الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج من صدق الصحابة رضي الله عنهم:
1 -
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
أبو بكر الصديق رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الغار، وقد سمي صديقاً لتصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم قال: لئن قال ذلك لقد صدق قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم إني لأصدقه ما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبا بكر الصديق رضي الله عنه. (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: ((إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت في أول الأمر، وقال أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فما أوذي بعدها)) (2).
2 -
أبو ذر رضي الله عنه صادق اللهجة:
كان أبو ذر رضي الله عنه صادق اللهجة فقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء -لا الأرض ولا السماء- من ذي لهجة أصدق من أبي ذر وهو شبيه عيسى بن مريم)) (3).
3 -
كعب بن مالك رضي الله عنه ينجو بالصدق:
(1) رواه الحاكم (3/ 81)(4458)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (5/ 321)، والآجري في ((الشريعة)) (1030). وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (306): متواتر.
(2)
رواه البخاري (3661) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
(3)
رواه الترمذي (3802)، وابن حبان (16/ 76) (7132) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وقال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (5/ 342): رجاله موثوقون كلهم. وقال الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (6191): حسن غريب.
وإليك قصة كعب بن مالك تبين صدق الصحابة رضي الله عنهم وهذه القصة وقعت في غزوة تبوك، ولنترك الحديث لعبد الله بن كعب بن مالك حتى يروي لنا القصة، فعن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك قال كعب: ((لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنها إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر
…
قال كعب بن مالك فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غدا واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس قلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعال. فجئت أمشي حتى جلست يديه فقال لي: ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك. فقلت بلى إني والله - يا رسول الله - لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك. فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المتخلفون قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي ثم قلت لهم هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا نعم رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت من هما؟ قالوا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لي ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا
…
فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض إلي رجل فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتلقاني الناس فوجا فوجا يهنوني بالتوبة يقولون لتهنك توبة الله عليك قال كعب حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك. قال قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: لا بل من عند الله. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. قلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر فقلت يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما لقيت. فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت. وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ - إلى قوله - وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 117 - 119]. فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن الله قال للذين كذبوا - حين أنزل الوحي - شر ما قال لأحد فقال تبارك وتعالى سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ - إلى قوله – فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [التوبة: 95 - 96])) (1).
4 -
عبد الله بن جحش رضي الله عنه يتمنى بالصدق:
عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص قال حدثني أبي ((أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا نأتي ندعو الله فخلوا في ناحية فدعا سعد قال يا رب إذا لقينا القوم غدا فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده فأقاتله فيك ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه فأمن عبد الله بن جحش ثم قال اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا حرده شديدا بأسه أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد الله فيم جدع أنفك وأذنك فأقول فيك وفي رسولك صلى الله عليه وسلم فتقول صدقت قال سعد بن أبي وقاص يا بني كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي لقد رأيته آخر النهار وأن أذنه وأنفه لمعلقان في خيط)) (2).
(1) رواه البخاري (4418)، ومسلم (2769).
(2)
رواه الحاكم (2/ 86)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (12769)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (3/ 1607). قال الهيثمي في ((المجمع)) (9/ 304): رجاله رجال الصحيح. وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (6/ 285).