الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عائشة بنت أبى بكر
(*)
زوجة النبى [صلى الله عليه وسلم] الثالثة وأحب زوجاته إليه، ولدت بمكة حوالى سنة 614 م، وأمها، "أم رومان" تنتمى إلى قبيلة كنانة. وقد كنّى محمد [صلى الله عليه وسلم] عائشة بأم عبد اللَّه نسبة إلى ابن أختها عبد اللَّه بن الزبير.
وقصة زواجها بمحمد [صلى الله عليه وسلم] هى أن خولة بنت حكيم، التى كانت فيما يبدو تساعد محمدًا [صلى الله عليه وسلم] فى تدبير أمور بيته، أوحت بهذه الفكرة. فقد حدث بعد وفاة خديجة بحين أن اقترحت خولة على النبى [صلى الله عليه وسلم] أن تزوج عائشة ابنة صاحبه الأكبر أبى بكر، وكانت تبلغ من العمر إذ ذاك ست سنوات؛ أو سودة بنت زمعة، وكانت أرملة فى الثلاثين من عمرها تقريبًا هاجرت مع نفر من المسلمين إلى الحبشة وتوفى زوجها هناك. ويقال إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] سألها أن تدبر له زواج الاثنتين. وقد كان من المتفق عليه من قبل أن تتزوج عائشة جبير بن مطعم الذى كان أبوه على صلة من الود بالمسلمين على الرغم من بقائه على الوثنية. على أن الإجماع قد انعقد على التخلى عن هذه الفكرة، وخطبت عائشة للنبى [صلى الله عليه وسلم]. . . وقد أدى زواجه بعائشة إلى تقوية أواصر الصلة التى ربطت بينه وبين صاحبه الأكبر أبى بكر. ولم يتم زواج محمد [صلى الله عليه وسلم] بعائشة إلا بعد الهجرة (فى شوال، فى اليوم الأول أو الثانى من أبريل سنة 623 أو 624 م). وانتقلت عائشة إلى جناح فى بيت محمد [صلى الله عليه وسلم] الذى أصبح
(*) توجد تعليقات تلى هذه المادة على ما جاء بها من آراء.
من بعد مسجد المدينة. ولا يمكن أن يكون عمر عائشة فى ذلك الوقت أكثر من عشر سنوات، وقد حملت معها لعبها إلى سكنها الجديد. وكان محمد [صلى الله عليه وسلم] يشاركها ألعابها فى بعض الأحيان. وكانت عائشة فيما يظهر فائقة الجمال طفلة وشابة، وظلت أحب زوجات النبى [صلى الله عليه وسلم] إليه حتى بعد بنائه بعدة نساء أخريات جميلات. على أن مركز عائشة بوصفها الزوجة الأولى فى المرتبة كان يرجع من بعض النواحى إلى مكانة أبيها فى المجتمع.
وقد قامت أزمة حادة نجمت عن الحادث الذى وقع أثناء عودة النبى [صلى الله عليه وسلم] من غزوته لبنى المصطلق فى الشهر الخامس من سنة 627 م والتى صحبته فيها عائشة. ذلك أن عائشة خرجت عندما حطّت القافلة رحالها فى وقفتها الأخيرة قبل المدينة. لقضاء حاجة فأبعدت قليلا عن المعسكر، وسقط منها عقد فتلبثت بعض الوقت تفتِّش عنه. وكانت عائشة خفيفة الوزن حتى أن الرجال الذين كانوا يحملون هودجها إلى الجمل لم يحسوا بغيبتها، ومضت القافلة جميعًا فى طريقها قبل أن تعود إلى المعسكر. وجلست عائشة تنتظر حتى عثر عليها آخر الأمر صفوان بن المعطل السلمى، فعاد بها فى حراسته إلى المدينة، وكان ذلك (فى رأى البعض) زلة كبيرة فى الظروف التى كانت سائدة آنذاك، وخاصة أن الحجاب كان قد فرض على زوجات النبى [صلى الله عليه وسلم]. وكثر القيل والقال وجسم الأمر، ولم يكن ذلك بفعل الأعداء الشخصيين لعائشة وأسرتها فحسب، بل بفعل عبد اللَّه بن أبىّ زعيم المنافقين أيضًا. ذلك أن هذا الرجل كان قد أعلن خلال الغزوة عن سخطه على ازدياد سلطان محمد [صلى الله عليه وسلم] وهيبته. واتضح آخر الأمر أنه ما من شاهد قوى ينهض ضد عائشة، ونزل الوحى على النبى [صلى الله عليه وسلم](سورة النور، الآية 11 وما بعدها) متضمنًا براءة عائشة ولوم أولئك الذين تقولوا عليها، وباء عبد اللَّه بن أبىّ بالخزى أمام الناس.
وقد بقى لنا عدد من الروايات عن عائشة ترجع إلى السنوات المتأخرة من حياة النبى [صلى الله عليه وسلم]، وهى تصوره [بعد زواجهما] فى صورة المحب الصادق لها وتظهرها بمظهر المتعلقة به كل التعلق. على أن هذه الروايات لا تبرر الرأى الذى ذهب إليه لامنس (Le Triunrvirat M.F.O.B، Abou Bakretc: Lammens، جـ 4) بقوله: ومع ذلك فقد كان بين زوجات النبى [صلى الله عليه وسلم] فيما يبدو حزبان، أحدهما تقوده عائشة وحفصة بنت عمر، وينتصر لسياسة أبويهما، والآخر تقوده أم سلمة من قبيلة مخزوم المكية. والراجح أن التنافس بين هذين الحزبين لم يكن له فى السياسة إلا أثر ضئيل. ولما أحس النبى [صلى الله عليه وسلم] بدنو أجله سأل زوجاته أن يتفقن على أن يأوى إلى حجرة عائشة ويخلد إليها. وراحت عائشة ترعاه فى أيام مرضه القليلة، ثم دفن فى أرض حجرتها، وكذلك دفن فيها أبو بكر وعمر.
ولما زاد سلطان محمد [صلى الله عليه وسلم] زادت حياة زوجاته يسرًا وارتفعت مكانتهن فى المجتمع ولقبن بأمهات المؤمنين (سورة الأحزاب، الآية 5)(1)، وحرم عليهن الزواج بعد النبى [صلى الله عليه وسلم](سورة الأحزاب، الآية 53). وهكذا ترك النبى [صلى الله عليه وسلم] عائشة أرملة لا عقب لها وقد بلغت من العمر حوالى ثمانية عشر عامًا، وظل أبوها يلى الخلافة سنتين، ثم وليها عمر عشر سنين. وكانت تربط عائشة بعمر علاقات ودية طيبة، وإن كانت لم تشارك على ما يبدو فى الشئون العامة على أنها شاركت بنصيب بارز فى المعارضة التى قامت فى وجه الخليفة الثالث عثمان، ولو أنها لم تكن على اتفاق مع جماعة المتمردين المسئولين عن مقتله ولا مع حزب علىّ. وقد أعلنت صراحة معارضتها لمقتل عثمان، ومع ذلك فإنها تركت المدينة إلى مكة قاصدة الحج. وقد رويت عدة بواعث لخروجها من الدينة إلى مكة فى هذه الأزمة. ولعل أهمها هو رغبتها فى أن تساعد فى مكة على تنظيم جماعة القوم الذين كانوا يرون رأيها.
كان عثمان قد قُتل فى ذى الحجة
(1) رقمها الآية 6 فى المصحف الشريف طبعة الأزهر.