الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل سيدنا عمر وعبد اللَّه بن مسعود" (1) وقد رواه عن سيدنا على. ومنهم من قال إنه مضمون بقيمته بالغة ما بلغت، أى على المرتهن فضل قيمة الرهن إن كانت تزيد عن قدر الدين" ومنهم من ذهب أنه مضمون بالدين بالغا الدين ما بلغ، أى يذهب الدين كله وإن كان يزيد عن قيمة الرهن، وقد جاء فى رواية عن على رضى اللَّه عنه أنه قال يترادّ المرتهن والراهن الفضل؛ أى يرجع المرتهن على الراهن بفضل الدين إن كان أكثر من قيمة الرهن، ويرجع المدين بفضل قيمة الرهن إن كانت تزيد على مبلغ الدين (2).
الدكتور محمد يوسف موسى
رياح
قبيلة عربية، وهى أقوى القبائل التى ترفع نسبها إلى بنى هلال. نزحت رباح من مصر العليا، وأغارت على البربر فى منتصف القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى). وكان شيخ هذه القبيلة فى ذلك الوقت رجلا يدعى مؤنس بن يحيى من بنى مرداس. وقد حاول الأمير الزيرى المعز الذى لم يدرك العواقب الوخيمة التى تنجم عن دخول العرب إلى إفريقية، أن يتفق معه وأن يكسب إلى جانبه قبيلة رياح، وكان العرب أول من خربوا بلاد المعز، غير أن المعز أفلح فى الفرار من القيروان إلى المهدية بفضل حماية زعماء قبيلة رياح الذين تزوجوا من بناته.
ومن الطبيعى أن تكون قبيلة رياح أحسن من أفاد من التقسيم الأول لإفريقية الذى أعقب الفتح. فقد حصلوا على القسم الأكبر من السهول التى غادرها البربر للبحث عن ملجأ لهم بين الجبال، ودفعوا أقرباءهم الأثبج ناحية الشرق، واستولوا على باجة التى كان الخليفة بالقاهرة قد أعطاهم إياها سلفا. وأقسم أهل قابس يمين الولاء لمؤنس. وكان ذلك أول غزوة حقيقية للعرب كما يقول ابن خلدون. وجعلت أسرة جامع -وهى أسرة تمت بالقرابة إلى قبيلة رياح- من قابس حاضرة صغيرة منظمة زينوها بعمائرهم. ثم إن محريز ابن زياد أحد شيوخ رياح شيد لنفسه حصنا فى المعلقة (لعلها كانت ملعبا
(1) و (2) بدائع الصنائع للكاسانى، جـ 56:160.
رومانيا) بين أطلال قرطاجنة. على أن زعماء المعلقة الأقوياء أيدوا سياسة بنى زيرى فى المهدية، وانضموا إليهم فى مناهضتهم للموحدين.
ولم تقف هذه المقاومة طويلا فى سبيل الحملات التى أنفدها المغاربة على إفريقية التى كان يسودها الاضطراب والفوضى، وقد حلت الهزيمة بالعرب على يد عبد المؤمن فى الأعوام 546، 555، 583 هـ (1152، 1160، 1187 م) فأمروا بالتوجه إلى الأندلس لمساعدة جيوش المسلمين على مواصلة الجهاد فى تلك البلاد، وقد خلف عبد المؤمن فريقا من رياح فى إفريقية تحت قيادة عساكر بن سلطان، وأخذ الباقى إلى المغرب مع زعيمهم مسعود أخى عساكر المعروف باسم البلط (انظر Supplement: Dozy جـ 1، ص 111). وأنزلهم فى السهول المراكشية إلى الشمال من بورجراج. وكان هذا التحكم فى أمرهم لا يتمشى فى كثير مع تقاليد قبيلة رياح. ففر مسعود إلى إفريقية، وأيد فيها بنى غانية الذين كانوا يسعون إلى إحياء سلطان المرابطين تحقيقا لمصلحتهم الخاصة.
ونحن نعلم كيف أن القلاقل التى أثارها بنوغانية قد دفعت الخليفة الموحدى إلى أن يقيم أبا محمد الحفصى واليا على إفريقية وخوله سلطات واسعة. وكان من الطبيعى أن يهاجم هذا الوالى قبيلة رياح، وأراد أن يتخلص منهم فشجع عرب سُليم على الاستيطان فى البلاد، وكانوا إلى ذلك الوقت يقيمون فى طرابلس. واضطرت رياح التى كانت أهم أسرة فيها آنئذ هى الدواويدة، إلى النزوح إلى سهول قسنطينة تحت ضغط سليم، وأقاموا فيها من ذلك الحين.
وظل مركز رياح فى موطنهم الجديد على جانب كبير من القوة، إذ كانت لهم الكلمة المسموعة فى وسط إقليم قسنطينة بأسره، أى من ناحية قالمة Guelma إلى ناحية بجاية، وكانوا فى الزاب على صلات ببنى مزنى فى بسكرة الذين كانوا يحكمون هذا الإقليم الحفصى، وكانت هذه الصلات ودية حينا وعدائية أحيانا. وهذا يفسر لنا كيف أن بنى مزنى ألفوا أنفسهم مضطرين إلى مناهضة تلك الحركة العجيبة التى كانت حركة دينية
واجتماعية فى آن، وكان يحرضهم على ذلك المرابط سعدة الرياحى، وكانت الدواويدة، ونخص بالذكر أقوى أسرهم أولاد محمد، يستحوزون على مشاتى ويستمتعون بالأموال التى يدفعها أهل قصور بأقليم الصحراء من وادى ريغ.
وفى غضون القرن التاسع عشر بأسره كان البطنان الرئيسيان للقبيلة الأصلية، وهما أولاد محمد وأولاد سباع، منهمكين فى الشئون السياسية لأمراء الحفصية وأمراء عبد الواد أصحاب تلمسان وكذلك فى دسائس الطامعين فى العرش الذين كانوا يرومون الإطاحة بالأسر الحاكمة التى كانت تتولى الأمر فى البلاد. وظل سلطان رياح فى بلاد البربر الوسطى قائما فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر. وقد ذكر برناردينو المندوزى Bernardino of Mendoza أنه كان لديهم فى عام 1536 عشرة آلاف فارس وعدد كبير من الرجالة. وكانوا فى القرن الثامن عشر يشدون من أزر بك قسنطينة التركى الذى كانت تربطهم به صلة المصاهرة، كما كانوا سلاطين تيقّورت Tuggurt المستقلين. ولاحظ كاريت Carette ووارنيه Warnier أن الاسم "داويدة" كان فى عام 1844 مرادفا لعبارة "العرب الأشراف".
وكان لفرع آخر من قبيلة رياح شأن هام فى تاريخ ولايات زناتة. ففى المغرب الأقصى نقل الموحدون جماعات منهم إلى السهول الساحلية، وأخلصوا فى خدمتهم، ذلك أنهم حاولوا أن يصدوا تقدم المرينيين، غير أنهم هزموا بالقرب من وادى سبو عام 614 هـ (1217 م) وعاقب المرينيون المنتصرون رياح فى غير شفقة أو رحمة. واستكان هؤلاء لمذلة دفع جزية سنوية بعد أن قتل منهم كثيرون، وحل بهم الضعف وأجلوا ناحية الشمال. وعاد اسمهم لا يذكر فى خريطة مراكش الحديثة اللهم إلا فى موضع بالقرب من الطريق من القسار إلى طنجة.
وأخيرا بقى اسم رياح فى الطرف الآخر من بلاد البربر، أى فى موطنهم الأول، وذلك فى التسميات التى اتخذتها القبائل. وتقع قائدية رياح بين طبرسق Tebursuk والتلال المحيطة بخليج تونس.