الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ركن الدولة
أبو على الحسن بن بويه، الأخ الأوسط من الإخوة الثلاثة الذين أسسوا الأسرة البويهية وقد كان حظه كحظ أخيه الأكبر على (عرف فيما بعد باسم عماد الدولة حتى استولى على فارس عام 322 هـ (934 م). وعند ذلك وُلى ركن الدولة على كازرون وغيرها من النواحى. على أن ياقوت القائد العباسى الذى تمت الغزوة البويهية لفارس على حسابه قد بادر فأجبره على الاحتماء بأخيه. فلما هُزم ياقوت على يد مرداويج الزيارى الوالى البويهى السابق الذى انتقض عليه الأخوان، رأى عماد وقتذاك أنه من حسن الرأى أن يسترضى مرداويج (1)، فأرسل ركن الدولة إليه رهينة. وفر ركن الدولة عندما قُتل مرداويج فى العام التالى (323 هـ = 935 م) وانضم إلى عماد، فزوده بالجند لمنازعة وشمكير أخى مرداويج على امتلاك الجبال. وأفلح ركن الدولة بادئ الأمر فى الاستيلاء على إصفهان، ولكن المرحلة الأولى من نزاعه مع وشمكير انتهت بطرده من هذه المدينة عام 327 هـ (939 م) فلجأ إلى الفرار إلى فارس مرة أخرى.
وفى العام التالى استنجد ركن الدولة بأخيه الأصغر الحسين (الذى عرف فيما بعد باسم معز الدولة) وكان الحسين فى ذلك الوقت قد وطد أقدامه فى خوزستان حتى يتيسر له قتال البريدية وعند ذلك حاول ركن الدولة، وكان وقتذاك لا يملك شيئا من البلاد، أن يستولى على واسط، ولكنه اضطر إلى الانسحاب عندما هب فى وجهه الخليفة الراضى والأمير بَجْكَم على أنه أفلح بعد ذلك فى استعادة إصفهان، مكنه منها انحياز وشمكير إلى ماكان بن كاكوى فى قتاله نصر بن أحمد السامانى ولما توفى نصر عام 331 هـ (943 م) استطاع ركن الدولة، وكان عندئذ قد وقف إلى جانب السامانيين، أن يخرج وشمكير من الرى أيضًا وكان وشمكير قد استعادها فترة من الزمن بعد انسحاب القائد السامانى ابن محتاج.
(1)"مرد آويج" أو "مردآويز" أي البطل الذي يلتحم مع الرجال ويصرعهم (انظر كتاب تاريخ إيران لعباس إقبال، طبع طهران 1329 هجرية شمسية حاشية ص 76).
عبد المنعم محمد حسنين
وتمكن ركن الدولة باستيلائه على الرى من أن يسيطر على بلاد الجبال كلها، واحتفظ بها إلى آخر أيامه اللهم إلا فترتين قصيرتين لا تزيد كل منهما على سنة. على أن مركزه كان مزعزعا حتى عام 344 هـ (955 - 956 م) لأن وشمكير والسامانيين كانوا ينازعونه فيها. ولم يستطع ركن الدولة الاحتفاظ بها إلا بعد أن أوقع بينهم، وبذر بذور الشقاق بين الأمراء السامانيين وبين القواد الذين أنفذهم هؤلاء الأمراء لقتاله. ومع ذلك أخرج ركن الدولة من الرى (كما ذكرنا من قبل) وطرد ولاته من معظم أنحاء هذا الإقليم مرة عام 333 هـ (944 - 945 م) ومرة أخرى عام 339 هـ (950 - 951 م) وكان ذلك فى الحالين على يد جيوش السامانيين. وانتهى به الأمر بطبيعة الحال إلى الخضوع للسامانيين. وعُقد بينه وبينهم اتفاقان على الأقل لأداء الجزية. وعلى هذا الأساس استطاع أن يصالح السامانيين عام 344 هـ (955 - 956 م) ثم، عام 361 هـ (971 - 972 م). وفى خلال نزاعه الطويل مع وشمكير الذى درب على التآمر مع السامانيين عليه حتى لقى حتفه فى حادث عام 357 هـ (968 م) أغار ركن الدولة فى مناسبات كثيرة على طبرستان وجرجان، ولكنه لم يتمكن من ضم هذين الإقليمين بصفة دائمة إلى ممتلكاته. وسيطر ركن الدولة على اذربيجان الجنوبية عام 337 هـ (948 - 949 م) بعد أن أفسد المحاولة التى قام بها مرزبان بن محمد السالارى للإستيلاء على الرى، وأخذه أسيرًا إلا أنه طرد من الرى نفسها بعد ذلك بعامين (انظر ما سبق) ومن الطبيعى أن يكون ذلك قد كلفه أيضًا الخروج من هذا الجزء من أذربيجان.
وحصل ركن الدولة على لقبه عام 334 هـ (945 - 946 م) فى نفس الوقت الذى منح فيه إخوته هذا اللقب، أى عندما دخل المعز مدينة بغداد. وخلف ركن الدولة عمادًا بعد وفاته عام 338 هـ (949 م) فأصبح رأس الأسرة ولقب بأمير الأمراء وإن كان المعز قد تلقب بهذا اللقب أيضًا. وكان ركن الدولة كسير القلب أثناء السنتين الأخيرتين من حياته، ذلك أنه لم يبرأ قط من الصدمة التى حلت به عندما بلغه مسلك ابنه عضد الدولة فقد استغل عضد الدولة فرصة المعونة التى طلبها