الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب والحث على التعاون
الترغيب والحث على التعاون من القرآن الكريم:
- قال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1 - 3].
وقال السعدي: (والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه)(1).
وقال ابن باز: (فهذه السورة العظيمة القصيرة اشتملت على معان عظيمة من جملتها التواصي بالحق وهو التعاون على البر والتقوى)(2).
- وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2].
قال ابن كثير (يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم)(3).
وقال القرطبي: (وهو أمرٌ لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى، أي ليعن بعضكم بعضًا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافقٌ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الدال على الخير كفاعله)) (4)
…
وقال الماوردي: ندب الله سبحانه إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له، لأن في التقوى رضا الله تعالى، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته) (5).
وقال ابن باز: (والمعنى احذروا مغبة التعاون على الإثم والعدوان وترك التعاون على البر والتقوى ومن العاقبة في ذلك شدة العقاب لمن خالف أمره وارتكب نهيه وتعدى حدوده)(6).
(1)((تيسير الكريم الرحمن في تفسير الكريم المنان)) للسعدي (1/ 934).
(2)
((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)) لابن باز (5/ 87).
(3)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 12).
(4)
رواه الترمذي (2670)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (6/ 184) (2193). من حديث أنس رضي الله عنه. بلفظ:((أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يستحمله فلم يجد عنده ما يتحمله فدله على آخر فحمله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال الدال على الخير كفاعله)). قال الترمذي: غريب من هذا الوجه، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن صحيح. ورواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (3/ 140)، وأبو يعلى في ((المسند)) (7/ 275)(4296)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/ 69). من حديث أنس رضي الله عنه. بلفظ:((الدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان)). قال المنذري: رواه البزار من رواية زياد بن عبد الله النميري وقد وثق وله شواهد، وقال الهيثمي: رواه البزار وفيه زياد النميري وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وابن عدي وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات. ورواه أبو يعلى كذلك، وصححه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1660). والحديث روي من طرق عن أبي مسعود البدري، وابن مسعود، وسهل بن سعد، وبريدة بن الحصيب، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم.
(5)
((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (6/ 46 - 47).
(6)
((محموع فتاوى ومقالات متنوعة)) لابن باز (5/ 93).
- وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5].
قال القرطبي: (وإياك نستعين: أي: نطلب العون والتأييد والتوفيق)(1).
وقال الشنقيطي: (وإياك نستعين: أي: لا نطلب العون إلا منك وحدك ; لأن الأمر كله بيدك وحدك)(2).
- وقوله عز وجل: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103].
قال أبو جعفر الطبري: (يعني بذلك جل ثناؤه: وتعلقوا بأسباب الله جميعًا. يريد بذلك تعالى ذكره: وتمسكوا بدين الله الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم، من الألفة والاجتماع على كلمة الحق، والتسليم لأمر الله)(3).
وقال السعدي: (فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى)(4).
- وقوله: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 29 - 32].
قال مقاتل بن سليمان: (اشدد به أزري: يقول اشدد به ظهري وليكون عونا لي وأشركه في أمري الذي أمرتني به، يتعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعا)(5).
وقال أبو جعفر الطبري: (قو ظهري، وأعني به)(6).
وقال السعدي: (علم عليه الصلاة والسلام أن مدار العبادات كلها والدين على ذكر الله فسأل الله أن يجعل أخاه معه يتساعدان ويتعاونان على البر والتقوى فيكثر منهما ذكر الله من التسبيح والتهليل وغيره من أنواع العبادات)(7).
وقال المراغي: (أي أحكم به قوتي، واجعله شريكي في أمر الرسالة حتى نتعاون على أدائها على الوجه الذي يؤدي إلى أحسن الغايات، ويوصل إلى الغرض على أجمل السبل)(8).
الترغيب والحث على التعاون من السنة النبوية:
- قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)) (9).
قال ابن بطال: (تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدنيا والآخرة مندوب إليه بهذا الحديث)(10).
وقال ابن حجر: (قال ابن بطال: المعاونة في أمور الآخرة، وكذا في الأمور المباحة من الدنيا مندوب إليها)(11).
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: (ظاهره الإخبار ومعناه الأمر، وهو تحريض على التعاون)(12).
- وعن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلمٍ كربةً، فرج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة)) (13).
(1)((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (1/ 145).
(2)
((أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)) للشنقيطي (1/ 7).
(3)
((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (5/ 643).
(4)
((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (ص141).
(5)
((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/ 26).
(6)
((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (16/ 55).
(7)
((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (ص504).
(8)
((تفسير المراغي)) (16/ 107).
(9)
رواه البخاري (481) ومسلم (2585)
(10)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/ 227).
(11)
((فتح الباري)) (10/ 450).
(12)
((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (1/ 405).
(13)
رواه البخاري (2442) ومسلم (2580)
قال ابن بطال في شرح هذا الحديث: (
…
وباقي الحديث حض على التعاون، وحسن التعاشر، والألفة، والستر على المؤمن، وترك التسمع به، والإشهار لذنوبه) (1).
وقال ابن حجر (2) والعيني (3): (وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة).
- وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال:((تأخذ فوق يده)) (4).
قال ابن بطال: (والنصرة عند العرب: الإعانة والتأييد، وقد فسره رسول الله أن نصر الظالم منعه من الظلم؛ لأنه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أداه ذلك إلى أن يقتص منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدل من باب الحكم للشيء وتسميته بما يئول إليه
…
) (5).
وقال العيني: (النصرة تستلزم الإعانة)(6).
- وعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخيرٍ فقد غزا)) (7).
قال ابن بطال: (وقال الطبري: وفيه من الفقه أن كل من أعان مؤمنًا على عمل بر فللمعين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرسول أن من جهز غازيًا فقد غزا، فكذلك من فطر صائمًا أو قواه على صومه، وكذلك من أعان حاجا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومن أعان فإنما يجيء من حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة فله مثل أجر القائم، ثم كذلك سائر أعمال البر، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البر فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها)(8).
وقال ابن عثيمين: (وهذا من التعاون على البر والتقوى، فإذا جهز الإنسان غازياً، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، ثلاثة أشياء: الراحلة، والمتاع، والسلاح، إذا جهزه بذلك فقد غزا، أي كتب له أجر الغازي، لأنه أعانه على الخير. وكذلك من خلفه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أن الغازي أراد أن يغزو ولكنه أشكل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلاً من المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإن هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنه أعانه)(9).
- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
…
)) (10).
قال ابن دقيق العيد: (هذا الحديث عظيم جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك)(11).
وقال ابن حجر (وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة)(12).
وقال المباركفوري: (وقال النووي هذا الحديث صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ)(13).
(1)((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 571).
(2)
((فتح الباري)) لابن حجر (5/ 97).
(3)
((عمدة القاري)) للعيني (12/ 289).
(4)
رواه البخاري (2444).
(5)
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/ 572).
(6)
((عمدة القاري)) للعيني (12 - 289).
(7)
رواه البخاري (2843)، ومسلم (1895) واللفظ له
(8)
((عمدة القاري)) للعيني (12 - 289).
(9)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/ 374).
(10)
رواه مسلم (2699).
(11)
((شرح الأربعين النووية)) لابن دقيق العيد (1/ 119).
(12)
((فتح الباري)) لابن حجر (5/ 97).
(13)
((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (6/ 47).