بنت جحش

- ‌زينب بنت خزيمة

- ‌المصادر:

- ‌زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المصادر:

- ‌الزينبى

- ‌المصادر:

- ‌زين الدين

- ‌ المصادر

- ‌س

- ‌ساج، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الساسانية

- ‌المصادر:

- ‌سالم بن محمد

- ‌المصادر:

- ‌السالمية

- ‌المصادر:

- ‌سام

- ‌المصادر:

- ‌السامانية

- ‌المصادر:

- ‌سامراء

- ‌خطتها وتطورها التاريخى:

- ‌المصادر:

- ‌عمارتها:

- ‌وأهم الآثار التى لا تزال باقية:

- ‌المصادر:

- ‌السامرى

- ‌المصادر:

- ‌سبأ

الفصل: قبل سنى الكبس فى التاريخ الميلادى بسنة، وهذا مما يسهل

قبل سنى الكبس فى التاريخ الميلادى بسنة، وهذا مما يسهل تبينه.

وترد السنة المالية التركية إلى السنة الخراجية العربية التى استحدثت فى القرن الرابع للهجرة (العاشر الميلادى) فى أيام العباسيين، وقد دخلت إلى الترك فى سنة 1087 هـ (1677 م). أما السنون فكانت تحسب طبقًا للتاريخ الهجرى. ولإيجاد التساوى بين حساب السنين على هذه الطريقة وبين السنين القمرية التى هى أقصر من السنة التركية، كانت تسقط سنة قمرية من كل ثلاث وثلاثين سنة، وهذه السنة التى كانت تسقط تسمى سوش (ومعناها بالتركية الإلغاء أو الإسقاط). ولما جاءت سنة 1288 هـ (1871 م) كان الواجب إسقاطها ولكنها حسبت خطأ، مما سبب اضطرابا فى حساب السنين المالية حينًا من الزمان، أما فى العصر الحديث فقد صار التقويم الغريغورى هو التقويم الرسمى فى تركيا.

‌المصادر:

(1)

كتاب الزيج الصابئ للبتانى (وهو الذى يسمى Opus Astronomicum) نشره نللينو A.Nallino جـ 1 - 3) ميلانو 1899، 1903، 1907)

(2)

الآثار الباقية للبيرونى (ويسمى Chronologie orientalischer: Volker طبعة سخاو (Sachau) ليبسك 1878)

(3)

Handbuch der mathe matischen and technischen Chronologie: F.K.Ginzel جـ 1، ليبسك 1906،

(4)

An - Nasi' in der islamisches Tradition: A.Moberg لند 1931

(5)

Le Calendrier de Cordnue de l'annee 961: R.Dozy ليدن 1872

(6)

F. Wustenfeld and E.Mahler: Vergleichungstabellen der muhainineda nischan and christlichen Zeitrechnung ليبسك 1854، 1887، الطبعة الثانية 1926.

(7)

Umrechungstafeln fur Nachrichten CGXLVII Wandeljahre: J.Mayer، 22 كيل 1932).

أبو ريدة [هارتنر W.Hartner]

ص: 5291

+ زمان: كلمة "زمان " هى الكلمة العربية التى تستعمل عادة فى الاصطلاح الفلسفى للدلالة على فكرة الزمان، ومرادفاتها هى "الدهر" و"الوقت" و"الحين". وللتمييز بين الزمان المدرك بالحواس وبين الزمان المعنوى كثيرًا ما يطلق على الزمان المعنوى كلمة "دهر"(زروان فى الفارسية)، أو يقال:"زمان معنوى" أو "زمان مطلق" أو "زمان علوى".

وقد رفض المفكرون المسلمون بطبيعة الحال رفضًا باتًا كل ما كان يقال فى الزمان (أو المكان) من آراء، باعتبار أن الزمان مبدأ أعلى للعالم؛ وهو ما عرفه المسلمون من التراث الفارسى واليونانى المتأخر. وكان المذهب القائل بأن الزمان، شأنه شأن المكان، أحد المبادئ الخمسة للعالم، معروفا عند الكثيرين، لكنه لم يلق قبولا كبيرًا. وتوجد مبادئ خمسة مشابهة لذلك، مع اختلاف فى ذواتها وفى أسمائها، بين أتباع الحكمة الهرمسية وبين صابئة حران وبين الإسماعيلية والدروز وغيرهم (راجع Die Lehren des Hennes Trisinegistos: J.Kroll ضمن مجموعة Beitr. z Gesch. d. Philos . d.MA، قسم 12، 2 - 4، ط. Munster 1914، ص 67 وما بعدها و S.Guyard Fragments relatifs a la doctrine des Isinaelis، ضمن N. E.، 22، باريس 1874 ص 33 وما بعدها، وكتاب النقط والدوائر المعروف عند الدروز، طبعة Chr. Seybold، ليبسك 190، ص 68). والرازى الطبيب (المتوفى عام 923 أو 932 م) يذكر المبادئ الخمسة على هذا الترتيب:(1) البارئ تعالى (2) النفس الكلية (3) الهيولى الأولى (4) المكان المطلق (5) الزمان المطلق (كتاب تحقيق ما للهند من مقولة للبيرونى ط Sachau لندن 1887 ص 163، وكتاب الفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم، ط. القاهرة 1317 هـ ، جـ 3 ص 24 وما بعدها (وهنا يجب قراءة "ملاء"، بدلا من "مدة"، فيما يتعلق بالزمان المطلق)(1) ولما كان اللَّه بحسب

(1) هذا خطأ تام لأن الزمان المطلق هو المدة التى لا تعد -راجع كتاب تحقيق ما للهند للبيرونى ص 163؛ أما الملاء فهو المكان المملوء اى الذى يشغله جسم، فى مقابل الخلاء -المترجم.

ص: 5292

العقيدة الإسلامية هو وحده المطلق القديم الذى لا نهاية له فإن مذهب الرازى اعتبر إلحادًا.

والقول بمبادئ خمسة تدخل فى ميدان ما بعد الطبيعة صار له نظير فى علم الطبيعة، فنجد اليعقوبى (1)(فى النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى = القرن التاسع الميلادى) يقول بمناسبة الكلام عن كتاب "سمع الكيان" أو "الخبر الطبيعي"(2) لأرسطو إن أرسطو "بين فيه عن الأشياء الطبيعية، وهى خمسة، المشتملة على الطبائع كلها، التى لا وجود لشئ من الطبائع دونها، وهى العنصر (3) والصورة والمكان والحركة والزمان .. وهذه الخمسة منها اثنان جوهران، وهما العنصر والصورة، وثلاثة أعراض جوهرية، (اليعقوبى ط Houtsma جـ 1، ص 184). وقد كتب الكندى (المتوفى بعد سنة 870 = 1466)(4) كتابًا صغيرًا لم يصل إلينا إلا فى ترجمته إلى اللاتينية، وهو كتاب De quinque essentiis (وقد نشره ألبينو ناجى Alb Nagy فى ميونخ عام 1867، ضمن مجموعة رسائل للكندى، بعنوان Die Philo sophischen Abhandlungen des Ja'qub ben Ishaq al-Kindi، ص 28 - 40)(5).

والكندى فى هذا الكتاب يتكلم، بعد مقدمة عامة، عن هذه الأشياء الخمسة نفسها، معتمدا فى الجملة على الكتاب

(1) اليعقوبى هنا هو أحمد بن أبى يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العباسى، والمقصود كتابه فى التاريخ ط. ليدن 1886 - المترجم.

(2)

المقصود هو كتاب الطبيعة المشهور لأرسطو -المترجم.

(3)

العنصر هنا هو الهيولى أو المادة بحسب الاصطلاح الذى ساد فيما بعد -المترجم.

(4)

لا أعرف المقصود من الرقم الثانى، فى الأصل الفرنسى، إلا أن يكون المترجم إلى الفرنسية حسب أن عام 870 بحسب التاريخ الهجرى فحوله إلى التاريخ الميلادى. أما الذى لا شك فيه فهو أن الكندى توفى بعد عام 870 م أو بعد سنة 252 هـ. راجع مقدمة الجزء الأول من رسائله ط. القاهرة 1950 م -المترجم.

(5)

(هذا الكتاب الصغير قد نقله إلى العربية محمد عبد الهادى لم نجو ريدة، وهو الرسالة الأولى من الجزء الثانى، من رسائل الكندى، القاهرة 1953 - المترجم.

ص: 5293

الرابع من كتاب الطبيعة لأرسطو. ويتكلم إخوان الصفاء عنها كلاما أوفى، لكن على الترتيب عينه (راجع الرسائل، طبعة بمباى، جـ 2، الرسالة الخامسة عشرة، وبحسب مختارات ديتريصى لييسك 883، جـ 1 ص 24 وما بعدها الرسالة الرابعة عشرة). ويذكر إخوان الصفاء آراء كثيرة عن هذه الأشياء الخمسة. على أنه من البين أنهم لا يكتفون بتقديم الصورة على الهيولى، بل يجعلون المكان، من حيث هو عرض للجسم، بعد الحركة والزمان، لأنهما فى النفس وناشئان عنها. ويظهر أنه يجب أن نفهم على هذا الاعتبار أيضا المشكلة التى نجدها فى كتاب المقابسات للتوحيدى (طبعة القاهرة 1929، ص 172 وما بعدها): "لم صار الظرف المخصوص بالزمان أكثر من الظرف المخصوص بالمكان؟ ". والجواب هو: "الظرف الزمانى ألطف من ظرف المكان، والمكانى أكثف من ظرف الزمان، وكأن المكان من قبيل الحس والزمان من قبيل النفس. . إلخ".

وعلى حين أن المصنفات الأولى تكتفى فى الغالب بذكر مختلف الآراء فى الزمان (1). فإنه يظهر أن المعرفة برأى أرسطو قد أوجدت إجماعا بين الفلاسفة، ولكن الأمر لا يزال معقدًا، لأن التمييز المعروف عند أصحاب المذهب الفيثاغورى الجديد والمذهب الأفلاطونى الجديد بين "زمان حسى" و"زمان معنوى" قد بقى قائمًا، وكان البحث الطبيعى فى الزمان، من حيث صلته بالمكان والحركة فى الفراغ، يستند إلى الكتاب الرابع من كتاب الطبيعة لأرسطو، وإن كان لم يخل من صبغة رواقية. أما مباحث ما بعد الطبيعة التى تتناول العلاقة بين الحادث والقديم فقد كانت متأثرة بالمذهب الأفلاطونى الجديد، وخصوصا بحسب نقل هذا المذهب إلى العرب من طريق الكتاب المسمى "كتاب الربوبية" المنحول لأرسطو و"كتاب" Liber de causis (2) .

وشرح القائلين بالمذهب الأفلاطونى الجديد على كتب أرسطو.

(1)[لعلهم بقصدون مثلا أن مؤلفا كالأشعرى فى كتابه مقالات الإسلاميين إنما اكتفى فيما يتعلق بالزمان والمكان بذكر مختلف الآراء -المترجم].

(2)

[هذا الكتاب يسمى كتاب العلل أو الخير المحض، وهو ينسب لأفلاطون، مع أنه فى الحقيقة يرجع إلى كتاب الأسطقات الالهية" لبرقلس -المترجم]

ص: 5294

ففيما يتعلق بالزمان الطبيعى قد ميز بين الزمان الماضى وبين الزمان الحاضر أو الـ "آن" وبين الزمان المستقبل أو المستأنف. ولما كان الزمان، شأنه شأن الحركة عند أرسطو، كمًا متصلا فإنه (خلافا لمذهب الجوهر الفرد عند علماء العقائد)(1) لا يتألف من لحظات منفصلة، وعلى هذا فإن الـ "آن" ليس زمانا بالمعنى الحقيقى. ومع هذا فإن اللحظة الحاضرة هى الشئ الحقيقى الوحيد فى الزمان، وهذا التناقض فيما يتعلق بالزمان أدى إما إلى الشك فى الزمان وأما إلى آراء فى أن الماضى يبقى حقيقة ويدخل فى الحاضر.

وقد عرف الزمان، متابعة لأرسطو، تعريفًا دقيقا بأنه عدد الحركة -أو مقدار، أو كم، أو كمية الحركة- بحسب المتقدم والمتأخر، وكذلك عرفت الحركة على العكس من ذلك، بأنها عدد أو مقدار الزمان. وأرسطو، وهو الذى ينسب إليه أنه قد أبرز العلاقة بين الحركة والزمان، قد ذكر التعريف الأخير مرة (كتاب الطبيعة لأرسطو، الكتاب الرابع، قسم 12، ص 220 جـ، س 14 - 16)، لكن هذا التعريف صار عند أصحاب المذهب الأفلاطونى الجديد تعريفًا ثابتًا. وأخيرا يجب أن نذكر أن الزمان، كما يفهم من تعريف أرسطو له، شأنه شأن الحركة، ليس له بداية ولا نهاية، فمكان العالم متناه، وكل نقطة فى هذا المكان يمكن أن تكون نقطة انتهاء خط، لأن الخط ساكن؛ أما الزمان، من حيث هو مقدار الحركة، فهو يجرى أبدا ولا ينتهى.

ويختلف عن هذا التصور الأرسطى للزمان تعريف الزمان بأنه "المدة" أو "الامتداد" أو "المدى (2) "، وأغلب الظن

(1) كان علماء العقائد يقولون بقسمة المكان والزمان والحركة والجسم إلى أجزاء لا تتجزأ -انظر ما يلى- المترجم.

(2)

يكتب صاحب المقال هذه الكلمة كما لو كانت "المضاء" بالعربية، وهذا غير صحيح، وخصوصا أن اقتباسه لرأى أبى الهذيل نقلا عن الأشعرى فى كتابه مقالات الإسلاميين يدل على أنه نقل كلمة "مدى" على أنها "مضاء". وهو فعل ذلك أيضا فى نقله عن كتاب "البدء والتاريخ" بعد قليل -المترجم.

ص: 5295

أن لدينا فى هذه الكلمات ترجمات للكلمتين اليونانيتين (. . .)، وهما تدلان عند الرواقيين على المدة، وقد فسرهما أفلوطين تفسيرًا يجعل لهما معنى عاليًا من حيث هما مدة دوام حياة النفوس (راجع كتاب - H.A. Wolfson: Crescas' Critique of Aristotle. Problems of Aristotles، Physics in jewish and Arabic Philosophy، كمبردج وهرفارد، 1929، ص 638 وما بعدها) ونحن إذا وجدنا أبا الهذيل العلاف يعرف الوقت بأنه "الفرق بين الأعمال، وهو مدى ما بين عمل إلى عمل" فإن وراء ذلك معنى الفترة التى تنقضى بين شيئين (راجع: Die dogmatischen Lehren der Anhanger des Islams للأشعرى، ط. ريتز Rtter ((Bibl Is،. Ib استانبول 1930، جـ 3، ص 443). وكذلك يقول المطهر بن المقدسى إن الزمان عند المسلمين "هو حركة الفلك ومدى ما بين الأفعال"(راجع Le livre de la creatian et de L'histoire (1) لأبى زيد احمد بن سهل البلخى، ط. إيوار CL. Huart. باريس 1899 جـ 1 ص 41) أما المدة فمعناها الدوام (راجع كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمى طبعة ج. فان فلوتن G.Van Vloten ليدن 1895، ص 137 وما بعدها حيث نجد: "أن الزمان مدة تعدها حركة الأفلاك وغيرها من المتحركات. والمدة عند بعضهم الزمان المطلق الذى لا تعده حركة"). فالحقيقة أن الكلام هنا يدور حول التمييز الذى أشرنا إليه آنفا بين الزمان الحسى الذى يقاس بحركة الأجسام المتحركة وبين الزمان المعنوى الذى لا يقاس بل تشاهده النفس وتدركه إدراكا مباشرًا (راجع تمييز هـ. برجسون H.Bergson . وبين الزمان Temps والديمومة duree (2)؛ وكلمة المدة من مصطلحات الرازى الطبيب؛ انظر كتاب تحقيق ما للهند من مقولة للبيرونى، الموضع المتقدم الذكر، وأيضا من

(1) هذا الكتاب هو "كتاب البدء والتاريخ" وهو من أهم مصنفات القرن الرابع الهجرى -المترجم.

(2)

إن التفرقة بين الزمان الحسى أظهر ما تكون عند أبى البركات البغدادى كما سيلى -المترجم.

ص: 5296

مصطلحات إخوان الصفاء ففى الرسالة الخامسة عشرة التى أشرنا إليها آنفا يتكلم إخوان الصفاء عن الزمان (الطبيعى) من حيث هو المدة التى تعدها حركة الفلك).

فالمدة من حيث هى مجرد دوام حياة النفوس هى فى الحقيقة شئ متوسط بين الزمان (الذى هو عرض فى حركة الأجسام) وبين الدهر (الذى هو مدة بقاء العقل) وهذا يؤدى بنا إلى الأنظار الميتافيزيقية الصوفية فى العلاقة بين الزمان والأزل. والاصطلاح هنا غير ثابت، وذلك لا يرجع فقط إلى أن الفلاسفة يحاولون أن يوفقوا بين أفلاطون وأرسطو، بل يرجع إلى أن كل فريق، وخصوصا الصوفية، يحب مصطلحاته الخاصة.

وفى كلمات لأفلاطون فى محاورة طيماوس يتصور أفلاطون، على سبيل التمثيل، أن الزمان صورة حسية للأزل (قارن ما جاء فى الكتاب المسمى بكتاب الربوبية المنسوب لأرسطو طبعة د يتريصى Dieterici ليبسك 1882 ص 107 بما جاء فى محاورة طيماوس ص 37 وما بعدها؛ وراجع كتاب

H.Lessgegen Die Begriffe der Zeit und Ewigkeitt im spatern Platonismus، ضمن مجموعة Beitr. Z. Gesch. d. Philos im M.A منستر 1913، ص 1 وما بعدها) فالزمان لم يبدأ إلا بعد خلق النفس الكلية وانتظام مادة الكون بعد اضطرابها، وذلك بفضل حركة السماء المنتظمة. وهذا العالم المنظم تنظيما جميلا ستكون له نهاية، ولكن الزمان لا ينتهى بذلك. وعلى أساس الآراء المأثورة عن أفلاطون، وخصوصا وبتوسط أفلوطرخس بحسب الآراء المنحولة ويتوسط جالينوس، جاءت أيضا الآراء فى الزمان باعتباره عين حركة الفلك، أو باعتبار أنه هو الفلك نفسه أو أنه هو النفس الكلية. ومن قال إن الزمان هو الفلك نفسه أو النفس الكلية نفسها سماه جوهرًا (خلافا لأرسطو القائل إنه عرض).

وبعد أن عرف رأى أرسطو صار الفيلسوف المتهم فى نظر الدين يعرف بنظريته فى قدم الزمان، وذلك أن أصحاب هذه النظرية كانوا، متابعة لأصحاب المذهب الأفلاطونى الجديد،

ص: 5297

يؤمنون بأن الوجود ذو مراتب وبأنه من البديهى، تبعا لذلك، أن يكون لكل نوع من الموجودات زمانه الخاص أو أزليته؛ ولا أزلى فى الحقيقة إلا اللَّه، إن لم تكن ذاته فوق الأزل، وقد وافق الفلاسفة أرسطو فى القول بأن ماهية العلة الأولى (اللَّه) وفعلها (1) شئ واحد؛ فاللَّه أزلى، وهو لذلك يخلق العالم فى الأزل، والمخلوق الأول وهو العقل (يذكر صاحب كتاب Le livre de Ia Creation انظر ما تقدم جـ 1، ص 854 وما بعدها أن بعض أهل الإسلام ذهب "إلى أن أول ما أحدث من الزمن العلوى، وهو وقت يظهر فيه الفعل، ليس السفلى الذى هو من حركات الفلك") أقل أزلية، لكنه فى دهر وسكون، وكذلك النفس الصادرة عن العقل توجد فوق الزمان لأنها علة الزمان. هذا ما يذهب إليه مع أفلوطين كتاب الربوبية المنسوب لأرسطو (طبعة ديتريصى ص 13 وما بعدها) وفى كتاب العدل Liber de causis لبرقلس ما جملته أن اللَّه، من حيث هو العلة الأولى، يوجد فوق الدهر، والعقل مع الدهر والنفس تحت الدهر، لكنها فوق الزمان والطبيعة هى مجال الحوادث (كتاب Liber de Causis طبعة O.Bardenhewer بمدينة فرايبورج بألمانيا ، 1882، ص 61 وما بعدها).

ومن البين أن فعل الكائنات التى فوق الزمان يتم أيضا على نحو خارج عن الزمان، وقد شبه بفعل التعقل عند الناس وبالارتباط بين الصورة والهيولى وبانتشار الضوء فى العالم، وكلها تتم فى غير زمان (راجع فيما يتعلق بمسألة التغير الذى يقع فجأة ودفعة واحدة، أعنى فى غير زمان، كتاب H.A.Wolfson المتقدم ذكره، ص 498 وما بعدها، ص 542 وما بعدها).

وكانت المشكلة فى أول الأمر بسيطة جدًا عند المتكلمين: فهناك إله قديم أزلى وهناك عالم حادث؛ ولا وسط بينهما، وكان كل من أصحاب مذهب الجوهر الفرد بين المسلمين وخصومهم متفقين على ذلك. وكان أهم ما يريده أصحاب مذهب الجوهر الفرد هو أن يؤكدوا أشد التأكيد أن المكان يتألف من أجزاء

(1) المقصود فاعليتها وتأثيرها -المترجم.

ص: 5298

لا تتجزا متناهية معدودة، وأن مدة دوام العالم لا تتجاوز عددًا متناهيًا من أجزاء الزمان (1).

وقد دافع الغزالى فى كتابه تهافت الفلاسفة عن القول بحدوث العالم وأيضا عن القول بتناهيه فى الزمان وذلك باسم جميع فرق الأمة الإسلامية، ردا على الفارابى وابن سينا. وهو يشتد فى محاربة قول أرسطو بقدم العالم، ولكنه يتساهل مع مذهب أفلاطون. والغزالى لا يوافق أبا الهذيل فى قوله بأنه كما لا يمكن القول بدورات لا نهاية لعددها فى الماضى فكذلك لا يمكن القول بدورات لا نهاية لها فى المستقبل، بل يجوز الغزالى بقاء العالم بقاء لا نهاية له، ولكنه يأخذ بما جاء به الدين من التصريح بنهاية العالم (كتاب تهافت الفلاسفة طبعة بويج Bouyges بيروت 27 ص 80 وما بعدها)(2).

ويقول ابن رشد بحق، فى كتابه تهافت التهافت (طبعة بويج، بيروت 1930، ص 64 وما بعدها، وراجع كتاب الفلسفة طبعة القاهرة 1313 ص 10 وما بعدها، وراجع كتاب ل. جوتييه La theorie d'Ibn Rochd Sur les rapports de la religion et la philosophie: L.Gauthier باريس 1909 ص 103 وما بعدها) إن كثيرًا من هذا الجدال يدور حول التسميات والنزاع فيها. وكل من المتكلمين والفلاسفة يميزون بين موجود أزلى لا نهاية له (هو اللَّه) وبين

(1) وكانوا يقصدون من ذلك أن يجدوا أساسا لإمكان إثبات وجود اللَّه الذى يخلق الأشياء فيجمعها ويفرق بينها ويحفظها -راجع مقدمة كتاب مذهب الذرة عند المسلمين لسلمون بينيس، الترجمة العربية - القاهرة 1946 وكتاب تاريخ الفلسفة فى الإسلام لدى بور، الطبعة الثانية القاهرة 1948، ص 83 وما بعدها -المترجم.

(2)

النقل عن الغزالى هنا غير دقيق، فالغزالى يقول بحدوث العالم، وإن من شروط الشئ الحادث، الذى هو فعل لفاعل، أن يكون له أول، ولكن لا يشترط أن يكون له آخر، لأن هذا يتوقف على إرادة موجده ولا يتضمن تناقضا ولما كان العقل يجوز إمكان بقاء العالم بقاء لا نهاية له، إذا شاء موجده ذلك فإن بقاءه إلى الأبد بالفعل أو عدم بقائه بالفعل لا يعرف بالعقل، لأن العقل يقضى بإمكان الاحتمالين، ولذلك يقول الغزالى:"وإذا تبين أننا لا نبعد بقاء العالم أبدا من حيث العقل بل نجوز إبقاءه وإفناءه، فإنما يعرف الواقع من قسمى الممكن بالشرع، فلا يتعلق النظر فيه بالمعقول" تهافت الفلاسفة، ص 81 - المترجم.

ص: 5299