الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد وآثار الشجاعة
الشجاعة لها فوائد تعود على الفرد والمجتمع فمنها:
1 -
الشجاعة سبب لانشراح الصدر:
قال ابن القيم: (فإن الشجاع منشرح الصدر واسع البطان متسع القلب والجبان أضيق الناس صدرا وأحصرهم قلبا لا فرحة له ولا سرور ولا لذة له ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي وأما سرور الروح ولذتها ونعيمها وابتهاجها فمحرم على كل جبان كما هو محرم على كل بخيل وعلى كل معرض عن الله سبحانه غافل عن ذكره جاهل به وبأسمائه تعالى وصفاته ودينه متعلق القلب بغيره)(1).
2 -
الشجاعة أصل الفضائل:
فمن يتصف بالشجاعة يتحلى أيضاً بكبر النفس، والنجدة، وعظم الهمة، والثبات، والصبر، والحلم، وعدم الطيش، والشهامة، واحتمال الكد.
3 -
الشجاعة تحمل صاحبها على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق والشيم:
قال ابن القيم: (والشجاعة تحمله على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق والشيم وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته وتحمله على كظم الغيظ والحلم فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنائها ويكبحها بلجامها عن النزغ والبطش كما قال: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد: الذي يملك نفسه عند الغضب وهو حقيقة الشجاعة وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه)(2).
4 -
الرجل الشجاع يحسن الظن بالله:
قال ابن القيم: (والجبن خلق مذموم عند جميع الخلق وأهل الجبن هم أهل سوء الظن بالله وأهل الشجاعة والجود هم أهل حسن الظن بالله كما قال بعض الحكماء في وصيته
عليكم بأهل السخاء والشجاعة فإنهم أهل حسن الظن بالله والشجاعة جنة للرجل من المكاره والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه فهو جند وسلاح يعطيه عدوه ليحاربه به
وقد قالت العرب الشجاعة وقاية والجبن مقتلة وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنهم أن جبنهم ينجيهم من القتل والموت فقال الله تعالى: قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ [الأحزاب: 16]
ولقد أحسن القائل وهو قطري بن الفجاءة الساري:
أقول لها وقد طارت شعاعا
…
من الأبطال ويحك لن تراعي
فإنك لو سألت بقاء يوم
…
على الأجل الذي لك لن تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا
…
فما نيل الخلود بمستطاع
وما ثوب الحياة بثوب عز
…
فيطوي عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كل حي
…
وداعيه لأهل الأرض داعي
ومن لم يعتبط يسام ويهرم
…
وتسلمه المنون إلى انقطاع
وما للمرء خير في حياة
…
إذا ما عد من سقط المتاع) (3).
5 -
لا تتم مصلحة الإمارة والسياسة إلا بالشجاعة:
(1)((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 22).
(2)
((الفروسية)) لابن القيم (ص 491).
(3)
((الفروسية)) لابن القيم (ص 491).
قال ابن تيمية: (لا يتم رعاية الخلق وسياستهم إلا بالجود الذي هو العطاء والنجدة التي هي الشجاعة بل لا يصلح الدين والدنيا إلا بذلك ولهذا كان من لا يقوم بهما سلبه الأمر ونقله إلى غيره كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التوبة: 38 - 39] وقال تعالى: هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38]، وقد قال الله تعالى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] فعلق الأمر بالإنفاق الذي هو السخاء والقتال الذي هو الشجاعة وكذلك قال الله تعالى في غير موضع: وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة: 41])(1).
وقال في موضع آخر: (كما أن عليهم- أي ولاة الأمور - من الشجاعة والسماحة ما ليس على غيرهم لأن مصلحة الإمارة لا تتم إلا بذلك)(2).
وأيضاً من آثار الشجاعة:
6 -
كبر النفس:
وهو الاستهانة باليسير والاقتدار على حمل الكرائه فصاحبه أبدا يؤهل نفسه للأمور العظام مع استخفافه لها.
7 -
النجدة:
وهي ثقة النفس عند المخاوف حتى لا يخامرها جزع.
8 -
عظم الهمة:
وهي فضيلة للنفس تحتمل بها سعادة الجد وضدها حتى الشدائد التي تكون عند الموت.
9 -
الثبات:
وهو فضيلة للنفس تقوى بها على احتمال الآلام ومقاومتها في الأهوال خاصة.
10 -
الحلم:
وهو فضيلة للنفس تكسبها الطمأنينة فلا تكون شغبة ولا يحركها الغضب بسهولة وسرعة.
11 -
السكون:
وهو عدم الطيش فهو إما عند الخصومات وإما في الحروب التي يذب بها عن الحريم أو عن الشريعة. وهو قوة للنفس تقسر حركتها في هذه الأحوال لشدتها.
12 -
الشهامة:
وهي الحرص على الأعمال العظام توقعا للأحدوثة الجميلة.
13 -
احتمال الكد:
وهو قوة للنفس بها تستعمل آلات البدن في الأمور الحسية بالتمرين وحسن العادة) (3).
(1)((السياسة الشرعية)) لابن تيمية (ص 74).
(2)
((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/ 180).
(3)
((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص18) بتصرف.