الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40")؛ وتزوج زيد، بعد طلاقه من زينب، بأم كلثوم بنت عقبة فولدت له زيدًا ورقية، ثم تزوج من درة بنت أبي لهب، وقد طلق الاثنتين؛ على أنه عاد فتزوج هندًا بنت العوام وعتيقة الرسول صلى الله عليه وسلم الجارية أم أيمن فولدت له أسامة.
وتوفى زيد فى العام الثامن للهجرة فى الخامسة والخمسين من عمره تقريبًا وهو على رأس غزوة مؤتة وكان حامل لوائها؛ وقد حزن عليه محمد صلى الله عليه وسلم ودبر أمر الانتقام له؛ ولزيد مكانة فى الحديث، ويرجع ذلك إلى سببين، أولهما محبة النبى صلى الله عليه وسلم له مما دعا الأحاديث الصحاح إلى القول بأنه حبيب رسول اللَّه وأنه آثره على على بن أبى طالب (1)، والثانى أنه قد ذكر فى القرآن.
المصادر:
(1)
ابن سعد، طبعة Sachau، جـ 3/ 1، ص 26 - 31.
(2)
ابن إسحاق: طبعة Wustenfeld ص 160 - 161 و 801 - 802.
(3)
ابن الأثير: أسد الغابة، جـ 2، ص 224 - 227.
(4)
Annali dell' Islam: Caetani، المقدمة الفصول 175 و 223 و 226 و 227؛ العام الأول للهجرة - الفصل 15 رقم 50، والفصلان 50 و 53؛ العام الخامس للهجرة، الفصل 201، العام الثامن للهجرة، الفصول 7 - 15.
(5)
Fatima et les 3 fllles de Mahomet: Lammens فى مواضع متفرقة.
صبحى [فكا V. Vacca]
زيد بن على
زين العابدين وإليه ينسب الزيدية وهم الذين يقدسونه شهيدًا سياسيًا ودينيًا؛ وحلت النكبة بجده الحسين بن على فى كربلاء، فكان زيد بن على أول علوى سعى إلى حرمان بنى أمية من الخلافة بالفتنة المسلحة، فوضع نفسه تحت إمرة الكوفيين متخذًا صفة الإمام؛ وقد قضى سنة يتجهز فى الكوفة، فيما عدا فترة لا تتجاوز الشهرين كان يبحث فيها عن أتباع فى البصرة؛ وكان
(1) يفهم من هذه العبارة العجيبة أن الأحاديث قد وضعت وضعا متأثرة بحب النبى لزيد، وهذه الدعوى سبق أن فندت فى التعليق على مادة حديث فى الدائرة، فليرجع إليها من شاء.
يختفى خلال إقامته فى الكوفة فى مخابئ دأب على تغييرها، ولكنه ما إن أصبح مستعدًا لبدء القتال حتى كان الوالى يوسف بن عمر الثقفى، وكان وقتئذ غائبًا بالحيرة، قد أثبت أنه اتخذ للأمر أهبته فلم ينضم إلى زيد إلا بضع مئات من الرجال بالرغم من أن آلافًا منهم كانوا قد بايعوه بالإمامة؛ واستمر القتال فى الطرقات بضعة أيام أصيب بعدها زيد فى مقتل، وأخفيت جثته فى مخبأ تحت الماء إلا أن بعضهم أفشى سر هذا المخبأ، فعرض جثمان زيد فى الكوفة ورأسه فى دمشق ومكة والمدينة؛ وقد نقل الطبرى عن أبى مخنف وصفا حيا مسهبا لتفصيلات القتال رواية عن بعض من عمروا بعده، بيد أن تاريخ القتال نفسه الذى وقع فى مستهل عام 122 هـ (740 م) ليس محققًا تمامًا، ذلك أن زيدًا فيما يظهر قد اضطر أن يسارع بفتنته قبل أجلها الذى جعله بينه وبين أهل الكوفة ببضعة أيام نظرًا لبراعة رجال الشرطة السرية؛ والقول بأن تاريخ هذه الفتنة كان سنة 121 أو حتى سنة 120 فيه على ما نظن إغفال للمدة الطويلة التى كان يقتضيها التجهيز لهذه الفتنة. ويرجع الفضل فى نجاح شرطة الأمويين، ولم يكن عددهم كبيرًا بأى حال، إلى ما عرف عن متآمرى أهل الكوفة من تردد. فقد التأم شملهم فى المسجد الجامع وتركوا الباب يغلق دونهم، ولم يؤازروا زيدًا فى جهوده لإطلاق سراحهم، مع أن هذه الجهود كادت تكلل بالنجاح عدة مرات؛ ولم يكن بين هؤلاء المتآمرين شئ من التجانس، وإنما كانوا نفرًا من الساخطين على الحكومة، بل كان بينهم بعض الخوارج، ثم إنه لم ينصر زيدًا أحد ممن أجمعوا على أن يلى الخلافة رجل من العلويين. أما الرواية التى تقول إن كثيرًا من الذين تخلوا عنه لجأوا إلى أخيه محمد الباقر بوصفه الإمام الحق فلعلها تأثرت بالاضطراب الذى ساد صفوف الشيعة بعدئذ قبل أوانه، زد على ذلك أن زيدًا نفسه لم يكن زعيم الحركة الحقيقى، ذلك أنه لم يأت الكوفة بمحض رغبته، بل كان فى الرصافة مع الخليفة هشام بن عبد الملك وكان قد لجأ إليه فى إبان حاجته وعوزه، وإذا بالوالى يستدعيه إلى الكوفة ليسأله فى قضية تتصل بَديْن
عليه، وكان زيد نفسه يخامره الشك فى نجاح ما دبر، وما إن انقضت أربعة أشهر حتى أراد أن ينسحب تمامًا من تنفيذ خطته، وبلغ القادسية فى طريقه إلى المدينة مسقط رأسه عندما استماله إلى العودة بعض الشيعة وكانوا قد هرعوا وراءه.
وقد بقيت بعض الكتابات والمقتطفات التى نسبت إلى زيد، وهى تتضمن تفاسير لبعض آيات القرآن ومسألتى الإمامة والحج. وتشمل بصفة خاصة مجملا كاملا للفقه؛ ولكنها فى صورتها الحالية تعرض لمسائل فى الدين والشعائر والشريعة والسياسة تناقض بعضها بعضا فى كثير من الأحيان، كما تناقض المبادئ التى قالت بها كتب الزيدية المتأخرة والتى صدق عليها زيد. على أنها تعد شواهد على أنه كان على حظ من العلم. ولا ينبغى لنا أن نحفل كثيرًا بلقب التشريف الذى لقب به زيد، وهو "حليف القرآن" ولا بالرواية الزيدية التى تقول إن أبا حنيفة درس عليه وأيد فتنته بالفتوى والمال، ومع ذلك فإننا نستدل من هذين الشاهدين على الخبرة الفقهية التى دافع بها أبرع دفاع عن قضايا آل الحسين فى مطالبتهم آل الحسن بميراث بيت على.
وذاع صيت زيد فى أغانى المغنين، بل إن هذا الصيت يرد إلى تاريخ مبكر يرجع إلى السيد الحميرى الذى ذكر زيدًا كما ذكرته كتب "المقاتل" القديمة وقد حاولت القصص أن تكفّر عن المعاملة المشينة التى عومل بها جثمانه، فساقت حكايات عن كراماته، على أننا نستطيع أن نقول بصفة عامة إن الأوصاف التى ذكرتها هذه الحكايات كانت معتدلة بعض الشئ تمشيا مع مذهب الزيدية. وكان زيد ما زال فى الحلقة الخامسة من عمره عند وفاته، وكان أميل إلى البدانة شأنه فى ذلك شأن العلويين جميعًا؛ وكانت أمه أمة، وقد تزوج هو نفسه ريطة حفيدة محمد ابن الحنفية فولدت له يحيى الذى اشترك فى الفتنة، واستطاع أن يهرب إلى خراسان حيث كان أنصار زيد يعملون. ولكنه لقى نفس المصير الذى لقيه أبوه عام 125 أو 126 هـ (743 أو 744 م)؛ وقد ادّعى رأس الزنج أنه حفيد يحيى هذا. والحق أن سلالة زيد كانت قد انقرضت قبيل ذلك، ولم يكن