الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العربية (ص 439) عندما ذكر أن الأطوفة المستحدثة "ثلاثة: التحية والقدوم والوداع، وأنها ليست أركانا يبطل الحج بتركها" وقد أخطأ فيما ذهب إليه من القول بالاستحداث، وفى حصر الأطوفة ومشروعية كل منها.
5 -
أما قول الكاتب بأن مناسك الحج لم "توضع" إلا فى أواخر حياة النبى عليه الصلاة والسلام، فغير ذلك يدعو إلى العجب: ذلك لأن الرسول [صلى الله عليه وسلم] لم يدخل مكة معتمرًا إلا فى عمرة القضاء فى العام السابع من الهجرة ثم أدى حجة الوداع فى السنة العاشرة من الهجرة، ومات بعدها بقليل. ولم يكن من المعقول أن يكلف بالمناسك من لا يستطيعون دخول مكة، أو من لا يؤمنون قبل الفتح أو صلح الحديبية.
6 -
ثم إن القول بإمكانية إحلال صخرة بيت المقدس محل المسجد الحرام فى أداء فريضة الحج أو الطواف بغير المسجد الحرام قول لا يستند إلى أساس من علم ويتعارض معارضة صريحة مع محكم القرآن ومتواتر السنة وإجماع الأمة الإسلامية، ولقد نهى النبى [صلى الله عليه وسلم] فى حديث ابن عباس عما دون الطواف كإيقاد السرج على القبور واتخاذها مساجد. وأمام النصوص الصريحة لا يحتاج البحث إلى أقوال "طريفة" عن البدو وطوافهم حول قبور الأسلاف وابن عباس.
د. عبد العزيز كامل
طوبال
عثمان باشا: محافظ عثمانى للبوسنة، اسمه شريف، ولكنه عرف عادة بطوبال عثمان باشا لعرج أصابه من رصاصة. وقد خرج طوبال من أرباض إزمير حيث ولد سنة 1219 هـ (وتبدأ هذه السنة فى 12 أبريل سنة 1804) لأب فلاح يدعى حاجى شريف أغا، والتحق طوبال أول ما التحق بخدمة الأسطول، وفى سنة 1839 سلم (بوصفه أميرًا للبحر) هو وقيودان باشا أحمد فوزى باشا الأسطول العثمانى فى الدردنيل لمحمد على باشا والى مصر عندما سمعا أن خسرو باشا قد عين صدرًا أعظم. وظل طوبال ملتجئا إلى مصر عدة سنوات بعد إبرام الصلح حيث حظى بعطف الخديو، ولما
صدر أمر بتأمين اللاجئين فى سنة 1258 هـ (وتبدأ هذه السنة فى 12 فبراير سنة 1842) عاد طوبال إلى إستانبول والتحق بالخدمة المدنية، فأصبح "قائمقام" إزمير، ثم "متصرف" قره سى وفى ذى القعدة من عام 1265 (سبتمبر سنة 1849) عين متصرفًا لبيغه فمتصرفًا لقبرص سنة 1271 هـ (تبدأ 24 سبتمبر سنة 1854) وفى سنة 1273 هـ) تبدأ أول سبتمبر سنة 1856) شخص إلى بلغراد محافظًا لها، ومنها ذهب فى الحادى عشر من رجب سنة 1277 (23 يناير سنة 1861) إلى سراييفو محافظًا للبوسنة والهرسك. ويمكن أن نصف ولايته هذه بأنها العصر الذهبى لتاريخ البوسنة فى عهد العثمانيين. وظل طوبال شاغلا لهذا المنصب تسع سنوات، وهى فترة لم يقضها من قبله أو من بعده محافظ إلا خسرو باشا؛ وصرف جل همه فى سلب نفوذ البكوات الأقوياء، فدعم بذلك سلطان الحكومة العثمانية، وكان سبيله إلى ذلك إقامة الأعيان البوسنويين فى المناصب العامة، فلم يلبثوا أن فقدوا جاههم الموروث ونفوذهم بين الناس، كما رفع من مركز الطبقة الوسطى، وخاصة أرباب الحرف وصغار التجار، واستغلهم فى مناهضة الأعيان. وسرعان ما اكتسب حب الأهلين بوصفه حامى العامة، وكادت "أيام الباشا العثمانى المجيدة" تذهب فى البوسنة مذهب الأمثال. وقد وجه طوبال عناية خاصة إلى الشباب فى المدارس فارتقت هذه المدارس فى عهد إدارته إلى درجة لم يكن يحلم بها أحد. وأقام طوبال فى سراييفو غرفة للمطالعة (قراءت خانة) ومدرسة عليا (رشدية) ومدرسة فنية لتدريب الموظفين (مكتب حقوق) علاوة على ما أقامه من مدارس عامة. وكان الهدف من إقامة هذه المنشآت صبغ أهل البوسنة بالصبغة الإستانبولية، أى تربيتهم تربية تجعلهم مواطنين عثمانيين مخلصين. ولم يكتف عثمان باشا بذلك بل لقد مد يد المعونة أيضًا للمؤسسات التربوية الخاصة بغير المسلمين وساعدها بمختلف السبل؛ وأمد مسجد غازى خسرو بمكتبة جليلة (حوالى ألفى مخطوط وكتاب). ومن
أعظم خدماته إقامته مطبعة للولاية أصبحت تطبع فيها الكتب المدرسية علاوة على التقويم الرسمى (سالنامه بوسنه) والمجلتين الأسبوعيتين: بوسنه (وهى جريدة رسمية) وكلشن سراى (باللغة التركية، والصربية أيضًا بعنوان Sarajeviski cvjentnik). وقد سعى عثمان باشا منذ سنة 1863 إلى تنظيم العلاقات بين ملاك الأرض ورقيق الأرض الذين كانوا فى معظم الأحوال من النصارى ويسمون الـ"كمت" وحقق لهم بعض الحماية القانونية التى تدرأ عنهم ظلم ملاك الأرض، فاكتسب بذلك حب الطبقات الدنيا واحترامها. على أن المحاولات التى بذلها لإلغاء العشور يستبدل بها ضريبة مباشرة على الأراضى لم تنجح من جراء معارضة الباب العالى لها. ودأب عثمان باشا على مد الطرق فى ولايته، واستخدم فى ذلك كل ما أتيح له من عمال. ويعود إليه الفضل فى إقامة عدد من الطرق الهامة فى داخل البوسنة، وغيرها من الطرق التى تربطها بالعالم الخارجى (مثل الطريق من ماكلاى إلى دونيا وتوزله وزفورنيك؛ والطريق من كرادشكا وبنالوقه وترافنيك ولفنو فى البوسنة ثم يعبر برولوك إلى دلماشيا؛ والطريق من سراييفو إلى مستار الذى أتمته وزارة الحرب سنة 1864، والطريق الذى مد سنة 1868 من تربنيه إلى راغوسة وغير ذلك).
وقد كان من الطبيعى أن يجاهد عثمان باشا دائمًا فى سبيل تجميل سراييفو التى كانت مقره الرسمى، فأقام فيها بيتًا خلاويًا فخمًا يعرف ببيت جنكيش الخلاوى، وهذا البيت لا يزال قائمًا؛ ودس له أعداؤه الكثيرون فى إستانبول، فصرف عن منصبه فى البوسنة فى رمضان سنة 1285 (تبدأ فى 16 ديسمبر سنة 1868)، ونقل واليًا على لستريا (دونا ولاية سى)، وخلفه المشير صفوت باشا على أن هذا التغيير ألغى فجأة، وعاد عثمان باشا إلى سراييفو وسط حماسة الشعب الصاخبة. ثم إن ولايته الثانية لهذا المنصب لم تدم طويلاء ذلك أن أعداءه فى إستانبول استطاعوا أن يقنعوا السلطان عبد العزيز الذى كانت تجوز عليه الغفلة بأن عثمان باشا قد أقام