الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موانع اكتساب العزم والعزيمة وتقويتها
1 -
مرض القلب وضعف النفس وانهزامها:
إذا فقد القلب عزمه خارت قوى الجسد مهما كان قويا قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].
وقال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37] فإن ضعف العزيمة من ضعف حياة القلب وهي دليل على حياته، وعلى مرضه أو موته.
2 -
العجز والكسل:
من أعظم المصائب الهدامة العجز والكسل، والجبن، والبخل، قال محمد إسماعيل المقدم:(وهما العائقان اللذان أكثر الرسول من التعوذ بالله سبحانه منهما (1) وقد يعذر العاجز لعدم قدرته بخلاف الكسول الذي يتثاقل ويتراخى مما ينبغي مع القدرة قال تعالى: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة: 46](2).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ)) (3).
3 -
التسويف والتمني وترك الأخذ بالأسباب:
قال محمد إسماعيل المقدم (وهما صفة بليد الحس عديم المبالاة الذي كلما همت نفسه بخير- وعزمت عليه – إما يعيقها بسوف حتى يفجأه الموت فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [المنافقون: 10]، وإما يركب بها بحر التمني وهو بحر لا ساحل له يدمن ركوبه مفاليس العالم
…
وما أحسن ما قال أبو تمام:
من كان مرعى عزمه وهمومه
…
روض الأماني لم يزل مهزولا) (4)
4 -
الخوف من الفشل:
إن الخوف الدائم من الفشل ووضع نتائجه سلبية للعمل قبل تنفيذه وتوقع انتقاد الآخرين من العوامل المؤثرة في ضعف عزيمة النفس ويورث شعوراً دائما بالاستكانة وذل النفس وهوانها فيجب عليك أن تقاوم الخوف وتتأسى بأصحاب العزم الصادق الذين قال الله تعالى عن عزمهم وقوتهم في مواجهة الحياة وحسن توكلهم عليه سبحانه في تقوية عزائمهم على مواجهة الصعوبات الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران: 173 - 174] واعلم أن عليك أن تسعى وليس عليك إدراك النجاح ويكفيك شرف المحاولة قال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].
5 -
التردد وعدم وضوح الأهداف:
(1) كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال) رواه البخاري (2893).
(2)
((علو الهمة)) محمد إسماعيل المقدم (336).
(3)
رواه مسلم (2664).
(4)
((علو الهمة)) محمد إسماعيل المقدم (338 - 339) بتصرف. وانظر مدارج السالكين، ابن القيم (1/ 457).
قال محمد الغزالي: (إن الإسلام يكره لك أن تكون متردداً في أمورك تحار في اختيار أصوبها وأسلمها وتكثر الهواجس في رأسك فتخلق أمامك جو من الريبة والتوجس فلا تدري كيف تفعل وتضعف قبضتك في الإمساك بما ينفعك فيفلت منك ثم يذهب سدى)(1)، ولهذا شرع لنا الله سبحانه مشاورة أهل الرأي والخبرة من أهل الصلاح قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [الأنبياء: 43]، وشرع لنا الرسول الاستخارة (2)، إعانة للمرء على بلوغ الصواب وبعد المشاورة يكن التنفيذ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].
6 -
سوء الظن بالله سبحانه وتعالى واليأس وفقدان الأمل والنظرة التشاؤمية للحياة.
إن فقدان الأمل يقعد الإنسان عن طلب المعالي ليأسه وحكمه على المستقبل بما يعيشه من واقع أليم، قال محمد الغزالي: (عمل الشيطان هو تشييع الماضي بالنحيب والإعوال هو ما يلقيه في النفس من أسى وقنوط على ما فات، إن الرجل لا يلتفت وراءه إلا بمقدار ما ينتفع به في حاضره ومستقبله أما الوقوف مع هزائم الأمس واستعادة أحزانها والتعثر في عقابيلها وتكرار لو، وليت، فليس ذلك من خلق المسلم
…
قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [آل عمران: 156](3).
وانظر لنبي الله يعقوب لم يمنعه طول الزمان بعد فقدانه ليوسف في الأمل في الله أن يعيده له بل ازداد أمله بعد حبس ابنه الثاني بمصر فقال لأولاده يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87].
7 -
قلة الصبر وعدم الثبات واستطالة الطريق واستعجال النتائج
قلة الصبر وعدم الثبات تحرم الإنسان من بلوغ أي هدف وتحقيق أي كمال وما أخرج آدم عليه الصلاة والسلام من جنة الخلد وجوار الرحمن والعيش الهني والمسكن الطيب إلى شقاء الدنيا وتعبها وهمومها إلا قلة الصبر عما نهاه الله عنه وعدم الثبات على ما أمر به قال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115](4).
8 -
صحبة أصحاب العزائم الخاوية والبطالين:
المرء على دين خليله، والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم البعض.
الفتور والغفلة:
الغفلة ذهول المرء عن دوره في الحياة وتحقيق العبادة والفتور التقصير فيما ينبغي فعله وهما رأس البلاء ومكمن الداء وإن كانا يبتلى بهما الإنسان كما قال ابن القيم: (لابد من سنة الغفلة ورقاد الغفلة ولكن كن خفيف النوم)(5) فلا يعني ذلك ترك الواجبات وفعل المحرمات ولهذا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَةً وَلِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةً فَمَنْ كَانَتْ شِرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ)) (6).
ومن مظاهر ذلك:
(تضييع الوقت وعدم الإفادة منه، وتزجيته بما لا يعود بالنفع، وتقديم غير المهم على المهم، والشعور بالفراغ الروحي والوقتي وعدم البركة في الأوقات، عدم إنجاز شيئاً من العمل مع طول الزمن
- عدم الاستعداد للالتزام بشيء، والتهرب من كل عمل جدي؛
- الفوضوية في العمل: فلا هدف محدد، ولا عمل متقن، الأعمال ارتجالية، التنقل بين الأعمال بغير داع.
- خداع النفس؛ بالانشغال مع الفراغ، وبالعمل وهي عاطلة، الانشغال بجزئيات لا قيمة لها ولا أثر يذكر، ليس لها أصل في الكتاب أو السنة، وإنما هي أعمال تافهة ومشاريع وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع.
النقد لكل عمل إيجابي؛ تنصلا من المشاركة والعمل، وتضخيم الأخطاء والسلبيات؛ تبريرا لعجزه وفتوره، تراه يبحث عن المعاذير، ويصطنع الأسباب؛ للتخلص والفرار وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة: 81] (7).
(1)((خلق المسلم)) محمد الغزالي (88).
(2)
البخاري برقم (1109) عن ابن مسعود رضي الله عنه
(3)
((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (89).
(4)
راجع أقوال المفسرين حول هذه الآية من هذا البحث.
(5)
((علو الهمة)) للمقدم (ص 337).
(6)
رواه أحمد (2/ 188)(6764)، وابن حبان (1/ 187)(11)، والبزار (6/ 337) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2426)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (2152).
(7)
انظر ((الفتور)) ناصر العمر (19 - 20).