الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ظل الحكم على سلوك طلحة (وكذلك سلوك الزبير وعائشة) دائما مسألة دقيقة فى نظر المسلمين من أهل السنة. ذلك أنهم بتّوا فيها على هدى من روح التوفيق التى أثرت عنهم، فقالوا إن طلحة وحلفاءه قد أخطئوا بحسن نية وأن أفضالهم السابقة كافية لمحو أخطائهم. وقد ذهب كثير من الروايات إلى أن طلحة نفسه قد ندم قبل موته وأن عليا من جهته قد أعلن أنه رضى عن خصمه. وإنما غلاة الشيعة هم الذين لم يرجعوا عن "لعنة الناكثين".
المصادر:
(1)
ابن سعد: الطبقات، جـ 3/ 1، ص 152 - 161 والمراجع الأخرى عن سير الصحابة.
(2)
وقد جمع كايتانى annali dell'Islam: Caerani، جـ 9، ص 380 - 399، وفهارس المجلدات 1 - 2، 3 - 5، و 8، 9، السنوات 35، 36 هـ.
(3)
انظر أيضا: Privista clegli Studi Orientali: Vida G. Lev Della جـ 6، ص 434 - 449 (عن الفتنة ضد على).
خورشيد [ليفى دلافيدا G.Levi della Vida].
طليحة
ابن خويلد بن نوفل الأسدى الفقعدى: شيخ من شيوخ القبائل الذين تزعموا حركة الردة مدعين النبوة.
كان طليحة وأخوه سلمة على رأس بنى أسد فى السنة الرابعة للهجرة، وقد نزلت به الهزيمة على يد المسلمين فى حملة قَطَن، واشترك فى حصار المدينة فى السنة التالية. وفى بواكير سنة 9 هـ وفد طلحة إلى المدينة واحدا من عشرة رجال من بنى أسد كانوا يمثلون على الأرجح فريقا فحسب من هذه القبيلة، وأعلنوا الولاء للنبى عليه الصلاة والسلام. ويقال إن الآيات من 13 إلى 16 من سورة الحجرات قد نزلت فى تأنيب هؤلاء على غطرستهم، على أن ثمة رواية تقول إن طليحة وحده هو الذى دخل فى الإسلام وهى تفرق بذلك بين الخضوع السياسى للإسلام والإيمان به، ذلك أن طليحة دون سواه هو الذى يعد أنه أسلم، وإنما مرد ذلك إلى أن الردة كانت فى نظر المسلمين كفرا. وربما كانت هذه القصة بأكملها قد وضعت لتناظر قصة زيارة مسيلمة للمدينة.
وافتتن طليحة سنة 10 للهجرة؛ وركز قواته فى سميراء وادعى النبوة ويقال إنه قدم شروطه للنبى عليه الصلاة والسلام، فأنفذ إليه النبى ضرار بن الأزور ليكبح جماحه. ولم يعقب ذلك أى قتال ذى شأن حتى وفاة النبى (صلى الله عليه وسلم)، وهنالك نجح طليحة فى الحصول على تأييد بنى فزارة وفريق هام من طئ، وانحاز إلى الفتنة التى نشبت فى وسط جزيرة العرب وأنفذ جيشا ليخوض معركة ذى القَصّة.
وفى الحادى والعشرين من رجب سنة 11 هـ سار خالد بن الوليد إلى طليحة، وأقنع بالتهديد معظم بنى طئ بالانضمام إليه. ودارت المعركة فى بزاخة، وكانت هزيمة طليحة راجعة إلى نكوص عيينة بن حصن زعيم بنى فزارة، إذ يقال إنه تولاه اليأس عندما عجز عن أن يجد وحيا يشجعه على المضى فى القتال. وفر طليحة هو وزوجته، وأبى كثيرون من أتباعه أن يسلموا، فحرقوا أحياء، وسعت أمه إلى النيران لتزهق روحها.
وعاش طليحة بعد وقعة بزاخة مدة من الزمن يغمره النسيان بالقرب من الطائف أو فى الشام. وأسلم أخيرًا بعد أن أسلمت أسد وغطفان وعامر. ومر طليحة بالمدينة بعد حين لأداء العمرة ففزع الناس إلى أبى بكر مستنكرين وجوده ولكن أبا بكر أدركته الرحمة به وأبى أن يؤذى رجلا قد أسلم. ولما بويع عمر بالخلافة شخص إليه طليحة ليعلن له ولاءه، وعنفه الخليفة على قتل عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم فى وقعة بزاخة، وسأله عما بقى من كهانته، فقال طليحة فى تواضع:"نفخة أو نفختان".
أما حياته الحربية بعد ذلك فكانت طويلة مشرقة، فقد أبلى بلاء حسنا فى القادسية على رأس قبيلته، وقاد مشاة المسلمين فى جالولاء؛ وينسب الفضل فى انتصار المسلمين فى وقعة نهاوند إلى خطة الهجوم التى رسمها؛ وهناك رواية غالبة تقول إنه قتل فى هذه الوقعة (21 هـ) ولكننا نجد له ذكرا سنة 24 هـ فقد روى أنه كان واحدًا