الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الزَّكَاة
حصل مِنْهُ شَيْء بِالْعرضِ على النَّار أَولا وَتجوز كِتَابَته بهما لَا تحلية كتب علم أَو حَدِيث وَلَا كتابتهما بهما
وَيحرم تحلية قُبُور سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ والكعبة ومقام إِبْرَاهِيم بِالذَّهَب أَو الْفضة وَمثل ذَلِك مَا يَفْعَلُونَهُ فِي الْمُجْمل الْمَعْرُوف فَهُوَ حرَام وَيحرم التفرج عَلَيْهِ وَلَا يَصح الْوَقْف عَلَيْهِ وَكَذَا الذَّهَب الَّذِي على كسْوَة الْكَعْبَة والبرقع على الْمُعْتَمد
وَقَالَ البُلْقِينِيّ يجوز كسْوَة الْكَعْبَة بالحرير المنسوج بِالذَّهَب لما فِيهِ من التَّعْظِيم بكسوتها الفاخرة وَيحل لبس شَيْء تنجس لَا رُطُوبَة فِيهِ لِأَن نَجَاسَته عارضة سهلة الْإِزَالَة وَلَا يحل لبس نجس الْعين كَجلْد الْميتَة لما يجب عَلَيْهِ من التنقية باجتناب النَّجس لإِقَامَة الْعِبَادَة إِلَّا لضَرُورَة كحر وَنَحْوه وَيحل لِبَاس الْجلد النَّجس للدابة إِذْ لَا تعبد عَلَيْهَا مَا لم يكن من مغلظ
تَتِمَّة لَا يحرم اسْتِعْمَال النشاء فِي الثِّيَاب من الْمَالِك لَهَا أَو بِإِذْنِهِ وَاسْتِعْمَال الدقاق فِي غسل الْأَيْدِي بِقدر الْحَاجة وَالْأولَى لمَالِك الثِّيَاب ترك دقها أما إِذا كَانَ ذَلِك للْبيع فَهُوَ من الْغِشّ الْمحرم فَيجب إِعْلَام المُشْتَرِي بِهِ وَالْأولَى أَيْضا ترك صقلها وَيَنْبَغِي طي الثِّيَاب وَذكر اسْم الله عَلَيْهَا لما ورد من قَوْله صلى الله عليه وسلم إِذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسْم الله تَعَالَى عَلَيْهَا لِئَلَّا تلبسها الْجِنّ بِاللَّيْلِ وَأَنْتُم بِالنَّهَارِ فتبلى سَرِيعا وَينْدب للْعُلَمَاء والقضاة التزين بِمَا صَار شعارا لَهُم ليعرفوا فيسئلوا وليطاعوا فِيمَا عَنهُ زجروا
وَيحرم على غَيرهم التزيي بزيهم لما فِيهِ من التلبيس كَمَا يحرم على غير الصَّالح التزيي بزِي الصلحاء وَفِي لبس الْعِمَامَة الخضراء لمن لَيْسَ من أَوْلَاد فَاطِمَة خلاف والشريف هُوَ الَّذِي لَهُ نسب من جِهَة الْأَب وَأما الَّذِي نسبه من جِهَة الْأُم فَقَط فَلَيْسَ شريفا
نعم لَهُ مزية على من لم يكن لَهُ نِسْبَة أصلا لِأَنَّهُ من ذُريَّته صلى الله عليه وسلم وَمن أَقَاربه
بَاب الزَّكَاة
وَهِي اسْم لما يخرج عَن مَال أَو بدن سمي بهَا ذَلِك لِأَنَّهُ يطهر الْمخْرج عَنهُ عَن تدنيسه بِحَق الْمُسْتَحقّين والمخرج عَن الْإِثْم ويقيه من الْآفَات ويمدحه عِنْد الله تَعَالَى حَتَّى يشْهد لَهُ بِصِحَّة الايمان
وأصل وُجُوبهَا قبل الْإِجْمَاع آيَات كَقَوْلِه تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} 9 التَّوْبَة الْآيَة 103 وَقَوله تَعَالَى {وَآتوا الزَّكَاة} 9 التَّوْبَة الْآيَة 5 وأخبار كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم الزَّكَاة قنطرة الْإِسْلَام رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَي الزَّكَاة جسر الْإِسْلَام الَّذِي يعبر مِنْهُ إِلَيْهِ فإيتاؤها طَرِيق فِي التَّمَكُّن فِي الدّين ووجوبها مَعْلُوم ضَرُورَة فيكفر جاحدها فِي الْمجمع عَلَيْهَا دون الْمُخْتَلف فِيهَا كَزَكَاة الرِّكَاز وَزَكَاة التِّجَارَة وَزَكَاة مَال الصَّبِي وَمن جهلها عرف بهَا فَإِن جَحدهَا بعد ذَلِك كفر وفرضت فِي شَوَّال فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة
بعد زَكَاة الْفطر
(تجب) أَي الزَّكَاة (على) كل (مُسلم) وَلَو غير مُكَلّف وَالْمرَاد أَنَّهَا تلْزم فِي مَاله فعلى الْوَلِيّ إخْرَاجهَا مِنْهُ إِن اعْتقد الْوُجُوب كشافعي وَإِلَّا كحنفي فَلَا أما الْكَافِر الْأَصْلِيّ فَلَا يلْزمه إخْرَاجهَا وَلَو بعد الْإِسْلَام لكنه يُعَاقب عَلَيْهَا زِيَادَة على كفره وَالزَّكَاة الْوَاجِبَة بِالْإِسْلَامِ لَا تسْقط بِالرّدَّةِ ووقف الْأَمر فِي مَال الْمُرْتَد لردته فَإِن مَاتَ مُرْتَدا بعد مُضِيّ حول من ردته بَان أَن لَا مَال لَهُ من حينها فَلَا زَكَاة وَإِن أسلم أخرج مَا مضى وَله الْإِخْرَاج فِي ردته وَإِن لم تصح نِيَّته للضَّرُورَة (حر) وَلَو كَانَ حر الْبَعْض وَقد ملك بِبَعْضِه الْحر نِصَابا لتَمام ملكه على مَا ملكه بِبَعْضِه الْحر أما الْقِنّ فَلَا تلْزمهُ لعدم ملكه وَكَذَا الْمكَاتب لضعف ملكه وَلَا تلْزم سَيّده لِأَنَّهُ غير مَالك وَلَا بُد من أَن يكون من وَجَبت عَلَيْهِ الزَّكَاة معينا مُنْفَصِلا فَلَا زَكَاة فِي مَال بَيت المَال وريع مَوْقُوف على نَحْو الْفُقَرَاء والمساجد لعدم تعين الْمَالِك بِخِلَاف الْمَوْقُوف على معِين وَاحِد أَو جمَاعَة وَلَا زَكَاة فِي مَال وقف على جَنِين لِأَنَّهُ لَا ثِقَة لوُجُوده وَلَا لِحَيَاتِهِ
ثمَّ الزَّكَاة نَوْعَانِ زَكَاة بدن وَهِي الْفطْرَة
وَزَكَاة مَال وَهِي وَاجِبَة فِي ثَمَانِيَة أَصْنَاف من أَجنَاس المَال وَهِي الذَّهَب وَالْفِضَّة والزروع وَالنَّخْل وَالْعِنَب وَالْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَيجب صرف الزَّكَاة لثمانية أَصْنَاف من طَبَقَات النَّاس
وَأما عرُوض التِّجَارَة فَهِيَ ترجع لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّة لِأَن زَكَاتهَا تتَعَلَّق بِقِيمَتِهَا وَهِي إِنَّمَا تكون مِنْهُمَا بِخِلَاف زَكَاة الْبَاقِي فَإِنَّهَا تتَعَلَّق بِعَيْنِه
وَيجب (فِي ذهب) وَلَو غير مَضْرُوب (بلغ عشْرين مِثْقَالا وَفِضة) وَلَو غير مَضْرُوبَة (بلغت مِائَتي دِرْهَم ربع عشر) لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِي أقل من عشْرين دِينَارا شَيْء وَفِي عشْرين نصف دِينَار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره وَقَوله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وأواق كجوار وَذَلِكَ بِوَزْن مَكَّة لقَوْله صلى الله عليه وسلم الْمِكْيَال مكيال الْمَدِينَة وَالْوَزْن وزن مَكَّة والمثقال لم يتَغَيَّر جَاهِلِيَّة وَلَا إسلاما وَهُوَ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّة شعير معتدلة لم تقشر وَقطع من طرفيها مَا دق وَطَالَ وَالْمرَاد بِالدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِم الإسلامية الَّتِي كل عشرَة مِنْهَا سَبْعَة مَثَاقِيل وكل عشرَة مَثَاقِيل أَرْبَعَة عشر درهما وسبعان وَكَانَت مُخْتَلفَة فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ ضربت على هَذَا الْوَزْن فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز أَو عبد الْملك بن مَرْوَان أجمع عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وَلَا يكمل نِصَاب أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ لاخْتِلَاف الْجِنْس ويكمل الْجيد بالرديء من الْجِنْس الْوَاحِد وَعَكسه وَإِن اخْتلف النَّوْع وَالْمرَاد بالجودة النعومة وَنَحْوهَا وبالرداءة الخشونة وَنَحْوهَا وَيُؤْخَذ من كل نوع بِقسْطِهِ إِن سهل بِأَن قلت الْأَنْوَاع وَإِلَّا أَخذ من الْوسط وَلَا يجزىء رَدِيء ومكسور عَن جيد وصحيح وَله اسْتِرْدَاده إِن بَين عِنْد الدّفع أَنه عَن ذَلِك المَال وَإِلَّا فَلَا وَإِذا جَازَ لَهُ الِاسْتِرْدَاد فَإِن بَقِي أَخذه وَإِلَّا أخرج التَّفَاوُت
وَكَيْفِيَّة معرفَة التَّفَاوُت أَن يقوم الْمخْرج بِجِنْس آخر كَأَن يكون مَعَه مِائَتَا دِرْهَم جَيِّدَة فَأخْرج عَنْهَا خَمْسَة مَعِيبَة والجيدة تَسَاوِي بِالذَّهَب نصف دِينَار
والمعيبة تَسَاوِي بِهِ خمسي دِينَار فَيبقى عَلَيْهِ دِرْهَم جيد وَذَلِكَ لِأَن نصف الدِّينَار إِذا قسم على الْخَمْسَة الجيدة خص كل نصف خمس مِنْهُ دِرْهَم والمعيبة تَسَاوِي خمسي دِينَار وقيمتهما أَرْبَعَة دَرَاهِم من الجيدة فَيبقى من نصف الدِّينَار نصف خمس يُقَابل بدرهم من الجيدة ويجزىء الْجيد وَالصَّحِيح عَن ضدهما بل هُوَ أفضل (كَمَال تِجَارَة) فَإِنَّهُ يجب فِيهِ ربع عشر قِيمَته آخر الْحول من نقد رَأس المَال الَّذِي اشْترى الْعرض بِهِ وَلَو فِي ذمَّته وَإِن كَانَ بعض نِصَاب أَو أبْطلهُ السُّلْطَان أَو لم يكن هُوَ الْغَالِب لِأَنَّهُ أصل مَا بِيَدِهِ وَأقرب إِلَيْهِ من نقد الْبَلَد أما أَنه ربع الْعشْر فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ يقوم بهما وَأما أَنه من الْقيمَة فَلِأَنَّهَا المنضبطة وَألْحق الرِّبْح بِالْأَصْلِ لِأَنَّهُ إِن ضم إِلَيْهِ فِي الْحول بِأَن لم ينض من جنس مَا يقوم بِهِ كَانَ كالنتاج مَعَ الْأُمَّهَات وَإِلَّا بِأَن أفرد بحول فَهُوَ مَال تِجَارَة وَإِنَّمَا انْقَطع عَن الأَصْل فِي الْحول فَقَط لبَقَاء حكمه عَلَيْهِ فِي قدر الْمخْرج وَمحل الْإِخْرَاج وَأما اعْتِبَاره بآخر الْحول فَلِأَنَّهُ وَقت الْوُجُوب فَقطع النّظر عَمَّا سواهُ لاضطراب الْقيم وَلَو كَانَ رَأس المَال عرضا للْقنية أَو نِكَاحا أَو خلعا أَو صلحا عَن دم عمد فَيقوم مَال التِّجَارَة بغالب نقد الْبَلَد من الدَّرَاهِم أَو الدَّنَانِير فَإِن بلغ نِصَابا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا
وَلَو حَال الْحول بِموضع لَا نقد فِيهِ كبلد يتعامل فِيهَا بفلوس أَو نَحْوهَا اعْتبر أقرب الْبِلَاد إِلَيْهِ أَو بِموضع فِيهِ نقدان غالبان قوم بِمَا بلغ بِهِ نِصَابا لتحَقّق تَمام النّصاب بِأحد النَّقْدَيْنِ فَإِن بلغه بهما تخير الْمَالِك فَيقوم بِأَيِّهِمَا شَاءَ
وَالْأَصْل فِي وجوب زَكَاة التِّجَارَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} 2 الْبَقَرَة الْآيَة 267
قَالَ مُجَاهِد نزلت هَذِه الْآيَة فِي زَكَاة التِّجَارَة
وَقَوله صلى الله عليه وسلم فِي الْإِبِل صدقتها وَفِي الْبَقر صدقتها وَفِي الْغنم صدقتها وَفِي الْبر صدقته
(وَشرط) لوُجُوب زَكَاة الذَّهَب وَالْفِضَّة (تَمام نِصَاب كل الْحول) لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
نعم لَو ملك نِصَابا سِتَّة أشهر مثلا ثمَّ أقْرضهُ إنْسَانا لم يَنْقَطِع الْحول كَمَا نَقله الرَّمْلِيّ عَن الرَّافِعِيّ أَي لِأَنَّهُ لما كَانَ بَاقِيا فِي ذمَّة الْغَيْر كَأَنَّهُ لم يخرج عَن ملكه وَكَذَا مَا نَقله شيخ الْإِسْلَام عَن البُلْقِينِيّ وَهُوَ عَن أبي حَامِد لَكِن قَالَ الشرقاوي وَالْمُعْتَمد وجوب الِاسْتِئْنَاف فِي ذَلِك فِي حق كل من الْمُقْتَرض والمقرض
أما الْمُقْتَرض فَلِأَن النّصاب لم يدْخل فِي ملكه إِلَّا بِقَبْضِهِ فَيدْخل فِيهِ وَإِن لم يتَصَرَّف فِي ذَلِك المَال
وَأما الْمقْرض فَلِأَن المَال خرج عَن ملكه بالإقراض فَتجب عَلَيْهِ الزَّكَاة إِذا تمّ الْحول من الْإِقْرَاض بِمَعْنى أَنَّهَا تَسْتَقِر فِي ذمَّته وَلَا يجب الْإِخْرَاج إِلَّا إِذا رَجَعَ لَهُ النّصاب
(وَيَنْقَطِع) أَي الْحول (بتخلل زَوَال ملك) فَإِن زَالَ ملكه فِي أثْنَاء الْحول عَن النّصاب أَو بعضه بِبيع أَو غَيره فَعَاد بشرَاء أَو غَيره اسْتَأْنف الْحول لانقطاعه بِزَوَال ملكه فعوده ملك جَدِيد فَلَا بُد لَهُ من حول وَمن ذَلِك مُبَادلَة أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ الْمُسَمَّاة بالمصارفة كصرف ريالات فضَّة بِذَهَب كَمَا يَفْعَله الصيارفة فيستأنف الْحول كلما بادل هَذَا فِي غير التِّجَارَة أما هِيَ فَلَا تضر الْمُبَادلَة فِيهَا أثْنَاء الْحول وَهِي جَائِزَة مَعَ الْكَرَاهَة إِن وجدت الشُّرُوط الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ الْحُلُول والتقابض والمماثلة عِنْد اتِّحَاد الْجِنْس والاثنان اللَّذَان هما الْحُلُول والتقابض عِنْد اختلافه وَلم يشْتَمل النقدان أَو أَحدهمَا على غش وَوجدت الصِّيغَة وَإِلَّا بِأَن لم تُوجد الشُّرُوط أَو لم تُوجد صِيغَة كَانَت الْمُبَادلَة
بَاطِلَة وَكَذَا إِن اشتملا على غش لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ من قَاعِدَة مد عَجْوَة وَدِرْهَم (وَكره) أَي فعل زَوَال ملك (لحيلة) أَي بِأَن قصد بِهِ الْفِرَار من الزَّكَاة فَقَط وَلم يكن ذَلِك لحَاجَة لِأَنَّهُ فرار من عبَادَة فَإِن أطلق أَو كَانَ لحَاجَة فَقَط أَو لَهَا وللفرار مَعًا فَلَا كَرَاهَة
(وَلَا زَكَاة فِي حلي مُبَاح) كالحلي من ذهب أَو فضَّة للبس امْرَأَة (وَلَو) اتَّخذهُ بِلَا قصد أَو قصد لإعارة أَو (لإجارة) لَهَا إِلَّا إِن أسرفت كخلخال وزن مَجْمُوع فردتيه مِائَتَا مِثْقَال مثلا فَلَا يحل لَهَا وَتجب زَكَاته وَلَو اشْترى إِنَاء ليتخذه حليا مُبَاحا فحبس واضطر إِلَى اسْتِعْمَاله فِي طهره مثلا وَلم يُمكنهُ غَيره فَبَقيَ حولا كَذَلِك أَو للشُّرْب مِنْهُ لمَرض أخبر من الثِّقَة أَنه لَا يُزِيلهُ إِلَّا هُوَ وأمسكه لأَجله أَو اتخذ الْإِنَاء ابْتِدَاء لذَلِك لَا تلْزمهُ زَكَاته لِأَنَّهُ معد لاستعمال مُبَاح (إِلَّا) إِذا كَانَ الْمُبَاح مصحوبا (بنية كنز) فَتجب زَكَاته للصرف لَهُ بِهَذِهِ النِّيَّة عَن الِاسْتِعْمَال فَصَارَ مُسْتَغْنى عَنهُ كالدراهم أَو كَانَ الْمَالِك لم يُعلمهُ بِأَن ورث حليا مُبَاحا وَلم يُعلمهُ إِلَّا بعد حول فَتجب زَكَاته لِأَنَّهُ لم ينْو إِمْسَاكه لاستعمال مُبَاح
وَخرج بالحلي الْمُبَاح الْمحرم كالمرود والإبرة وخلال الْأَسْنَان من ذهب أَو فضَّة فَإِنَّهَا مُلْحقَة بِالْإِنَاءِ وكسن الْخَاتم من ذهب والدملج مِنْهُ للرجل سَوَاء كَانَ الْمحرم لعَينه كآنية أَو بِالْقَصْدِ كقصد رجل لبس حلي امْرَأَة أَو عَكسه أَو لغَيْرِهِمَا كتبر مَغْصُوب صِيغ حليا وَالْمَكْرُوه كضبة صَغِيرَة للزِّينَة وَمَا فِيهِ أدنى سرف فَتجب زكاتهما
(و) يجب (فِي قوت كبر وأرز) بِفَتْح الْهمزَة وَضم الرَّاء وَتَشْديد الزَّاي وَهِي اللُّغَة الْمَشْهُورَة
واللغة الثَّانِيَة كَذَلِك إِلَّا أَن الْهمزَة مَضْمُومَة أَيْضا
الثَّالِثَة ضمهما وَتَخْفِيف الزَّاي على وزن كتب
الرَّابِعَة بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء كوزن قفل
الْخَامِسَة حذف الْهمزَة وَتَشْديد الزَّاي
السَّادِسَة رنز بنُون بَين الرَّاء وَالزَّاي
السَّابِعَة فتح الْهمزَة مَعَ تَخْفيف الزَّاي على وزن عضد
(وتمر وعنب بلغ) أَي الْقُوت (خَمْسَة أوسق منقى) من تبن وقشر لَا يُؤْكَل مَعَه غَالِبا وَغَيرهمَا (عشر) لخَبر لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة
وَخبر مُسلم لَيْسَ فِي حب وَلَا تمر صَدَقَة حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق وَإِنَّمَا تخْتَص الزَّكَاة بالقوت لِأَن الاقتيات من الضروريات الَّتِي لَا حَيَاة بِدُونِهَا وَخرج بِهِ مَا يُؤْكَل تداويا أَو تنعما أَو تأدما كالزيتون والزعفران وَعسل النَّحْل وَحب الفجل والبطيخ وَالرُّمَّان وَغَيرهَا
والوسق سِتُّونَ صَاعا كَمَا رَوَاهُ ابْن حبَان وَغَيره فمجموع الْخَمْسَة ثَلَاثمِائَة صَاع والصاع أَرْبَعَة أَمْدَاد فَيكون النّصاب ألف مد ومائتي مد وَأما مَا يُؤْكَل قشره مَعَه غَالِبا كالذرة فَلَا يعْتَبر تقشيره عَنهُ بل يدْخل فِي الْحساب وَإِن أزيل تنعما كَمَا يقشر الْبر وَأما مَا يدّخر فِي قشره وَلَا يُؤْكَل مَعَه كالأرز فنصابه عشرَة أوسق اعْتِبَارا بقشره الَّذِي ادخاره فِيهِ أصلح لَهُ وَأبقى بِالنِّصْفِ فتصفيته من قشره لَا تجب وقشره لَا يدْخل فِي الْحساب
نعم لَو حصلت الْخَمْسَة أوسق من دون الْعشْرَة اعتبرناه دونهَا وَذَلِكَ (إِن سقِِي) أَي الْقُوت (بِلَا مُؤنَة) كَمَاء مطر أَو نهر أَو عين أَو قناة أَو ساقية حفرت من النَّهر وَإِن احْتَاجَت لمؤنة لقَوْله صلى الله عليه وسلم فِيمَا سقت السَّمَاء
الْعشْر
(وَإِلَّا) يكن كَذَلِك بِأَن سقِِي بمؤنة كالدالية (فنصفه) أَي الْعشْر لخَبر الشَّيْخَيْنِ فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ عثريا الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر
والعثرى بِفَتْح الْعين والثاء الْمُثَلَّثَة أَو بِسُكُون الثَّانِيَة هُوَ أَن يحْفر حفيرة يجْرِي فِيهَا المَاء من السَّيْل إِلَى أصُول الشّجر وَتسَمى تِلْكَ الحفيرة عاثورا لِأَن الْمَار عَلَيْهَا يتعثر بهَا
والنضح هُوَ حمل المَاء من نهر أَو بِئْر بحيوان لسقي الزَّرْع وَيُسمى الْبَعِير الذّكر ناضحا وَالْأُنْثَى ناضحة وَيُسمى هَذَا الْحَيَوَان أَيْضا سانية
وَإِن سقِِي بمؤنة ودونها على السوية وَجب ثَلَاثَة أَربَاع الْعشْر أَو كَانَ ثلثا السَّقْي بمطر وَثلثه بدالية وَجب خَمْسَة أَسْدَاس الْعشْر وَفِي عَكسه ثُلُثَاهُ وَيكون التقسيط بِاعْتِبَار عَيْش الزَّرْع أَو الثَّمر بِاعْتِبَار الْمدَّة لَا بِاعْتِبَار السقيات فَلَو كَانَت الْمدَّة من يَوْم الزَّرْع إِلَى يَوْم الْإِدْرَاك ثَمَانِيَة أشهر وَاحْتَاجَ فِي سِتَّة أشهر من الشتَاء وَالربيع إِلَى سقيتين فسقي بِمَاء السَّمَاء وَفِي شَهْرَيْن من الصَّيف إِلَى ثَلَاث سقيات فسقي بالنضح وَجب ثَلَاثَة أَربَاع الْعشْر للسقيتين وَربع نصفه للثلاث وَإِن جهل الْمِقْدَار جعل نِصْفَيْنِ فَيجب ثَلَاثَة أَربَاع الْعشْر أخذا بالأحوط
وَلَو علم أَن أَحدهمَا أَكثر وَجَهل عينه فَالْوَاجِب ينقص عَن الْعشْر وَيزِيد على نصفه فَيُؤْخَذ وَيُوقف الْبَاقِي إِلَى الْبَيَان
وَالْمعْنَى فِي التَّفْرِقَة كَثْرَة الْمُؤْنَة وخفتها وَلَا فرق فِي وجوب الْعشْر أَو نصفه بَين الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة وَذَات الْخراج وَغَيرهمَا وَتَكون الأَرْض خَرَاجِيَّة إِذا فتحهَا الإِمَام عنْوَة ثمَّ تعوضها من الْغَانِمين ووقفها علينا وَضرب عَلَيْهَا خراجا أَو فتحهَا صلحا على أَن تكون لنا ويسكنها الْكفَّار بخراج مَعْلُوم فَهُوَ أُجْرَة لَا يسْقط بِإِسْلَامِهِمْ فَإِن سكنوها بِهِ وَلم تشْتَرط هِيَ لنا كَانَ جِزْيَة تسْقط بِإِسْلَامِهِمْ
قَالَ حُسَيْن الْمحلي فِي كشف اللثام نقلا عَن فَتَاوَى الرَّمْلِيّ لَا تسْقط الزَّكَاة عَن الأَرْض الخراجية وَلَا يحْسب مَا يَأْخُذهُ السُّلْطَان من الْخراج أَو ظلما من الزَّكَاة وَلَا يقوم ذَلِك مقَامهَا لِأَن الْآخِذ لَيْسَ من مستحقيها
(و) يجب (فِي كل خمس إبل) بِالتَّنْوِينِ فيهمَا على أَن الثَّانِي بدل أَو عطف بَيَان كَمَا قَالَه ابْن حجر فِي فتح الْجواد (شَاة) جَذَعَة ضَأْن لَهَا سنة وَدخلت فِي الثَّانِيَة أَو أجذعت قبلهَا تَنْزِيلا لَهُ منزلَة الْبلُوغ بالاحتلام أَو ثنية معز لَهَا سنتَانِ وَدخلت فِي الثَّالِثَة وَلَو كَانَ الْمخْرج من الشَّاة ذكرا وَإِبِله كلهَا إناث وإيحاب الْغنم فِي الْإِبِل على خلاف الْقَاعِدَة رفقا بالفريقين لِأَنَّهُ لَو وَجب بعير لأضر بأرباب الْأَمْوَال وَلَو وَجب جُزْء لأضر بالفريقين بالتشقيص وَوُجُوب الشَّاة فِي كل خمس من الْإِبِل مُسْتَمر (إِلَى خمس وَعشْرين) مِنْهَا فَإِذا بلغت ذَلِك الْعدَد (فبنت مَخَاض) وَهِي واجبها إِلَى سِتّ وَثَلَاثِينَ وَهِي ذَات سنة كَامِلَة سميت بذلك لِأَن أمهَا آن لَهَا أَن تصير من الْمَخَاض أَي الْحَوَامِل فَإِن لم يكن فِي إبِله بنت مَخَاض فَابْن لبون وَلَو خُنْثَى أَو مَعَ قدرته على شِرَاء بنت مَخَاض أَو كَانَت قِيمَته أقل مِنْهَا
(وَفِي سِتّ وَثَلَاثِينَ) إِلَى سِتّ وَأَرْبَعين (بنت لبون) وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا سنتَانِ سميت بذلك لِأَنَّهَا آن لأمها أَن تَلد ثَانِيًا
فَتكون ذَات لبن فَإِن فقدها لم يجز عَنْهَا حق (وست وَأَرْبَعين) إِلَى إِحْدَى وَسِتِّينَ (حقة) وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا ثَلَاث سِنِين وَسميت بذلك لِأَنَّهَا اسْتحقَّت أَن يطرقها الْفَحْل وَأَن تركب وَيحمل عَلَيْهَا
(وَإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَة) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا أَربع سِنِين سميت بذلك لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أجذعت مقدم أسنانها أَي أسقطته وَهِي آخر أَسْنَان إبل الزَّكَاة واعتبرت فِي الْجَمِيع الْأُنُوثَة لما فِيهَا من رفق الدّرّ والنسل
(وست وَسبعين) إِلَى إِحْدَى وَتِسْعين (بِنْتا لبون وَإِحْدَى وَتِسْعين) إِلَى مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين (حقتان وَمِائَة وَإِحْدَى وَعشْرين ثَلَاث بَنَات لبون) ولتغير الْوَاجِب بِهَذِهِ الْوَاحِدَة لَا بَعْضهَا كَانَ لَهَا قسط من الْوَاجِب فَسقط بموتها بَين تَمام الْحول والتمكن من الْإِخْرَاج جُزْء من مائَة وَأحد وَعشْرين جُزْءا من بَنَات اللَّبُون الثَّلَاث
(ثمَّ) يسْتَمر ذَلِك إِلَى مائَة وَثَلَاثِينَ فيتغير الْوَاجِب بِزِيَادَة تسع ثمَّ بِكُل عشر بعْدهَا فَحِينَئِذٍ يجب بعد زِيَادَة تسع على الْمِائَة والأحد وَالْعِشْرين (فِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون و) فِي كل (خمسين حقة) فَفِي مائَة وَثَلَاثِينَ بِنْتا لبون وحقة وَفِي مائَة وَأَرْبَعين حقتان وَبنت لبون وَفِي مائَة وَخمسين ثَلَاث حقاق وَفِي مائَة وَسِتِّينَ أَربع بَنَات لبون
(و) يجب (فِي ثَلَاثِينَ بقرة) إِلَى أَرْبَعِينَ (تبيع) وَهُوَ ذُو سنة كَامِلَة سمي بذلك لِأَنَّهُ يتبع أمه فِي المسرح ويجزىء عَنهُ تبيعة بِالْأولَى لِأَنَّهَا زَادَت خيرا بالأنوثة وَإِن كَانَت أقل مِنْهُ قيمَة (وَأَرْبَعين) بقرة إِلَى سِتِّينَ (مُسِنَّة) وَتسَمى ثنية وَهِي ذَات سنتَيْن كاملتين سميت بذلك لتكامل أسنانها ويجزىء عَنْهَا تبيعان لاجزائهما عَن سِتِّينَ كَمَا قَالَ (وَسِتِّينَ تبيعان ثمَّ) يخْتَلف الْوَاجِب بِكُل عشر فَيجب (فِي كل ثَلَاثِينَ تبيع وَأَرْبَعين مُسِنَّة) فَحِينَئِذٍ يجب فِي كل سبعين مُسِنَّة وتبيع وَفِي ثَمَانِينَ مسنتان وَفِي تسعين ثَلَاثَة أتبعة وَفِي مائَة وَعشرَة مسنتان وتبيع وَفِي مائَة وَعشْرين ثَلَاث مسنات أَو أَرْبَعَة أتبعة
(و) يجب (فِي أَرْبَعِينَ غنما) إِلَى مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين (شَاة) فَمن الضائن جَذَعَة ضَأْن وَهِي مَا لَهَا سنة وَمن الماعز ثنية معز وَهِي مَا لَهَا سنتَانِ (وَمِائَة وَإِحْدَى وَعشْرين) شَاة إِلَى مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة (شَاتَان وَمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة) إِلَى ثَلَاثمِائَة (ثَلَاث) من الشياه (وَأَرْبَعمِائَة
أَربع) مِنْهَا (ثمَّ فِي كل مائَة شَاة) جَذَعَة من الضَّأْن وَهِي مَا لَهَا سنة وثنية من الْمعز وَهِي مَا لَهَا سنتَانِ وَمَا بَين النصابين يُسمى وقصا وَهُوَ عَفْو لَا شَيْء فِيهِ وَلَو تَفَرَّقت مَاشِيَة الْمَالِك فِي أَمَاكِن فَهِيَ كَالَّتِي فِي مَكَان وَاحِد حَتَّى لَو ملك أَرْبَعِينَ شَاة فِي بلدين لَزِمته الزَّكَاة وَلَو ملك ثَمَانِينَ فِي بلدين فِي كل بلد أَرْبَعُونَ لَا يلْزمه إِلَّا شَاة وَاحِدَة وَإِن بَعدت الْمسَافَة بَينهمَا
(وَتجب الْفطْرَة على حر بغروب لَيْلَة فطر عَمَّن تلْزمهُ نَفَقَته وَلَو رَجْعِيَّة إِن فضل عَن قوت ممون) لَهُ (يَوْم عيد وَلَيْلَته وَعَن دين) كَمَا اعْتَمدهُ ابْن حجر تبعا للماوردي كَقَوْل إِمَام الْحَرَمَيْنِ دين الْآدَمِيّ يمْنَع وجوب الْفطْرَة بالِاتِّفَاقِ (وَمَا يُخرجهُ فِيهَا) أَي الْفطْرَة
وَالْحَاصِل أَنه يشْتَرط فِي الْمُؤَدِّي ثَلَاثَة شُرُوط الأول الْإِسْلَام فَلَا تلْزم الْكَافِر فطْرَة نَفسه بِمَعْنى أَنه لَا يُطَالب بهَا فِي الدُّنْيَا وَإِن كَانَ يُعَاقب على تَركهَا فِي الْآخِرَة وَتلْزم فطْرَة رَقِيقه وقريبه الْمُسلم لوُجُوب نفقتهما عَلَيْهِ هَذَا فِي الْكَافِر الْأَصْلِيّ
وَأما الْمُرْتَد ففطرته مَوْقُوفَة على عوده لِلْإِسْلَامِ وَكَذَا الرَّقِيق الْمُرْتَد
الثَّانِي الْحُرِّيَّة فَلَا فطْرَة على رَقِيق لَا عَن نَفسه وَلَا عَن غَيره سَوَاء كَانَ مكَاتبا أَو لَا أما الْمكَاتب فَلَا تجب فطرته على أحد لَا على سَيّده لاستقلاله وَلَا عَلَيْهِ لضعف ملكه وَمن بعضه حر وَبَعضه الآخر رَقِيق يلْزمه من الْفطْرَة بِقدر مَا فِيهِ من الْحُرِّيَّة وباقيها على مَالك الْبَاقِي هَذَا حَيْثُ لَا مُهَايَأَة بَينه وَبَين مَالك بعضه وَإِلَّا اخْتصّت الْفطْرَة بِمن وَقع زمن الْوُجُوب فِي نوبَته وَمثله فِي ذَلِك الرَّقِيق الْمُشْتَرك
الثَّالِث أَن يملك مَا يفضل عَن مُؤنَة من تلْزمهُ مؤنتهم من نَفسه وَزَوجته الَّتِي فِي طَاعَته بِخِلَاف النَّاشِزَة إِذْ لَا تلْزمهُ مؤنتها وَمثل الزَّوْجَة الرَّجْعِيَّة والبائن الْحَامِل لوُجُوب نفقتهما وَلَو زوج أمته بِعَبْدِهِ لزمَه فطرتها وَلَا بُد أَيْضا أَن تكون الْفطْرَة فاضلة عَن مسكن وخادم لائقين بِهِ يحْتَاج إِلَيْهِمَا وَالْمرَاد بحاجته للخادم أَن يَحْتَاجهُ لخدمته أَو خدمَة ممونه أما حَاجته لعمله فِي أرضه أَو مَاشِيَته فَلَا أثر لَهَا
نعم لَو ثبتَتْ الْفطْرَة فِي ذمَّة إِنْسَان يُبَاع فِيهَا مَسْكَنه وخادمه لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَت من الدُّيُون وَأَن تكون فاضلة عَن دست ثوب يَلِيق بِهِ وبممونه وَلَا يشْتَرط كَونهَا فاضلة عَن دينه وَلَو لآدَمِيّ كَمَا رَجحه النَّوَوِيّ فِي الْمَجْمُوع وَاعْتَمدهُ الْأَذْرَعِيّ وَابْن الْمقري لِأَن الدّين لَا يمْنَع الزَّكَاة وَلَا يمْنَع إِيجَاب نَفَقَة الزَّوْجَة والقريب فَلَا يمْنَع إِيجَاب الْفطْرَة التابعة لَهَا وَإِنَّمَا لم يمْنَع الدّين وُجُوبهَا لِأَن مَاله لَا يتَعَيَّن صرفه لَهُ وَإِنَّمَا بيع الْمسكن وَالْخَادِم فِيهِ تَقْدِيمًا لبراءة ذمَّته على الِانْتِفَاع بهما لِأَن تحصيلهما بالكراء أسهل كَذَا قَالَ الرَّمْلِيّ وَيعْتَبر وجود الْفضل بِمَا ذكر وَقت الْوُجُوب فوجوده بعده لَا يُوجِبهَا اتِّفَاقًا وَفَارق الْكَفَّارَة حَيْثُ تَسْتَقِر فِي ذمَّته عِنْد الْعَجز عَنْهَا لِأَن الْقَاعِدَة أَن الْحق المالي إِذا وَجب على
الشَّخْص بتسبب مِنْهُ اسْتَقر فِي ذمَّته وَإِن كَانَ مُعسرا وَقت وُجُوبه كالكفارة وَإِن لم يتسبب فِي وُجُوبه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِذا كَانَ مُعسرا وَقت وُجُوبه وَإِن أيسر بعده كالفطرة
وَيشْتَرط فِي الْمُؤَدى عَنهُ أَمْرَانِ الأول الْإِسْلَام فَلَا تخرج الْفطْرَة عَن كَافِر وَفِي الْمُرْتَد مَا مر
الثَّانِي أَن يدْرك وَقت وُجُوبهَا الَّذِي هُوَ آخر جُزْء من رَمَضَان وَأول جُزْء من شَوَّال فَتخرج عَمَّن مَاتَ بعد الْغُرُوب وَعَمن ولد قبله وَلَو بلحظة دون من مَاتَ قبله وَدون من ولد بعده وَلَو كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَة فِي رَقِيق بَين اثْنَيْنِ بليلة وَيَوْم بِأَن كَانَ يخْدم أَحدهمَا لَيْلَة وَالْآخر يَوْمًا أَو فِي نَفَقَة قريب بَين اثْنَيْنِ كَذَلِك فَهِيَ عَلَيْهِمَا لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَقع فِي نوبَته جُزْء من وَقت الْوُجُوب وَلَو قَالَ لرقيقه أَنْت حر مَعَ آخر جُزْء من رَمَضَان فالفطرة على الْعَتِيق إِن أيسر فِي هَذِه اللحظة بِإِرْث أَو نَحوه
ضَابِط كل من لزمَه نَفَقَة شخص لزمَه فطرته إِن كَانَ ذَلِك الشَّخْص مُسلما وَذَلِكَ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُصُول وَالْفُرُوع والرقاب وَمثل الزَّوْجَة خَادِمهَا الْمَمْلُوك لَهَا أَو لَهما أَو الْمُسْتَأْجر بِالنَّفَقَةِ بِخِلَاف الْمُسْتَأْجر بِدَرَاهِم وَلَو صحبتهَا امْرَأَة لتخدمها بِالنَّفَقَةِ لَا يلْزم الزَّوْج فطرتها لعدم الْإِجَارَة وَيسْتَثْنى من هَذَا الضَّابِط مسَائِل مِنْهَا أَنه لَا يلْزم العَبْد فطْرَة زَوجته حرَّة كَانَت أَو غَيرهَا وَإِن وَجَبت نَفَقَتهَا فِي كَسبه وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا يملك وَإِن ملكه سَيّده
وَمِنْهَا أَنه لَا يلْزم الابْن فطْرَة زَوْجَة أَبِيه ومستولدته وَإِن وَجَبت نفقتهما على الْوَلَد لكَون الْأَب فَقِيرا لِأَن النَّفَقَة لَازِمَة للْأَب مَعَ إِعْسَاره فيتحملها الْوَلَد بِخِلَاف الْفطْرَة
وَمِنْهَا عبد بَيت المَال تجب نَفَقَته على الإِمَام دون فطرته
وَمِنْهَا مَا لَو آجر عَبده وَشرط نَفَقَته على الْمُسْتَأْجر فَإِن الْفطْرَة على سَيّده
وَمِنْهَا عبد الْمَالِك فِي الْمُسَاقَاة والقراض إِذا شَرط عمله مَعَ الْعَامِل فنفقته على الْعَامِل وفطرته على سَيّده
وَمِنْهَا مَا لَو حج بِالنَّفَقَةِ ففطرته على نَفسه
وَمِنْهَا عبد الْمَسْجِد سَوَاء كَانَ ملكه أَو مَوْقُوفا عَلَيْهِ فَلَا تجب فطرتهما وَإِن وَجَبت نفقتهما
وَصُورَة الْملك أَن يُوهب لَهُ أَو يوصى لَهُ بِهِ وَلَا يشْتَرط الْقبُول من النَّاظر فيهمَا وَفَائِدَة كَونه ملكه أَنه يُبَاع فِي مَصَالِحه بِخِلَاف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ
وَمِنْهَا الْمَوْقُوف على غير معِين كَرجل ومدرسة ورباط أَو على جِهَة كالفقراء
وَمِنْهَا الزَّوْجَة الغنية الَّتِي فِي طَاعَة الزَّوْج الْمُعسر تجب نَفَقَتهَا دون فطرتها لِأَن الْمُخَاطب بفطرتها زَوجهَا وَالْحَال أَنه مُعسر فَلَا يجب عَلَيْهَا إِخْرَاج فطْرَة نَفسهَا لِأَن الْمُخَاطب بهَا غَيرهَا
نعم يسن لَهَا ذَلِك وَخرج بِمَا ذكر النَّاشِزَة فَإِن فطرتها على نَفسهَا وَلَو كَانَت الزَّوْجَة أمة مسلمة لزَوجهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَإِن كَانَ حرا مُوسِرًا فَعَلَيهِ نَفَقَتهَا وفطرتها وَإِن كَانَ رَقِيقا أَو مُعسرا فَعَلَيهِ نَفَقَتهَا وعَلى سَيِّدهَا فطرتها وَإِن كَانَت مسلمة لَهُ لَيْلًا فَقَط ويستخدمها السَّيِّد نَهَارا فنفقتها وفطرتها على السَّيِّد سَوَاء كَانَ الزَّوْج رَقِيقا أَو حرا مُوسِرًا أَو مُعسرا وَمَفْهُوم هَذَا الضَّابِط أَن من لم تجب نَفَقَته لَا تجب فطرته وَيسْتَثْنى من ذَلِك الْمكَاتب كِتَابَة فَاسِدَة فَإِن نَفَقَته لَا تلْزم السَّيِّد وَتلْزَمهُ فطرته وَلَو كَانَت الزَّوْجَة شافعية وَالزَّوْج حَنَفِيّ لَا تجب فطرتها على أحد لِأَنَّهَا ترَاهَا على زَوجهَا وَهُوَ يَرَاهَا عَلَيْهَا وَإِذا
كَانَ بعكس ذَلِك وَجَبت على الزَّوْج لكَونه يَرَاهَا على نَفسه وَلَو اسْتَأْجر شخصا لخدمته أَو لرعي دوابه أَو لخدمة زرعه بِشَيْء معِين من الدَّرَاهِم لَا تجب على الْمُسْتَأْجر فطرته لكَونه مؤجرا بِدَرَاهِم إِجَارَة صَحِيحَة أَو فَاسِدَة بِخِلَاف مَا لَو استخدمه بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة فَإِنَّهُ تجب عَلَيْهِ فطرته ويجزىء أَدَاء المتحمل عَنهُ للفطرة بِغَيْر إِذن المتحمل لِأَنَّهُ الأَصْل وَقد نوى كَمَا قَالَه ابْن حجر
وَالْحَاصِل أَن اعْتِبَار الْفطْرَة شرعا مُتَوَقف على أَرْبَعَة أُمُور النِّيَّة
وَالْقدر الْمخْرج
والمؤدي
والمؤدى عَنهُ
أما النِّيَّة فَتكون من الْمُؤَدِّي عَن نَفسه أَو عَمَّن تلْزمهُ فطرته من زَوْجَة وخادمها ورقيق وأصول وفروع إِذا وَجَبت نَفَقَتهم وَنَحْو ذَلِك أَو عَن موليه الْغَنِيّ من صَغِير وَمَجْنُون وسفيه وَلَو من مَال نَفسه لِأَنَّهُ يسْتَقلّ بتمليكه بِخِلَاف أُصُوله وفروعه الَّذين لَا تجب نَفَقَتهم وَبِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ فَإِنَّهُ لَا بُد من الْإِذْن لَهُ فِي الْأَدَاء عَنْهُم فَلَو أدّى عَنْهُم بِغَيْر إذْنهمْ لَا يَقع الْموقع وَمن كَانَت فطرته وَاجِبَة على غَيره كَالزَّوْجَةِ فَأخْرج عَن نَفسه من مَاله بِغَيْر إِذن من وَجَبت عَلَيْهِ صَحَّ وَلَا رُجُوع لَهُ بهَا على من وَجَبت عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تجب ابْتِدَاء على الْمُؤَدى عَنهُ ثمَّ يتحملها عَنهُ الْمُؤَدِّي وَتَكون النِّيَّة عِنْد الْعَزْل عَن المَال أَو عِنْد الدّفع إِلَى الْمُسْتَحق أَو بَينهمَا
(و) الْقدر الْمخْرج من زَكَاة الْفطْرَة عَن وَاحِد (هِيَ صَاع) بِصَاع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (من غَالب قوت بَلَده) أَي غَالب قوت مَحل وَقت الْوُجُوب من جنس وَاحِد عَن شخص وَاحِد فَلَا يجوز تبعيضه من جِنْسَيْنِ وَإِن كَانَ أحد الجنسين أَعلَى من الآخر كَمَا لَا يجزى فِي كَفَّارَة الْيَمين أَن يكسو خَمْسَة وَيطْعم خَمْسَة
أما لَو أخرج الصَّاع عَن اثْنَيْنِ كَأَن ملك شخص نصفي عَبْدَيْنِ أَو مبعضين ببلدين مختلفي الْقُوت فَإِنَّهُ يجوز تبعيضه وَلَو كَانَ قوتهم الْبر الَّذِي فِيهِ قَلِيل من الشّعير تسومح بِهِ فَإِن كَانَ قوتهم الْبر الْمُخْتَلط بشعير كثير تخير إِن تساوى الخليطان فَيخرج صَاعا من الْبر أَو الشّعير فَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر وَجب مِنْهُ
ويجزى الْأَعْلَى عَن الْأَدْنَى لَا عَكسه فَإِن لم يجد إِلَّا نصفا من ذَا وَنصفا من ذَا
فَالْأَوْجه أَنه يخرج النّصْف الْوَاجِب عَلَيْهِ وَلَا يُجزئهُ الآخر لما مر من أَن الصَّاع لَا يبعض من جِنْسَيْنِ والعلو بِزِيَادَة الاقتيات لَا بِزِيَادَة الْقيمَة فأعلى الأقوات الْبر فالسلت فالشعير فالذرة فالأرز فالحمص فالماش فالعدس فالفول فالتمر فالزبيب فالأقط فاللبن فالجبن
ورمز بَعضهم لترتيبها فَقَالَ بِاللَّه سل شيخ ذِي رمز حكى مثلا عَن فَور ترك زَكَاة الْفطر لَو جهلا حُرُوف أَولهَا جَاءَت مرتبَة أَسمَاء قوت زَكَاة الْفطر إِن عقلا فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشر لَو غلب اقتيات وَاحِد مِنْهَا فِي بعض النواحي وَجب إِخْرَاج صَاع مِنْهُ فِي زَكَاة الْفطر ويجزى أَعلَى مِنْهُ لَا أدنى وَذَلِكَ بِخِلَاف زَكَاة المَال فَإِنَّهُ لَا يجزى فِيهَا إِخْرَاج جنس عَن آخر كذهب عَن فضَّة وَعَكسه لِأَن الزَّكَاة الْمَالِيَّة مُتَعَلقَة بِالْمَالِ فَأمر أَن يواسي الْفُقَرَاء بِمَا واساه الله بِهِ والفطرة زَكَاة الْبدن فَنظر فِيهَا لما هُوَ غذَاء الْبدن والأعلى يحصل بِهِ هَذَا الْغَرَض وَزِيَادَة وَلَو كَانَ فِي الْبَلَد أقوات لَا غَالب فِيهَا تخير بَينهَا وَلَو اخْتلف الْغَالِب باخْتلَاف