الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
117، 119، 131، 158 وما بعدها، 181، 189، 204، وما بعدها 227
(2)
كمال الدين: تاريخ حلب: Histoire d'Alep، ترجمة بلوشيه، Blochet، فى مواضع مختلفة
(3)
Geschichte der Chalifen: Weil، جـ 3، ص 402، 406، 433 - 435
(4)
Geschichte des Kongreichs Jerusalem: Rohricht، انظر الفهرس، وانظر أيضًا مادة "حلب"
خورشيد [تسترشتين K.V.Zettersteen]
الظاهرية
مذهب فى الفقه إنما يأخذ الشريعة بظاهر لفظ القرآن والسنة، وهو بعدُ يزيد من حيث فروع الفقه فى عدد القواعد المفصلة المتباينة بالإتيان بعدة خلافات تختص به وحده. وأهم من هذا أثره فى أصول الفقه، فقد توسع كثيرًا، فى تنميتها وتوضيحها بإنكاره المتشدد للرأى، والقياس، والاستصحاب، والاستحسان، والتقليد. وفى العراق أصبح المذهب الظاهرى الذى يقال له أيضًا الداودى نسبة إلى منشئة داود، مذهبا منتظما له أصوله وقواعده. وقد امتد سلطان هذا المذهب إلى فارس وخراسان، أما فى الأندلس فقد ظل محصور، فى ابن حزم يكاد يقتصر عليه وحده. وإنما حدث فى عهد يعقوب المنصور الموحدى (580 - 594 هـ = 1184 - 1199 م) أن غدا المذهب الظاهرى هو المذهب الذى أخذت به الدولة. ومع ذلك فقد بقى فى كل وقت أناس ميولهم ظاهرية، ولكنهم لم ينتظموا فى مذهب أو يكونوا مذهبًا جديرا بهذا الاسم، وظلت الحال على ذلك حتى بعد أن عجز المذهب الظاهرى عن أن يحل المسائل التى لم تنشأ فى محيط النبى عليه الصلاة والسلام أو فى محيط رواة السنة الأولين، بالرغم من جميع المسائل التى اضطر فيها هذا المذهب إلى التسليم بأحكام المذاهب الأخرى المنافسة له. وقد سجل التاريخ فى عهد متأخر يرجع إلى سنة 788 هـ (1386 م) قيام فتنة ظاهرية فى الشام حيث لم يكن للمذهب وجود، كما نجد فى مصر أن المقريزى يكتب بروح ظاهرية. ويمكن أن يأخذ بالظاهرية،
وخاصة من حيث النظر، أولئك الذين لم يحتكوا بالأمور الصغيرة التى تجرى فى الحياة اليومية، ولم يرضوا أن يتبعوا مذهبا بعينه كراهية منهم لتوسع المذاهب فى التخريج وما يقوم بينها من تنازع، ومن ثم فليس بعجيب أن يقوم صوفى هو الشعرانى بحفظ كثير من أحكام مذهب الظاهرية. صحيح أن مفسرى القرآن، وخاصة فخر الدين الرازى، وشراح مجموعات الحديث، يوردون التفاسير الظاهرية الخاصة، إلا أن الفقهاء المتأخرين لم يعودوا يأخذون أحكام منافسيهم السابقين من الظاهرية مأخذ الجد، وكفوا عن ذكرها فيما بقى لنا من كتب خاصة فى اختلاف الفقه. على أن الشعرانى فى كتابه الميزان (ص 44) يضع فى عين الشريعة المطهرة داود بين ابن جنبل وسفيان بن عيينة (1)، ووضعه فى طرق مذاهب الأئمة المجتهدين إلى أبواب الجنة. . بين ابن جنبل وأبى الليث بن سعد. وليس بين أيدينا مخطوطات فى فقه الظاهرية، لذلك نورد من الكتاب الأول للشعرانى شواهد من السمات المتميزة لهذا المذهب فى باب الطهارة:
ص 98، س 12: استعمال أوانى الذهب والفضة فى الأكل والشرب حرام. وقد ذكر النووى فى شرحه لصحيح مسلم (القاهرة 1284 هـ. جـ 4، ص 416) وأبو الفداء فى تاريخه (طبعة Reiske، جـ 2، ص 262) أن الظاهرية أخذوا بالحديث الخاص بذلك والذى اقتصر على ذكر الشرب، فجوّزوا الأكل فى هذه الأوانى.
ص 98، س 23: استعمال السواك واجب، وزاد إسحق بن راهوية شيخ داود أن من تركه عامدًا بطلت صلاته.
ص 99، س 12 وما بعده؛ جـ 2، ص 163، س 15: قال داود بطهارة الخمر مع تحريمها.
ص 103، س 17، ص 107، س 15: قال داود بجواز مس المصحف على المحدث.
(1) وضع داود فى العين المطهرة التى أوردها الشعرانى فى كتابه الميزان (طبعة المطبعة الحسينية المصرية، سنة 1929 هـ) بين مذهب الإمام الليثى ومذهب الإمام أبى حنيفة.
ص 105، س 23: إن لمس الأجنبية حتى لو كانت بنتا ساعة ولادتها ينقض الطهارة ويوجب الوضوء.
ص 107، س 26: لم يرد حكم باستقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة، ولذلك أجازهما داود.
ص 108 س 17؛ ص 113، س 10: فى قول عبيد اللَّه النخعى (وهو قاض ظاهرى فى خراسان توفى سنة 376 هـ = 986 م) أنه لا يصلى بوضوء واحد أكثر من خمسة صلوات، وقال عبيد اللَّه بن عمير: لا يصلى بوضوء واحد غير فريضة واحدة.
ص 109، س 24: إن التسمية فى الوضوء ليست مستحبة بل واجبة.
ص 109، س 33: إن غسل اليدين قبل الطهارة واجب فى قول بعض الظاهرية تعبدًا لا لنجاسة.
ص 110، س 30: إن المرفقين لا يدخلان فى وجوب غسل اليدين (على أن زفر بن الهذيل المتوفى سنة 158 هـ الموافقة 774 م والذى كان وثيق الصلة بأبى حنيفة قد قال بذلك أيضًا).
ص 113، س 20: إن الغسل لا يجب إلا بإنزال المنى.
ص 114، س 21: إن المرأة إذا أجنبت ثم حاضت يجب عليها غسلان.
ص 114، س 21؛ ص 122، س 22: يجوز للجنب، حتى المرأة وهى حائض، قراءة القرآن كله كيف شاء.
ص 115، س 11: إن التيمم يرفع الحديث.
ص 120، س 23: يجوز المسح على الخف المخرَّق بكل حال.
ص 122، س 8: إذا غسلت المرأة فرجها بعد الحيض جاز وطؤها (وهذا قول الأوزاعى أيضًا):
ولا يمكن أن نقول فى الظاهرية على وجه الإجمال، كما يتبين من هذه الشواهد، أن هذا المذهب متخفف أو متشدد، فقد وصفه الشعرانى حينا بأنه أخف المذاهب جميعًا، ووصفه حينا بأنه أشدها قاطبة. ولم يستطع هذا المذهب أن يلج الميدان الذى وجد فيه كثير من الفقهاء بغيتهم الأولى رغبة منهم فى
التخفيف. ذلك أنه على سبيل المثال قد أصر على الأخذ بظاهر اللفظ فيما ورد بآيات القرآن وعبارات الحديث خاصًا بالكفار إلى حد التشدد الذى لا يعرف هوادة ولا سماحة.
ثم إن الظاهرية لم يستطع -من حيث العمل- تطبيقها تطبيقًا منهجيًا، لأنها حرمت البحث العقلى فى أى حكم ولم تسمح بأن يمتد الحكم بالقياس إلى حالة مماثلة، أو أن ينتقل الحكم من الخاص إلى العام، وأنكرت إنكار، مطلقًا تخفيف الكلمات الواردة فى مصادر الشريعة على ضوء نظائرها التى استعملها الشعراء الوثنيون، وأرادت أن تقيم الفقه الصحيح للحديث بالاستعانة بنصوص خاصة من فقه اللغة الإسلامى. وقد بدا لها أن مذهب مالك يقوم على الرأى مثله مثل مذهب أبى حنيفة، ورأت أن الشافعى، الذى خرجت هى منه، إنما نظم قواعد الرأى ولم يبطله، وأن الإجماع لا يمكن أن يقال فيه إلا أنه إجماع الصحابة الأولين وحسب. وهى لم تفطن إلى مراتب النواهى والأوامر. فالأوامر التى فسرتها المذاهب الأخرى فى بعض الأحيان بأنها مجرد رخصة أو أمر مستحب أو نهى بسيط نجدها عند الظاهرية إما واجبة وجوبًا مطلقًا أو محرمة تحريمًا مطلقًا. وكان من الطبيعى أن تأخذ بحشد من الأحاديث كما أنه قد وجه إليها النقد بأنها لم تكن تعنى بتمحيص ما تأخذ العناية الدقيقة. على أنها لم تر بدا من نقد الحديث منكرة كثيرًا من الأحاديث المناصرة للرأى التى كانت تلقى القبول، ومنكرة الأحاديث المشهورة التى تقول إن الاختلاف رحمة، ذلك أنها رأت فى هذه الأحاديث أثر، سيئ للأساليب الشخصية التى كانت متبعة، وكانت ترى فى نفسها حيال ذلك أنها النصير للوحدة التى افتقر إليها الإسلام فى عهده الأول. ولم تبلغ الظاهرية فى الشريعة الوحدة على الرغم من الجهود التى بذلها ابن حزم. وهذا المذهب يلتزم على العموم موقف الحيدة التى تقوم على الحرص ثم الترفع عن المنازعات الشرعية، وهو يسلم بالأقوال التى وصف بها اللَّه من غير تفسير تمشيًا مع احترامه لظاهر اللفظ فى القرآن والسنة.