المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌زمان (ج أزمان وأزمن وأزمنة): لسهولة معرفة الفرق فى استعمال كلمة - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌رقية

- ‌ المصادر

- ‌ركن الدولة

- ‌المصادر:

- ‌الرمادى

- ‌المصادر:

- ‌رمضان

- ‌المصادر:

- ‌الرمل

- ‌المصادر:

- ‌الرملة

- ‌المصادر:

- ‌رؤبة بن العجاج

- ‌المصادر:

- ‌روح بن حاتم

- ‌المصادر:

- ‌رودس

- ‌المصادر:

- ‌الآثار التركية والإسلامية

- ‌المصادر:

- ‌رهبانية

- ‌المصادر:

- ‌رهن

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌رياح

- ‌المصادر:

- ‌الرياض

- ‌المصادر:

- ‌ز

- ‌الزار

- ‌المصادر:

- ‌الزاوية

- ‌المصادر:

- ‌زبور

- ‌المصادر:

- ‌زبيد

- ‌المصادر:

- ‌زبيدة

- ‌المصادر:

- ‌الزبير بن العوام

- ‌المصادر:

- ‌الزرنوجى

- ‌المصادر:

- ‌زرياب

- ‌المصادر:

- ‌زكاة

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌زكريا

- ‌المصادر

- ‌زلزل

- ‌المصادر:

- ‌زمان

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌الزمخشرى

- ‌المصادر:

- ‌زمزم

- ‌المصادر:

- ‌زناتة

- ‌المصادر:

- ‌الزنج

- ‌المصادر:

- ‌الزنجانى

- ‌المصادر

- ‌الزنجبار

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌زنكى

- ‌المصادر:

- ‌الزهاوى

- ‌المصادر:

- ‌زهد

- ‌المصادر:

- ‌الزهرى

- ‌ المصادر

- ‌تعليق على مادة الزهرى

- ‌زهير بن أبى سلمى

- ‌المصادر:

- ‌زياد بن أبيه

- ‌المصادر:

- ‌زيادى

- ‌المصادر:

- ‌زيار، بنو

- ‌المصادر:

- ‌زيان، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الزيانى

- ‌المصادر:

- ‌الزيانية

- ‌المصادر:

- ‌زيدان

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن ثابت

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن حارثة

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن على

- ‌المصادر:

- ‌زيد بن عمرو

- ‌المصادر:

- ‌الزيدية

- ‌المصادر:

- ‌زيرى، بنو

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌زينب بنت جحش

- ‌المصادر:

- ‌تعليق على مادة زينب بنت جحش

- ‌زينب بنت خزيمة

- ‌المصادر:

- ‌زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المصادر:

- ‌الزينبى

- ‌المصادر:

- ‌زين الدين

- ‌ المصادر

- ‌س

- ‌ساج، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الساسانية

- ‌المصادر:

- ‌سالم بن محمد

- ‌المصادر:

- ‌السالمية

- ‌المصادر:

- ‌سام

- ‌المصادر:

- ‌السامانية

- ‌المصادر:

- ‌سامراء

- ‌خطتها وتطورها التاريخى:

- ‌المصادر:

- ‌عمارتها:

- ‌وأهم الآثار التى لا تزال باقية:

- ‌المصادر:

- ‌السامرى

- ‌المصادر:

- ‌سبأ

الفصل: ‌ ‌زمان (ج أزمان وأزمن وأزمنة): لسهولة معرفة الفرق فى استعمال كلمة

‌زمان

(ج أزمان وأزمن وأزمنة): لسهولة معرفة الفرق فى استعمال كلمة "زمان"(المشتركة بين اللغات السامية) وكلمة "وقت"(التى لا توجد بمعنى الزمان إلا فى اللغة العربية) يمكن استنباط الأحكام الآتية أخذًا عن الكتب العربية التى تتناول الموضوعات العلمية، فإن كان يظهر أن هذه الأحكام قد خولفت فى أحيان كثيرة، حتى فى الكتب التى ألفها أصحابها بعناية كبيرة.

إن كلمة "زمان" تطلق فى الغالب للدلالة على الزمان من حيث هو مفهوم فلسفى أو رياضى، وذلك فى مقابل كلمة "كان"(ويظهر أن التشابه بين الكلمتين فى الجرس والوزن اللغوى لم يخل من أن يكون له من هذا الوجه أثره فى تفضيل كلمة "زمان" على كلمة "وقت")، كما تستعمل بالإجمال للدلالة على الأحقاب الطويلة والقرون ومدة حكم الدول وعلى بداية العصور التاريخية، وتستعمل أيضا فى اصطلاح علم الفلك للدلالة على مقدار طول فترة ما من الزمان، قد تختلف بطبيعتها، مثل طول "الساعات الزمانية"() فى اليونانية و horae temporales seu inaequsles فى اللاتينية) التى يختلف طولها بحسب خط العرض الجغرافى وبحسب فصول السنة، والتى نحصل عليها -خلافًا لساعاتنا المنسوبة إلى معدل النهار والتى لها طول ثابت (وهى "ساعات الاعتدال" () فى اليونانية و horae aequinoctiales فى اللاتينية) - بقسمة مدة النهار أو مدة الليل إلى اثنى عشر قسما. وفى هذه الحالة يقال:"أزمان ساعات النهار والليل الزمانية"(ونادرًا ما يقال: "أوقات ساعات النهار والليل الزمانية").

أما كلمة "وقت"(ج: أوقات) فهى تدل فى علم الفلك على نقط معينة من الزمان وكذلك على أجزاء من الزمان (ثابتة عادة)، فيقال:"وقت انتصاف النهار"، أعنى وقت الزوال الفلكى، و"وقت انتصاف الليل".

والمعنيان يوجدان معًا فى كتاب البتانى الذى نشره نللينو بعنوان Opus

ص: 5280

Astronicum (1) جـ 3، ص 192: الوقت (بمعنى فترة الزمان) الذى تعود فيه الشمس إلى الجزء الذى كانت فيه فى وقت (بمعنى نقطة معينة من الزمان) الابتداء". وتدل كلمة وقت بوجه عام على مدد من الزمان قصيرة الأمد، مثل طول حياة إنسان أو جيل، كما أنها تستعمل فى المعنى الذى تستعمل فيه كلمة () اليونانية، وذلك للدلالة على الزمان الصحيح؛ وفوق هذا قد تدل أيضا على وقت الرصد الفلكى. ولكن الكلمة الاصطلاحية فى هذا المعنى، وهى كلمة "ميقات" (ج مواقيت) المشتقة من نفس الأصل أكثر استعمالا فى العادة. وكلمة "ميقات" هذه قد تدل على فن عمل الأزياج وعلى تحديد مواقيت الصلاة. وكل من كلمة "زمان" وكلمة "وقت" تستعمل أيضا مرادفة لكلمة "فصل" فى الدلالة على فصول السنة. ونجد البيضاوى فى تفسيره للقرآن، وهو التفسير المسمى "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (2) عند كلامه عن كلمة "مواقيت" الواردة فى القرآن (سورة البقرة) آية 189 (3) يعرف المدة والزمان والوقت تعريفا مجملا على النحو الآتى: "المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها (يعنى أنها تدل على جملة الزمان "من الأزل إلى الأبد") والزمان مدة مقسومة (يعنى جزءًا كبيرًا)(4)، والوقت الزمان المفروض لأمر (5)(يعنى أن الوقت يؤخذ من الزمان بقسمة الزمان، ويدل على فترات قصيرة من الزمان وعلى نقط منه)، وهذا التعريف يتفق فى جوهره مع التعريف الذى تقدم.

حساب الزمان: (أ) حساب الزمان قبل الإسلام:

إن معرفتنا بحساب الزمان عند العرب القدماء، وهى المعرفة التى تستند

(1) هذا هو كتاب الزيج الصابى لأبى عبد اللَّه محمد ابن ستان بن جابر الحراش المعروف بالبتانى طبعة رومة سنة 1889 م [المترجم].

(2)

يعتمد الكاتب على طبعة Fleischer ليبسك 1846 جـ 1، ص 105.

(3)

يشير كاتب المقال إلى آية: "يسألونك عن الأهلة، قل هى مواقيت للناس والحج"[المترجم].

(4)

و (5)[راجع تعليقنا على هذا المقال كله، فيما يلى -والمقصود على كل حال هو أن الزمان جزء من المدة وأن الوقت نقطة الزمان التى يقع فيها أمر- المترجم].

ص: 5281

إلى مادة متفرقة موجودة فيما حفظ لنا من بقايا القصائد القديمة والأشعار الشعبية، لا تزال حتى يومنا بعيدة كل البعد عن الكمال والشمول، ولا يمكن بحال أن تعتبر مرضية جديرة بالثقة من جميع الوجوه. وهناك دلائل كثيرة -وخصوصًا معانى معظم أسماء الشهور العربية القديمة (صفر الأولى والثانى، ربيع الأول والثانى، جمادى الأولى والآخرة، رمضان) - تدل على أن السنة العربية القديمة كانت تشبه السنة العبرية (السنة التشرية) بعض الشبه، غير أنه يجب علينا أن نلتزم القصد إذ ليس من المأمون أن نقول إنه كان يوجد فى جزيرة العرب فى العصر القديم تقسيم زمانى معمول به فى الجزيرة كلها. أما الذى لا شك فيه فهو أن قبائل الأعراب لم تكن تستعمل فى الأصل سوى حساب الزمان المبنى على ملاحظة أوجه القمر، شأنها فى ذلك شأن الأقوام المتبدية الأخرى، أعنى أنه لم يكن عندها سوى ما يسمى السنة القمرية الخالصة. أما التوفيق بينها وبين السنة الشمسية فإنه لم يحدث إلا فى عصر متأخر عن ذلك. ويؤيد هذا الافتراض ما ذكره كثير من العلماء المسلمين (وقد استفاد محمود أفندى من هذه المادة فى بحثه الذى ظهر عام 1858 فى المجلة الآسيوية. J. A السلسلة الخامسة، جـ 11). فالبيرونى فى مؤلفه الآثار الباقية (طبعة سخاو، ليبسك 1878) وقد اتفق فى الرأى مع جعفر بن محمد البلخى (فى كتابه المسمى كتاب الألوف فى بيوت العبادات) -وكان على علم بهذا الكتاب- ذلك أنه قال إن الانتقال من السنة القمرية الخالصة إلى السنة القمرية الشمسية وقع بتأثير السنة اليهودية قبل الهجرة بنحو من قرنين (1). أما نظرية محمود أفندى التى ذهب إليها فيما بعد (Mint. des Savants strangers de

(1) الآثار الباقية للبيرونى ص 62. يقول البيرونى إن العرب، بعد أن كان حجهم يدور فى الأزمنة الأربعة أرادوا أن يحجوا فى وقت إدراك سلعهم من الأدم والجلود والثمار وأن يثبت ذلك على حال واحدة وفى أطيب الأزمنة وأخصبها "فتعلموا الكبس من اليهود المجاورين لهم. وذلك قبل الهجرة بقريب من مائتى سنة" [المترجم]

ص: 5282

l'Academie Royale de Belgique جـ 2، 1861 م، والتى تابعه فيها كنز F.K Ginzel فى كتابه Chronologie جـ 1، ص 248). ومؤداها أنه كانت هناك سنة قمرية خالصة فى مكة إلى الفترة السابقة للهجرة مباشرة، فهى نظرية لا يمكن أن تكون حجة ثابتة أمام ما تقدم ذكره، لأنه لم يقم دليل كاف على أن قران المشترى وزحل الذى وقع فى مارس سنة 571 - وهو المسمى "قران الدين"- قد حدث بالفعل قبل مولد النبى عليه الصلاة والسلام مباشرة، وهنا لا يمكن أن يكون الأمر أمر افتراض وتخمين ظهر بعد ذلك. وكانت بداية السنة القمرية العربية -وأيضا بحسب السنة العبرية- فى الخريف. والسنة نفسها كانت تتألف من اثنى عشر شهرًا -وفى سنين الكبس من ثلاثة عشر شهرًا- تحسب من الهلال إلى الهلال. أما زيادة الشهر الثالث عشر، وهى الزيادة التى لم يكن منها بد لتحديد بداية السنة القمرية فى موضع معين من السنة الشمسية، فقد كانت تعمل بحسب التجربة بين آن وآخر، وذلك كل سنتين أو ثلاث فى المتوسط. وكلمة "النسئ" المذكورة فى القرآن (سورة التوبة، آية 37) والتى كثر حولها الجدل إنما تشير إلى زيادة هذا الشهر الثالث عشر (1)، كما بين ذلك من جديد الأستاذ موبرج بيانا مقنعا لا جدال فيه (An - Nasi' in: Axel Moberg der islamischen Tradition، لند، 1931) ولم يحرم النسئ تحريما صريحا على يد محمد عليه الصلاة والسلام إلا فى السنة العاشرة للهجرة (الموضع المتقدم ذكره من القرآن)(2) وكان وقت الحج، الذى كان يرتبط فى أول الأمر بالخريف، أعنى أنه قد حدد بحسب السنة الشمسية، يعين بحسب نوء (ج، أنواء) أحد المنازل الثمانية والعشرين للقمر. وهذا الضرب من تعيين المواقيت الشمسية مأثور أيضا عن عصر تال لذلك (راجع Calendrier de Cordoue del'annee 961 طبعة Dozy، ليدن 1873) ونجده كذلك فى العصور القديمة عند

(1) كانت السنة الشمسية أطول من القمرية فقد كان لا بد فى كل سنتين) وثلاث -بحسب الأحوال- من النسئ وهو إضافة شهر وتسميته بالشهر السابق له. [المترجم].

(2)

راجع ذلك فى كتاب الآثار الباقية ص 62 - 63 [المترجم].

ص: 5283

أمم متحضرة (كالصين والهند ومصر) على أن السنة القمرية الشمسية فى عهد النبى [صلى الله عليه وسلم] كانت قد تقدمت على السنة الشمسية بكثير بسبب عدم كفاية وسائل الملاحظة والكبس فوقعت بداية السنة القمرية كما وقع شهر ذى الحجة السابق لها وكذلك وقت الحج فى فصل الربيع.

وفى أواخر أيام الجاهلية كانت أسماء الشهور قد استقرت على النحو الذى نجدها عليه فى العصر الإسلامى، غير أن شهر المحرم قد حل فى الإسلام محل صفر الأول، صفر الثانى، ربيع الأول، ربيع الثانى، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. ولا يفوتنا أن النصف الأول من السنة يتألف فى الحقيقة من ثلاثة شهور مزدوجة، وتختلف عنها أسماء الشهور العربية القديمة التى يذكرها البيرونى (1) والتى حلت محلها الشهور التى تقدم ذكرها، وكانت هذه الشهور القديمة هى: المؤتمر (ويطابق صفر) وناجر، وخوان، وبصان، وحنتم (أو حنم (القراءة غير يقينية) وزباء أو زُبى، والأصمّ، وعادل، ونافق، ووغل، وهُواء، وبُرَك. وبعض هذه يظهر فيما بعد، ويكون أحيانا ألقابا لأسماء الشهور الإسلامية المرادفة لها، كإطلاق اسم الأصم على رجب والعادل على شعبان. وإلى جانب هذا يذكر البيرونى والمسعودى كما تذكر النقوش الصابئية أنواعًا أخرى كثيرة لأسماء الشهور، وهى تختلف فيما بينها بحسب القبائل والمصادر اختلافا كبيرًا بحيث لا يكاد يمكن الاهتداء منها إلى معرفة ما كان عليه حساب الزمان عند العرب فى أقدم عصورهم.

وكانت السنة بحسب ما يقوله فلهاوزن (Rest arabischen: Wellhausen Heiden turns، برلين 1897، ص 96 وما بعدها) مقسمة فى أول الأمر إلى ثلاثة أزمنة: زمان المطر، وزمان الجفاف وزمان الحر. ونجد فى الشعر العربى القديم ذكر أربعة أقسام: الخريف أو

(1) ص 60 - 61 من الآثار الباقية وصاحب المقالة لا يتفق فى نقله لأسماء هذه الشهور، ولا فى ترتيبها عند البيرونى. والبيرونى نفسه يقول إن فى أسماء هذه الشهور وترتيبها خلافا [المترجم].

ص: 5284

الربيع والشتاء والصيف والقيظ، وهى تطابق على وجه التقريب فصولنا: الخريف والشتاء والربيع والصيف؛ ومن الجائز أنه كان هناك تقسيم السنة إلى ستة أقسام: الربيع (آخر الحصاد) والخريف، والشتاء، والربيع الثانى (أول الحصاد) والصيف (أول فصل الحر) والقيظ (وهو الصيف بمعناه عندنا).

أما الجرى على تقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام فيمكن إثبات أنه كان موجودًا عند العرب الجاهليين منذ عصرقديم جدًا. والأسماء القديمة للأيام هى بحسب حكاية البيرونى (الآثار الباقية، ص 64): أول (يطابق يوم الأحد) أهوَن، وجُبار، ودُبار ومؤنس، وعَروبة، وشيار. ولكن لا يصح افتراض أن العرَب هم الذين استحدثوا الأسبوع ذا السبعة الأيام، بل هناك دلائل كثيرة تدل على أنهم أخذوا ذلك عن البابليين أو اليهود، وكان قد أصبح مشهورًا عند هؤلاء منذ زمان قديم جدًا.

وكانت أيام الشهر مقسمة إلى عشرة أقسام، كل قسم منها ثلاثة أيام، وكانت تحسب اعتبارًا من الهلال، ولكل ثلاثة منها اسم، وأسماؤها هى (1): الغررَ، والنُفَل، والتسع، والعشر، والبيض، والدُرَع، والظُلَم، والحنادس أو الدهم، والدآدى. والمحاق (راجع كتاب الآثار للبيرونى ص 63 وما بعدها). أما اليوم ذاته فكان يبتدئ عند العرب القدماء كما كان يبتدئ عند اليهود وفى الإسلام أيضًا، بعد ذلك، بمغيب الشمس، وليس ثمة ما يدل على تقسيم

(1) قول البيرونى فى الآثار الباقية ص 63 - 64 إن العرب لم تكن تسمى أيام الشهر بأسماء مفردة كما كان يفعل الفرس، غير أنهم "أفردوا لكل ثلاث ليال من كل شهر من شهورهم اسما على حدة مستخرجًا من حال القمر وضوئه فيها، فإذا ابتدءوا من أول الشهر فثلاث غرر -جمع غرة، وغرة كل شئ أوله، وقيل بل ذلك لأن الهلال يرى فيها كالغرة". النُفل من قولهم تنفل إذا ابتدأ بالعطية. . التسع لأن آخر ليلة منها هى التاسعة، والعشر لأن أولها الليلة العاشرة، والبيض لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها، والدرع لاسوداد أوائلها. . والأصل فى ذلك هو التشبيه بالدرع الملبوس، لأن لون رأس لابسه يخالف لون سائر بدنه، والظلم لإظلامها فى أكثر أوقاتها، والحنادس لسوادها، ولذلك تسمى الدهم، والدآدئ لأنها بقايا، والمحاق لانمحاق القمر والشهر. راجع أسماء أخرى لأيام معينة من الشهر مثل ليلة السرار، وهى اللية الأخيرة من الشهر، لاستسرار القمر فيها، وليلة الامتلاء، وهى الليلة الرابعة عشرة [المترجم].

ص: 5285

اليوم عند الجاهليين إلى أربع وعشرين ساعة.

بداية التآريخ: يظهر أن البدايات أو النقط الزمانية التى كان يبتدئ بها العرب حساب السنين كانت كثيرة جدًا. ويذكر البيرونى فى هذا الصدد أن بعض العرب كانوا يؤرخون بالوقائع المشهورة والأيام المذكورة الكائنة بينهم [كالتى لقريش مثل أيام الفجار وحلف الفضول. . . وبناء الكعبة وغير ذلك] فتصير هذه الحوادث بدايات للتأريخ عند مختلف القبائل (كتاب الآثار، ص 34) ويظهر أن التأريخ بأيام الفجار خاصة (وقعت حروب الفجار بين 585 و 591 بعد الميلاد على الأرجح) وبعام الفيل (حوالى 570 م على الأرجح) كان أكثر انتشارًا عند العرب. وعام الفيل، عند بعض المؤرخين، هو العام الذى ولد فيه محمد عليه الصلاة السلام (571 م).

(ب) التأريخ فى الإسلام: أصبح ما يتميز به الإسلام من حساب السنين طبقا للسنين القمرية الخالصة هو المعمول به بعد الذى أشرنا إليه فيما تقدم من تحريم النبى عليه السلام للنسئ (والسنة القمرية الخالصة = 12 شهرًا قمريًا كل منها 29 يومًا و 12 ساعة و 44 دقيقة و 3 ثوان = 354 يوما و 8 ساعات و 48 دقيقة و 36 ثانية، واسم السنة القمرية هو فى الحقيقة لا معنى له! )، فلم يكن من الممكن بعد ذلك وجود توافق بين أول السنة الهجرية وأول السنة الشمسية فيقع أول السنة الهجرية موافقا على وجه التقريب لأول السنة الشمسية، وصار أول السنة الإسلامية يتقدم كل عام أحد عشر يومًا فى السنة الشمسية فيقع أول السنة الهجرية موافقًا على وجه التقريب لأول السنة الشمسية مرة واحدة كل ثلاثة وثلاثين عامًا، وكل ثلاث وثلاثين سنة قمرية تساوى على وجه التقريب اثنتين وثلاثين سنة شمسية. ونستخلص من هذه النسبة القاعدة التالية لتحويل سنى الهجرة (هـ) إلى سنين ميلادية (م)، والعكس.

السنة الميلادية = عدد السنين الهجرية × 32/ 33 + 622

السنة الهجرية = عدد السنين الميلادية - 622 × 33/ 32

وفيما يتعلق بالتحويلات الدقيقة لا غنى عن لوحات المقارنة بين السنين

ص: 5286

الهجرية والميلادية التى قام بعملها فستنفلد ومالر (راجع المصادر).

وكان لا بد، بحسب القرآن، (سورة يونس، آية 5 مثلا) فى الآية التى تقرر بصراحة أن القمر هو مقياس الزمان (1)، من أن يتحدد أول الشهر وأول السنة، كما كان الحال فى العصر القديم، بالاستناد إلى رؤية الهلال بالعين، وهذا هو بالفعل ما يجرى عليه عامة الناس فى أيامنا. ولكن نشأ مع هذا، لأسباب يسهل إدراكها ومنذ وقت مبكر حساب دورى يستند إلى أن مدة كل شهرين تساوى على وجه التقريب 59 يوما، ومن شأنه أن يجعل أحد الشهور 30 يومًا والشهر الآخر 29 يومًا، بحيث يكون الشهر الأول من السنة (وهو المحرم) والشهر الثالث والخامس والسابع والتاسع والحادى عشر، كل منها 30 يومًا، ويكون الشهر الثانى (صفر) والرابع والسادس والثامن والعاشر والثانى عشر كل منهما 29 يومًا، وبذلك تكون السنه 354 يومًا فى العادة. أما الفرق الذى يبلغ 8 ساعات و 48 دقيقة و 36 ثانية (وهو يساوى 11/ 30 من اليوم بوجه قريب من الدقة)، وهو الفرق الذى تزيد به السنة القمرية الفلكية عن الأيام التى تشتمل عليها الشهور، فقد روعى من طريق إضافة 11 يوما كل ثلاثين سنة قمرية (وتلك هى أيام الكبس). وأكثر الطرق انتشارًا فى كبس السنين فى البلاد الإسلامية هى الطريقة التى تعتبر السنين الثانية والخامسة والسابعة والعاشرة والثالثة عشرة والسادسة عشرة والثامنة عشرة والواحدة والعشرين والرابعة والعشرين والسادسة والعشرين والتاسعة والعشرين، من كل فترة طولها ثلاثون سنة، سنين كبيسة، أما الكبس نفسه فهو دائمًا فى شهر ذى الحجة بحيث يكون فى السنين العادية

(1)[يشير المؤلف إلى آية: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. ومن المفسرين من يعتبر الضمير فى كلمة قدره عائدًا على كل واحد من الكوكبين. على أن القمر نظرا لتغير وجوهه أدل على حساب الزمان -المترجم].

ص: 5287

29 يومًا وفى السنين الكبيسة 30 يومًا (وفيما يتعلق بمدد أخرى يكون فيها الكبس، خصوصا الكبس كل ثمانى سنين عند الترك؛ راجع كتاب Ginzel: Chronolgie جـ 1، ص 255).

أما اليوم بليلته (وهو المقابل: فى اليونانية) فكان فى أيام الجاهلية يحسب من مغيب الشمس، ويرجع هذا النوع من حساب اليوم، كما يؤكد الفرغانى، إلى أن أول يوم فى الشهر يعرف برؤية الهلال، والهلال يرى دائمًا عند مغيب الشمس. فأما تقسيم اليوم بليلته () إلى أربع وعشرين ساعة فهو يرجع على كل حال إلى التأريخ اليونانى. وفى حساب الزمن عند الناس لا تستعمل إلا "الساعات الزمانية"(انظر ما تقدم)، أما الفلكيون فهم يحسبون الزمان بحسب ساعات الاعتدال، غير أنهم ينصون دائمًا على أنها ساعات الاعتدال.

وقد حلت فى الإسلام محل أسماء أيام الأسبوع القديمة أسماء مشتقة من مجرد الترتيب العددى مع تغيير فى صورة التسمية، وذلك فيما يتعلق بالأيام التى بين الأحد والخميس، ويوم الجمعة عندنا صار يوم اجتماع المسلمين وسمى باسم مشتق من ذلك، ويوم السبت عندنا يسمى عند العرب باسم شبيه بالاسم العبرى بحيث تكون الأيام على ترتيبها هى: يوم الأحد (الموافق ليوم الأحد عندنا)، يوم الاثنين، يوم الثلاثاء، يوم الأربعاء، يوم الخميس، يوم الجمعة، يوم السبت. وعند ذكر الأيام، يجب أن يراعى، نظرًا للسبب المتقدم، أن يوم الأحد يبتدئ فى مساء يوم السبت عندنا، وأن يوم الإثنين يبتدئ من مساء يوم الأحد عندنا، وهكذا، بحيث لا تتفق الأيام العربية مع أيامنا اتفاقًا تامًا.

وبداية حساب السنين فى التاريخ الإسلامى هى أول المحرم من السنة التى هاجر فيها النبى عليه الصلاة والسلام من مكة إلى يثرب (ولا يتخذ يوم الهجرة نفسه ولا يوم وصول النبى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وهو على التدقيق يوم الخميس 8 ربيع الأول الموافق 30 سبتمبر سنة 622، عند معظم المؤرخين، مبدأ للتأريخ).

ص: 5288

ويوم الهجرة. هو يوم 15 يولية سنة 622 م ويسمى تاريخ الهجرة (وهو طبقا للحساب اليوليانى للأيام اليوم الـ 1948439). أما جعل عام الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامى فلم يحدث إلا فى أيام الخليفة عمر بن الخطاب.

وإلى جانب التأريخ بعام الهجرة كانت تستعمل التآريخ الأجنبية على ما بينها من تنوع، وأحقها بالذكر هنا التأريخ الإسكندرى (وهو المسمى تاريخ القبط أو تأريخ الشهداء)، وذلك فى صورة الحساب طبقا لشهور القبط التى استعملت قبل غيرها على كل حال. وهذا الحساب للتاريخ حساب شمسى، خلافًا للحساب الإسلامى، فطول السنة، كما هو الحال فى اليوليانية، يبلغ 365 يوما، وهى اثنا عشر شهرًا لا ترتبط بأحوال القمر، وكل منها ثلاثون يوما، ويزاد فى آخر الشهر الخامس منها خمسة أيام، وفى السنين الكبيسة ستة أيام، وذلك على سبيل الإكمال والكبس. وقد استعملت أسماء الشهور المصرية مع شئ من التحوير فى صورتها، وهى بحسب حكاية البتانى (جـ 3، ص 100 من كتابه): توت (ويسمى (. . .) عند المؤرخين اليونان)، بابه (. . .)، أتور (. . .) كيهك (. . .) طوبة (. . .) أمشير (. . .)، برمهات (. . .) برموده (. . .)، بشنس (. . .) بؤونه (. . .) أبيب (. . .) مسرى (. . .) وكانت الأيام الخمسة أو الستة التى تزاد فى الشهر تسمى كما عند القبط (الشهر الصغير)، وسنو التأريخ القبطى تحسب فى العادة من سنة 284 م، وهى السنة التى اعتلى فيها الإمبراطور دقلديانوس العرش، أما بحسب حكاية البتانى فهى تبدأ من يوم الجمعة 29 أغسطس سنة 25 ق. م (ويذكر نللينو تفسيرا لذلك: جـ 1، ص 244)، وهناك تأريخ آخر كثيرًا ما استعمل وهو التاريخ السلوقى. ويسمى عند العرب تاريخ الروم أو تاريخ الإسكندر أو، وهو الغالب، تاريخ ذى القرنين، وهو يحسب من يوم الإثنين أول أكتوبر (وعند البتانى من يوم السبت أول سبتمبر) سنة 312 ق. م. وهو يستعمل السنة اليوليانية كما يستعمل طريقة الكبس اليوليانية، ويستعمل أسماء الشهور السريانية - العربية؛ وهى المسماة شهور الروم،

ص: 5289

وذلك لأن كل شهر من هذه الشهور له نظير فى الشهور الرومية، وشهوره على الترتيب الآتى:

تشرين الأول. . . أكتوبر. . . 31 يوما

تشرين الثانى. . . نوفمبر. . . 30 يوما

كانون الأول. . . ديسمبر. . . 31 يوما

كانون الثانى. . .يناير. . . 31 يوما

شباط. . . فبراير. . . 28 أو 29 يوما

آذار. . . مارس. . . 31 يوما

نيسان. . .أبريل. . . 30 يوما

أيار. . . مايو. . . 31 يوما

حزيران. . . يونية. . . 30 يوما

تموز. . .يولية. . . 31 يوما

آب. . .أغسطس. . . 31 يوما

أيلول. . .سبتمبر. . . 30 يوما

وأسماء الشهور هذه تستعمل أيضا فى حساب السنة عند نصارى الشام. وفيما يتعلق بتآريخ أخرى راجع كتاب البتانى، الفصل الثانى والثلاثين، وشروح نللينو على ذلك، جـ 1، ص 242 والصفحات التالية.

وكانت السنة الخراجية العربية فى مصر، وهى السنة التى استحدثها العرب بعد فتحهم لمصر وظلت معمولا بها أزمنة طويلة، سنة شمسية، وكانت بدايتها مع بداية السنة الشمسية المصرية، ولكن كانت السنون تحسب من عام الهجرة، فنشأت عن ذلك فروق بين عدد سنى الهجرة وعدد سنى الخراج، وكثيرًا ما لوحظ أن هذه الفروق كانت سببا فى وقوع الاضطراب عند تأريخ الحوادث. وفى مصر نفسها كانت هذه السنة تستعمل أيضا عند عامة الناس (ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب Ginzel جـ 1، ص 264 - 265).

أما السنة المالية التركية التى كانت هى السنة الرسمية وكانت تستعمل إلى جانبها السنة الهجرية فى أكثر الأحيان فى الأغراض الدينية، فهى من حيث صورتها -بصرف النظر عن أولها- توافق السنة اليوليانية، وأسماء شهورها هى بعينها أسماء الشهور السريانية - العربية التى تقدم ذكرها، مع فروق طفيفة. وهذه السنة المالية التركية تبدأ فى أول مارس، ويقع الكبس فى التاسع والعشرين فى شهر فبراير، وهو أيضا آخر يوم فى السنة. وعلى ذلك فإن سنى الكبس تكون دائمًا

ص: 5290