المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من المبتدعة: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٥

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية والخوارج والمرجئة والقدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من ابن أبي العزاقر (319 ه

- ‌موقف السلف من ابن مسرة (319 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من الحكيم الترمذي الصوفي (320 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من المهدي الرافضي عبيد الله أبي محمد (322 ه

- ‌أبو علي الروذباري الصوفي (322 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌المرتعش الصوفي (328 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من القرمطي عدوّ الله أبي طاهر سليمان الزنديق (332 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من القائم بأمر الله (الزنديق) (334 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من الفارابي الزنديق (339 ه

- ‌القاهر بالله (339 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌أبو محمد بن عبد البصري المالكي (347 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من ابن سالم الصوفي (350 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من ابن أبي دارم الرافضي (352 ه

- ‌موقف السلف من ابن الداعي الشيعي (353 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من المتنبي (354 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ابن الجعابي (355 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من النعمان الباطني العبيدي (363 ه

- ‌موقف السلف من المعز العبيدي المهدوي (365 ه

- ‌موقف السلف من النصرآبادي (367 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من أبي بكر الرازي المعتزلي (370 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌أبو عبد الله بن خفيف الشيرازي الصوفي (371 ه

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة والجهمية والخوارج والمرجئة والقدرية:

- ‌موقف السلف من عضد الدولة الشيعي (372 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أبو عثمان المغربي الصوفي (373 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الفلاسفة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من علم الكلام:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أبي طالب المكي (386 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة والجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المؤولة وغيرهم:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الأشعرية وغيرهم:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

الفصل: ‌موقفه من المبتدعة:

توفي رحمه الله في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. وله سبع وسبعون سنة، ودفن إلى جنب قبر المروذي.

‌موقفه من المبتدعة:

له من الآثار السلفية:

'كتاب السنة': مطبوع ومتداول.

وفيه: قال أبو بكر الخلال: قرأت كتاب السنة بطرسوس مرات في المسجد الجامع وغيره سنين، فلما كان في سنة اثنتين وتسعين قرأته في مسجد الجامع وقرأت فيه ذكر المقام المحمود فبلغني أن قوما ممن طرد إلى طرسوس من أصحاب الترمذي المبتدع (1) أنكروه، وردوا فضيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأظهروا رده، فشهد عليهم الثقات بذلك فهجرناهم وبينا أمرهم، وكتبت إلى شيوخنا ببغداد فكتبوا إلينا هذا الكتاب، فقرأته بطرسوس على أصحابنا مرات ونسخه الناس، وسر الله تبارك وتعالى أهل السنة وزادهم سروراً على ما عندهم من صحته وقبولهم وهذه نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم. سلام عليكم؛ فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. وأما بعد: فإن كتابكم ورد علينا بشرح ما حدث ببلدكم، وكتبنا إليكم بما تقفون عليه وبالله نستعين وعليه نتوكل في جميع الأمور، وبعد: فنوصيكم وأنفسنا بتقوى الله عز وجل والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وتقوى الله تبارك وتعالى بها يرزق العباد من حيث لا يحتسبون، وبها يوجب الله تعالى الجنة لأهلها، وبها تحل داره، وبها ينظر إلى

(1) أي: الجهم بن صفوان.

ص: 14

وجهه، وبها تنال ولاية الله عز وجل، وهي غاية الكرامة، ومنزلة الشرف، ومنهاج الرشد، وجوامع الخير، ومنتهى الإيمان، فأسعدكم الله بطاعته سعادة من رضي عمله، وتولاكم بحفظه وحياطته، وشملكم بستره وعصمكم بتوفيقه، وأيدكم بما أيد به المتقين، وأوصلكم أفضل ميراث الصالحين، وجعلكم لأنعمه من الشاكرين، واستخلصكم بأشرف عبادة العابدين آمين رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى أصحاب محمد أجمعين. كتابنا أسعدكم الله، سعادة من رضي عمله، وشكر سعيه، سعادة لا شقاء بعدها جميع أهل السنة والجماعة، فالحمد لله الذي جعلكم أهلا لذلك، وأكرمكم بما يستوجب به ثوابه، ويؤمن من عقابه، والحمد لله في أول كلامنا وآخره كذلك روي عن أبي صالح قال: الحمد لله أول الكلام وآخره، ونبتدي بعد حمد الله تبارك وتعالى بالصلاة على محمد نبيه صلى الله عليه وسلم، رسوله وصفيه، كذلك روى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تجعلوني كقدح الراكب، اجعلوني في أول الدعاء ووسط الدعاء وآخر الدعاء"(1)، فالحمد لله كما هو أهله ومستحقه، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم كثيراً.

أما بعد: فإنه بلغنا ما حدث ببلدكم من نابغ نبغ بالزيغ وقيل الباطل، فأحدث عندكم بدعة اخترعها، وشرع في الدين ما لم يأذن به الله، ففرق جماعتكم بخبيث قوله وسوء لفظه، فلولا ما أمر الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم

(1) رواه البزار (4/ 45/3156)(كشف الأستار) وقال الهيثمي في المجمع (10/ 155): "رواه البزار وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف".

ص: 15

من النصح لعامة المسلمين وخاصتهم، وحض عليه في ذلك لوسعنا السكوت ولكن الله عز وجل أخذ ميثاق العلماء ليبيّننّه للناس ولا يكتمونه، وذلك بما روي عن تميم الداري يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الدين النصيحة" قالوا: لمن؟ قال: "لله ولرسوله، ولكتابه ولأئمة المسلمين ولجماعتهم"(1)، فاعلموا وفقنا الله وإياكم للسداد والرشاد والصواب في المقال بصدق الضمير وصحة العزم بحسن النية، فإنا نرضى لكم من اتباع السنة والقول بها ما نرتضيه لأنفسنا {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (2)،فاتقى رجل ربه ونظر لنفسه فأحسن لها الاختيار إذ كانت أعز النفوس عليه، وأولاه منه بذلك بلزوم الاتباع لصالح سلفه من أهل العلم والدين والورع فاقتدى بفعالهم وجعلهم حجة بينه وبين الله عز وجل، وقلدهم من دينه ما تحملوا له من ذلك وحذر امرئ أن يبتدع ويخترع بالميل إلى الهوى والقول بالخطأ فيوبق نفسه، ويولغ دينه فيعمه في طغيانه، ويضل في عماية جهله، فبينا هو كذلك لا يستنصح مرشداً، ولا يطيع مسدداً، أذهبهم عليه أجله وهو كذلك، فنعوذ بالله من ذلك وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا

(1) تقدم تخريجه. انظر مواقف محمد بن نصر المروزي سنة (294هـ). والحديث قد ورد في جميع الروايات بلفظ: "وعامتهم" بدل "ولجماعتهم".

(2)

هود الآية (88) ..

ص: 16

كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، والذي حمل هذا العدو لله المسلوب أن رد هذا الحديث وخالف الأئمة وأهل العلم وانسلخ من الدين اللجاج والكبر كي يقال: فلان، فنعوذ بالله من الكبر والنفاق والغلو في الدين، والذي حملنا، أكرمكم الله، على الكتاب إليكم ما حدث ببلدكم من رد حديث مجاهد رحمه الله ومخالفتهم من قد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم"(2)، فمال أولو الزيغ والنفاق إلى قول الملحدين وبدعة المضلين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وما سبيل هؤلاء إلا النفي عن البلد الذي هم فيه، كما أن صاحبهم المبتدع منفي عن الجامع مطروداً منه ليس إلى دخوله سبيل وذلك بتوفيق الله ومنه، ومنع السلطان أيده الله إياه عن ذلك معمما أنه مسلوب عقله ملزوم بيته يصيح به الصبيان في كل وقت، وهذا قليل لأهل البدع والأهواء والضلال في جنب الله عز وجل، أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن وسلمنا وإياكم من الأهواء المضلة بمنه وقدرته، وثبتنا وإياكم على السنة والجماعة، واتباع الشيخ أبي عبد الله رحمة الله عليه ورضوانه، فقد كان اضمحل ذكر هذا الترمذي واندرس، وإنما هذا ضرب من التعريض والخوض بالباطل فانتهوا حيث انتهى الله بكم، وأمسكوا عما لم تكلفوا النظر فيه،

(1) غافر الآية (56).

(2)

البخاري (5/ 324/2651) ومسلم (4/ 1964/2535) وأبو داود (5/ 44/4657) والترمذي (4/ 434/2222) من حديث عمران بن حصين.

ص: 17

وضعوا عن أنفسكم ما وضعه الله عنكم ولا تتخذوا آيات الله هزواً، فمن تكلم في شيء من هذا فإنما يتحكك بدينه ويتولع بنفسه ويتكلف ما لم يتعبده الله به.

وقد أدب الله عز وجل الخلق فأحسن تأديبهم وأرشدهم فأنعم إرشادهم فقال عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1) فاتقوا الله عباد الله واقبلوا وصيته وأمسكوا عن الكلام في هذا، فإن الخوض فيها بدعة وضلالة ما سبقكم بها سابق ولا نطق فيها قبلكم ناطق، فتظنون أنكم اهتديتم لما ضل عنه من كان قبلكم، هيهات هيهات، وليس ينبغي لأهل العلم والمعرفة بالله أن يكونوا كلما تكلم جاهل بجهله أن يجيبوه ويحاجوه ويناظروه، فيشركوه في مأثمة ويخوضوا معه في بحر خطاياه، ولو شاء عمر بن الخطاب أن يناظر صبيغاً ويجمع له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يناظروه ويحاجوه ويبينوا عليه لفعل، ولكنه قمع جهله وأوجع ضربه ونفاه في جلده، وتركه يتغصص بريقه، وينقطع قلبه حسرة بين ظهراني الناس مطروداً منفياً مشرداً لا يُكلم ولا يُجالس، ولا يشفى بالحجة والنظر، بل تركه يختنق على حرته، ولم يبلعه ريقه، ومنع الناس من كلامه ومجالسته، فهكذا حكم كل مَن شرّع في دين الله بما لم يأذن به الله أن يخبر أنه على بدعة وضلالة فيحذر منه وينهى عن كلامه ومجالسته، فاسترشدوا العلم

(1) الأنعام الآية (153).

ص: 18

واستحضوا العلماء واقبلوا نصحهم واعلموا أنه لن يزال الجاهل بخير ما وجد عالماً يقمع جهله ويرده إلى صواب القول والعمل إن مَنّ الله عليه بالقبول، فإذا تكلم الجاهل بجهله وعُدم الناس العالم أن يرد عليه بعلمه فقد تودع من الخلق، وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون.

فالله الله، ثم الله الله يا إخوتاه من أهل السنة والجماعة والمحبة للسلامة والعافية في أنفسكم وأديانكم فإنما هي لحومكم ودماؤكم، لا تعرضون لما نهى الله عنه عز وجل من الجدل والخوض في آيات الله وأكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منه وكذلك أئمة الهدى من بعده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ارتضاهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم واختاره لهم، وكذلك التابعون بإحسان في كل عصر وزمان ينهون عن الجدل والخصومات في الدين، ويحذرون من ذلك أشد التحذير حتى كان آخرهم في ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه، فكان أشد أهل زمانه في ذلك قولاً وأوكده فيه رأياً وآخذ به على الخلق وأنصحه لهم، صبر في ذلك على البلاء من فتنته الضراء والسراء والشدة والرخاء والضرب الشديد بعد طول الحبس في ضنك الحديد، فبذل لله مهجة نفسه وجاد بالحياة لأهلها، وآثر الموت على أصعب العقوبات يرضى منه على بلوغ ما أوجب الله عز وجل على العلماء من القيام بأمره، ورحمة منه على الخلق وشفقا عليهم فأصبر لعظيم جهد بلاء الدنيا نفسه، واحتمل في ذات الله كل ما عجز الخلق أجمعون عن احتمال مثله أو بعضه أخذ بعنان الحق صابراً على وعر الطريق وخشونة المسلك، منفرداً بالوحدة عاضّاً على لجام الصواب، جواد لمحبوب العافية لأهلها، إذ

ص: 19

كانوا لا يصلون إليها إلا بفراق السنة؛ فحالف الوحشة وأنس بالوحدة فمضى على سنته على معانقة الحق غير معرج عنه، رضي بالحق صاحباً وقريناً ومؤنساً لا يثنيه عن ذلك خلاف من خالفه ولا عداوة من عاداه، لا تأخذه في الله لومة لائم، لا يزعجه هلع ولا يستميله طمع ولا يزيغه فزع حتى قمع باطل الخلق بما صبره عليه من الأخذ بعنان الحق، لا يستكثر لله الكثير ولا يرضى له من نفسه بالقليل، صابراً محتسباً غير مدبر معانقاً لعلم الهدى غير تارك له، حتى أورى زناد الحق فاستضاء به أهل السنة فاتبعوه، وكشف عورات

البدع وحذر من أهلها فلم يختلف عليه أحد من أهل العلم حتى رجعوا إلى قوله طوعاً وكرهاً، فدخلوا في الباب الذي خرجوا منه، وعادوا للحق الذي رغبوا عنه، واعترفوا له بفضل ما فضله الله به عليهم، فأقروا له بالإذعان وسمعوا له وأطاعوا إذ كان أتقاهم لله وأنظرهم لخلقه وأدلهم على سبل النجاة وأمنعهم لمواقع الهلكة، فبينا الخلق بضيائه مستترون، يحصي لهم الحق وينفي عنهم الباطل، كما ينفي الكير خبث الحديد، إذ أتاه أمر من الله عز وجل ما أتى من كان قبله من أولياء الله وأهل طاعته، واستأثر الله به ونقله إلى ما عنده فتحيرت من بعده الأدلاء، وتاه الجاهلون في سكرات الخطأ، فكان خلفه رحمة الله عليه من أقام نفسه من بعده ذلك المقام منتصباً لمذاهبه، ذابّاً عن أهل السنة متشدّداً على أهل البدع في حقائق الأمور، لا ينعرج عن مذاهبه ولا يدنسه طمع طامع، مؤنس بالوحشة منفرد بالوحدة، صابراً محتسباً مبيناً على أهل البدع، مشفقاً على أهل السنة، لا يفزعه ميل من مال إلى غيره، لم يدعه طمع إلى أحد، صبر على الخير والشر،

ص: 20

واثق بمواهب الله له من لزوم أصحابه إياه، قامع لأهل البدع محب لأهل الورع فرحمة الله على أبي بكر المروذي ومغفرته ورضوانه؛ فقد كان وفيّاً لصاحبه مشفقاً على أصحابه لم تر مثله العيون فجزاه الله من صاحب وأستاذ خيراً، فالزموا من الأمر ما توفى الله عز وجل أبا عبد الله رحمة الله عليه وأبا بكر المروذي، فإنه الدين الواضح وكل ما أحدث هؤلاء فبدعة وضلالة، فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم، وعليكم بلزوم السنة وترك البدع وأهلها، فقد كان أحدث هذا الترمذي المبتدع ببلدنا ما اتصل بنا أنه حدث ببلدكم، وهذا أمر قد كان اضمحل وأخمله الله وأخمل أهله وقائله، وليس بموجود في الناس، قد سلب عقله أخزاه الله وأخزى أشياعه، وقد كان الشيوخ سئلوا عنه في حياة أبي بكر رحمه الله ومحدثي بغداد والكوفة وغير ذلك فلم يكن منهم

أحد إلا أنكره، وكره من أمره ما كتبنا به إليكم لتقفوا عليه، فأما ما قال العباس بن محمد الدوري عند سؤالهم إياه عنه ورده حديث مجاهد: ذكر أن هذا الترمذي الذي رد حديث مجاهد ما رآه قط عند محدث ولا يعرفه بالطلب، وإن هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته فما أعظم ما جاء به هذا من الضلالة والبدع، عمد إلى حديث فيه فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يزيله ويتكلم في من رواه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناوأهم"(1)، ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه وممن قال بقوله أو تصدقوهم في شيء، فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا

(1) تقدم تخريجه. انظر مواقف عبد الله بن المبارك سنة (181هـ).

ص: 21