الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب الألفة
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الألفة والمحبة، منها مواقف جادة وأفعال تثبت وتقوي الألفة في المجتمع المسلم فمنها:
1 -
التعارف ومعاشرة الناس:
قال صلى الله عليه وسلم: ((الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) (1).
2 -
التواضع:
إن (خفض الْجنَاح ولين الْكَلِمَة وَترك الإغلاظ من أَسبَاب الألفة واجتماع الْكَلِمَة وانتظام الْأَمر وَلِهَذَا قيل من لانت كَلمته وَجَبت محبته وَحسنت أحدوثته وظمئت الْقُلُوب إِلَى لِقَائِه وتنافست فِي مودته)(2).
قال ابن عثيمين: (وظيفة المسلم مع إخوانه، أن يكون هيناً ليناً بالقول وبالفعل؛ لأن هذا مما يوجب المودة والألفة بين الناس، وهذه الألفة والمودة أمرٌ مطلوب للشرع، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ما يوجب العداوة والبغضاء)(3).
3 -
إفشاء السلام:
قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)) (4).
(قال الإمام الرازي: الحكمة في طلب السلام عند التلاقي والمكاتبة دون غيرهما أن تحية السلام طلبت عند ما ذكر لأنها أول أسباب الألفة ولا السلامة التي تضمنها السلام هي أقصى الأماني فتنبسط النفس عند الاطلاع عليه أي بسط وتتفاءل به أحسن فأل)(5).
قال ابن عثيمين: (فهذه الحقوق التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم كلها إذا قام بها الناس بعضهم مع بعض، حصل بذلك الألفة والمودة وزال ما في القلوب والنفوس من الضغائن والأحقاد)(6).
4 -
الكلام اللين:
فالكلام اللين والطيب من الأسباب التي تؤلف بين القلوب، قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا [الإسراء: 53].
5 -
التعفف عن سؤال الناس:
قال صلى الله عليه وسلم: ((وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس)) (7).
(السعي في مصالح الناس وقضاء حاجاتهم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من حفر ماءً لم تشرب منه كبد حري من جن ولا إنس ولا طائر إلا آجره الله يوم القيامة)) (8).
6 -
السعي للإصلاح بين الناس:
قال تعالى: فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ [الأنفال: 1].
7 -
الاهتمام بأمور المسلمين والإحساس بقضاياهم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنون كرجل واحد، إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)) (9).
8 -
زيارة المسلم وعيادته إذا مرض:
(1) رواه البخاري (3336)، ومسلم (2638).
(2)
انظر ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمناوي (1/ 434).
(3)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/ 544).
(4)
رواه الترمذي (2485)، وابن ماجه (1334) من حديث عبدالله بن سلام رضي الله عنه. وصححه الترمذي، وقال الحاكم (3/ 14): صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وصححه البغوي في ((شرح السنة)) (4/ 40).
(5)
((فيض القدير)) للمناوي (1/ 437).
(6)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/ 606).
(7)
رواه ابن ماجه (4102)، والحاكم (4/ 348)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (6/ 193) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه. وضعف إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (4/ 210)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (960)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (922).
(8)
رواه ابن خزيمة (2/ 269)(1292)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 332) من جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وصححه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (271).
(9)
رواه مسلم (2586).
فزيارة المسلم لأخيه المسلم تبعث على الحب والإخاء ولا سيما عند المرض، قال صلى الله عليه وسلم:((من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله، ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا)) (1).
9 -
التهادي:
لا شك أن تقديم الهدية يزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين المهدي والمهدى إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((تهادوا تحابوا)) (2).
وقد حسر الماوردي أسباب الألفة على خمسة أسباب رئيسية: وهي: الدين والنسب والمصاهرة والمودة والبر، قال:
1 -
(فأما الدين: وهو الأول من أسباب الألفة فلأنه يبعث على التناصر، ويمنع من التقاطع والتدابر. وبمثل ذلك وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فروى سفيان عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)) (3).
وهذا وإن كان اجتماعهم في الدين يقتضيه فهو على وجه التحذير من تذكر تراث الجاهلية وإحن الضلالة. فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب أشد تقاطعا وتعاديا، وأكثر اختلافا وتماديا، حتى إن بني الأب الواحد يتفرقون أحزابا فتثير بينهم بالتحزب والافتراق أحقاد الأعداء، وإحن البعداء
…
2 -
وأما النسب: وهو الثاني من أسباب الألفة فلأن تعاطف الأرحام حمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة، ويمنعان من التخاذل والفرقة، أنفة من استعلاء الأباعد على الأقارب، وتوقيا من تسلط الغرباء الأجانب. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إن الرحم إذا تماست تعاطفت)) (4)
…
3 -
وأما المصاهرة: وهي الثالث من أسباب الألفة فلأنها استحداث مواصلة، وتمازج مناسبة، صدرا عن رغبة واختيار، وانعقدا على خير وإيثار، فاجتمع فيها أسباب الألفة ومواد المظاهرة. قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم: 21] يعني بالمودة المحبة، وبالرحمة الحنو والشفقة، وهما من أوكد أسباب الألفة
…
4 -
وأما المؤاخاة بالمودة، وهي الرابع من أسباب الألفة؛ لأنها تكسب بصادق الميل إخلاصا ومصافاة، ويحدث بخلوص المصافاة وفاء ومحاماة. وهذا أعلى مراتب الألفة، ولذلك آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه؛ لتزيد ألفتهم، ويقوى تظافرهم وتناصرهم
…
5 -
وأما البر، وهو الخامس من أسباب الألفة فلأنه يوصل إلى القلوب ألطافا، ويثنيها محبة وانعطافا. ولذلك ندب الله تعالى إلى التعاون به وقرنه بالتقوى له فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2].
لأن في التقوى رضى الله تعالى، وفي البر رضى الناس. ومن جمع بين رضى الله تعالى ورضى الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته. وروى الأعمش عن خيثمة عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها)) (5).
(1) رواه الترمذي (2008)، وابن ماجه (1443) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6387).
(2)
رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (594)، وأبو يعلى (11/ 9)(6148)، والبيهقي (6/ 169) (11726). قال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/ 53): إسناده جيد، وحسن إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/ 1047)، وحسنه محمد جار الله الصعدي في ((النوافح العطرة)) (108)، وقال السفاريني في ((شرح كتاب الشهاب)) (415): إسناده جيد، وقال الرباعي في ((فتح الغفار)) (3/ 1317):[روي] بإسناد حسن، وحسنه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)).
(3)
رواه البخاري (2076) ومسلم (2558) بلفظ آخر.
(4)
((أدب الدنيا والدين)) (1/ 149).
(5)
رواه أبو نعيم في ((الحلية)) (4/ 121). وضعفه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (3580)، وقال الألباني في ((ضعيف الجامع)) (2625): موضوع مرفوعا وموقوفا.