الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيدان
" زَيْدان"(والنطق الحديث زِيدان): جرجى زيدان، عالم وصحفى وأديب عربى، ولد ببيروت فى 14 ديسمبر سنة 1861، وتوفى بالقاهرة فى 21 أغسطس سنة 1914؛ وقد ولد زيدان فى أسرة مسيحية فقيرة، ولم يتلق تعليما منتظما، وإنما علم نفسه بنفسه فى جميع فروع المعرفة تقريبًا" وقضى زمنا فى كلية البروتستانت حيث نال إجازة الصيدلة، ثم رحل بعد ذلك إلى مصر حيث بقى سنة أو نحوها محررًا فى صحيفة الزمان، وفى عام 1884 التحق بالخدمة بوصفه ترجمانًا فى الحملة على السودان التى أنفذت لإنقاذ غوردن، ثم عاد إلى بيروت، وأقام فى لندن إقامة قصيرة (عام 1886) استقر بعدها نهائيا فى القاهرة حيث قضى بضع سنوات فى التدريس والاشتراك فى تحرير صحيفة المقتطف، واقتصر نشاطه الأدبى على مصر فيما عدا رحلتيه إلى أوربا (1886 و 1912 م)، ولم تتسن له زيارة تركية إلا بعد الثورة وذلك لبعض الأسباب السياسية (وزار إستانبول عام 1908، وفلسطين عام 1913).
وكان مصنفه الأول لغوى الصبغة، وهو "فلسفة اللغة العربية"(1886؛ الطبعة الثانية 1904)، ومع أن هذا المصنف عالج بعض المسائل فى سذاجة فإنه يعد أول جهد طيب بذل فى تطبيق مبادئ فقه اللغة المقارن على اللغة العربية، وعاد زيدان إلى الموضوع نفسه فى كتاب "تاريخ اللغة العربية"(1904)، ثم اتجه إلى الكتب التاريخية وكتب المتون:"تاريخ مصر الحديث، (جزءان، 1889) و"تاريخ الماسونية العام" (1889) و"التاريخ العام" (الجزء الأول) و"تاريخ اليونان والرومان" و"تاريخ إنكلترة" و"جغرافية مصر" و"الأنساب بين العرب القدماء"؛ بيد أن هذه المصنفات لم تلق نجاحًا كبيرًا؛ وفى عام 1891 ظهرت روايته التاريخية الأولى "المملوك الشارد" (ترجمها إلى الألمانية مارتن تيلو Martin Thilo، بارمن 1917) ثم شرع عام 1892 فى نشر مجلته الأدبية "الهلال"، وقد ارتبطت حياته ارتباطا وثيقًا بهذه المجلة منذ ذاك إلى
حين وفاته المبكرة؛ وكان زيدان جم النشاط عارمه، ولم يقتصر ذلك على كتابة جل مقالات هذه المجلة (وأعاد ولداه نشر أهمها فى ثلاثة أجزاء باسم "المختارات" 1919 - 1921، وجمع هو نفسه مقالات تتعلق بالسير ونشرها فى جزءين 1902 - 1923، الطبعة الثانية 1910 الطبعة الثالثة 1922) بل كان زيدان يكتب فى كل عام رواية جديدة، ويصدر مجلدًا ذا صبغة تعليمية شعبية؛ وأضحى "الهلال" أوسع المجلات العربية انتشارًا، واشتهر اسم زيدان بوصفه روائيًا ومؤرخًا لا فى الأمم التى تتكلم العربية فحسب بل فى الشرق الإسلامى بأسره.
وتعالج جل رواياته (17 من 22) صدر التاريخ الإسلامى من الفتح العربى إلى دولة المماليك (القرن الثالث عشر)؛ وكان مسرح ثلاث روايات أخرى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ومشهد رواية رابعة فى مصر فى العقد الأخير من القرن التاسع عشر وفى أيام الثورة التركية؛ وقد طبع بعض هذه الروايات عدة طبعات (بلغت أربعًا)؛ وترجمت كل هذه الروايات تقريبًا إلى الفارسية والتركية والهندستانية والأذربيجانية، وترجم بعضها إلى اللغات الشرقية الأخرى وإلى اللغات الأوربية (عدا ترجمة تيلو Thiln، انظر مثلا ترجمة رواية "العباسة أخت الرشيد" مع مقدمة لكلود فارير، Claude Farrere، باريس 1912 و"اللَّه ساهر"، باريس 1924)؛ وتنحصر الأهمية الكبرى لهذه المصنفات فى أنها بسّطت التاريخ، وقد كتبت بأسلوب سهل سلس طبعها بطابع شائق طلى، بيد أن هذه الروايات لا تروق كثيرًا فى نظر الذوق الأدبى الأوربى، ذلك أن أسلوب إنشائها عتيق وعاطفى بعض الشئ.
وكتابه "تاريخ التمدن الإسلامى"(5 أجزاء 1902 - 1906) هو أهم مصنفاته التاريخية جميعا وقد بناه على المصنفات الأوربية المشهورة التى وضعها سديو Sedillot وكريمر Kremer وجولدسيهر Goldzihei وغيرهم، وقد أضاف إليه كثيرًا من المعلومات استقاها من المصادر العربية، وأكمله بما يعرفه عن الحياة الحديثة فى الشرق؛ وكان كتابه هذا عملا جليلا من الطراز الأول فى نظر البلاد الإسلامية، ولذلك كان
من الطبيعى أن يترجم إلى لغات أخرى (الفارسية والتركية والهندستانية)(انظر Bouvat فى J.A. المجموعة 10، جـ 19، 1912، ص 401 - 402)، بل إن الدارس الأوربى كثيرًا ما يجد فيه تفصيلات لا يجدها فى مكان آخر (انظر ده غوى de Goeje فى J.A، المجموعة 10؛ جـ 3، 1904، ص 356 - 359)، وقد ترجم مركوليوث D. S. Margoliouth المجلد الرابع إلى الإنجليزية (G.M.S. جـ 4، ليدن 1907). وثمة تتمة لكتابه "تاريخ التمدن الإسلامى" هى "تاريخ العرب قبل الإسلام"(1908)، بيد أنه لم يتمه، وفيه كل مزايا مصنفه الأكبر وعيوبه.
ولا يقل عن هذا شأنا فى نظر الشرق مصنفه العظيم الأخير "تاريخ آداب اللغة العربية"(4 أجزاء، 1911 - 1914، وله فهرس وضع 1922؛ طبع طبعة مختصرة فى مجلد واحد 1924)؛ وكان هذا المصنف أول كتاب بالعربية ترسم المبادئ الأوربية؛ وقد بني زيدان مصنفه على أساس كتب بروكلمان Brockelmann وإيوار Huart وغيرهما، وكذلك استخدم المجموعات المصرية من المخطوطات، وأخرج من هنا وهناك مواد جديدة للعلماء الأوربيين. على أن استخدامه للمصادر الأوربية لم يخل دائمًا من النقد، كما تدل على ذلك انتقادات شيخو (المشرق جـ 14، 1911، ص 582 - 595؛ جـ 15، 1912، ص 597 - 610؛ جـ 16، 1913، ص 792 - 794) وانتقادات الأب أنسطاس (لغة العرب، جـ 1، 1912، ص 392 - 397؛ جـ 2، 1912، ص 52 - 62 و 139 - 146 و 205 - 209؛ جـ 4، 1914، ص 82 - 90، انظر أيضًا "فى أوقات الفراغ" لمحمد حسين هيكل، القاهرة 1925، ص 221 - 247)؛ والمجلد الرابع من هذا الكتاب هو أهم المجلدات فى نظر العلماء الأوربيين، فهو يعرض الأدب العربى فى القرن التاسع عشر عرضًا جميلا، ثم إنه هو ونظائره من مصنفات شيخو وطرازى تعد مصادرنا الوحيدة لدراسة هذه الحقبة من الزمن (1).
(1) كان ذلك وقت كتابة المقال، أما الآن فالمكتبة العربية تزخر بعدد من المراجع العربية التى أخرجتها البحوث الجامعية الحديثة. [م. ع]