الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والزيادةِ والنقصِ منه؛ لقلَّة خبرتِهم بذلك"
(1)
.
ويقولُ الشيخُ بكرٌ أبو زيد عن صنيعِ برهانِ الدينِ المرغيناني الحنفي في كتابِه: (هداية المهتدي شرح بداية المبتدي): "أَرْعَفَ قلمَه بزيادةِ ألفاظٍ لا أصولَ لها، مضافة إلى متونِ جُملةٍ كبيرةٍ مِن الأحاديثِ المرفوعةِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كلُّ هذا لتأييدِ المذهبِ! "
(2)
.
أمثلة على استدلال بعض المتمذهبين بالأحاديث الواهية:
المثال الأول: جاءَ في بعضِ كتبِ المذاهب
(3)
الاستدلالُ بحديثِ: (مَنْ قصَّ أظفارَه مخالفًا
(4)
، لم يرَ في عينيه رَمَدًا)
(5)
على استحباب مخالفةِ الأصابعِ حين قصها.
يقولُ وليُّ الدين العراقي عن الحديثِ: "هذا لا أصلَ له البتة"
(6)
. ويقولُ شمسُ الدين السخاوي
(7)
عنه: "وهو في كلامِ غيرِ واحدٍ مِن الأئمة،
(1)
خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول (ص/ 119).
(2)
تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء (ص/ 150) ضمن مجموع: الردود.
(3)
انظر على سبيل المثال: المغني لابن قدامة (1/ 118)، والشرح الكبير لابن قدامة (1/ 254) مطبوع مع المقنع والإنصاف، ونهاية المحتاج للرملي (2/ 341)، وكشاف القناع للبهوتي (1/ 159).
(4)
مما فُسِّرت به المخالفة: أنْ يبدأ بخنصر يده اليمنى، ثم الوسطى، ثم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابة، ثم يبدأ بإبهام يده اليسرى، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم السبابة، ثم البنصر. انظر: المصادر السابقة.
(5)
لم أقف - فيما رجعت إليه من مصادر - على من ذكر الحديث مسندًا. ويقول الحافظ ابن حجر في: فتح الباري (10/ 345): "لم يثبتْ في ترتيب الأصابع عند القصِّ حديثٌ يُعْمَلُ به".
(6)
طرح التثريب (2/ 79).
(7)
هو: محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي، شمس الدين أبو الخير، ولد سنة 831 هـ كان حافظًا متقنًا بارعًا في الحديث وعلومه، مشاركًا في العلوم الأخرى، شافعي المذهب، وقد لزم الحافظَ ابن حجر، وتخرج به، وكان يملي الحديث بالقاهرة، من مؤلفاته: فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، والضوء اللامع على محاسن أهل القرن التاسع، وشرح شمائل الترمذي، والإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، توفي بالمدينة سنة 902 هـ. انظر ترجمته في: الضوء اللامع للسخاوي (1/ 8)، والبدر الطالع للشوكاني (ص/ 701)، وشذرات الذهب لابن العماد (10/ 23)، والكواكب السائرة للغزي (1/ 53).
منهم: ابنُ قدامة في: (المغني)
…
ولم أجدْه"
(1)
.
المثال الثاني: جاءَ في بعضِ كتبِ المذاهبِ
(2)
الاستدلالُ بحديثِ: (إذا صلّى أحدُكم في الصحراءِ، فليجعلْ بين يديه سترةً)
(3)
على قصرِ استحبابِ وَضْعِ السترةِ للمصلي في الصحراءِ.
(1)
المقاصد الحسنة (ص/ 424).
(2)
انظر على سبيل المثال: المبسوط للسرخسي (1/ 190)، وبدائع الصنائع للكاساني (1/ 218 - 217)، والهداية للمرغيناني (1/ 160).
(3)
لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ. ويقول جمالُ الدين الزيلعي في: نصب الراية (1/ 85): "ويقرب منه ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإنْ لم يجد فلينصب عصا، فإنْ لم يكن معه عصا، فليخطط خطًا، ولا يضره ما مرَّ أمامه) ".
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قريب من الحديث المذكور من جهة الدلالة على مشروعية السترة في الأصل، وليس فيه دلالة على قصر استحباب وضع السترة في الصحراء. وقد أخرج حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أبو داود في: سننه، كتاب: الصلاة، باب: الخط إذا لم يجدْ عصا (ص/ 111)، برقم (689)؛ وابن ماجه في: سننه، كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما يستر المصلي (ص/173)، برقم (943)؛ وعبد بن حميد في: المنتخب من المسند (2/ 340)، برقم (1434)؛ والحميدي في: المسند (2/ 206)، برقم (1023)؛ وأحمد في: المسند (12/ 354)، برقم (7392)! وابن خزيمة في: الصحيح، كتاب: الصلاة، باب: ذكر الاستتار بالخط إذا لم يجد المصلي ما ينصب بين يديه (2/ 13)، برقم (811)؛ وابن حبان في: الصحيح، كتاب: الصلاة، باب: ما يُكره للمصلي، وما لا يُكره (6/ 125)، برقم (2361)؛ والبيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: الصلاة، باب: الخط إذا لم يجد عصا (2/ 270)؛ وفي: معرفة السنن والآثار، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة إلى العنزة والعصا إنْ كان في صحراء (3/ 191)، برقم (4226)؛ والبغوي في: شرح السنة، كتاب: الصلاة، باب: قَدْر السترة (2/ 451)، برقم (541)، وقال:"وفي إسناده ضعفٌ".
وقد اختلف العلماء في صحة حديث أبي هريرة رضي الله عنه: فقد توقف الإمامُ الشافعي في صحةِ الحديث، كما نقله عنه البيهقي في: معرفة السنن والآثار (3/ 191). ونقل أبو داود في: السنن (ص/ 111) ميلَ سفيان الثوري إلى تضعيف الحديث. ونقل النوويُّ في: شرح صحيح مسلم (4/ 217) تضعيفَ القاضي عياض له.
ويقول ابن عبد الحق الإشبيلي في: الأحكام الوسطى (1/ 345): "وقد روي حديث الصلاة إلى الخط عن أبي هريرة من طرقٍ، ولا يصح ولا يثبت الحديث، ذكر ذلك الدارقطني".
وحكم ابنُ الصلاح على الحديث في: علوم الحديث (ص/ 94) بالاضطراب. وضعَّف الحديثَ الألبانيُّ في: تعليقه على سنن أبي داود وابن ماجه. =
يقولُ جمالُ الدّينِ الزيلعي عن الحديث: "غريبٌ بهذا اللفظِ"
(1)
.
المثال الثالث: جاءَ في بعضِ كتب المذاهب
(2)
الاستدلالُ بحديثِ: (تَمْكُثُ إحداكن شطرَ دهرِها لا تصلي) على أنَّ أَكثرَ مدة الحيضِ خمسة عشر يومًا.
يقولُ أبو بكر البيهقي عن الحديثِ: "أمَّا الذي يذكره بعضُ فقهائِنا
…
مِنْ قعودِها شطر عمرِها وشطر دهرِها لا تصلي: فقد تَطَلّبْتُه كثيرًا، فلم أجدْه في شيءٍ مِنْ كتبِ أصحابِ الحديثِ، ولم أجدْ له إسنادًا بحالٍ"
(3)
.
ويقولُ عنه ابنُ الجوزي: "وأصحابنُا - يعني: الحنابلةَ - قد ذكروا أنَّ رسولَ لله صلى الله عليه وسلم قال: (تَمْكُثُ إحداكن شطرَ عمرِها لا تصلي)، وهذا لفظٌ لا أعرفُه"
(4)
.
ويقولُ عنه ابنُ الملقن: "هذا الحديثُ بهذا اللفظِ غريبٌ جدًّا، وقد نصَّ غيرُ واحدٍ مِن الحفاظِ على أنَّه لا يَعْرِفُ له أصلًا"
(5)
.
= وصحح الدارقطنيُّ في: العلل (10/ 278) طريقًا للحديث رفعَه الرواي. ونقل ابنُ عبد البر في: الاستذكار (6/ 175)، وابن عبد الحق الإشبيلي في: الأحكام الوسطى (1/ 345) تصحيحَ الإمام أحمد وعلي بن المديني لحديث أبي هريرة رضي الله عنه. ونقل ابنُ حجر في: النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/ 774) تصحيح الحاكم للحديث. وحسن ابن حجر في: بلوغ المرام (ص/ 92) الحديثَ، ولم يصوِّب إعلاله بالاضطراب.
وللتوسع في الحديث انظر: البدر المنير لابن الملقن (4/ 198 - 203).
(1)
نصب الراية (2/ 80).
(2)
انظر على سبيل المثال: رؤوس المسائل الخلافية للعكبري (1/ 135)، والعزيز شرح الوجيز للرافعي (2/ 292)، والعدة في شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي (1/ 62)، وشرح العناية للبابرتي (1/ 143) بهامش فتح القدير لابن الهمام.
(3)
معرفة السنن والآثار (2/ 145). وانظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 151).
(4)
التحقيق في أحاديث التحقيق (1/ 373). وانظر: نصب الراية للزيلعي (1/ 193).
(5)
البدر المنير (3/ 55). وللاطلاع على كلام أهل العلم عن الحديث، انظر: الإمام لابن دقيق العيد (3/ 213)، وخلاصة الأحكام للنووي (1/ 227)، وتحفة الطالب لابن كثير (ص/ 361)، والتلخيص الحبير لابن حجر (2/ 443).
المثال الرابع: جاءَ في بعضِ المذاهب
(1)
الاستدلالُ بحديثِ: (صلاةُ النهارِ عجماء
(2)
)
(3)
على كراهةِ الجهرِ في صَلاةِ النافلةِ نهارًا.
يقولُ أبو الحسنِ الدارقطني
(4)
عن الحديثِ: "هذا ليس مِنْ كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُرْوَ عنه، وإنَّما هو قولُ بعضِ الفقهاءِ"
(5)
.
ويقولُ محيي الدين النووي عنه: "باطلٌ لا أصلَ له"
(6)
. ويقولُ جمالُ
(1)
انظر على سبيل المثال: المبسوط للسرخسي (1/ 16)، وبدائع الصنائع للكاساني (1/ 110)، والهداية للمرغيناني (1/ 138)، والاختيار لتعليل المختار للموصلي (1/ 55)، وكشاف القناع للبهوتي (2/ 321)، ومطالب أولي النهى للرحيباني (1/ 575).
(2)
المقصود بأنَّ صلاة النهار عجماء: أي: لا جهر فيها؛ تشبيها بالعجماء من الحيوان؛ لأنَّه لا يتكلم، فصلاة النهار عجماء؛ لأنَّه لا يُسمع فيها قراءة. انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (3/ 354) ط: الإرشاد، والمصباح المنير للفيومي، مادة:(عجم)، (ص/ 322).
(3)
لم أقف على الحديث مسندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول ابنُ حجر عن الحديث في: الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 160): "لم أجده".
وقد جاء لفظ الحديث من قول بعض السلف: كالحسن ومجاهد وأبي عبيدة، وأخرج قول الحسن وأبي عبيدة: عبد الرزاق في: المصنف، كتاب: الصلاة، باب: ترديد الآية في الصلاة، وباب: قراءة النهار (2/ 493)، بالأرقام (4199، 4201، 4202)؛ وابن أبي شيبة في: المصنف، كتاب: الصلاة، باب: في قراءة النهار، كيف هي في الصلاة؟ (3/ 248)، بالرقمين (3684 - 3685).
وأخرج قول مجاهد: عبد الرزاق في: المصنف، كتاب: الصلاة، باب: ترديد الآية في الصلاة، وباب: قراءة النهار (2/ 493)، بالرقم (4200).
(4)
هو: علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود البغدادي أبو الحسن الدارقطني، ولد سنة 306 هـ كان أحد كبار المحدثين، شافعي المذهب، إمامًا حافظًا مجودًا، عالمًا جهبذًا، صادقًا أمينًا ثقةً عدلًا، فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، بحرًا من بحور العلم، وإمامًا من أئمة الدنيا، انتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بعلل الأحاديث وأسماء الرجال، مع التقدم في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في الفقه والاختلاف والمغازي والأدب والشعر، دَرَس المذهب الشافعي على أبي سعيد الاصطخري، من مؤلفاته: السنن، والعلل، توفي سنة 385 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (13/ 487)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 297)، وسير أعلام النبلاء (16/ 449)، وتاريخ الإسلام للذهبي (8/ 576)، وطبقات الشافعة الكبرى لابن السبكي (3/ 462)، وطبقات الشافعية للإسنوي (1/ 508).
(5)
نقل كلامَ أبي الحسن الدارقطني النوويُّ في: المجموع شرح المهذب (3/ 48) ط: الإرشاد، والعجلونيُّ في: كشف الخفاء (2/ 36).
(6)
خلاصة الأحكام (1/ 394).
الدين الزيلعي عنه: "غريبٌ"
(1)
.
المثال الخامس: جاءَ في بعضِ كتب المذاهب
(2)
الاستدلالُ بحديثِ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (صلوا على مَنْ قالَ: لا إله إلا الله)
(3)
على مشروعية الصلاةِ على جميعِ أهلِ القبلةِ.
يقولُ أبو الحسنِ الدارقطني عن هذا الحديث - وعمَّا ورد في معناه -: "ليس فيها شيءٌ يَثْبت"
(4)
.
ويقولُ ابنُ الجوزي عنها: "هذه الأحاديثُ كلُّها لا تصحُّ"
(5)
. ويقولُ ابنُ الملقنِ عن حديثِ عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما: "فالحاصلُ أنَّ هذا الحديثَ مِنْ جميعِ طرقِه لا يَثْبُتُ"
(6)
.
* * *
(1)
نصب الراية (1/ 2).
(2)
انظر على سبيل المثال: الحاوي للماوردي (3/ 37)، والعزيز شرح الوجيز للرافعي (3/ 37)، والشرح الكبير لابن قدامة (3/ 39)، و (6/ 27)، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي (6/ 228)، وحاشيتي قليوبي وعميرة (1/ 390)، ونهاية المحتاج للرملي (2/ 487)، وشرح المنتهى للبهوتي (2/ 105)، وكشاف القناع له (1/ 48)، ومطالب أولي النهى للرحيباني (1/ 874)، ومنح الجليل لعليش (1/ 513).
(3)
أخرج حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: الطبراني في: المعجم الكبير (12/ 244)، برقم (13622)؛ والدارقطني في: السنن، كتاب: العيدين، باب: صفة من تجوز الصلاة معه، والصلاة عليه (2/ 401 - 452)، بالأرقام (1761 - 1763)؛ وأبو نعيم في: حلية الأولياء (10/ 320)؛ وفي: أخبار أصبهان (2/ 328)؛ والخطيب البغدادي في: تاريخ بغداد (13/ 177)؛ وابن الجوزي في: العلل المتناهية، كتاب: الصلاة، باب: في الصلاة خلف كل برٍّ وفاجرٍ (2/ 422 - 424)، بالأرقام (712 - 716)، وبيَّن علل كل طريق في: المصدر السابق، وفي: التحقيق في أحاديث التعليق (3/ 298 - 302).
وللتوسع في الحديث انظر: خلاصة الأحكام للنووي (2/ 695)، وتنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (2/ 478 - 480)، ونصب الراية للزيلعي (2/ 28)، والتلخيص الحبير لابن حجر (2/ 934)، وإرواء الغليل للألباني (2/ 305 - 307).
(4)
السنن (2/ 403).
(5)
العلل المتناهية (2/ 426).
(6)
البدر المنير (4/ 465).