المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الوكالة والقراض - نهاية الزين

[نووي الجاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌بَاب الصَّلَاة

- ‌فصل فِي مسَائِل منثورة

- ‌فرع وَكره كَرَاهَة تَحْرِيم صَلَاة

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة الصَّلَاة الْمُتَعَلّقَة بِوَاجِب

- ‌فرع من سنَن الهيئات

- ‌فَائِدَة السكتات الْمَطْلُوبَة فِي الصَّلَاة سِتّ

- ‌فَائِدَة الْأَحْوَال الَّتِي يجْهر فِيهَا الْمَأْمُوم خلف الإِمَام

- ‌فرع (سنّ دُخُول صَلَاة بنشاط)

- ‌فصل فِي سُجُود السَّهْو

- ‌فرع تسن سَجدَات التِّلَاوَة

- ‌فصل فِي مفسدات الصَّلَاة

- ‌فصل فِي سنَن الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة النَّفْل

- ‌فصل فِي الْجَمَاعَة فِي الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌فصل فِي الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يحرم اسْتِعْمَاله من اللبَاس والحلي

- ‌بَاب الزَّكَاة

- ‌فصل فِي أَدَاء الزَّكَاة

- ‌بَاب الصَّوْم

- ‌فصل فِي صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌بَاب الْحَج وَالْعمْرَة

- ‌فصل فِي مَحْظُورَات النّسك

- ‌فرع فِي أَحْكَام النذور

- ‌بَاب البيع

- ‌فصل فِي الْخِيَار

- ‌فصل فِي حكم الْمَبِيع

- ‌فصل فِي بيع الأَرْض وَالشَّجر وَالثِّمَار

- ‌فصل فِي اخْتِلَاف الْعَاقِدين وَفِي التَّحَالُف

- ‌فصل فِي الْقَرْض وَالرَّهْن

- ‌فرع لَو ادّعى كل من اثْنَيْنِ على آخر

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌بَاب فِي الْوكَالَة والقراض

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌بَاب فِي الْإِجَارَة

- ‌فرع لَو أعْطى الْمَالِك للخياط ثوبا

- ‌فرع لَا تصح المخابرة

- ‌بَاب فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌بَاب فِي مُطلق الْهِبَة

- ‌فرع لَو بعث هَدِيَّة فِي ظرف

- ‌بَاب فِي الْوَقْف

- ‌بَاب فِي الْإِقْرَار

- ‌بَاب فِي الْوَصِيَّة

- ‌بَاب الْفَرَائِض

- ‌فصل فِي أصُول الْمسَائِل

- ‌فرع إِذا مَاتَ إِنْسَان ثمَّ مَاتَ وَارِث

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌فرع سُئِلَ الزيَادي عَن رجل خطب امْرَأَة وَعقد

- ‌فرع لَو اخْتلطت محرم بِنسَب

- ‌فرع يُزَوّج عتيقه امْرَأَة حَيَّة)

- ‌فصل فِي الْكَفَاءَة

- ‌فصل فِي نِكَاح من فِيهَا رق

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز وَعشرَة النِّسَاء

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فرع لحر طلقات ثَلَاث وَلمن فِيهِ رق

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي الْعدة

- ‌فصل فِي النَّفَقَة وَالْكِسْوَة والإسكان

- ‌فرع فِي فسخ النِّكَاح

- ‌فروع مثل الزِّنَا اللواط

- ‌فصل فِي التَّعْزِير

- ‌فصل فِي الصيال

- ‌فرع يَقع كثيرا فِي الْقرى إِكْرَاه الشاد

- ‌فصل فِي جَوَاب الدَّعْوَى

- ‌فصل فِي بَيَان قدر النّصاب

الفصل: ‌باب في الوكالة والقراض

الْمُحْتَال من الْمحَال عَلَيْهِ (بفلس) طَرَأَ بعد الْحِوَالَة أَو قارنها أَو بِمَوْت الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا (أَو جحد) أَي إِنْكَار من الْمحَال عَلَيْهِ للحوالة أَو لدين الْمُحِيل وَحلف وَلَا يتَعَذَّر الْحق بِغَيْر ذَلِك كتعذر الْمحَال عَلَيْهِ أَو موت شُهُود الْحِوَالَة (لم يرجع) أَي الْمُحْتَال (على محيل) لِأَن الْحِوَالَة بِمَنْزِلَة الْقَبْض وقبولها مُتَضَمّن للاعتراف بشروطها فَهِيَ عقد لَازم لَا يَنْفَسِخ بفسخها فَامْتنعَ الرُّجُوع

(وَلَو) أذن مَدين لدائنه فِي الْقَبْض من مدينه ثمَّ (اخْتلفَا) فِي صفة الْإِذْن (هَل وكل أَو أحَال) بِأَن قَالَ الْمَدِين الْآذِن لم يصدر مني إِلَّا أَنِّي قلت وَكلتك لتقبض لي وَقَالَ الدَّائِن بل الصَّادِر مِنْك أَنَّك أحلتني فَصَارَ الْحق لي صدق الْمَدِين بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أعرف بنيته وَكَذَا لَو قَالَ الْمَدِين الْآذِن أردْت بِقَوْلِي اقبض من فلَان أَو بِقَوْلِي أحلتك بِمِائَة مثلا على زيد الْوكَالَة فَيصدق بِيَمِينِهِ بِنَاء على الْأَصَح من صِحَة الْوكَالَة بِلَفْظ الْحِوَالَة لاحْتِمَال اللَّفْظ ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو لم يحْتَمل بِأَن قَالَ أحلتك بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك عَليّ على فلَان فَيصدق الدَّائِن وَهُوَ مدعي الْحِوَالَة بِيَمِينِهِ قطعا لِأَن هَذَا اللَّفْظ لَا يحْتَمل غير الْحِوَالَة وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن يتَّفقَا على أصل الدّين أما لَو أنكر مدعي الْوكَالَة أصل الدّين فَهُوَ الْمُصدق بِيَمِينِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِن اخْتلف الْمَدِين والدائن فِي أصل اللَّفْظ الصَّادِر كَأَن قَالَ الْمَدِين أحلتك فَقَالَ الدَّائِن بل وكلتني فِي الْقَبْض من فلَان أَو اخْتلفَا فِي المُرَاد من لفظ مُحْتَمل كاقبض أَو أحلتك (صدق مُنكر حِوَالَة) وَهُوَ النَّافِي لَهَا بِيَمِينِهِ إِذْ الأَصْل بَقَاء حَقه فِي ذمَّة الْمَدِين وَلَو اخْتلفَا فِي أصل الْإِذْن فِي الْقَبْض فَالْقَوْل قَول الْمَدِين كَمَا إِذا اخْتلفَا فِي صفته وَإِن اقْتَضَت الْفساد كَأَن قَالَ أردْت أَن تقبض مَالِي على فلَان لنَفسك فَإِن الْقَبْض فِي نَفسه صَحِيح وللمأذون لَهُ بَاطِل

‌بَاب فِي الْوكَالَة والقراض

الْوكَالَة بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا وَهِي تَفْوِيض شخص أمره إِلَى آخر فِي عمل مَخْصُوص على وَجه مَخْصُوص فِي حَال الْحَيَاة وَينْدب قبُولهَا

والقراض عقد يتَضَمَّن دفع المَال الْمَخْصُوص لآخر ليتجر فِيهِ وَالرِّبْح بَينهمَا وابتداؤه يشبه الْوكَالَة بالجعل وانتهاؤه يشبه الْجعَالَة بِنَاء على الْأَصَح أَن الْعَامِل يملك حِصَّته بِالْقِسْمَةِ لَا بالظهور

وأركان الْوكَالَة أَرْبَعَة مُوكل ووكيل وموكل فِيهِ وَصِيغَة لَكِن لَا يشْتَرط الْقبُول لفظا فِي وكَالَة بِغَيْر جعل بل الشَّرْط اللَّفْظ من أحد الْجَانِبَيْنِ وَالْفِعْل من الآخر إِلَّا فِيمَا لَو كَانَ لَهُ عين مؤجرة أَو معارة أَو مَغْصُوبَة فَوَهَبَهَا لآخر وَأذن لَهُ فِي قبضهَا فَوكل الْمَوْهُوب لَهُ من هِيَ بِيَدِهِ من الْمُسْتَأْجر أَو الْمُسْتَعِير أَو الْغَاصِب فِي قبضهَا لَهُ فَلَا بُد من قبُول لفظا مِمَّن هِيَ تَحت يَده لتزول يَده عَنْهَا بِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْإِمْسَاك لِأَنَّهُ اسْتِدَامَة لما سبق

ص: 249

فَلَا دلَالَة فِيهِ على الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَن الْمُؤَجّر أَو الْمُعير أَو الْمَالِك فِي الأَصْل

أما الْوكَالَة بِجعْل فَلَا بُد فِيهَا من الْقبُول فَوْرًا لفظا وَلَا فرق بَين كَون التَّوْكِيل بِصِيغَة الْأَمر أَو غَيره كَمَا أَفَادَهُ الشبراملسي خلافًا لِابْنِ حجر وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ الْعَمَل الْمُوكل فِيهِ مضبوطا لتَكون الْوكَالَة حِينَئِذٍ إِجَارَة

(تصح وكَالَة فِي كل عقد) كَبيع وَغَيره (وَفسخ) بِنَحْوِ عسر أَو إِقَالَة أَو تحالف (عَلَيْهِ) أَي الْمُوكل فِيهِ (ولَايَة لموكل) وَقت التَّوْكِيل فَإِن شَرط الْمُوكل فِيهِ أَن يملك الْمُوكل التَّصَرُّف فِيهِ حِين التَّوْكِيل أَو يذكرهُ تبعا لذَلِك فَلَو وكل بِبيع عبد سيملكه وَطَلَاق امْرَأَة سينكحها بَطل التَّوْكِيل لانْتِفَاء ولَايَته عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَو وكل الْوَلِيّ من يُزَوّج موليته إِذا انْقَضتْ عدتهَا أَو طلقت لم يَصح التَّوْكِيل على مَا صحّح الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا وَلَو قَالَت الْمَرْأَة لوَلِيّهَا وَهِي فِي نِكَاح أَو عدَّة أَذِنت لَك فِي تزويجي إِذا حللت صَحَّ الْإِذْن كَمَا نَقله الشَّيْخَانِ عَن فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَالْفرق بَين التَّوْكِيل وَالْإِذْن أَن تَزْوِيج الْوَلِيّ بِالْولَايَةِ الشَّرْعِيَّة وتزويج الْوَكِيل بِالْولَايَةِ الجعلية فَالْأولى أقوى وَبَاب الْإِذْن أوسع من بَاب الْوكَالَة وَيصِح التَّوْكِيل فِي قبض حق عين أَو دين وإقباض لَهُ كَذَلِك

نعم لَا يَصح تَوْكِيل إقباض الْعين الَّذِي يقدر على ردهَا بِنَفسِهِ مَضْمُونَة أَو أَمَانَة لانْتِفَاء إِذن مَالِكهَا فِي ذَلِك وَمن ثمَّ ضمن بِهِ مَا لم تصل بِحَالِهَا لمَالِكهَا وَيصِح فِي الدَّعْوَى بِنَحْوِ مَال أَو عُقُوبَة لغير الله تَعَالَى وَفِي الْجَواب وَإِن كره الْخصم وَتَصِح الْوكَالَة بِجعْل وَغَيره فِي تملك الْمُبَاحَات كإحياء واحتطاب واصطياد فَيملكهُ الْمُوكل إِن قَصده الْوَكِيل وَإِلَّا فَلَا

أما فِي الْتِقَاط غير الْمعِين فَلَا تصح

(لَا) تصح الْوكَالَة فِي (إِقْرَار) كوكلتك لتقر عني لفُلَان بِكَذَا فَيَقُول أَقرَرت عَنهُ بِكَذَا أَو جعلته مقرا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن حق فَلَا يقبل التَّوْكِيل كَالشَّهَادَةِ نعم التَّوْكِيل فِي الْإِقْرَار بِمعين أَو مُبْهَم إِقْرَار بِخِلَاف التَّوْكِيل فِي مُطلق الْإِقْرَار

(و) لَا فِي (يَمِين) كلعان وإيلاء وظهار كَأَنْت على موكلي كَظهر أمه أَو جعلت موكلي مُظَاهرا مِنْك لِأَن الْيَمين كالعبادات لتَعلق حكمهَا بتعظيمه تَعَالَى وَمَا بعْدهَا يشبهها وَمثلهَا النّذر وَتَعْلِيق نَحْو الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالتَّدْبِير فالتوكيل بِسَائِر التَّعَالِيق بَاطِل سوى الْوَصِيَّة وَالْولَايَة على الْجَيْش مثلا بِأَن يَقُول إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر فقد أوصيت لَهُ بِكَذَا لِأَن الْوَصِيَّة تقبل الْجعَالَة وَبِأَن يَقُول إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر ففلان أَمِير فِي الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة للْحَاجة إِلَى الْإِمَارَة وَلَا يضر تَعْلِيق التَّصَرُّف فَقَط كبعه لَكِن بعد شهر وَلَا يضر تَوْقِيت الْوكَالَة كوليتك شهرا (و) لَا فِي (عبَادَة) وَإِن لم تحتج لنِيَّة كالأذان وَالْإِقَامَة إِذْ الْقَصْد مِنْهَا امتحان عين الْمُكَلف وَيسْتَثْنى من ذَلِك أَشْيَاء الْحَج وَالْعمْرَة وَذبح أضْحِية وعقيقة وهدي وشَاة وَلِيمَة وتفريق زَكَاة وَنذر وَصدقَة وَكَفَّارَة وَصَوْم الْكَفَّارَات وركعتا الطّواف إِذا صلاهما الْأَجِير تبعا للطَّواف

أما إِذا وكل فيهمَا فَقَط فَلَا تصح الْوكَالَة قطعا كَمَا صرح بِهِ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا تصح الْوكَالَة (بِإِيجَاب) وَهُوَ مَا دلّ على إِذن الْمُوكل فِي التَّصَرُّف من لفظ أَو كِتَابَة أَو إِشَارَة أخرس مفهمة للْوَكِيل فَإِن فهمها كل أحد كَانَت صَرِيحَة سَوَاء كَانَ الْإِيجَاب بِصِيغَة العقد (كوكلتك)

ص: 250

فِي كَذَا أَو أنبتك فِيهِ أَو أقمتك مقَامي فِيهِ أَو فوضته إِلَيْك (أَو) بِصِيغَة الْأَمر كَقَوْلِه (بِعْ) أَو طلق أَو اعْتِقْ أَو زوج إِذْ لَا يحصل الرِّضَا إِلَّا بِالْإِيجَابِ فَالْأَمْر قَائِم مقَام الْإِيجَاب وأبلغ مِنْهُ وَلَا يجب الْقبُول لفظا بل الشَّرْط عدم الرَّد فَقَط نعم التَّوَكُّل بِجعْل لَا بُد فِيهِ من قبُول لفظا وَلَو بِصِيغَة الْأَمر وَذَلِكَ إِن كَانَ عمل الْوَكِيل مضبوطا لِأَنَّهَا إِجَارَة فَإِن لم يكن مضبوطا وَعمل فَهُوَ إِجَارَة فَاسِدَة فَيسْتَحق أُجْرَة الْمثل لِأَنَّهُ عمل طامعا أَي حَيْثُ لم يكن عَالما بِالْفَسَادِ وَقد يشْتَرط الْقبُول لفظا فِيمَا إِذا لم تزل الْيَد عَن الْعين الْمَضْمُونَة إِلَّا بِهِ كَمَا مر

فَائِدَة لَو قَالَ وَكلتك فِي أُمُور زَوْجَتي فَلَا يَسْتَفِيد طَلَاق تِلْكَ الْمَرْأَة حَيْثُ لَا قرينَة فِي تَوْكِيل التَّطْلِيق

(وَبَاعَ وَكيل بِثمن مثل) فَأكْثر أَو بِأَقَلّ من ثمن الْمثل إِن كَانَ النَّقْص مِمَّا يتَسَامَح بِهِ وَذَلِكَ يعْتَبر فِي كل نَاحيَة بعرف أَهلهَا المطرد عِنْدهم وَيخْتَلف باخْتلَاف مقادير الْأَمْوَال (حَالا) من نقد بلد البيع الْمَأْذُون فِيهَا لَا بلد التَّوَكُّل (إِذا أطلق الْمُوكل) الْوكَالَة بِأَن لم يُقيد بِثمن وَلَا حُلُول وَلَا تَأْجِيل وَلَا نقد وَمَتى خَالف شَيْئا مِمَّا ذكر فسد تصرفه وَضمن قيمَة الْمَبِيع يَوْم تَسْلِيمه للْمُشْتَرِي وَلَو فِي مثلي لتعديه بِتَسْلِيمِهِ لمن لَا يسْتَحقّهُ بِبيع بَاطِل وَيُطَالب الْوَكِيل المُشْتَرِي بِالْمثلِ لِأَن الْمَضْمُون بِهِ مَا تلف فِي يَده فَإِن لم يُطلق الْمُوكل اتبع مَا عينه فَإِذا قَالَ للْوَكِيل بِعْ هَذَا بِمَا شِئْت أَو بِمَا تيَسّر جَازَ لَهُ بَيْعه بِغَيْر نقد الْبَلَد لَا بنسيئة وَلَا غبن لِأَن مَا للْجِنْس أَو قَالَ بِعْهُ كَيفَ شِئْت جَازَ بنسيئة فَقَط لَا بِغَبن فَاحش وَلَا بِغَيْر نقد الْبَلَد لِأَن كَيفَ للْحَال فَشَمَلَ الْحَال والمؤجل أَو بِعْهُ بكم شِئْت جَازَ بِالْغبنِ فَقَط لَا بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْر نقد الْبَلَد لِأَن كم للعدد الْقَلِيل وَالْكثير لَكِن يَنْبَغِي أَن لَا يفرط فِي الْغبن بِحَيْثُ يعد إِضَاعَة وَأَن لَا يكون ثمَّ رَاغِب بِالزِّيَادَةِ أَو بِعْهُ بِمَا عز وَهَان جَازَ غير النَّسِيئَة لِأَن مَا للْجِنْس فقرنها بصلتها الْمَذْكُورَة يَشْمَل عرفا الْقَلِيل وَالْكثير من نقد الْبَلَد وَغَيره وَإِذا أمره الْمُوكل أَن يَبِيع بِنَقْد عينه فَأبْطل بعد التَّوْكِيل وَقبل البيع وجدد نقد آخر جَازَ للْوَكِيل البيع بالجديد لِأَن الظَّاهِر من حَال الْمُوكل إِرَادَة مَا يروج فِي الْبَلَد وَقت البيع من النُّقُود لَا سِيمَا إِذا تَعَذَّرَتْ مُرَاجعَة الْمُوكل كَمَا أَفَادَهُ الشبراملسي

(وَلَا يَبِيع) أَي الْوَكِيل (لنَفسِهِ) ولولده الصَّغِير أَو الْمَجْنُون أَو السَّفِيه وَإِن أذن الْمُوكل فِي ذَلِك وَقدر الثّمن وَنَهَاهُ عَن الزِّيَادَة لِئَلَّا يلْزم تولي الطَّرفَيْنِ لِأَن الْأَب إِنَّمَا يتَوَلَّى الطَّرفَيْنِ فِي مُعَامَلَته لنَفسِهِ مَعَ موليه أَو موليته وَهنا لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمُعَامَلَة لغيره

(و) إِذا وكل فِي شِرَاء مَوْصُوف أَو معِين وَإِن جهل الْمُوكل عَيبه توكيلا مُطلقًا بِأَن لم ينص للْوَكِيل على غير التَّوْكِيل بِالشِّرَاءِ فالوكيل (لَيْسَ) يحسن (لَهُ) أَي الْوَكِيل (شِرَاء معيب) لِأَن الْإِطْلَاق يَقْتَضِي السَّلامَة وَإِنَّمَا جَازَ لعامل الْقَرَاض شِرَاؤُهُ لِأَن الْقَصْد مِنْهُ الرِّبْح وَمن ذَلِك لَو كَانَ الْقَصْد هُنَا ذَلِك جَازَ لَهُ شِرَاؤُهُ وَيجوز للْوَكِيل الشِّرَاء نَسِيئَة وَبِغير نقد الْبَلَد حَيْثُ رأى فِيهِ مصلحَة إِذْ لَا ضَرَر فِيهِ على الْمُوكل

(وَوَقع) أَي الشِّرَاء (لَهُ) أَي الْوَكِيل (إِن علم) الْعَيْب وَكَانَ شِرَاء الْمَعِيب فِي الذِّمَّة

ص: 251

وَلم ينص الْمُوكل لَهُ على السَّلِيم سَوَاء أساوى مَعَ الْعَيْب مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أم زَاد على مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ غير مَأْذُون فِيهِ عرفا أَو علم الْعَيْب وَكَانَ الشِّرَاء فِي الذِّمَّة أَو بِالْعينِ وَلم يساو الْمَعِيب مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لتقصير الْوَكِيل إِذْ قد يتَعَذَّر الرَّد فيتضرر الْمُوكل أما إِن جهل الْوَكِيل الْعَيْب وَقع الشِّرَاء للْمُوكل فِي الصُّورَتَيْنِ لانْتِفَاء الْمُخَالفَة وَالتَّقْصِير وَالضَّرَر لتمكن الْمُوكل من رد الْمَعِيب نعم لَو نَص للْوَكِيل على السَّلِيم لم يَقع للْمُوكل لِأَنَّهُ غير مَأْذُون فِيهِ ولعذر الْوَكِيل بجهله مَعَ اندفاع الضَّرَر بِثُبُوت الْخِيَار لَهُ

وَخرج بِالذِّمةِ الشِّرَاء بِعَين مَال الْمُوكل فَإِنَّهُ لَيْسَ للْوَكِيل رده لتعذر انقلاب العقد لَهُ وَإِن وَقع الشِّرَاء للْمُوكل أَيْضا بِهَذِهِ الشُّرُوط الَّتِي هِيَ عدم النَّص على السَّلِيم ومساواته مَا اشْتَرَاهُ وَجَهل الْوَكِيل الْعَيْب أما لَو اشْترى الْوَكِيل بِالْعينِ وَكَانَ عَالما بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَقع الشِّرَاء لوَاحِد مِنْهُمَا وَيحرم لتعاطيه عقدا فَاسِدا كَمَا نَقله الشبراملسي عَن الزيَادي وَإِذا وَقع الشِّرَاء فِي الذِّمَّة للْمُوكل فِي صُورَتي الْجَهْل فَلِكُل من الْمُوكل وَالْوَكِيل الرَّد بِالْعَيْبِ فَيرد الْمُوكل على البَائِع إِن ذكره الْوَكِيل فِي العقد أَو نَوَاه وَقد صدقه البَائِع وَإِلَّا رده على الْوَكِيل وَلَو رَضِي الْمُوكل بِالْعَيْبِ امْتنع على الْوَكِيل رده بِخِلَاف عَكسه وَلَو رده قبل علمه بِرِضا الْمُوكل ثمَّ تبين أَنه كَانَ رَاضِيا بِهِ حِين الرَّد تبين بطلَان الرَّد

(وَلَا) يجوز للْوَكِيل (تَوْكِيل بِلَا إِذن) من الْمُوكل (فِيمَا يَتَأَتَّى) أَي يسهل (مِنْهُ) أَي الْوَكِيل لِأَن الْمُوكل لم يرض بِتَصَرُّف غَيره وَلَا ضَرُورَة فَلَا يجوز التَّوْكِيل فِي قبض دين وإرساله مَعَ بعض عِيَاله وَقَول القَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن الْجُورِي يَصح التَّوْكِيل إِن وكل أحدا من عِيَاله إِذا كَانَ أَمينا للْعُرْف رَأْي ضَعِيف كَذَا قَالَ الزيَادي أما إِذا لم يُمكن مَا وكل فِيهِ من الْوَكِيل لكَونه لَا يُحسنهُ أصلا أَو لَا يَلِيق بِهِ أَو يشق عَلَيْهِ تعاطيه مشقة لَا تحْتَمل فِي الْعَادة فَلهُ التَّوْكِيل عَن مُوكله فَلَو وكل عَن نَفسه لم يَصح التَّوْكِيل أَو أطلق وَقع عَن الْمُوكل فِيمَا زَاد على الْمُمكن دون غَيره وَلَو أذن الْمُوكل فِي التَّوْكِيل وَقَالَ للْوَكِيل وكل عَن نَفسك فَفعل فَالثَّانِي وَكيل الْوَكِيل وللموكل عَزله وينعزل الثَّانِي بعزل الأول إِيَّاه وانعزاله بِنَحْوِ مَوته أَو جُنُونه أَو عزل الْمُوكل للْأولِ لِأَن الثَّانِي نَائِب الأول وَإِن قَالَ الْمُوكل وكل عني سَوَاء عين الْوَكِيل أم لَا فَفعل فَالثَّانِي وَكيل الْمُوكل وَكَذَا إِن أطلق بِأَن لم يقل عَنْك وَلَا عني وَفِي التَّقْيِيد بقوله عني وَالْإِطْلَاق لَا يعْزل أَحدهمَا الآخر وَلَا يَنْعَزِل بانعزاله لانْتِفَاء كَونه وَكيلا عَنهُ

وَحَيْثُ جَوَّزنَا للْوَكِيل التَّوْكِيل عَنهُ أَو عَن الْمُوكل يشْتَرط أَن يُوكل أَمينا كَافِيا لذَلِك التَّصَرُّف وَلَو رَقِيقا إِلَّا أَن يعين الْمُوكل غير الْأمين فَيتبع تَعْيِينه لإذنه فِيهِ نعم إِن علم الْوَكِيل فسقه دون الْمُوكل لم يجز أَن يُوكله وَلم ينفذ تَوْكِيله كَمَا لَا يَشْتَرِي مَا عينه الْمُوكل وَلم يعلم عَيبه وَالْوَكِيل يُعلمهُ وَالْمُعْتَمد أَنه لَا يجوز تَوْكِيل غير الْأمين وَإِن قَالَ الْمُوكل للْوَكِيل وكل من شِئْت بِخِلَاف مَا لَو قَالَت الْمَرْأَة لوَلِيّهَا زَوجنِي مِمَّن شِئْت فَإِنَّهُ جَازَ لَهُ تَزْوِيجهَا من غير كُفْء لِأَن الْمَقْصُود هُنَا حفظ المَال وَحسن التَّصَرُّف فِيهِ وَغير الْأمين لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِك وَثمّ مُجَرّد وجود صفة كَمَال هِيَ الْكَفَاءَة وَقد يتَسَامَح بِتَرْكِهَا بل قد يكون غير الْكُفْء أصلح وَلَو وكل الْوَكِيل أَمينا ففسق لم يملك الْوَكِيل عَزله لِأَن الْمُوكل أذن لَهُ فِي التَّوْكِيل دون الْعَزْل وَلَو وكل الْوَكِيل عَن ولي لم يُوكل إِلَّا عدلا مُطلقًا سَوَاء عين

ص: 252

الْمُوكل لَهُ فَاسِقًا أَو غَيره

(وَهُوَ) أَي الْوَكِيل (أَمِين) وَإِن كَانَ يَجْعَل لنيابته عَن مُوكله فِي الْيَد وَالتَّصَرُّف وَلِأَنَّهُ عقد إِحْسَان وَالضَّمان منفر عَنهُ وَقَول الْوَكِيل فِي تلف المَال مَقْبُول بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِين كالوديع وَكَذَا قَوْله فِي الرَّد للمعوض أَو الْعِوَض على مُوكله فَإِنَّهُ مَقْبُول حَيْثُ لم تبطل أَمَانَته لِأَنَّهُ أَخذ الْعين لنفع الْمُوكل أما لَو ادّعى الْوَكِيل أَنه أرسل الْعِوَض للْمُوكل مَعَ وَكيل عَن نَفسه فِي الدّفع فَلَا يقبل لِأَن الْمُوكل لم يأتمن الرَّسُول وَلم يَأْذَن للْوَكِيل فِي الدّفع إِلَيْهِ فطريقه فِي بَرَاءَة ذمَّته مِمَّا بِيَدِهِ أَن يسْتَأْذن الْمُوكل فِي الْإِرْسَال لَهُ مَعَ من تيَسّر الْإِرْسَال مَعَه وَلَو غير معِين

(فَإِن تعدى) أَي الْوَكِيل (ضمن) ضَمَان الغصوب كَسَائِر الْأُمَنَاء وَمن التَّعَدِّي أَن يضيع مِنْهُ المَال وَلَا يعرف كَيفَ ضَاعَ أَو وَضعه فِي مَحل ثمَّ نَسيَه أَو نسي من عَامله وَلَا يَنْعَزِل الْوَكِيل بِالتَّعَدِّي بِغَيْر إِتْلَاف الْمُوكل فِيهِ لِأَن الْوكَالَة إِذن فِي التَّصَرُّف وَالْأَمَانَة حكم يتَفَرَّع عَلَيْهَا وَلَا يلْزم من ارتفاعها ارْتِفَاع أَصْلهَا كَالرَّهْنِ بِخِلَاف الْوَدِيعَة فَإِنَّهَا مَحْض ائتمان فارتفعت بِالتَّعَدِّي (وينعزل) أَي الْوَكِيل (بعزل أَحدهمَا) أَي الْوَكِيل وَالْمُوكل وصريحه عزل وَفسخ وَخُرُوج وَإِبْطَال ورد وَإِزَالَة وَرفع وَنَحْوهَا وَإِن لم يعلم الْمَعْزُول وَإِنَّمَا توقف انعزال القَاضِي على الْعلم لتَعلق الْمصَالح الْكُلية بِهِ وَكَذَا الْمُسْتَعِير لِأَنَّهُ مَأْذُون لَهُ فِي اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة فَلَا تضمن عَلَيْهِ قبل علمه بِرُجُوع الْمُعير لِأَن المقصر هُوَ الْمُعير وَيَنْبَغِي الْإِشْهَاد على الْعَزْل إِذْ لَا يصدق الْمُوكل بعد تصرف الْوَكِيل فِي قَوْله كنت عزلته إِلَّا بِبَيِّنَة وينعزل أَيْضا بِسَبَب إِنْكَار أَحدهمَا الْوكَالَة عَامِدًا بِلَا عذر لَهُ فِي الْإِنْكَار من نَحْو خوف ظَالِم على أَخذه المَال الْمُوكل فِيهِ أَو نِسْيَان لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ رد للوكالة بِخِلَاف الْإِنْكَار لعذر

(و) يَنْعَزِل الْوَكِيل أَيْضا بِزَوَال أَهْلِيَّة وَاحِد مِنْهُمَا (بِمَوْت أَو جُنُون) وَإِن لم يعلم الآخر بِهِ وَإِن قصرت مُدَّة الْجُنُون أَو بإغماء إِلَّا إِذا لم يسْقط بِهِ فرض الصَّلَاة لخفته نعم وَكيل رمي الْجمار لَا يَنْعَزِل بإغماء الْمُوكل لِأَنَّهُ زِيَادَة فِي عَجزه الْمُشْتَرط لصِحَّة الْإِنَابَة وَمثل ذَلِك طرُو نَحْو الْفسق أَو الرّقّ أَو التبذير فِيمَا شَرط فِيهِ السَّلامَة من ذَلِك (وَزَوَال ملك مُوكل) عَمَّا وكل فِيهِ حَتَّى لَو بَاعه الْوَكِيل ثمَّ عَاد إِلَيْهِ بِنَحْوِ عيب لَا يَبِيعهُ ثَانِيًا إِلَّا بِإِذن جَدِيد وَزَوَال منفعَته الَّتِي يملكهَا عَنهُ كتزويج الْأمة لَا العَبْد فَإِذا زَوجهَا سَيِّدهَا انْعَزل الْوَكِيل فِي بيعهَا وكالإجارة وَالرَّهْن مَعَ الْقَبْض لإشعار ذَلِك بالندم على التَّصَرُّف وَإِن عزل الْوَكِيل وَهُوَ غَائِب انْعَزل فِي الْحَال لِأَنَّهُ لم يحْتَج للرضا فَلم يحْتَج للْعلم كَالطَّلَاقِ

(و) يَنْبَغِي للْمُوكل الْإِشْهَاد إِذْ (لَا يصدق) أَي الْمُوكل فِي قَوْله كنت عزلت الْوَكِيل (بعد تصرف) من الْوَكِيل (إِلَّا بِبَيِّنَة) وَإِن وَافقه بِالنِّسْبَةِ للْمُشْتَرِي مثلا من الْوَكِيل أما فِي غير ذَلِك فَإِن وَافقه على الْعَزْل وَلَكِن ادّعى أَنه بعد التَّصَرُّف ليستحق الْجعل مثلا فَإِذا اتفقَا على وَقت الْعَزْل وَقَالَ الْوَكِيل تصرفت قبله وَقَالَ الْمُوكل بعده حلف الْمُوكل أَنه لَا يعلم أَنه تصرف قبله فَيصدق لِأَن الأَصْل عَدمه إِلَى مَا بعده أَو اتفقَا على وَقت التَّصَرُّف وَقَالَ الْمُوكل عزلتك قبله فَقَالَ الْوَكِيل بل بعده حلف الْوَكِيل أَنه لَا يعلم عَزله قبله فَيصدق فَإِن تنَازعا فِي السَّبق بِلَا اتِّفَاق فِي الْوَقْت صدق من سبق بِالدَّعْوَى سَوَاء جَاءَا مَعًا للْقَاضِي أم لَا لِأَن مدعاه سَابق لاستقرار الحكم بقوله فَإِن ادّعَيَا

ص: 253

مَعًا صدق الْمُوكل لِأَن جَانِبه أقوى من أصل بَقَاء جَوَاز التَّصَرُّف الناشىء من الْإِذْن لِأَن بَقَاءَهُ متنازع فِيهِ

(و) الْقَرَاض تَوْكِيل خَاص لامتيازه بأركان وَأَحْكَام فأركانه خَمْسَة عاقدان وَصِيغَة وَرَأس مَال وَعمل وَربح (يَصح قِرَاض) إِذا وجدت شُرُوطه مَعَ أَرْكَانه فالركن الأول العاقدان وَلَهُمَا شُرُوط فَشرط الْمَالِك أَهْلِيَّة تَوْكِيل وَالْعَامِل أَهْلِيَّة التَّوَكُّل فَلَا يَصح الْقَرَاض إِذا كَانَ أَحدهمَا مَحْجُورا أَو عبدا أذن لَهُ فِي التِّجَارَة أَو الْمَالِك مُفلسًا أَو الْعَامِل أعمى

والركن الثَّانِي رَأس المَال وَله شُرُوط فَمِنْهَا كَونه (فِي نقد خَالص مَضْرُوب) دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَلَا يَصح فِي فلوس وحلي وتبرع وعروض كثمنها إِن بَاعهَا وَلَا يَصح فِي مغشوش إِلَّا إِن كَانَ يروج رواج الْخَالِص فِي كل مَكَان مَعَ انْتِفَاء الْخَالِص وَإِلَّا إِن اسْتهْلك غشه بِأَن لَا يتَمَيَّز النّحاس عَن الْفضة مثلا فِي رَأْي الْعين

وَمِنْهَا كَونه فِي مَعْلُوم الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة فَلَا يَصح فِي نقد مَجْهُول أَخذهَا وَلَو مرئيا للْجَهْل بِالرِّبْحِ

وَمِنْهَا كَونه قد عين فِي مجْلِس العقد وَإِن لم يعين فِي صلبه فَلَو قارضه على ألف فِي ذمَّته وعينه فِي الْمجْلس جَازَ وَكَذَا لَو أعطَاهُ أَلفَيْنِ أَو صرتين وَقَالَ قارضتك على أَحدهمَا فَإِنَّهُ يَصح إِن عين أَحدهمَا فِي الْمجْلس وَإِن لم تفتح الصرة وَيصِح على مَا بيد غَيره وَدِيعَة أَو غصبا أَو غَيرهمَا

الرُّكْن الثَّالِث الْعَمَل وَله شُرُوط مِنْهَا كَونه فِي تِجَارَة وَهِي تقليب المَال بِنَحْوِ البيع وَالشِّرَاء لغَرَض الرِّبْح وَيدخل فِيهَا توابعها كنشر وطي

وَمِنْهَا كَون رَأس المَال وَالتِّجَارَة بيد الْعَامِل ليستقل بِالتِّجَارَة وتوابعها من غير مُزَاحم لَهُ فِيهَا

وَمِنْهَا أَن لَا يضيق الْعَمَل بتعليق أَو تأقيت وَمن ثمَّ بَطل الْقَرَاض بتعليقه وَتَعْلِيق تصرفه كَقَوْلِه قارضتك الْآن وَلَا تتصرف إِلَّا بعد شهر لمنافاته لغَرَض الرِّبْح بِخِلَاف الْوكَالَة وَبَطل بتوقيت غير اشْتِرَاء كَأَن قارضه سنة وَإِن لم يمنعهُ التَّصَرُّف بعْدهَا إِذْ قد لَا يجد رَاغِبًا فِيهَا أما تَوْقِيت الاشتراء بِأَن مَنعه الشِّرَاء بعْدهَا دون البيع فَيصح لحُصُول الاسترباح بِالْبيعِ الَّذِي لَهُ فعله بعْدهَا

الرُّكْن الرَّابِع كَون الْقَرَاض (بِصِيغَة) إِنَّمَا تحصل بِإِيجَاب من جِهَة رب المَال كَقَوْلِه قارضتك وعاملتك وَخذ هَذِه الدَّرَاهِم واتجر فِيهَا أَو بِعْ واشتر على أَن الرِّبْح بَيْننَا فَلَو اقْتصر على قَوْله بِعْ أَو اشْتَرِ فسد الْقَرَاض وَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ صَار وَكيلا بِلَا جعل وبقبول فَوْرًا من جِهَة الْعَامِل بِأَن يتَّصل بِالْإِيجَابِ كَالْبيع وَيقوم مقَام اللَّفْظ الْكِتَابَة وَإِشَارَة الْأَخْرَس المفهمة

الرُّكْن الْخَامِس الرِّبْح وَله شُرُوط مِنْهَا اخْتِصَاصه بالمالك وَالْعَامِل واشتراكهما فِيهِ وَتَقْدِير نصيب كل مِنْهُمَا بجزئية وَلَا يَصح الْقَرَاض إِلَّا إِن عقد (مَعَ شَرط ربح لَهما) بِأَن لَا يخْتَص بِهِ أَحدهمَا وَأَن لَا يشْتَرط مِنْهُ شَيْء لغَيْرِهِمَا مِمَّن لَيْسَ بعامل وَلَا مَمْلُوك لأَحَدهمَا وَإِلَّا بَطل الْقَرَاض سَوَاء اشْترط الْمَالِك إعطاءه من نصِيبه أَو نصيب الْعَامِل وَخرج بِالشّرطِ الْوَعْد فَلَو قَالَ نصف الرِّبْح لَك وَنصفه لي وَنَصِيبِي نصفه لزوجتي صَحَّ لِأَنَّهُ وعد هبة لتِلْك الْمَرْأَة (و) مَعَ شَرط الرِّبْح لَهما (يشْتَرط كَونه) أَي الرِّبْح (مَعْلُوما بالجزئية) كَنِصْف وَثلث لَا بِنَحْوِ الْوَزْن فَإِن قَالَ على أَن الرِّبْح بَيْننَا

ص: 254

صَحَّ وَكَانَ مُنَاصَفَة أَو قَالَ لَك ربع سدس الْعشْر صَحَّ وَإِن لم يعلماه عِنْد العقد لسُهُولَة مَعْرفَته وَهُوَ جُزْء من مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين جُزْءا فالعشر أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وسدسه أَرْبَعَة وَربع السُّدس وَاحِد وَإِذا فسد الْقَرَاض لنَحْو فَوَات شَرط وَبَقِي الْإِذْن نفذ تصرف الْعَامِل نظرا لبَقَاء الْإِذْن كَمَا فِي الْوكَالَة الْفَاسِدَة وَالرِّبْح كُله للْمَالِك لِأَنَّهُ نَمَاء ملكه وَعَلِيهِ الخسران أَيْضا

(و) عَلَيْهِ (لعامل فِي فَاسد أُجْرَة مثل) وَإِن لم يحصل ربح بل وَإِن حصل خسران لِأَنَّهُ عمل طامعا فِي الْمُسَمّى وَلم يسلم لَهُ فَرجع إِلَى الْأُجْرَة وَإِن علم الْفساد وَظن أَن لَا أُجْرَة أما إِذا فسد الْإِذْن لعدم أَهْلِيَّة الْعَاقِد فَلَا ينفذ تصرفه وَيضمن مَال الْقَرَاض ضَمَان الغصوب لوضع يَده عَلَيْهِ بِلَا إِذن من مَالِكه وَلَو قَالَ الْمَالِك لِلْعَامِلِ بِعْ فِي هَذَا واشتر أَو قَالَ اتّجر فِيهِ وَلم يذكر ربحا فَلَا شَيْء لَهُ لِأَن مَا ذكره تَوْكِيل لَا قِرَاض وَكَذَا لَو قَالَ قارضتك وَجَمِيع الرِّبْح لي فَلَا شَيْء لَهُ لِأَنَّهُ عمل مجَّانا غير طامع فِي شَيْء (وَلَا يمون) الْعَامِل نَفسه بِالنَّفَقَةِ وَغَيرهَا من مَال الْقَرَاض حضرا وسفرا إِذْ الْمُؤْنَة قد تستغرق الرِّبْح فَيلْزم انْفِرَاده بِهِ وَقد تزيد عَلَيْهِ فَيلْزم أَخذه من رَأس المَال وَإِن جرت الْعَادة بذلك فَإِذا أذن لَهُ الْمَالِك فِي ذَلِك فَيكون من الرِّبْح لَا من أصل مَال الْقَرَاض فَإِن لم يُوجد ربح حسب من رَأس المَال وَلَو شَرط الْمُؤْنَة سفرا أَو حضرا فِي العقد فسد

(وَصدق) أَي الْعَامِل بِيَمِينِهِ (فِي تلف) لِأَنَّهُ أَمِين وَهَذَا شَامِل لما لَو ادّعى تلفه ثمَّ اعْترف بِبَقَائِهِ ثمَّ ادّعى تلفه وَلَو ادّعى الْمَالِك بعد تلف المَال أَنه قرض وَالْعَامِل أَنه قِرَاض صدق الْمَالِك بِيَمِينِهِ إِذْ الْقَاعِدَة أَن من كَانَ القَوْل قَوْله فِي أصل الشَّيْء فَالْقَوْل قَوْله فِي صفته مَعَ أَن الأَصْل عدم الائتمان الدَّافِع للضَّمَان أما قبل التّلف فَيصدق الْمَالِك قطعا لِأَن الْعَامِل يدعى عَلَيْهِ الْإِذْن فِي التَّصَرُّف وحصته من الرِّبْح وَالْأَصْل عدمهما

(وَعدم ربح) بِأَن يَقُول الْعَامِل لم أربح شَيْئا أصلا (وَقدره) بِأَن يَقُول لم أربح إِلَّا كَذَا لِأَن الأَصْل مَعَه (وخسر) مُمكن وَإِن أخبر قبل بِرِبْح لِأَنَّهُ أَمِين وَلَو أقرّ بِرِبْح قدر ثمَّ ادّعى غَلطا فِي الْحساب أَو كذبا لم يقبل لِأَنَّهُ أقرّ بِحَق لغيره فَلم يقبل رُجُوعه عَنهُ نعم لَهُ تَحْلِيف الْمَالِك وَإِن لم يذكر شُبْهَة (ورد) لمَال الْقَرَاض ادَّعَاهُ الْعَامِل وَلَو بعد إخْبَاره بِالرِّبْحِ وَأنْكرهُ الْمَالِك وَيصدق الْعَامِل أَيْضا فِي قدر رَأس المَال وجنسه وَصفته سَوَاء أَكَانَ فِي المَال ربح أم لَا لِأَن الأَصْل عدم دفع الزَّائِد على مَا قَالَه الْعَامِل وَفِي نِيَّة شِرَاء للقراض وَإِن كَانَ خاسرا ولنفسه وَإِن كَانَ رابحا لِأَنَّهُ أعرف بِقَصْدِهِ وَفِي عدم نهي من الْمَالِك عَن شِرَاء كَذَا بِأَن توافقا على الْإِذْن فِي شِرَائِهِ كَأَن اشْترى الْعَامِل سلْعَة فَقَالَ الْمَالِك نهيتك عَن شِرَائهَا فَقَالَ الْعَامِل لم تنهني فَيصدق الْعَامِل وَتَكون للقراض لِأَن الأَصْل عدم النَّهْي أما لَو قَالَ الْمَالِك لم آذن لَك فِي شِرَاء كَذَا فَقَالَ الْعَامِل بل أَذِنت لي فالمصدق الْمَالِك

تَتِمَّة الشّركَة نَوْعَانِ أَحدهمَا فِي الشَّيْء الْمَمْلُوك بِدُونِ عقد سَوَاء كَانَ الْملك على جِهَة الْقَهْر أَو الِاخْتِيَار كإرث وَشِرَاء على جِهَة الشُّيُوع وَلَا فرق فِي الْمَمْلُوك بَين أَن يكون أعيانا أَو مَنَافِع وَقد تكون الشّركَة فِي مُجَرّد الْحُقُوق إِمَّا على الْعُمُوم كالشوارع وَإِمَّا

ص: 255