الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوسط والمغرب الأقصى من الموحدين. وأسس المرينيون مملكة فاس كما أسس بنو عبد الواد مملكة تلمسان. وقد لاقى بنو عبد الواد الذين كانوا ينزلون منازل زناتة المأثورة مشقة كبيرة فى إخضاع إخوانهم وخاصة بنى توجين. وكان هؤلاء قد أصابهم الوهن فى السهول حيث غدوا عبيدًا للعرب الرحل، ولكنهم كانوا لا يزالون على جانب من القوة فى ورسنيس حيث كانت الحياة قد استقرت بهم، ولا يزال أحفادهم يعيشون فى هذه الجبال وقد بقى الاسم الذى أطلق على اللهجة البربرية التى كانوا يتحدثون بها أثرًا من الآثار القليلة التى احتفظت بها زناتة من عهدها المجيد.
المصادر:
(1)
ابن خلدون تاريخ البربر، النص، جـ 1، ص 525 وما بعدها؛ جـ 3، ص 1 وما بعدها، الترجمة، ده سلان، جـ 3، 4.
(2)
مفاخر البربر، طبعة ليفى بروفنسال سنة 1933.
(3)
البكرى، طبعة وترجمة ده سلان، فى مواضع مختلفة.
(4)
الإدريسى: وصف إفريقية والأندلس طبعة دوزى وده غوى، ص 57 - 58؛ الترجمة، ص 65 - 66.
(5)
Les Berbers: Fournel، باريس سنة 1875.
(6)
Les arabes en Bererie du XI eme au XIV eme siecle 1913: G. Marcais .
(7)
Etude sur l Zenatia du Mzab، de Ouargla، de L'Oued Righ: R. Basset .
(8)
المؤلف نفسه Etude sur la ze natia de l'Ouarsenis et du Mghreb central Publications de l' Ecole des Lettres d'Alger) جـ 12، سنة 1892، جـ 15، سنة 1895.
الشنتناوى [مارسيه G.Marcais]
الزنج
اسم القبائل الزنجية التى تقطن ساحل إفريقية الشرقى. وقد أطلق المؤرخون العرب هذا الاسم على العبيد المنتقضين الذين أثاروا الفزع والرعب فى القسم الأدنى من أرض العراق خمسة عشر عاما (255 - 280 هـ =
868 -
883 م) وكانوا قد شقوا عصا الطاعة من قبل عام 75 هـ (694 م). وهذه الفتنة على جانب كبير من الأهمية لأنها حرب من الحروب القديمة، أو قل إنها كانت حربًا منظمة شنت على بغداد على مثال حربى أونوس Eunus (140 ق. م) وإسبرطاكوس Spartacus (73 - 71 ق. م) اللتين شناهما على رومة، وحروب توسانت لوفرتير Tonssaint Louverture فى هايتى (1794 - 1801 م) وعصيان حمالى ناتال بقيادة غاندى (1906 - 1913) فى وجه الاستعمار الأوربى.
ويذكر الطبرى أن هؤلاء الثائرين هم مصدرنا الأساسى. وكانوا يشتغلون فى أعمال الحفر (كسّاحين) ومهمتهم جعل أرض العراق السفلى صالحة للزراعة وإزاحة السباخ وتكديسه أكوامًا لجعل أرض شط العرب المشبعة بالأملاح صالحة للزراعة (شورجية من شوره (1) أى النترات، وهى اصطلاح فارسى مستعمل أيضا فى عمان؛ انظر Glossaire de Tabari: de Goeje مادة كسح وهو ينقل فى هذا عن كتاب العيون).
وكان هؤلاء العمال يجمعون على الأغلب من بين العبيد الزنوج المجلوبين من الخارج ومن بين زراع البلاد، ثم يرتبون مجموعات كل مجموعة تتألف من عدد بين خمسمائة وخمسة آلاف فاعل ويحشرون حشرًا بلا أمل ولا مأوى. وكان طعامهم حفنا قليلة من الدقيق والجريش والتمر. وقد أدرك هؤلاء التعساء بوحى من احتكاكهم بالمسلمين أن لهم حقًا فى أن يعيشوا وأن ينالوا ولو قسطًا ضئيلا من العدل والإنصاف. وليس من شك فى أنهم قد تأثروا أيضا بالمتعبدين من المسلمين الذين كانوا يعيشون فى صوامع عبادان المجاورة.
وقد وجد هؤلاء العبيد زعيما صمم على أن يضع حدا لتعاستهم، وكان هذا الزعيم رجلا علويا من مدّعى الخلافة نسبته إلى على موضع جدل وإن كانت فيما يبدو صحيحة. ذلك أن البيرونى يقول إن الشيعة لا يزالون يحتفلون بعيده فى السادس والعشرين من رمضان. واتخذ هذا العلوى لنفسه اسم على بن محمد بن عيسى بن زيد بن عباس بن على بن حسين بن على، وكان يكنى بالبرقعى "أى المحجب"،
(1)"شورة" كلمة فارسية معناها أرض ذات نز وملح.
عبد المنعم حسين
وكان يعاونه فى ذلك شخص يدعى رشيدًا القرماطى (ولعله يتصل بدعوة القرامطة التى كانت فى ذلك الوقت قد ظهرت وشيكا) وطحان وبائع شراب. وكان عبيده الأبّاق يؤدون له يمين الطاعة بالحلف بالطلاق على الطريقة القرمطية ورفع على بن محمد راية العصيان فى السابع من رمضان عام 225 هـ (868 م) وتلا الآية القرآنية المعروفة باسم الشراة (سورة التوبة، الآية 112)(1) ونذر نفسه للجهاد بحد السيف (خروجا غضبا باللَّه).
ومن المؤسف أن المصادر التى بين أيدينا لا تذكر إلا تفاصيل قليلة عن نظام حكومته التى كانت على النمط الشيعى. وتكاد هذه المصادر تقتصر على ذكر مجريات الحرب التى شنها الأمير العباسى الموفق على الزنج دون رحمة. وقد خرج الزنج من جُبّاء وقسم زعيمهم جيشه المسلح بالمقاليع قسمين:
1 -
الزنج بالمعنى الأخص لهذا اللفظ.
2 -
الفراتية والقرماطية والنوبة. وكان يشد من أزره قبيلة بنو تميم العربية وأسطول استولى على الأبّلة ثم على عبادان ثم على الأهواز الجنوبية ثم على مدينة البصرة العظيمة وتقدم فى سيره حتى بلغ واسط (264 هـ = 877 م) وجبل والنعمانية وجرجرائية ورامهرمز. ولما شعر الوالى بالخطر الجسيم الذى يتهدده حشد قواه جميعا وتأهب للكرّ ثانية. ولم يخلص من هذا القتال إلا بعد ثلاث سنوات. فقد اخترق أولا الأسيجة الخمسة لمعسكر منيعة ثم حاصر مراكز قيادة الزنج فى مختاره (268 هـ = 881 م) على قناة أبى الخصيب جنوبى البصرة، ولكنها لم تستسلم إلا عام 269 هـ (882 م) وقتل البرقعى فى الثانى من شهر صفر عام 270 (883 م). وهكذا أخمدت هذه الفتنة بقسوة بالغة، وعاد الذين كانوا قد ركنوا إلى الفرار منهم وأعيد النظام القديم إلى ما كان عليه.
(1) رقم الآية فى المصحف العثمانى وهى قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
(د. مهدى علام)