المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: عرض مشروع توحيد المذاهب الفقهية - التمذهب – دراسة نظرية نقدية - جـ ٣

[خالد الرويتع]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: عمل المتمذهب عند تعدد أقوال إمامه في مسألة واحدة

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول: حكم تعدد أقوال إمام المذهب

- ‌المطلب الثاني: الترجيح بين أقوال إمام المذهب

- ‌المبحث الثالث: أخذ المتمذهب قولا رجع عنه إمامه

- ‌المبحث الرابع: عمل المتمذهب فيما توقف فيه إمامه

- ‌المبحث الخامس: الاعتداد بقول المتمذهب في الإجماع

- ‌المبحث السادس: عمل المتمذهب إذا خالف أحدُ أتباع الإمام مذهبَ الإمام

- ‌المبحث السابع: عمل المتمذهبُ عند اختلاف أصحابه في تعيين المذهب

- ‌المبحث الثامن إفتاء المتمذهب

- ‌تمهيد في: تعريف الإفتاء في: اللغة، والاصطلاح

- ‌أولًا: الإفتاء في اللغة:

- ‌ثانيًا: الإفتاء في الاصطلاح:

- ‌المطلب الأول: إفتاء المتمذهب بمذهب إمامه

- ‌المطلب الثاني: إِفتاء المتمذهب بغير مذهب إِمامه

- ‌الفصل السادس: أثر التمذهب في التوصّل إِلى حكم النازلة

- ‌توطئة

- ‌تمهيد في: تعريف النازلة في: اللغة، والاصطلاح

- ‌المبحث الأول: التوصل إِلى حكم النازلة بتخريجها على أصول المذهب

- ‌المبحث الثاني: التوصل إِلى حكم النازلة بتخريجها على فروع المذهب

- ‌أمثلة تخريج النازلة على فروع المذهب

- ‌الباب الثاني: الدراسة النقدية للتمذهب

- ‌الفصل الأول آثار التمذهب الإيجابية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: ظهور المناظرات الفقهية

- ‌أمثلة لبعضِ المناظراتِ التي جَرَتْ بين أربابِ المذاهبِ

- ‌المبحث الثاني: ازدهار النشاط في مجال التأليف

- ‌المبحث الثالث: تجنب الآراء الشاذة

- ‌المبحث الرابع: الإلمام الشمولي بالمسائل الفقهية، والأصولية

- ‌المبحث الخامس: دعم سبيل الارتقاء إلى مقام الاجتهاد

- ‌المبحث السادس: تجنب التناقض في الاختيار بين الأقوال

- ‌المبحث السابع: بروز فن الفروق الفقهية، والأشباه والنظائر

- ‌أولًا: معنى الفروق الفقهية:

- ‌ثانيًا: معنى الأشباه والنطائر:

- ‌مثال الفروق الفقهية، والأشباه والنظائر:

- ‌الفصل الثاني: آثار التمذهب السلبية:

- ‌المبحث الأول: ظهور التعصب المذهبي

- ‌المطلب الأول: الإعراض عن الاستدلال بالكتاب والسنة الثابتة

- ‌المطلب الثاني: ردُّ دلالة الآيات والأحاديث الثابتة، والتكلف في ذلك

- ‌المطلب الثالث: الانتصار للمذهب بالأحاديث الواهية

- ‌أمثلة على استدلال بعض المتمذهبين بالأحاديث الواهية:

- ‌المطلب الرابع: الاستدلال بالحديث متى ما وافق المذهب ومخالفة الحديث نفسه في حكم آخر دل عليه؛ لمخالفته المذهب

- ‌المبحث الثاني: دعوى غلق باب الاجتهاد، ومحاربة من يدعيه

- ‌المبحث الثالث: ظهور الحيل الفقهية

- ‌أولًا: تعريف الحيل في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف الحيل في الاصطلاح:

- ‌أمثلة على تأثير التمذهب في الإفتاء بالحيلة:

- ‌المبحث الرابع: عدم الاطلاع على ما لدى المذاهب الأخرى

- ‌الفصل الثالث: أسباب ظهور الآثار السلبية، وطرق علاجها

- ‌المبحث الأول: أسباب ظهور الآثار السلبية

- ‌المبحث الثاني: طرق علاج الآثار السلبية

- ‌الفصل الرابع: مشروع توحيد المذاهب الفقهية

- ‌المبحث الأول: عرض مشروع توحيد المذاهب الفقهية

- ‌أولًا: مشروعُ الشيخِ محمد الباني:

- ‌ثانيًا: مشروع الأستاذ محمد عيد عباسي:

- ‌المبحث الثاني: نقد مشروع توحيد المذاهب الفقهية

- ‌الخاتمة

- ‌أولًا: أهم نتائجُ البحثِ:

- ‌ثانيًا: التوصيات:

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: عرض مشروع توحيد المذاهب الفقهية

‌المبحث الأول: عرض مشروع توحيد المذاهب الفقهية

لم يكن موقفُ بعضِ المعارضين للتمذهبِ موقفًا يعتمدُ على اطِّراح التمذهبِ والتقليدِ المذهبي فحسب، بل اقترحَ بعضُهم مشروعًا ليكونَ بديلًا عن تمذهبِ المسلمين بالمذاهب المتبوعةِ، وإذا صوّبنا النظرَ تجاههم نجد أنَّ لبَّ المَشروعِ المطروحِ مِنْ قِبَلِهم قائمٌ على توحيدِ المذاهب الفقهيةِ، لا على أساسِ الاكتفاءِ بواحدٍ منها، بلْ على أساسِ الأخذِ بالقَولِ الراجحِ منها، دونَ انتسابٍ إلى مذهبٍ مِن المذاهبِ المعروفةِ.

ولا شكَّ عندي في أنَّ الحادي لهؤلاءِ إلى الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ، والباعثَ لهم حرصُهم على أنْ يلتئمَ شملُ أربابِ المذاهب المتبوعةِ، فلا يكون بينهم عداوةٌ ولا بغضاء، وأنْ يعملوا جميعُهم بالأدلةِ الشرعيةِ، وأنْ يستفيدوا مِنْ جميعِ المذاهبِ المتبوعةِ

(1)

.

يقولُ الشيخُ محمدٌ الباني مُعللًا دعوتَه إلى توحيدِ المذاهبِ: "تخلّصًا مِن التعصبِ الممقوتِ، وحميةِ الجاهليةِ الأُوْلى التي نشأتْ بين متأخري أتباعِ المذاهب، فَنَجَمَ عنها: تفرّقُ كلمتِهم، وتخاذلُهم في وقتٍ هم أشدُّ الناسِ احتياجًا فيه إلى اتّحادِ الكَلِم والتضامنِ"

(2)

.

ويظهر لي أنَّ بدءَ الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ كانت في أوائل القرنِ الرابعِ عشرِ الهجري تقريبًا، يدلُّ على هذا: ما جاء في فتاوى الشيخ عبد القادر بن بدران (ت: 1346 هـ) من السؤال عن توحيدِ المذاهبِ

(3)

، ودعوةِ

(1)

انظر: مجلة المنار (33/ 711)، وبدعة التعصب المذهبي لمحمد عباسي (ص / 60، 64 - 66).

(2)

عمدة التحقيق (ص/ 44 - 45).

(3)

انظر: المواهب الربانية (ص/ 202).

ص: 1469

الشيحِ محمد رشيد رضا (ت: 1354 هـ) إلى توحيدِ المذاهبِ

(1)

، وكذلك ما قرره الشيخُ محمد الباني (ت: 1351 هـ)

(2)

.

وقبلَ بيانِ مشروعِ توحيدِ المذاهبِ أُحِبُّ أنْ أنبّه إلى النقاطِ الآتيةِ:

الأولى: رغّبَ الشيخُ عبدُ القادر بنُ بدران في توحيدِ المذاهبِ في أبوابِ المعاملاتِ، دونَ أبواب العبادات، وبقراءة كلامِه يظهر أنَّه أراد تقنينَ الأحكام في ضوءِ قولٍ واحدٍ، يقول في إجابتِه عن سؤالِ إمكانيّة توحيدِ المذاهب: "هاهنا تفصيل: فإنْ كانَ توحيدُ المذاهبِ في العباداتِ، فهذا لا يمكنُ

وإنْ كانَ في المعاملاتِ، وكان الموحّدون للمذاهبِ أصحابَ علم واجتهادٍ، وأصحابَ معرفةٍ بأحوالِ الزمانِ، ومعرفةٍ بالمصالحِ المرسلة: فإنَّ توحيدَ المذاهبِ هذه أولى مِنْ اختراعِ القوانينِ المبتدعةِ، ومِن السيرِ على نمطِ القوانينِ الأُورباوية التي لم تزلْ عُرْضةً للتغييرِ والتبديلِ

"

(3)

.

الثانية: نَسَبَ الشيخ محمدٌ الباني القولَ بتوحيدِ المذاهبِ إلى علماءِ عصرِه وحُكمائِه المجددين

(4)

.

الثالثة: يختلفُ مفهومُ توحيدِ المذاهبِ عند بعضِ الداعين إليه فيما بينهم، فالمتبادرُ مِنْ قولهم: توحيد المذاهب أنْ يكونَ للمسلمين مذهبٌ واحدٌ، لكنَّ الشيخَ محمدًا الباني فسَّر توحيدَ المذاهبِ - الذي دعا إليه العلماءُ في عصرِه - بـ:"التوفيق بينها فيما يمكنُ التوفيق به؛ قصرًا للطريقِ على طالبِ التفقه في دينِه، وخروجًا مِنْ خلافِ العلماءِ حسب الإمكانِ؛ أخذًا بالورعِ"

(5)

.

وأعدُّ ما قرره الشيخُ محمدٌ الباني مِنْ اللبناتِ الأُوْلى في طريقِ توحيدِ المذاهبِ؛ إذ جاءَ بعده مَنْ لم يقصرْ توحيدَ المذاهبِ على ما يمكنُ التوفيقُ فيه فحسب، بل جَعَلَ دعوته لتوحيدِ المذاهبِ في جميعِ المسائلِ.

(1)

انظر: مجلة المنار (4/ 692).

(2)

انظر: عمدة التحقيق (ص/ 44).

(3)

المواهب الربانية (ص/ 202).

(4)

انظر: عمدة التحقيق (ص/ 44).

(5)

المصدر السابق (ص/ 44).

ص: 1470

الرابعة: هناك فرقٌ بين الحديثِ عن تقارب المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعةِ، والدعوةِ إلى توحيدِها؛ إذ المذاهبُ الفقَهيةُ متقاربةٌ مِنْ حيثُ أصولُها، وأحكامُ فروعِها

(1)

، وليس هذا بغريبٍ؛ لأنَّ أئمةَ المذاهبِ تخرجوا في مدارس متقاربةِ الأصولِ، وقد تتلمذ بعضُهم لبعضٍ

(2)

.

الخامسة: ضرورةُ التفريقِ بين الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ، والدعوةِ إلى جعلِ المذاهبِ كالمذهبِ الواحدِ.

فتوحيدُ المذاهبِ صهرٌ لأقوالِ المذاهبِ في مذهب وقالبٍ واحدٍ، بحيثُ لا توجدُ المذاهبُ المعروفةُ؛ أمَّا جعلُ المذاهب كالمذهب الواحدِ، فهو بقاءٌ على المذهبية مع الأخذِ بما يرجحه الدليلُ والبرهانُ، ولو كان خارجَ المذهب، فلا يُوجَدُ حَرَجٌ عند هؤلاءِ مِن الأخذِ بمذهبٍ آخرَ شريطةَ أنْ يكون هناكَ ما يُسوّغُ الأخذَ به.

أشرتُ إلى هذا الأمرِ؛ لئلا يذهبَ ذاهبٌ إلى عدِّ مَنْ دعا إلى جعلِ المذاهب كالمذهبِ الواحدِ منْ حيثُ الإفادةُ منها مِن الداعين إلى توحيدِها

(3)

.

السادسة: ثمةَ فرقٌ بين الدعوةِ إلى توحيدِ المذاهبِ، والدعوةِ إلى توحيدِ الحُكمِ القضائي والإفتائي.

فمَنْ دعا إلى توحيدِ الحكمِ القضائي والإفتائي - بغضِّ النظرِ عن حُكمِ توحيدِ القول في القضاءِ والإفتاءِ - فإنَّه لا يُعدُّ مِن الداعين إلى توحيدِ

(1)

انظر: نقاط الالتقاء بين المذاهب الإسلامية للدكتور وهبة الزحيلي (4/ 149 - 168) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، والمدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ 261)، ومحاضرات في تاريخ الفقه لوهبي غاوجي (ص/ 71)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ 242).

(2)

انظر: المدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ 261)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ 242).

(3)

انظر على سبيل المثال: الفكر السامي لمحمد الحجوي (4/ 449).

ص: 1471